كشفت وسائل إعلام عبرية، أنه لأول مرة منذ السابع من أكتوبر الماضي يقر جيش الاحتلال رسميًا بانتحار عشرات من جنوده عقب ساعات من عملية طوفان الأقصى التي شنتها الفصائل الفلسطينية، على حفل كان يقيمه إسرائيلييون في منطقة غلاف غزة، وأسفر عن مقتل عدد منهم واحتجاز آخرين، وفق ما نقلت قناة القاهرة الاخبارية.

انتحار العشرات من جنود جيش الاحتلال

وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن جيش الاحتلال تستر على تقارير أفادت بانتحار عدد من جنوده عقب ساعات من تنفيذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، بينهم ضباط برتبة رائد ومقدم، وقد تم الإعلان عن أنهم قتلوا في العمليات داخل غزة، بخلاف الحقيقة.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، إن جيش الاحتلال يفرض سياسة التعتيم على حوادث الانتحار في صفوف جنوده، إلا أن بعض التقارير تؤكد أن هناك 10 جنود على الأقل أنهوا حياتهم بعد ساعات من عملية طوفان الأقصى.

وأوضحت، أن جيش الاحتلال وجد أنه أمام معضلة حقيقة، فمن المتعارف عليه أن الميول الانتحارية تكون بين الجنود الشبان، لكن فجأة أصبح على القيادات التعامل مع الميول الانتحارية لضباط أساسيين في جيش الاحتلال برتب مرتفعة، مؤكدة أن هذه الظاهرة أصبحت أوضح بعد عملية طوفان الأقصى.

وقال رئيس مركز دراسة الانتحار والألم النفسي في مركز روبين الأكاديمي البروفيسور يوسي تابي بيلتز، إن حالات الانتحار كانت مفأجاة، فنحن لم نعتد على مثل تلك الحالات خلال المعارك، لكننا رصدنا عدد كبير من حالات اضطراب ما بعد الصدمة.

فيما أكدت صحيفة يديعوت إحرونوت العبرية، أن عدد الجنود الذين انهوا حياتهم منذ عملية طوفان الأقصى وحتى الآن هو الأعلى بين صفوف جيش الاحتلال منذ 7 سنوات. 

جنود الاحتلال يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة

وأضاف البروفيسور يوسي، أن عدد كبير من الجنود الذين عادوا من معارك غزة يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، حيث يستيقظون على مشاهد الشعور بالذنب، وهو ما يدل على حجم المآسي والفظائع التي وقعت في قطاع غزة، وتأثيرها على الحالة النفسية للجنود.

وأوضحت الصحيفة أن أحد الأشخاص الذين انهوا حياتهم، كان ضابط نظامي، عثر عليه في سيارته بعد أن أطلق النار على نفسه، بعد أسبوعين فقط من عملية طوفان الأقصى، فيما قتل ضابط احتياط آخر نفسه وهو طبيب في نوفمبر الماضي.

وبحسب جيش الاحتلال، لا يوجد أي قاسم مشترك بين الجنود المنتحرين، إلا أن أفراد عائلتهم وأصدقائهم أكدوا أن الجنود القتلي كانوا يعانون من اضطرابات نفسية فظيعة، ناجمة عن ما شهدوه في غلاف عزة.

وأكدت الصحيفة، أن جيش الاحتلال رفض ذكر أسماء الجنود الذين أنهوا حياتهم، أو الملابسات التي أدت إلى ذلك، وأي بيانات فهي محفوظة فقط في سجلات الجيش وذلك بسبب سياسته المتذبذبة.

وبرر الجيش تلك السياسة في البداية، بأن العمليات الميدانية التي تتم حاليا لا تسمح بالتحقيق في كل حالة لجندي انتحر، مضيفًا أن الإعلان عن مثل تلك الحوادث قد يؤدي إلى الإضرار بمعنويات الجمهور والجنود.

وأكد التقرير، أن قائمة الجنود الذين أنهوا حياتهم لا تشمل الجنود الذين سرحوا من الخدمة العسكرية وانتحروا بسبب حالتهم النفسية المتأثرة بالقتال في قطاع غزة، ومن بينهم ضابط في قوات الاحتياط كان قد عاد من الخدمة في قطاع غزة، وكان يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، وقد انهي حياته داخل سيارته الشهر الماضي، في بلده جان بينه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عملية طوفان الاقصى قوات الاحتلال اسرائيل خسائر اسرائيل اضطراب ما بعد الصدمة عملیة طوفان الأقصى الجنود الذین جیش الاحتلال من اضطراب

إقرأ أيضاً:

"طوفان الأقصى" يُعيد برمجة الصراع

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

لأكثر من سبعة عقود من الزمن، كانت قضية فلسطين تتنقل وتتأرجَح بين نكبة واغتصاب واحتلال، وكان كلُّ عنوان يستند إلى تعريف لحالة فلسطين من دولة ذات سيادة، إلى أرض منهوبة ومسروقة بوضع اليد والواقع القهري وبمباركة وتوافق إقليمي ودولي، في سابقة لم تعرفها الإنسانية ولا التاريخ السياسي.

الهَوَان العربي الذي رسخته ثقافة "سايكس- بيكو"، بفعلها التمزيقي وفرض ثقافة الدولة القُطرية الدخيلة على ثقافة العربي عبر العصور، جَعَل من الأقطار العربية قسرًا أقطارًا وظيفية لا حول لها ولا قوة، و"طابور خامس" للمستعمر بوعي وبلا وعي.

وزَادَ على هذا الهَوَان فاعلية آلة الإعلام الغربية الضخمة، والتي سكبت في عقول أجيال العرب سرديات تفُوق طاقات استيعابهم للواقع والصراع الوجودي الذي يُحاك لهم من قبل الغرب لزوالهم، أو الإبقاء على حالة التبعية والانبهار للغرب.

حالة فلسطين الاستثنائية في التاريخ الإنساني والسياسي، من الطبيعي أن تنتج أضدادًا مُتنافرة لا تلتقي في الوعي العربي المعاصر، كالنضال والتطبيع، والمقاومة والانتفاضة، وهذه الأضداد أوجدت بالنتيجة لها مناصرين ونُخبًا ودعاة ومواقف عبر تاريخ القضية الفلسطينية.

الغريب أنَّ العقل العربي المعاصر بين فئتيه: النخبوية والعوام، يتفقون على وجوب مقاومة المحتل، ولهم سَوَابق وأمثال في تجارب العديد من الأقطار العربية التي واجهتْ المستعمر حتي نالت استقلالها، وكانت الشعوب العربية نصيرًا ورديفًا لنضالها، بينما ينقسمُ عرب زماننا حول قضية فلسطين ونضال أبنائها، ويهرول بعضهم -وبنجابة وتفانٍ- نحو التطبيع والإقرار بأحقية العدو الصهيوني بفلسطين!!

حالةُ فلسطين يجب أن تعُود بنا إلى أثر المخدرات العقلية الفاخرة التي سكبتها أم الكبائر إنجلترا في عقول العرب، عبر وعد "بلفور" و"سايكس- بيكو" ومشروع تقسيم فلسطين، وصولًا إلى تسليمها لُقمةً سائغةً لأفواه الصهيونية العالمية، وهذا ما لم يكُن ممكنًا لولا تمرير ثقافات تلك الأوبئة الفكرية، والتي أوصلتنا بالنتيجة إلى اعتبار قضية بحجم فلسطين مسألة فيها نظر، بينما كل احتلال في العالم مهما كان حجمه وزمانه جريمة نكراء لا تُغتفر.

قد يقُول قائل إنَّ الوطن العربي ونظامَه الرسمي ما زالا في حالة تبعية وانقياد أعمى لمؤامرات "وعد بلفور" و"سايكس- بيكو" عليهما، وهذا الكلام به منسوب من الصحَّة، ولكن إلى متى سيتَّكِل عرب زماننا على تفاصيل شمّاعة كهذه لتبرير أحقية الصهاينة بفلسطين؟! ثقافة "سايكس- بيكو" لم تجعل من النظام الرسمي العربي نظامًا وظيفيًّا فحسب؛ بل جعلت منه نظامًا على حرب دائمة مع شعبه لحماية سردية "سايكس- بيكو" وتبعاتها.

"طوفان الأقصى" اليوم أعاد برمجة الصراع، وقَلَب الموازين رأسًا على عقب؛ حيث سقطت سردية فلسطين "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" أولًا، ثم تلاها سقوط سردية "الجيش الذي لا يُقهر"، ثم سقطت سردية "تفوُّق العقل الصهيو-أمريكي" بعد السابع من أكتوبر، واختراق القبة الحديدية والجدار العازل بتقنياتهم التي وُصِفَت بالمعجزة، ثم سقطت سردية قوة الكيان العسكرية والتقنية الحامية للمطبعين مستقبلًا، ثم سَقَطت الحلول العربية للتطبيع مع العدو كحل الدولتين والتي يصفها العدو اليوم بالانتحار.

المواجهة اليوم لم تَعُد بين النظام الرسمي العربي وشعبه لتمرير التطبيع؛ بل بين مُكوِّنات النظام الرسمي العربي نفسه، والذي وقع في حَرَج تاريخي كبير بعد الطوفان، هذا الطوفان الذي أَيْقَظ العالم حول قضية فلسطين العادلة، وتكاتفوا لنُصرتها، وجعل من الدعوة للتطبيع فجورًا سياسيًّا غير مُبرَّر ولا مسبوق.

وفي المقابل، يشهد العالم ثباتَ موقف الشعب العربي عبر فصائله المُقاوِمَة، والتي نأت عن تخاذل النظام الرسمي العربي وواجهت غطرسة الصهاينة ورعاتهم ببسالة نادرة، وأسقطت سردياتهم وهيبتهم أمام العالم.

النظام الرسمي العربي اليوم في أسوأ حالاته وخياراته، وقد تمثَّل ذلك في "قمة المنامة"؛ حيث كانت كلمات غير العرب من الحضور أقوى وأشد غِيْرةً وتعبيرًا لإدانة وحشية الكيان وجرائمه، ونصرة الحق الفلسطيني، أكثر بكثير من أصحاب الحق أنفسهم من العرب الحضور! وما زال الطوفان يتناسل ليعتصر الجديد من المواقف، ويُزلزل الكثيرَ من القناعات المتقادمة.

قبل اللقاء: "كشف طوفان الأقصى مدى الحاجة الماسة للتطبيع بين الأقطار العربية أولًا وأخيرًا".

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • خلافات بين الإدارة الأمريكية وعضو بمجلس الشيوخ.. اتهامات غير مباشرة لبايدن بتمويل إيران.. والسيناتور كروز يدعي مساهمة واشنطن في عملية "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ230 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • سيمونيان تنشر قائمة الأسرى الأوكرانيين الذين لا ترغب كييف في مبادلتهم
  • خبير استراتيجي: أسطورة الإنسان الإسرائيلي انتهت بعد طوفان الأقصى (فيديو)
  • المقاومة الفلسطينية تستهدف ناقلة جند للعدو الصهيوني بقذيفة “تاندوم” جنوب شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة
  • يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات
  • المقاومة الفلسطينية تستهدف جرافتين عسكريتين للاحتلال الإسرائيلي من نوع “D9” بقذيفة “الياسين 105” وعبوة “شواظ” في حي البرازيل جنوب شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة
  • تطورات اليوم الـ229 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ228 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • "طوفان الأقصى" يُعيد برمجة الصراع