لجريدة عمان:
2025-05-10@17:06:44 GMT

عُمان السخيّة بين منخفضين

تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT

للتغيرات المناخية آثارها المباشرة وغير المباشرة قريبة وبعيدة المدى؛ إيجابية ولو بعد حين، وسلبية إن أتى ضررها أثرا مباشرا لا يمكن إنكاره (ولا ينبغي إنكاره إذ انها كارثة طبيعية قد يعاني منها أي مجتمع وأي دولة مهما بلغت من حسن التصرف)، لكن الغيب في دائرة علم الله ويقينه رغم كل تطور وسائل العلم الحديث استقراءً لأجهزة الرصد وظروف المناخ المتتابعة والتي تأثر بها العالم أجمع دون استثناء مع اختلاف الظروف، ومع مستجدات الأوضاع المناخية في المنطقة العربية تأثرت بلادنا بمنخفض «المطير» الذي غادرنا بكثيرِ أسىً جرَّاء وفياتٍ أوجعت القلوب وأبكت المقل، وأضرارٍ شتى ما زالت الجهات المعنية والأهالي معا يتابعون آثارها في محاولة مخلصة لمعالجة تبعاتها عن المواطنين والمقيمين في كل أرجاء البلاد .

رغم تكرار «سيناريو» التحذيرات والمغامرات ورصد الآثار السلبية لتهور بعض المواطنين بإلقاء أنفسهم وتعريض غيرهم للتهلكة إلا أنها مشاهد ما زالت تتكرر للأسف وكأن هؤلاء في مبارزة مع الطبيعة التي لا يمكن لأي طاقة بشرية إخضاعها أو تطويعها بمجرد التهور والمغامرة، مجازفات مستمرة وحوادث معادة كان من الممكن تلافيها لو أننا أحسنا الإصغاء وأجدنا التجاوب، ولعل من إيجابيات الأنواء المناخية غير المباشرة ما اكتسبه الأفراد والمؤسسات من خبرات في التعامل مع المخاطر، والسعي لتقليص الحد الأعلى من أضرارها على المجتمع بكل مكوناته، ثناء مستحق في هذا السياق لكل المعنيين والمشتغلين المخلصين بالأرصاد الجوية، الدفاع المدني، الشرطة، البلديات، والإعلام لجهودهم المبذولة قبل وأثناء وبعد الأنواء الجوية .

لا يمكن استنكار انفعال الناس وتفاعلهم العاطفي مع كوارث الأنواء المناخية، وليس هذا بغريب على كل المجتمعات وكل الدول، فلا ينبغي السعي لتحجيم هذا الانفعال أو تقييده حرصا على ما قد يُظن بأنه تأثير على سمعة المكان وقدرة مسؤوليه على إدارة الأزمات، أو التعاطي مع الظروف الطارئة، لكن لا ينبغي استغلال ذلك فيما يجترح صدق الموقف وتوثيق الجهود، ثم اعترافنا جميعا بحتمية القضاء والقدر أولا، ثم اعترافنا بالفضل بيننا في شكر كل مستحق للشكر، ومتابعة كل مقصر أو مخطئ أو متهاون بأرواح الناس ومصالحهم.

لا يمكن إنكار افتقار بعض المسؤولين لمهارات التواصل مع الجمهور رغم كل ما مضى من أزمات سابقة وتحديات كبرى، وتكرار ضرورة العناية بالتصريحات وبيانات الجهات الرسمية أثناء الأزمات والقضايا المجتمعية الآنية الحساسة تجنبا لاستفزاز الناس واستثارة غضب الجماهير في سعي لاسترضاء المسؤول أو تثبيت المنفعة الشخصية.

مجتمعاتنا العربية ما زالت تعيش تكتلات شعبية عاطفية تستثار انفعاليا بمتغيرات الحياة وصعوبات الواقع اليومي وتحديات الوقت، لكن هذا ليس واقعا سلبيا بالضرورة؛ إذ يمكن توظيف هذه الحقيقة في التركيز على خطاب الجماهير الذي يتسم بالذكاء العاطفي القادر على امتصاص احتقان اللحظة وانفعال المشهد بسخاء عاطفي يسعى للمشاركة العاطفية مجتمعيا قبل الإجراءات الرسمية والتعويضات المادية، ومن قليل معرفة بالذكاء العاطفي فإن ما يمكن بناؤه بشكل تفاعلي مدهش عبر الكلمة يمكن كذلك خسارته وبناء تداعياته تراكميا عبر الكلمة، فما أحرى بالمسؤول اليوم -أيا كانت جهته التي يمثلها- بدراسة الواقع والتدرب على أساليب مخاطبة الجمهور دون إقصاء أو تهميش، وتحمل مسؤولياته دون ادعاءات مثالية أو تنصّل جليّ.

منخفض «المطير» عبر ولمّا تعبر آثاره بعد، وتفيدنا مراكز الأرصاد الوطنية والدولية بمنخفض آخر قادم بين يومي الثلاثاء والخميس من هذا الأسبوع لتستمر التحذيرات وتتكثف الاستعدادات، وبين المنخفضين لا نملك إلا الإشادة بكل مشاهد التكافل المجتمعي الذي تعودناه بين أبناء هذا الوطن المحب السخي، وما سخاء مواطنيه إلا مرآة لسخاء أرضهم وطيب معدنها، هنا لا بد من التذكير بأن تصيّد الأخطاء أثناء ما قد نمر به جميعا من أنواء استثنائية طارئة ليس من المروءة بمكان، كما أن التنصل من الواجب ومسؤولياته متمثلة في رعاية الأرواح والعناية بممتلكات الأفراد ومقدرات الوطن ليس من المروءة كذلك، وبين المروءتين لا بد من أدوات لتعزيز قيم أخلاقية متوارثة عريقة، ومتابعة ومحاسبة كل مقصر مستهين بأثر العمل المخلص والكلمة الطيبة في صنع الفرق، وتحويل مسارات الاحتقان والغضب إلى سبل شتى من التعاون والتكامل، والعطاء المتبادل النبيل، حفظ الله بلادنا وإنسانها الأغلى وأرضها الأسخى من كل سوء وكل ضرر.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

مشرف الحج بالأرصاد لـ"اليوم": جاهزون بالمعلومات المناخية.. وطقس المشاعر تحت المتابعة

أكد المشرف العام على أعمال الحج والعمرة بالمركز الوطني للأرصاد، ومدير عام البحث والتطوير والابتكار الدكتور تركي حبيب الله، أن الورشة التنسيقية التي نظمها المركز شكّلت محطة مفصلية لتعزيز دور المركز في النشر والتوعية بالمعلومات المناخية، ورفع مستوى الجاهزية لدى القطاعات الحكومية المشاركة في موسم الحج، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع الظواهر الجوية وسبل التخفيف من آثارها.إبراز الدور الحيوي لمركز الأرصاد
وقال في حديثه لـ "اليوم": "تشرفنا اليوم بمشاركة نخبة من المختصين في مجال التوعية والإعلام من مختلف الجهات الحكومية، في ورشة مهمة تهدف إلى إبراز الدور الحيوي الذي يؤديه المركز الوطني للأرصاد في نشر المعلومات المرتبطة بالطقس والمناخ والتوقعات الجوية، بما يسهم في دعم أعمال الحج ميدانيًا".
أخبار متعلقة محذرًا من الغزو الفكري.. إمام الحرم: على الشباب تحصين أفكارهم"الصحة": إدراج 3 تخصصات طبية رئيسية ضمن خدمات الرعاية الافتراضية قريبًا .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } د. تركي حبيب الله
محاور الورشة
وأوضح أن الورشة ناقشت آليات إيصال المعلومة المناخية واستلامها من قبل الجهات المعنية، واستعرضت الوسائل المثلى للاستفادة منها، بما يشمل الإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها، والتنسيقات الميدانية المطلوبة، والتعامل مع الظروف الجوية غير المستقرة، إضافة إلى التأكيد على أهمية التقارير المناخية التي تصدر خلال الفترات الحرجة.
وشدد الدكتور تركي على أن الشراكة المؤسسية مع الجهات ذات العلاقة تُعد من أهم ركائز العمل الموسمي، مبينًا أن التنسيق المبكر والترابط بين المركز والجهات الأخرى أمر بالغ الأهمية. وقال: "جميع القطاعات الحكومية، ولله الحمد، شاركت في الورشة، وهذا يعكس وعيًا عاليًا بأهمية المعلومات الأرصادية، ودورها المحوري في دعم جهود التوعية والإرشاد الميداني".
وأضاف: "هذا التفاعل الكبير منحنا دفعة قوية لتوسيع الشراكات المستقبلية، وقد بادر المركز منذ شهر شعبان بعقد شراكات نوعية تهدف إلى تقديم دورات تدريبية للجهات المعنية، بدأناها مع الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، من خلال دورة تدريبية لمنسوبي الهيئة، تناولت كيفية قراءة التقارير الجوية، وآلية الاستفادة من مخرجات التوقعات المناخية، والإجراءات الوقائية الواجب اتخاذها خلال إدارة الأعمال التنفيذية في الميدان".
اهتمام القطاعات الحكومية المختلفة
وأشار إلى أن البرنامج التوعوي أثبت نجاحه على كافة المستويات، مؤكدًا: "نلمس اليوم مشاركة فاعلة من مختلف القطاعات الحكومية في المملكة، وهو ما يعكس اهتمامًا متزايدًا بالتغيرات المناخية، وحرصًا كبيرًا على التزود بالمعلومة الأرصادية الدقيقة، والتفاعل معها بجدية".
وبيّن أن الورشة تطرقت كذلك إلى موضوع استقبال المعلومة الجوية في سياق الفرضيات، حيث أوضح أن المركز الوطني للأرصاد ينفذ فرضيات دورية ويشارك في أخرى بالتعاون مع الجهات الحكومية، من بينها ثلاث فرضيات جرت بالتنسيق مع الدفاع المدني، تناولت سيناريوهات لارتفاع درجات الحرارة بشكل حاد، وهطول أمطار غزيرة، وهبوب رياح قوية.
تنفيذ فرضيات متنوعة
وأضاف: "نفذ المركز مجموعة من الفرضيات بالتعاون مع عدد من الجهات، أبرزها الدفاع المدني، وتركّزت على مراقبة مؤشرات الإجهاد الحراري ودرجات الحرارة المرتفعة، ضمن جهود استباقية تهدف إلى تعزيز الاستعدادات لمواجهة الطوارئ المناخية المحتملة".
واختتم الدكتور تركي حديثه قائلاً: "نتوجه بالشكر الجزيل لكافة الجهات التي شاركت وساهمت في نجاح هذه الورشة النوعية، ونأمل أن تتواصل هذه الشراكات والتنسيقات الفاعلة، بما يعزز جاهزيتنا للتعامل مع الظروف الجوية خلال موسم الحج، ويضمن توفير بيئة آمنة للحجاج، وفق أعلى معايير السلامة والاحترافية".

مقالات مشابهة

  • القومي للمرأة: 600 ألف سيدة شاركت في مبادرات التوعية المناخية
  • مدبولي: تطوير الموانئ والمناطق الصناعية يجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
  • مصدر: مبعوث ترامب يزور عُمان الأحد لجولة مفاوضات رابعة مع إيران
  • دراسة: تصنيع السيارات بالمغرب الأقل كلفة في العالم
  • مشرف الحج بالأرصاد لـ"اليوم": جاهزون بالمعلومات المناخية.. وطقس المشاعر تحت المتابعة
  • الإسكان: إعداد كود لحماية الشواطئ من آثار التغيرات المناخية
  • جدة.. اختتام برامج الإعلام والتوعية بتأكيد توحيد الرسائل المناخية لحج 1446هـ
  • التغيرات المناخية وأثرها على البيئة المستدامة للكائنات الحية" فى ندوة بجامعة أسيوط
  • وزيرة البيئة: دعم الدول النامية وتحقيق العدالة المناخية أولوية رئيسية
  • التطور النوعي والجديد في حرب السودان بانتقالها من “حرب الوكالة” إلى “الحرب المباشرة”