تعد قراءة القصص طريقة مناسبة للتعرف على طرق تفكير الآخرين ومشاعرهم. ومع مرور الوقت، يتحول الأمر إلى عادة تدفع للتعاطف مع الآخرين والشعور بهم.

كما يرى خبراء التربية أن القراءة تساعد في تطوير مهارات التفكير والحصول على معلومات، كما تعلم القارئ الإحساس بمشاعر الآخرين وفهم وجهات نظرهم، مما يسهل فهم الآخرين والعالم من حولهم.

القراءة تسهم في تطوير مهارات التفكير ورفع قدرات الذكاء العاطفي لدى القارئ (بيكسلز)

يؤكد اختصاصي الطب النفسي الدكتور أسامة كنعان أن "قراءة قصص عن حياة الآخرين، يساعد في تطوير القدرة على فهم العالم من خلال رؤيته بمنظور شخص آخر، لينمو التعاطف بشكل غير مباشر".

ويشرح "أظهر بحث أكاديمي، أجراه كيث أوتلي وريموند مار من جامعة يورك ونشرته مجلة هارفارد بزنس ريفيو، أن قراءة الروايات والقصص الخيالية تنشط مسارات الخلايا العصبية في الدماغ، مما يساعد على تحسين قدرات الذكاء العاطفي لدى القارئ، ويحسن من مهاراته الاجتماعية بشكل عام".

أسامة كنعان: عندما يتفاعل الفرد مع قصة فإنه يتعرف على تحديات الشخصيات ويصبح أكثر قدرة على التعاطف (الجزيرة) قراءة القصص وزيادة التعاطف

ويذكر كنعان، بعضا من الفوائد العديدة التي تترتب على قراءة القصص، ويبرز بشكل خاص تأثيرها الإيجابي على زيادة مستوى التعاطف مع الآخرين:

زيادة الفهم والتقدير: عندما يتفاعل الفرد مع قصة، فإنه يدخل عالما جديدا، ويتعرف على تحديات الشخصيات ومشاعرها والصعوبات التي تواجههم، ويفهم الظروف التي قد تؤثر على سلوكهم. هذا التفاعل يساعده على فهم وتقدير تنوع الخبرات الإنسانية، وبالتالي يصبح أكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين في حياته اليومية. توسيع آفاق الفهم: من خلال قراءة القصص، يتعرف الفرد على ثقافات وعادات وتقاليد مختلفة، ويكتسب فهما أعمق للتنوع الثقافي والاجتماعي في العالم. قراءة القصص يمكن أن تلهم القارئ للمساهمة في تحسين واقع الآخرين من خلال العمل الخيري (بيكسلز) تطوير القدرة على التصور العاطفي: قدرة الفرد على التصور العاطفي، أو القدرة على إدراك وفهم مشاعر الآخرين، تعتبر أساسا للتعاطف. وقراءة القصص تمنح القارئ فرصة لممارسة هذه القدرة بشكل متكرر. تحفيز العمل الخيري والمساهمة الاجتماعية: يمكن أن تلهم القصص القارئ للمساهمة في تحسين واقع الآخرين من خلال العمل الخيري والمساهمة الاجتماعية، فعندما يتعاطف الفرد مع شخصية تعاني أو تواجه صعوبات، فإنه يشعر بالرغبة في المساهمة في تخفيف معاناتها أو مساعدتها على تحقيق أهدافها.

ويخلص كنعان إلى أن "القصص توضح لنا أن الإنسانية متشعبة ومتنوعة، وأن كل فرد يختلف عن الآخر في تجاربه ومشاعره وظروفه. ومن خلال فهم هذه التنوعات والتعايش معها من خلال القصص، يمكن للفرد أن يزيد من مستوى تعاطفه مع الآخرين".

ربيعة الناصر: العديد من الشخصيات الروائية رافقتنا في مسيرة حياتنا الشخصية والمهنية وأثرت بنا (الجزيرة) متعة المداومة على قراءة القصص

من جانبها، تقول كاتبة القصص ربيعة الناصر إن "مما لا شك فيه أن المداومة على قراءة الروايات والقصص تترك أثرا على منظومة المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية، بل السياسية أيضا، وخاصة على من اكتشف متعة القراءة في مرحلة مبكرة من العمر. التعاطف واحدة من تلك المفاهيم والقيم التي قد تسهم في تشكيل شخصية الفرد وتوجهاته".

أظهرت الأبحاث أن الأشخاص يتأثرون عاطفيا أثناء قراءة القصص (بيكسلز)

وتضيف الناصر "على سبيل المثال، أسهمت قصة "الأم" لمكسيم غوركي وغيرها من الأدبيات في الأدب الروسي التي تناولت أوضاع العمال، آنذاك في رفع مستوى التعاطف الاجتماعي والإنساني مع هذه الفئة المهمشة والمظلومة من المجتمع، ولفت النظر إلى أهمية الدور والقيمة المجتمعية التي تقدهما".

"كذلك كان للروائي العربي نجيب محفوظ في الأدب العربي دور في الالتفات إلى أهمية نظرة المجتمع التي تسهم في تعزيز السلوك السلبي مع تغييب التعاطف الإنساني.. مثل قصة "اللص والكلاب" وثلاثية "قصر الشوق"، إذ يطرح فيها نماذج ينبذها المجتمع"، بحسب القاصّة.

قراءة القصص تترك أثرا على منظومة المفاهيم وخاصة على من اكتشف متعتها في مرحلة مبكرة من العمر وفق الناصر (الجزيرة)

وتضيف "ومن الأدب العالمي بالنسبة لي، كان لروايات إميل زولا أثرا عميقا في نظرتي للحياة بشكل عام وللمستضعفين بشكل خاص، كما كان لقصص وأشعار وخواطر جبران خليل جبران أثر في تعزيز مفهوم التعاطف وتفهم تناقضات الحياة. وتأتي روايات كل من عبد الرحمن منيف وغالب هلسا في مقدمة الروائيين العرب الذين تعزز شخصياتهم الروائية المتنوعة في تعزيز قيمة التعاطف".

وتختم "بالمحصلة هذا رأي شخصي يأتي من تجربة شخصية، ولا يعني ذلك أن هذه الأمثلة هي فقط من أثرت في تعزيز قيمة ومفهوم التعاطف، فهناك كثير من الشخصيات الروائية التي رافقتنا في مسيرة حياتنا الشخصية والمهنية على اختلاف مراحل حياتنا العمرية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات مع الآخرین فی تطویر فی تعزیز من خلال على من

إقرأ أيضاً:

الأدباء والعيد.. طقوس وذكريات وإبداع

هزاع أبوالريش (أبوظبي)

أخبار ذات صلة مواليد العيد يضيئون أجواء مستشفيات أبوظبي خلال عطلة عيد الفطر.. 4 شواطئ عامة للعائلات في دبي

للعيد لحظات تسكن في وجدان الفرد، تؤثر عليه، ربما تكون هذه اللحظات هي إضافة للمبدع لأن يقوم بإنتاج عمل أدبي مميز يسكن الذاكرة الإنسانية، العيد ما بين الطقوس والذكريات والإبداع، تتجلى اللحظات بأسمى مراحلها، وأعلى مراتبها لأن تكون مشاعر الإنسانية جياشة في العطاء، فياضة في السخاء، وتشكل هذه المناسبة للكُتَّاب والأدباء والمبدعين هالة من الوعي، وحالة من الغوص في الذاكرة الزمانية لاستلهام ما يُعد جزءاً من هذه الأيام الفضيلة التي تسكن النفس وتروي الذكريات.
طقوس وبهجة
بدايةً، قالت فاطمة سلطان المزروعي، كاتب وباحثة: «علاقة الأدباء بالعيد موضوع غني وذو أبعاد متعددة، حيث يجمع بين الطقوس والذكريات والإبداع، فالعيد ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو لحظة تعكس مشاعر الفرح والحنين، وتعيد إلى الأذهان ذكريات الطفولة والأوقات الجميلة التي قضيناها مع الأهل والأصدقاء، فإن طقوس العيد تختلف من ثقافة لأخرى، ولكنها غالباً ما تتضمن التجمعات الأسرية، إعداد الأطعمة التقليدية، وتبادل التهاني والهدايا، وهذه الطقوس تعزز الروابط الاجتماعية، وتخلق شعوراً بالانتماء بين أفراد الأسرة». 
وتلفت المزروعي إلى أن ضحكات العيد الطفولية لا تزال تتمازج مع العيدية لتصنع فرحاً لا ينتهي ويتجدد طوال أيام العيد، حيث الملابس الجديدة ونقوش الحناء ورائحة البخور والعطور الزكيّة التي تعطر منازلنا، وعودة الرجال والأطفال من صلاة العيد وتكبيرات العيد تتردد في صدورهم، وتبادل التهاني والفرح ولقاءات الأسر الإماراتية في تجمعات تملأها عبارات البهجة التي تدور فيها فناجين القهوة المختلطة بالهيل والزعفران، وتتصاعد معها دعوات الأمهات بقلوبهن الطيبة، وتتوزع على مائدة العيد الكثير من الأكلات الشعبية التي تستثير الحنين في قلوبنا للماضي، وتجعلنا نستعيد ذكريات طفولتنا في هذا اليوم. 
مصدر إلهام
وتابعت المزروعي: «العيد يحمل في طياته ذكريات جميلة، كالألعاب التي كنا نلعبها كأطفال، أو اللحظات التي قضيناها مع الأجداد، وهذه الذكريات تشكل جزءاً من هويتنا وتساعدنا على التواصل مع ماضينا، وبالنسبة للأدباء، قد يكون العيد مصدر إلهام، يمكن أن يتحول الشعور بالفرح والحنين إلى نصوص شعرية أو قصص تعبر عن تجاربهم الشخصية، فالعيد يوفر فرصة لاستكشاف مشاعر الفرح، الوحدة، أو حتى الفقد، مما يثري الإبداع الأدبي.
ذكريات راسخة
وأضاف الكاتب والإعلامي، وليد المرزوقي، أن العيد هو لحظة انتشاء روحية تعانق مشاعر الآخرين لتستنتج خلاصة واقع يعيشه الفرد، سواء كان في لوحة فنية أو أبيات شعرية أو نصوص سردية أو أي عمل آخر يلامس وجدانية الآخرين، فلحظات العيد هي من اللحظات التي تسكن بداخلنا بالفطرة، وتؤثر علينا وتجعلنا أكثر وهجاً وانتشاءً وحضوراً لما لديها من سمو في الرفعة والمكانة الوجدانية، وفي جعبة الذكريات الراسخة في ذهن الفرد، باعتباره من الأيام المميزة، وهناك الكثير من الأعمال الأدبية، سواء كانت روائية أو قصصية أو سردية جاءت في هذه اللحظة، بما تحمله في طياتها من وجدانية ومشاعر وألفة. واختتم أن لحظات العيد من اللحظات المهمة لدى الشخص، لأنها أيام الوصل والتواصل، وانتشاء المشاعر بفرحة غامرة تجعل الفرد يقترب من نفسه ومشاعره، ويرى نفسه من خلال إبداعاته التي تحضر في مثل هذه الأيام الجليلة، المكللة بالإنتاجات الإبداعية الفذة.
تواصل أخلاقي
فيما أوضحت الكاتبة د. مريم الهاشمي، ناقدة وأكاديمية، أن العيد وارتباطه الإنساني كنمط ديني واجتماعي يحقق العديد من المنافع على المستوى الذاتي والمجتمعي، وفي الدراسات الإنسانية تعددت المفاهيم حول التواصل، وتباينت بتباين مرجعياتها، وإن أرقى أوجه الحضارات الإنسانية هي تلك التي اعتمدت على التواصل الإنساني الفعال في تواصلها المجتمعي، وتواصل العيد هو تواصل أخلاقي وقيمي يضفي الحياة والأمل في كثير من الذوات، وهو ما نجده في تبريكات العيد وتهانيه، والدعاء بفضل ختام الصيام.
دهشة طفولية
وأشارت الكاتبة الهاشمي إلى أن جمال القيم الربانية يكمن في المناسبات كالأعياد، خاصة في مرحلة الطفولة المشكّلة للذاكرة، فأكثر ما يشكّل عوالم الذاكرة هي في مرحلة الطفولة، لذا فإن العيد دائماً مرتبط بتلك الدهشة الطفولية، والعطاء الذي حمل قيمة عالية في نفوسنا، ما يجعلنا نسعى لزرعها في نفوس الصغار، فالعيد توارث إنساني عالي القيمة والمعنى، موضحة أن قيمة العطاء التي تتشربها الذات في فترة عمرية صغيرة هي ما تجعله يستخدم القيم التواصلية الأخرى، بل وهي أساس القيم الإنسانية، وحينها تدرك أن العطاء هو أساس التواصل الحضاري، ومبدأ قيام المجتمعات المتحضّرة، وهو ما ينجم عنه عطاء في الوقت وفي الفكر والمشاعر والتعاطف، وغيرها من القيم، كل ذلك تحققه مناسبة سعيدة كالعيد.

مقالات مشابهة

  • القومي للطفل يحتفل بعيد الفطر في الحديقة الثقافية بالسيدة زينب.. تفاصيل
  • ما حقيقة ارتباط السعادة والاكتئاب بدخل الفرد؟
  • خالد الإعيسر: تخويف الآخرين بالتمرد لم يعد مجديا وكل الشعب السوداني دخل الغابة
  • مشروبات دافئة تساعد على تحسين الهضم في عيد الفطر
  • 5 أنشطة ترفيهية لتسلية الأطفال ذوي الإعاقة البصرية في العيد
  • 5 خطوات تساعد على تعديل أوقات النوم بعد رمضان
  • بشكل مفاجئ.. وفاة مسؤول مصري خلال أدائه صلاة عيد الفطر
  • تامر حبيب يوجه رسالة للطفل يوسف في مسلسل لام شمسية: أعظم ممثل
  • الأدباء والعيد.. طقوس وذكريات وإبداع
  • عرافة هافانا لغدير أبو سنينة ضمن إصدارات هيئة الكتاب