ثلاثة بواحد.. كيف تُقرَأ كثافة الطعون بقانون التمديد للبلديات؟
تاريخ النشر: 16th, May 2024 GMT
حتى الآن، سجّل "عدّاد" الطعون بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، الذي أقرّه مجلس النواب أواخر شهر نيسان الماضي، ثلاثة طعون قُدّمت أمام المجلس النيابي، من ثلاث مجموعات "مختلفة" من قوى المعارضة، أولها الطعن الذي قدّمه تكتل "الجمهورية القوية"، وثانية الطعن الذي تقدّم به حزب "الكتائب" و"تجدّد" و"تحالف التغيير"، وثالثها طعن تقدّم به عدد من النواب المستقلّين، ومن يسمّون بـ"التغييريّين".
وفي حين يرى البعض "كثافة" الطعون بقانون التمديد "ظاهرة صحية" كما وصفتها النائبة بولا يعقوبيان مثلاً، بعد تقديمها مع النائب شربل مسعد الطعن "الثالث"، يعتبر آخرون أنّه يشكّل دليلاً على عدم قدرة قوى المعارضة على الاتحاد، ولو على طعن "موحّد" متكامل ومتين، وبين هؤلاء من يعتبره جزءًا من "المزايدات" القائمة بين المعارضين، الذين يسعى كلٌ منهم إلى "تسجيل النقاط" على غيره، في سلوك أضحى "مألوفًا"، إن جاز التعبير.
لكن، بمعزَل عن كيفية قراءة "كثافة" الطعون على المستوى السياسي، ثمّة علامات استفهام تُطرَح عمّا إذا كان بالإمكان "البناء" على هذه الطعون فعلاً، أو "الرهان عليها" لإبطال قانون التمديد الذي أقرّه البرلمان مثلاً، أم أن هذه الطعون كما يعتقد كثيرون تأتي من باب "رفع العتب" ليس إلا، وهي أقرب إلى أن تكون "لزوم ما لا يلزم"، ولا سيما أنّ كلّ التقديرات تشير إلى أنّ "مصيرها" سيكون كمصير سابقاتها في العام الماضي؟
"ظاهرة صحية"
من حيث المبدأ، لا يُعتبَر تعدّد الطعون بقانون واحد أمرًا سلبيًا، ولو أنّ المجلس الدستوري سيعمد بطبيعة الحال إلى "دمجها" في نهاية المطاف، لدرسها مجتمعةً، حيث يقول المؤيّدون لهذه "الكثافة" إنّها إن دلّت على شيء، فعلى وجود شريحة واسعة من النواب متّفقة ضمنًا على رفض التمديد، بغضّ النظر عن "الأكثرية" التي حازها القانون عند إقراره، وأنّ المعارضة استطاعت أن تتقدّم بثلاثة طعون بدل الطعن الواحد، وهذه يمكن أن تُسجَّل لها.
لكن، في مقابل هذا الرأي، ثمّة من يعتبر أنّ الأمر لا يُعَدّ "ظاهرة صحية"، بل على العكس من ذلك، يمكن أن يؤشّر إلى وجود "خلل" في صفّ المعارضة، هو الذي يقف أساسًا خلف فشلها في مختلف الاستحقاقات حتى الآن، ولا سيما أنّ هذا "الافتراق" يدلّ على عدم تقبّل بعض قوى المعارضة على الوقوف في "الصفّ نفسه"، حتى وفق منطق "التحالف على القطعة"، أو ما بات يصطلح على تسميته بـ"التقاطع"، وبالتالي يجعل فرضية "المزايدات" أكثر واقعيّة.
وسواء صحّ الرأي الأول أم الثاني، فإنّ الثابت أنّ "كثرة" الطعون لن تغيّر في الواقع شيئًا، ليس فقط لأنّ المجلس الدستوري سينظر إليها من دون "تجزئة"، ولكن لأنّها تقوم بشكل أو بآخر على المبادئ نفسها، ولو اختلفت الصياغات، وتفاوتت الأسباب الموجبة، علمًا أنّ هناك من يعتقد أنّ مقدّمي الطعون أنفسهم لا يراهنون على قبولها، حتى لو ارتكزت في مكان ما إلى قرارات سابقة للمجلس الدستوري نفسه، وهنا بيت القصيد.
السيناريوهات والاحتمالات
صحيح أنّه لا يزال من المبكر لأوانه الحديث عن "السيناريوهات المحتملة"، باعتبار أنّ المسار القانوني والدستوري لم يبدأ بعد، وأنّ كلّ الاحتمالات تبقى مفتوحة معه، انطلاقًا من الدور المنوط بالمجلس الدستوري، الذي بخلاف ما يروّجه البعض عن أنّ قراره "محسوم سلفًا"، وأنّ البحث جارٍ فقط حول "الإخراج المناسب"، يستعدّ لدراسة الطعن بجدّية، ليصدر قراره بحكم المعطيات والوقائع التي يمكنه جمعها.
مع ذلك، ثمّة انطباع سائد بأنّ المجلس الذي لم يقبل الطعون التي قُدّمت العام الماضي، لن يقبلها هذا العام، باعتبار أنّ "الأسباب الموجبة" هذه المرّة تبدو أكثر قدرة على الإقناع، في ظلّ الوضع الأمني الناجم عن الحرب الإسرائيلية على الجنوب، والاعتداءات الإسرائيلية التي تشمل مناطق لبنانية عدّة، من دون أن ننسى أنّ إبطال القانون بالمُطلَق يمكن أن يؤدي إلى تكريس حالة "الفراغ"، باعتبار أنّ ولاية المجالس البلدية ستكون عندها بحكم "المنتهية".
من هنا، يقول العارفون إنّ الأجواء لا توحي بإمكانية قبول الطعون المقدَّمة، حتى لو انسجمت مع المبادئ الدستورية، التي قد تصطدم مع الوقائع والمعطيات على الأرض، في وقتٍ ما يبدو "غير واضح" بعد هو "الطريقة" التي يمكن أن يُتّخَذ القرار بموجبها، سواء كان المجلس سيتخذ القرار صراحةً، أم سيعلن عدم قدرته على التوصل لقرار، أم سيعجز عن الالتئام، بفعل عدم اكتمال النصاب، كما حصل في مرّات سابقة، فيبقى القانون نافذًا.
قد لا تعني "كثرة" الطعون بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، أكثر من وجود قوى معارضة للقانون، على الأقلّ في "الظاهر"، وتريد أن "تستثمر" موقفها، في سياق "المزايدات" القائمة على الساحة السياسية. لكن، أبعد من هذا المعطى، قد لا يكون مُتاحًا الحديث عن "انعكاس" لهذه الكثافة، على قرار المجلس الدستوري أو اتجاهاته، بمعزل عن الاتهامات التي توجَّه له أحيانًا من هذا الطرف أو ذاك! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المجلس الدستوری یمکن أن
إقرأ أيضاً:
للأسبوع الرابع على التوالي.. مسيرة في تونس احتجاجًا على القمع وتجريم المعارضة
تأتي المسيرة بعد أسبوع من تنظيم احتجاج آخر تحت شعار "المعارضة ليست جريمة"، في إطار سلسلة مسيرات أسبوعية تهدف، بحسب المشاركين، إلى تأكيد "حق التعبير عن الرأي ومواجهة السياسات القمعية".
انتظمت اليوم في العاصمة تونس مسيرة احتجاجية دعت إليها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تحت شعار "ولا بدّ للقيد أن ينكسر"، للمطالبة بـ"وقف ممارسات القمع وتجريم المعارضة".
وجاءت المسيرة رفضا لـ"الظلم والاستبداد" ولـ "الدفاع عن حرية النشاط المدني والسياسي"، وسط رفع شعارات من أبرزها: "من ليس له تاريخ يحاكم التاريخ"، في إشارة إلى الاعتقالات المستمرة منذ إعلان الرئيس قيس سعيد الإجراءات الاستثنائية عام 2021،.
وتتزامن المسيرة مع صدور حكم قضائي جديد في تونس، حيث أصدرت محكمة تونسية مساء أمس الجمعة حكمًا بسجن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي 12 عامًا، في ما يُعرف بـ قضية "مكتب الضبط"، عندما كانت موسي تقدم طعونًا ضد أوامر رئاسية.
ويُذكر أنّه قبل نحو أسبوع، أصدرت محكمة الاستئناف أحكامًا بالسجن تصل في بعضها إلى أكثر من 45 عامًا ضد عدد من المعارضين، بتهمة "التآمر للإطاحة بالرئيس قيس سعيد".
Related المركز الثقافي التونسي في غرونوبل.. حيث تكبر الهوية الوطنية في الاغتراب على إيقاع الأناشيد والذكرياتالاحتجاج الثاني خلال أسبوع.. سعيد في رده على الاتحاد الأوروبي : قراراتنا القضائية تونسية خالصة تونس: إطلاق سراح المحامية سنية الدهماني بعد 18 شهرا من الإيقاف.. والمرسوم 54 يعود إلى الواجهة مجدداوفي إطار تنفيذ هذه الأحكام، ألقت السلطات القبض على المعارِضة البارزة شيماء عيسى خلال مشاركتها في احتجاج شعبي بالعاصمة ضد "التضييق على الحريات السياسية والصحفية". كما شملت الاعتقالات أسماء بارزة أخرى من المعارضة التونسية، من بينها نجيب الشابي والعيّاشي الهمّامي.
ووصف بسام الطريفي، رئيس الرابطة، أوضاع الحقوق والحريات في تونس بأنها "خطيرة"، مؤكدًا أنّ "العمل المدني والسياسي مهدد، والصحفيون ونشطاء المجتمع المدني يتعرضون للملاحقة، والكلمة الحرة تُقيد، والمعارضة تُسجن. السلطة لا تسمع إلا نفسها، وكل من يخالفها الرأي يُتهم ويُزج به في السجون".
من جانبه، دعا الحزب الجمهوري المواطنين الرافضين لحكم الفرد وسياسات الترهيب إلى المشاركة الفاعلة في المسيرة، مشددًا على أنّ الدفاع عن الحرية والكرامة الوطنية "ليس مجرد تضامن، بل موقف حقيقي في مواجهة الاستبداد".
وأكد حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات أنّ المسيرة تعكس إيمانهم بأن "القيد يصدأ حين تتحرك الشعوب، وأن الظلم يضعف حين تتشابك الأيادي".
وتأتي هذه المسيرة بعد أسبوع من تنظيم احتجاج آخر تحت شعار "المعارضة ليست جريمة"، شارك فيه ناشطون ومدنيون وسياسيون، في إطار سلسلة مسيرات أسبوعية تهدف، بحسب المشاركين، إلى تأكيد "حق التعبير عن الرأي ومواجهة السياسات القمعية".
وأوضحت رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان، أنّ "السنة الماضية شهدت تصاعدًا في التضييق على الحريات، مع ملاحقة قضائية للإعلاميين والنشطاء المدنيين والسياسيين، واستهداف المنابر الإعلامية المستقلة، إضافة إلى حملات التشهير والتخوين ضد منظمات المجتمع المدني".
وتؤكد منظمات حقوقية محلية ودولية أنّ الأحكام الصادرة بحق المعارضين في تونس تُعد "سياسية بامتياز"، حيث "يُستغل" جهاز القضاء من قبل الرئيس قيس سعيد، "لسحق معارضيه وترسيخ الحكم الفردي".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة