غزة- على جدار خيمة، يبدأ محمد الخضري عرض فيلم كرتوني، وقد تجمع من حوله عشرات النازحين جلهم من الأطفال، وبينهم بالغون أنهكتهم الحرب الدائرة منذ 7 شهور في غزة، ويبحثون عن لحظات فرح من وسط الدم النازف وأكوام الركام والدمار.
يبدأ العرض وتظهر سندريلا على جدار خيمة مصنوعة من أكياس مساعدات تقدمها "اليونيسيف"، ويتفاعل معه الأطفال بالضحكات، وصراخ يشق عتمة الليل في خيام مظلمة لا تتوفر فيها أبسط حقوقهم.
ووجد الخضري في جهاز عرض مرئي صغير نزح به من مدينة غزة إلى مدينة رفح، فرصة لرسم البسمة على وجوه الأطفال وإدخال الفرح إلى قلوبهم، عبر مبادرة فردية طوعية يطلق عليها "سينما المخيم"، ويتنقل بهذا الجهاز بين مخيمات النازحين المنتشرة في مدينة رفح يعرض أفلاما كرتونية مخصصة للأطفال.
ويقول للجزيرة نت "كلنا بحاجة للفرح، ولذلك تجد كبارا يشاهدون الصور المتحركة مع الأطفال ويتفاعلون معها".
لنحو نصف ساعة يستمر العرض المرئي لأفلام الكرتون، ويشعر معها الخضري بسعادة غامرة وهو يلمس الفرح في عيون الحاضرين ويرى تفاعل النازحين، أطفالا وكبارا، ممن يعيشون واقعا مترديا في خيام لا تتوفر بها مقومات الحياة الأساسية.
وتؤوي مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر أكثر من مليون نازح أجبروا على هجر منازلهم في مدينة غزة وشمال القطاع، ومدينة خان يونس المجاورة، ويعيشون في خيام ومراكز إيواء لا تتوفر بها الكهرباء، بعدما دمرت قوات الاحتلال محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع وحرمت 2.2 مليون نسمة من الكهرباء.
ورغم بساطة ما يقدمه الخضري إلا أنه يشعر بالرضا بتحقيقه الهدف الذي يسعى إليه بالتفريغ النفسي عن الأطفال، وعزلهم ولو لوقت قصير عن أجواء الحرب المرعبة، ومشاهد القتل والتدمير.
وهذا ما أظهرته الطفلة زينة الزقزوق النازحة مع أسرتها من مدينة غزة وتقيم في خيمة غرب مدينة رفح. وقالت للجزيرة نت "من زمان ما شفنا تلفزيون، والله فرحت كثيرا بسندريلا والصور المتحركة".
ويقول تفكير حمد مدير "مخيم القدس" الذي يضم نازحين جُلهم من بلدة بيت حانون في شمال القطاع، للجزيرة نت "أطفالنا بحاجة إلى لحظات فرح ولو عابرة تنسيهم ويلات الحرب".
ومثل هذه المبادرات -بحسب حمد- مهمة جدا لأطفال شردتهم الحرب مع ذويهم في الخيام ومراكز الإيواء، واغتالت كل حقوقهم، وقد ابتعدوا عن التعليم بعدما دمرت غالبية مدارسهم، وحرمتهم حتى الحق في اللعب، الأمر الذي ترك آثارا على صحتهم النفسية.
وتقول الطفلة ريم مصلح، النازحة مع أسرتها من بلدة بيت حانون للجزيرة نت "هذه أول مرة منذ 7 شهور نشاهد فيها أفلاما متحركة، ومنذ مغادرة بيتنا لم نشاهد التلفزيون".
وتتمنى هذه الطفلة أن تتوقف الحرب وتعود إلى مدرستها وبيتها في بلدة بيت حانون، وسط أجواء من الترقب تسيطر على النازحين في رفح بانتظار نتيجة المباحثات غير المباشرة التي تتوسط بها مصر حاليا بين المقاومة والاحتلال للتوصل إلى اتفاق تهدئة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات للجزیرة نت مدینة رفح
إقرأ أيضاً:
غولان: نتنياهو يفضل الحرب الأبدية على إطلاق سراح الأسرى (شاهد)
اتهم زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض، يائير غولان، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتفضيل استمرار الحرب في قطاع غزة على إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس، في مسعى للبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة.
وقال غولان، الذي شغل نائب رئيس هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال الإسرائيلي سابقا، في كلمة ألقاها خلال اجتماع لحزبه يوم الإثنين، إن "نتنياهو يسعى لتعيين رئيس لجهاز الشاباك يكون مخلصًا له شخصيًا، وليس لدولة إسرائيل"، معتبرًا أن رئيس الوزراء "يفضل الحرب الأبدية على إطلاق سراح 58 مختطفًا في غزة".
נתניהו משחד את החרדים. הוא קונה שלטון בכסף. החטופים והחיילים משלמים בדם pic.twitter.com/vupZSBOzXl — Yair Golan - יאיר גולן (@YairGolan1) May 26, 2025
وأضاف: "إسرائيل الصهيونية والديمقراطية لا تخوض حروبًا بلا نهاية. هذه ليست أمنًا، بل سياسة تهدف لمنح نتنياهو مزيدًا من الوقت في الحكم".
شراء الولاء السياسي
كما هاجم غولان أيضا نتنياهو أمس الأحد٬ متهمًا إياه بـ"بيع الأمن والاقتصاد مقابل المال"، على خلفية الأزمة المتصاعدة بشأن قانون تجنيد اليهود المتدينين "الحريديم".
وقال إن "نتنياهو يشتري السلطة بالمال، والجنود والمختطفون يدفعون الثمن بدمائهم".
תמונות מזעזעות ממצעד הדגלים. כך לא נראית אהבת ירושלים. כך נראית שנאה, גזענות ובריונות.
זו לא היהדות שלנו. זו לא הציונות שאנחנו מאמינים בה. זה תוצר של ממשלה אנטי ציונית ולא יהודית, מסיתה וגזענית.
אנחנו ניאבק על ירושלים של כולנו - יהודים, נוצרים וערבים, חילונים ודתיים.
ירושלים… — Yair Golan - יאיר גולן (@YairGolan1) May 26, 2025
وعلّق غولان على تقرير للقناة "12" العبرية بأن نتنياهو يعتزم إقرار ميزانية الدولة لعام 2026 في شهر آب/أغسطس المقبل، قائلاً: "هذه رشوة. بينما يُرسل الجنود إلى غزة، يقوم نتنياهو بسرقة أموال الضرائب ليرشي بها الحريديم المتهربين من الخدمة العسكرية".
وفي منشور عبر منصة "إكس"، وصف غولان نتنياهو بأنه "غير مسؤول، فاسد وفاشل"، واتهمه بـ"التضحية بالجنود والعمال فقط من أجل الحفاظ على كرسي الحكم".
وتابع: "سنعمل على استبدال نتنياهو، وفرض الخدمة العسكرية على الجميع، وبناء دولة تحترم من يخدمونها".
יו״ר הדמוקרטים @YairGolan1 בישיבת סיעה בכנסת: ״נתניהו מבקש למנות ראש שב״כ שיהיה נאמן לו במקום שיהיה נאמן למדינת ישראל. נתניהו לא מחפש ביטחון. הוא מחפש שלטון״. pic.twitter.com/wg2LY5WayX — yuval karni???????? (@YuvalKarni) May 26, 2025
قانون التجنيد.. تهديدات وانقسامات
وتواجه حكومة الاحتلال الإسرائيلي أزمة متفاقمة بشأن مشروع قانون تجنيد طلاب المدارس الدينية، وسط تهديدات من حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراه" بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا ما تم فرض الخدمة العسكرية على الحريديم.
ووفقًا لتقرير القناة "12"، فإن الميزانية المقترحة لعام 2026 لا تعالج جوهر الأزمة، بل تهدف إلى تخصيص دعم مالي إضافي للأحزاب الحريدية بهدف تهدئة التوترات داخل الائتلاف، فيما يُعد، بحسب غولان، "محاولة لشراء ولاء سياسي باستخدام المال العام".
ومن المتوقع أن يتم تقديم مشروع قانون التجنيد، الذي يُعدّه رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، بعد عطلة "عيد الأسابيع" مطلع حزيران/يونيو المقبل.
قرار المحكمة يشعل الشارع الحريدي
وجاءت هذه التطورات في أعقاب قرار المحكمة العليا الصادر في 25 حزيران/ يونيو 2024، الذي ألزم طلاب المدارس الدينية بالخدمة العسكرية، ومنع تقديم المساعدات المالية للمؤسسات التي لا يمتثل طلابها لهذا القرار، ما أثار موجة من الاحتجاجات في صفوف الحريديم.
ويشكّل اليهود الحريديم نحو 13 بالمئة من سكان الاحتلال الإسرائيلي، البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ويرفضون الانخراط في الجيش بدعوى التفرغ لتعلّم التوراة، محذرين من أن الاندماج في المجتمع العلماني يهدد هويتهم الدينية.
وعلى مدى عقود، استفاد طلاب المعاهد الدينية من تأجيلات متكررة للخدمة العسكرية بحجة الدراسة، حتى بلوغ سن الإعفاء الذي يبلغ حاليًا 26 عامًا.
اتهامات متكررة لنتنياهو
وتتهم المعارضة الإسرائيلية، وعلى رأسها غولان، رئيس وزراء الاحتلال بالسعي لتمرير قانون يُعفي الحريديم من التجنيد، في محاولة للحفاظ على وحدة الائتلاف الحكومي ومنع انهياره.
وكان غولان قد أثار جدلاً واسعًا في وقت سابق عندما اتهم حكومة نتنياهو بـ"قتل الأطفال الفلسطينيين كهواية"، وهو تصريح أثار ردود فعل غاضبة في صفوف الائتلاف والمعارضة على حد سواء.
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حربًا مدمرة على قطاع غزة، اتُهمت خلالها بارتكاب جرائم إبادة جماعية، تشمل القتل الممنهج، والتجويع، والتدمير واسع النطاق، والتهجير القسري للسكان، وسط تجاهل صارخ للنداءات الدولية المتكررة وأوامر محكمة العدل الدولية الداعية إلى وقف العدوان.
وأسفرت هذه الحرب، التي تتم بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة، عن سقوط أكثر من 177 ألف ضحية بين شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولًا.
كما أدّت الحرب إلى نزوح مئات الآلاف من السكان، وسط تفشي المجاعة التي أودت بحياة العديد، بينهم أطفال، نتيجة الحصار وتدمير سبل العيش.