محمد عبيد يكتب: حملات مقاطعة اللحوم والأسماك ليست الحل
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
حملات المقاطعة للحوم والأسماك ومشتقاتها موضوع حساس ومعقد، فمن ناحية ، يمكن أن تكون لهذه الحملات أثر إيجابي في زيادة الوعي المجتمعي وممارسة الضغط على الجهات المعنية لاتخاذ إجراءات فعالة.
إلا أن هناك العديد من الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية المحتملة، والتي يجب أخذها في الاعتبار مثل الآثار على صغار ومتوسطي المنتجين والموزعين.
فقد تؤدي حملات المقاطعة إلى انخفاض الطلب بشكل حاد على هذه المنتجات ما يترتب عليه صعوبات مالية وتشغيلية كبيرة على صغار ومتوسطي اللاعبين في السوق وقد يضطر بعضهم إلى الخروج من السوق نهائيًا، مما يقلل من المنافسة والتنوع ويدعم الاحتكار لأن الشركات الكبيرة قادرة علي الاستمرار ولديها الجدارة الفنية والاقتصادية التي تستطيع من خلالها صناعة وتعزيز الاحتكار وبالتالي تحقيق مكاسب غير عادية ويتبع كل ذلك خسائر اقتصادية كبيرة في قطاعات الإنتاج والتوزيع والتجارة لهذه القطاعات الحيوية ذات الصلة كما يؤدي الي زيادة في معدلات البطالة ما ينعكس سلبًا على معدلات النمو والتشغيل على مستوى الاقتصاد الكلي.
لذا، يجب معالجة هذه الآثار السلبية المحتملة عبر سياسات حكومية حقيقية ورشيدة لدعم المنتجين وتنظيم السوق بما يحقق التوازن الاقتصادي المنشود.
فلابد أن تكون هناك منهجية وسياسات واضحة لخفض الأسعار ترتكز علي تعظيم الانتاج وخفض التكاليف وترشيد الاستهلاك وكلها سياسات ستؤدي ليس فقط إلى خفض الأسعار بل يتحقق فائض إنتاج يعزز الأمن الغذائي المصري.
كما انه لابد أن تقوم الدولة بدورها في تنظيم هذه السوق من خلال سياسات وآليات فعالة للتسعير والرقابة مثل إنشاء منصة استرشادية لنشر أسعار المنتجات بشكل عادل، بحيث يتحقق للتجار هامش ربح مقبول دون مغالاة هذا إلى جانب تكثيف الجهود الرقابية للتأكد من نزاهة الممارسات والأسعار.
في النهاية، يجب أن يكون هناك توازن بين جهود المقاطعة المجتمعية وبين دور الدولة التنظيمي، بما يحقق مصالح جميع الأطراف المعنية، وهذا يتطلب حوارا مفتوحا وتعاونا بين مختلف الجهات للوصول إلى حلول مستدامة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الدكتور محمد عبد الوهاب يكتب: هل يُعد قرار الفيدرالي بشراء السندات قصيرة الأجل بداية انتعاش اقتصادي عالمي؟
في خطوة مفاجئة تحمل بين سطورها الكثير من الرسائل، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدء شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة 40 مليار دولار شهريًا، فهل نحن أمام تدخّل فني لضبط السيولة؟ أم أن هذه الخطوة تمهّد لانعطاف في الدورة الاقتصادية العالمية؟ في هذا المقال، نقرأ ما وراء القرار، ونحلّل إشاراته وتأثيره الحقيقي على الأسواق.
في 10 ديسمبر 2025، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أنه سيبدأ في شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة نحو 40 مليار دولار شهريًا، اعتبارًا من 12 ديسمبر، بهدف ضمان وفرة السيولة في النظام المالي وتحقيق السيطرة الفعالة على أسعار الفائدة.
هذه الخطوة تأتي مباشرة بعد نهاية برنامج التشديد الكمي (QT) الذي خفّض ميزانية الفيدرالي من نحو 9 تريليونات دولار إلى نحو 6.6 تريليون دولار خلال السنوات الماضية.
القرار ذاته يحمل منحى فنيًا بحتًا وفق تصريحات باول، وهو ليس إعلانًا عن تغيير في السياسة النقدية،
لكنه إجراء يهدف لضمان وفرة الاحتياطيات لدى البنوك، بعد ضغوط متكررة في أسواق التمويل قصيرة الأجل.
من زاوية الأسواق المالية، يمكن قراءة هذا التحرك كتخفيف غير رسمي للسيولة:
- السيولة الإضافية قد تُسهّل الإقراض وتدعم أسواق المال.
- انخفاض الضغط على أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
- احتمالية تجنّب ارتفاعات مفاجئة في معدلات “ريبو” أو تمويل بين البنوك.
الإجابة على ما إذا كان هذا القرار يمثل بداية انتعاش اقتصادي عالمي ليست قطعية، بل ميسّرة بين إشارات إيجابية وحذر.
جانب التفاؤل:
- ضخ 40 مليار دولار شهريًا يعكس رغبة في منع اشتداد الضغوط السوقية قبل دخول الأسواق فترة تقلبات نهاية العام.
- هذا الإجراء قد يخفّف من تكلفة الاقتراض قصيرة الأجل ويمنح المستثمرين ثقة أكبر.
جانب الحذر:
- الخطوة لا تُصرح بأنها إجراء تحفيزي صريح بقدر ما هي تدبير تقني للحفاظ على الاستقرار.
- استمرار السيولة يتطلب مراقبة تأثيرها على التضخم قبل اعتبارها بوادر انتعاش حقيقي.
الخلاصة، فإن قرار الفيدرالي بشراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة نحو 40 مليار دولار شهريًا ليس إعلانًا عن دورة تحفيز جديدة،
لكنه يعكس رغبة البنك المركزي في الحفاظ على استقرار السوق واستمرارية السيولة. هذا التحوّل يمكن أن يكون إشارة مبكرة نحو تقليل مخاطر النظام المالي،
وقد يساهم في تهدئة الأسواق، لكنه ليس وحده كافيًا لإعلان بداية انتعاش اقتصادي عالمي. إنما هو خطوة استباقية قد تفتح المجال لتطورات إيجابية إذا تبعها تحسن في النمو والطلب العالمي.