سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته لفلسطين
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
مناضل حقوقي مغربي من أصل يهودي، يعدّ واحدا من الشخصيات المعروفة بمناهضتها لإسرائيل والمدافعة عن القضية الفلسطينية من خلال انخراطه في الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ونشاطه في حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل "بي دي إس".
لم يمنعه التقدم في السن، فهو من مواليد 1948، من الحضور الدائم والفعال في كل المظاهرات والفعاليات التي تدين العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
كان سجينا سياسيا ومن بين مؤسسي اليسار الجديد بالمغرب من خلال مشاركته في تأسيس أحد فصائلها يوم 23 مارس/آذار 1970، والذي تطور في نهاية السبعينيات من القرن الـ20 ليصبح منظمة "23 مارس".
المولد والنشأةولد سيون أسيدون في السادس من مايو/أيار 1948 بمدينة أكادير جنوبي المغرب، من أبوين أصولهما من مدينة آسفي المغربية، ولديه ثلاثة إخوة (أختان وأخ).
في ليلة 29 فبراير/شباط 1960 ضرب الزلزال مدينة أكادير، مما أجبر العائلة على الانتقال للعيش في مدينة الدار البيضاء، ولم يكن أسيدون وقتها قد تجاوز الـ12 عاما بعد.
خلال طفولته انخرط في إحدى المنظمات الكشفية، وخلال إحدى رحلاته الصيفية بالجنوب الشرقي بالمغرب (عام 1964) عاين ترحيل المغاربة اليهود إلى فلسطين.
لم تنجح الدعاية الصهيونية في إقناع أسرته بالهجرة إلى إسرائيل، على عكس عدد من المغاربة اليهود الذين هاجروا خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الـ20، بمن فيهم أقارب لوالديه.
يعتبر أسيدون نفسه محظوظا لرفض والده فكرة الهجرة إلى إسرائيل واختياره العيش بالمغرب بدلا من ذلك.
ويقول إن الفقراء والبسطاء من المغاربة اليهود هم الذين هاجروا إلى فلسطين، في المقابل اختارت الطبقة المتوسطة والمثقفة الهجرة إلى عدة بلدان أروبية وأميركية، في حين أن الكثير من أبناء الطبقة الميسورة اختارت البقاء في المغرب.
تزوج أسيدون عام 1970 فتاة فرنسية، تعرف عليها أثناء دراستهما في باريس، وأصبح أبا بعد أن رزق بطفلة عشية اعتقاله عام 1972. اختار الانفصال عن زوجته بسبب الاعتقال، وعاشت البنت مع والدتها في فرنسا.
بعد ذلك تزوج أسيدون سيدة فلسطينية أميركية، وأنجب منها ولدا. وفي عام 1986، أسس شركة خاصة للمعلوميات بمدينة الدار البيضاء، ويقيم في مدينة المحمدية التي تبعد عن الرباط حوالي 40 كيلومترا.
الدراسة والتكوين الأكاديميدرس أسيدون المرحلة الابتدائية في مدرسة عمومية في أكادير كانت تسمى على اسم مديرها الفرنسي "بوسك"، وبعد ذلك التحق بثانوية يوسف بن تاشفين.
وعندما انتقل إلى الدار البيضاء، تابع دراسته بالثانوية الفرنسية "ليوطي"، التي رحبت به لكونه من منكوبي الزلزال، فدرس تخصص الرياضيات.
حصل على البكالوريا (الثانوية العامة) عام 1965، وهاجر لإتمام دراسته العليا عام 1966 حيث درس الرياضيات في جامعة باريس.
عاصر أحداثا دولية هامة، منها حرب فيتنام التي فرضت على الولايات المتحدة القبول بمفاوضات مع الثوار (مفاوضات باريس 1968)، وكانت هذه الحقبة تشهد أيضا حركات طلابية متمردة في عدد من بلدان العالم، مثل الصين وأميركا وأوروبا، وكانت في أوجها.
شارك أسيدون في انتفاضة مايو/أيار 1968 إلى جانب مجموعة ثورية فرنسية، مما ساهم في تكوينه الفكري والسياسي، إذ تأثر بالأفكار الثورية والنضالية التي تجسدت في هذه الفترة من التاريخ.
عاد إلى المغرب نهاية عام 1968 قبل إتمام دراسته العليا، وقرر مواصلة دراسته بكلية العلوم بجامعة محمد الخامس بالرباط، وموازاة مع ذلك كان يعمل أستاذا للرياضيات لضمان مصاريف عائلته.
اعتقل عام 1972 وقضى 12 عاما في السجن، وخلال فترة اعتقاله أتم دراسته فحصل على الإجازة (البكالوريوس) في الرياضيات، كما حصل على إجازة أخرى في الاقتصاد.
اعتقل يوم 23 فبراير/شباط 1972 واقتيد إلى المعتقل السري "دار المقري"، حيث بقي دون أي اتصال مع العالم الخارجي لمدة طويلة، وتعرض للتعذيب الشديد الذي تسبب في جروح خطيرة في يده وأذنه، وكان لهذه الإصابات تأثير كبير على وضعه الصحي.
وجهت له تهمة بالتخطيط لقلب نظام الحكم والقيام بأعمال عنف، وهي التهمة التي ينفيها بشدة، ويؤكد أن سبب اعتقاله يعود إلى إصداره رفقة رفاقه صحيفة تحمل اسم "صوت الكادح"، التي تضمنت مقالات رأي فقط.
في ديسمبر/كانون الأول 1972 خاض إضرابا عن الطعام دام لمدة 32 يوما رفقة مجموعة المعتقلين السياسيين الذين سيحاكمون في صيف 1973، وذلك للمطالبة بحقوقه باعتباره معتقلا سياسيا، مثل قراءة الجرائد والمجلات والاستماع للمذياع وحق الدراسة.
في نهاية أغسطس/آب 1973، أصدرت غرفة الجنايات بالدار البيضاء أحكاما في حق 80 متهما، تراوحت بين السجن المؤبد والبراءة، وكان من نصيب أسيدون السجن لمدة 15 سنة.
وخلال فترة اعتقاله في السجن المركزي بالقنيطرة، وُضع تحت المتابعة مجددا عام 1975 وتعرض للتعذيب، وعاش سنة كاملة في عزلة تامة عن المعتقلين.
في أكتوبر/تشرين الأول 1979، حاول أسيدون رفقة معتقلين آخرين الفرار من مستشفى ابن سينا بالرباط، ونجح في ذلك، لكن بعد أربعة أيام فقط قُبض عليه وأعيد إلى السجن.
تلقى أسيدون دعما من جمعيات حقوقية وطنية ودولية للمطالبة بإطلاق سراحه، وأسست عائلته في فرنسا إلى جانب حقوقيين لجنة للمطالبة بإطلاق سراحه.
في أغسطس/آب 1984 غادر أسوار السجن بعد أن أمضى أكثر من 12 سنة في السجن، وذلك في إطار عفو عام أصدره الملك الراحل الحسن الثاني بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، التي تصادف 20 أغسطس/آب من كل عام.
وصدر هذا العفو في حق حوالي 50 معتقلا سياسيا منهم منتمون إلى مختلف فئات اليسار، مثل منظمتي "إلى الأمام" و"23 مارس" ومنظمة "لنخدم الشعب"، وحرم من جواز سفره لمدة 8 سنوات بعد مغادرته السجن.
مواقف وآراءبلباسه البسيط وطاقيته المغربية وكوفيته الفلسطينية، يظهر دائما في كل المسيرات والمظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية.
يفصل أسيدون بين الديانة اليهودية وبين الصهيونية بصفتها تنظيما سياسيا، وهو موقف يعكس تفكيره النقدي تجاه الصهيونية باعتبارها حركة استعمارية ومظهرا للتمييز والاحتلال.
في عام 1982 من داخل سجن القنيطرة، أرسل أسيدون رسالة إلى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلى جانب المناضل اليساري أبراهام السرفاتي، وهو يهودي مغربي من المؤسسين البارزين لليسار المغربي، وأكدا في الرسالة استعدادهما للانضمام إلى المقاومة الفلسطينية عبر مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بالرباط.
بقي أسيدون محافظا على مبادئه التي شب عليها في الفكر اليساري، يناهض التمييز العنصري بكل أشكاله وأيا كان مصدره، ومنه حظر ارتداء الحجاب بفرنسا، كما أنه لا يخفي معارضته لكل ما يروج له الإعلام الغربي تجاه الفلسطينيين والعرب عموما.
يرفض وصف كل من يريد تحرير بلاده بالإرهابي، لذلك يعتبر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جزءا من الثورة والمقاومة الفلسطينية، نظرا لقيامها بواجبها من أجل تحرير وطنها.
عايش ثورة فرنسا الطلابية عام 1968 عندما كان طالبا بالجامعة هناك، وكانت هذه التجربة من بين الأسباب التي أثرت تشبعه بثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة ومعاداة العنصرية ومكافحة الفساد واقتصاد الريع.
ومن آرائه أن "معاداة السامية هي قبل كل شيء شكل من أشكال كراهية اليهود، خاصة بالمنطقة الأوروبية، وترتبط بوجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية".
دخل عالم السياسة من خلال مناهضة الإمبريالية الأميركية، وفي عام النكسة (1967) تعرف على القضية الفلسطينية واكتشف الأكاذيب والأساطير التي تروجها الصهيونية.
يعد من أبرز مناضلي اليسار الماركسي المغربي، الذي تعد القضية الفلسطينية جزءا لا يتجزأ من نضاله.
يعدّ من مؤسسي اليسار الجديد بالمغرب، وشارك في تأسيس منظمة "23 مارس" عام 1970، وهي منظمة كانت تهدف إلى نشر الفكر الثوري وتؤمن بضرورة أن يكون الحكم بيد الشعب.
انخرط في مكافحة الرشوة والفساد عبر منظمة "ترانسبرانسي المغرب"، التي كان من مؤسسيها وأول كاتب عام لها، وهي مؤسسة غير حكومية تتبنى مبادئ منظمة الشفافية الدولية التي تأسست عام 1996.
اختار النضال الجماهيري ضد التطبيع مع إسرائيل، وانخرط باكرا في الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل والتي تعرف اختصارا بـ "بي دي إس"، والتي تأسست عام 2005 وتدعو إلى وقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، وإلى مقاطعة الشركات الداعمة لها.
يرى أسيدون أن هذه الحركة حققت نتائج إيجابية من خلال مقاطعة إسرائيل، مثل سحب عدد من البنوك والشركات العالمية أموالها من دولة الاحتلال. وتشمل هذه المقاطعة مجالات فنية وأكاديمية ورياضية واقتصادية.
أسمى أماني أسيدون أن يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه، وأن تعود فلسطين أرضا للسلام مرة أخرى، يعيش فيها كل الفلسطينيين بمن فيهم اللاجئون الذين أجبروا على مغادرة وطنهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات من خلال
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي وماكرون يتفقان على أن الجهود الراهنة يجب أن تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية
اتفق الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، على أن الجهود الراهنة يجب أن تفضي إلى إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن ذلك جاء خلال اتصال هاتفي تلقاه الرئيس السيسي من نظيره الفرنسي.
وتطرق الاتصال إلى تطورات الأوضاع في الضفة الغربية، حيث أكد الرئيس رفض مصر القاطع للانتهاكات الإسرائيلية، مشددًا على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني وزيادة الضغط الدولي لوقف هذه الانتهاكات، ودعم السلطة الفلسطينية في الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها.
وأعرب الرئيس السيسي عن تقديره العميق لما تشهده العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا من تطور نوعي، خاصة عقب الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة في أبريل 2025، وهو ما انعكس إيجابًا على تنامي التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أعرب عن تقديره العميق لما تشهده العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا من تطور نوعي، خاصة عقب الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة في أبريل 2025، وهو ما انعكس إيجابًا على تنامي التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وأوضح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيسين بحثا سبل مواصلة دفع العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، عبر تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري، وزيادة حجم التبادل التجاري الذي شهد تقدمًا ملموسًا خلال الأشهر الماضية، فضلًا عن التعاون في قطاعات الصناعة والسياحة والنقل.
كما تناول الاتصال مستجدات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها قطاع غزة، حيث أعرب الرئيس عن تقدير مصر للدعم الفرنسي للجهود المصرية التي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق وقف الحرب، مؤكدًا ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.
وشدد الرئيس على أهمية تعزيز إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، والبدء الفوري في مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار.
من جانبه، أعرب الرئيس ماكرون عن تقديره للدور المحوري الذي تضطلع به مصر في تحقيق الاستقرار الإقليمي، ولاسيما في تثبيت اتفاق وقف الحرب في غزة.
وفيما يتعلق بالشأن السوداني، أكد الرئيس دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه، ورفضها لأي محاولات تهدد أمنه، معربًا عن مساندة مصر لجهود إنهاء الحرب واستعادة السلم والاستقرار في السودان الشقيق.
وفي ختام الاتصال، تبادل الزعيمان التهنئة بمناسبة العام الميلادي الجديد، متمنيين لشعبي مصر وفرنسا دوام الاستقرار والرخاء.
اقرأ أيضاًالسيسي يستقبل حفتر.. حين تُعيد الجغرافيا تشكيل السياسة وتختبر القاهرة بوصلتها في الغرب
مدبولي: ندعم التوسع في المدارس اليابانية بمصر تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي
بعد قرار علاج عبلة كامل على نفقة الدولة.. «المهن التمثيلية» توجه الشكر للرئيس السيسي