قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن ما تقوم به فصائل المقاومة خلال الأيام الأخيرة هو أشد ضراوة وفتكا وأكثر فاعلية من الأيام الأولى لعملية الاحتلال البري في قطاع غزة.

وفي اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة من عمّان اعتبر الدويري تشبيه مجريات الأحداث الجارية بما حدث في الأسبوع الأول من الاجتياح البري فيه ظلم لكتائب المقاومة الموجودة بجباليا شمالي القطاع، في ظل اختلاف طبيعة إدارة المعركة عما كانت عليه في الأيام الأولى.

وأوضح أن الاختلاف يتمثل في أن المقاومة تبنت في بداية الحرب مقاربة الصد المباشر منذ وصول قوات الاحتلال إلى أطراف المناطق المبنية، فيما تبنت في إدارة المعركة الحالية مقاربة أخرى قائمة على المشاغلة المحدودة والانكفاء إلى الخلف والسماح لقوات العدو بالدخول.

وفي هذا السياق، أشار الدويري إلى أن قوات الاحتلال لم تستطع في بداية الحرب الدخول إلا إلى مسافات محدودة، لكن ومع اختلاف مقاربة إدارة المعركة سُمح لقوات الاحتلال بالاندفاع إلى مربعات مختلفة في جباليا وجرى القتال من مسافة الصفر بكافة الاتجاهات.

معاناة شديدة للاحتلال

وأكد الخبير العسكري على أن ضراوة المعركة ونجاعة عمليات المقاومة أوقعتا جيش الاحتلال في معاناة شديدة لا تزال قائمة وستستمر، مشيرا إلى أن مقاطع الفيديو التي تبثها فصائل المقاومة تعكس ذلك بشكل واضح.

وبشأن معركة رفح جنوبي القطاع يرى الدويري أن جيش الاحتلال سيوسعها إذا أتيحت له الفرصة، مضيفا أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يستخدمها كمقاربة للهروب إلى الأمام في ظل رغبته المعلومة بإطالة أمد الحرب.

ويؤكد الدويري أن نتنياهو يعلم يقينا أنه لن يكسب معركة رفح، وأنه إذا ما شن هجوما موسعا فيها فسيفقد ورقته الأخيرة التي يستغلها في المماطلة، حيث لن يجد بعدها مبررا للاستمرار في القتال، في ظل زعمه السابق بتفكيك كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في باقي مناطق القطاع.

ويرى الدويري أن المقاومة تبعث رسالة واضحة من خلال أدائها القوي واللافت في الميدان بأنها لا تزال موجودة وفاعلة ونفسها طويل وتمسك بأوراق قوة، مؤكدا أنها أدخلت جيش الاحتلال في حرب استنزاف مضنية لن يقوى على تحمّل تكلفتها من الخسائر البشرية المتزايدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟

رغم مرور 22 شهرا على الحرب، فإن إسرائيل صعّدت على المستويين السياسي والعسكري من نبرة تهديدها لقطاع غزة، بعد تمسك المقاومة بمطالبها لإبرام صفقة تفضي إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وفي وقت كثفت فيه المقاومة عملياتها وكمائنها المركبة على الأرض، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي دفرين إن المؤسسة العسكرية ستقدم خططا للمستوى السياسي لاستمرار القتال في غزة.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن العملية العسكرية في غزة ستنتقل إلى مرحلة "أكثر تصعيدا إذا لم يحدث تقدم في المفاوضات".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن الجيش سيعمل على إيجاد "تهديد عسكري حقيقي في مناطق معينة، أملا أن يدفع ذلك نحو التوصل إلى صفقة جزئية".

وأشارت الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن التنسيق يجري حاليا وراء الكواليس بين إسرائيل والولايات المتحدة بهدف زيادة الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

مأزق مزدوج

ويخفي هذا التوجه الجديد مأزقا سياسيا وعسكريا إسرائيليا في قطاع غزة يترجم بتعميق التجويع وزيادة وتيرة القتل، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى.

وحسب حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"، فإنه لا يوجد في جعبة جيش الاحتلال من الناحية الإستراتيجية ما يمكن استخدامه لإجبار حركة حماس على القبول بالشروط الإسرائيلية في المفاوضات.

وشكلت عملية "عربات جدعون" -التي أطلقها جيش الاحتلال في مايو/أيار الماضي- أقصى تهديد عسكري حقيقي لحماس، إذ كانت ذروة عمليات جيش الاحتلال خلال الحرب، التي ينظر إليها المجتمع الإسرائيلي بأنها أصبحت عبثية.

واستبعد الباحث في الشؤون السياسية سعيد زياد نجاح إسرائيل في إخضاع المقاومة عبر أي تهديد عسكري جديد، مستدلا بالكمائن ضد جيش الاحتلال في بيت حانون شمالا ورفح جنوبا.

وحسب زياد، فإن استمرار سقوط القتلى والجرحى الإسرائيليين في رفح وبيت حانون "دلالة راسخة على استعصاء العمل العسكري في هزيمة قطاع غزة".

إعلان

وبناء على ذلك، فإن انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية الكبرى قاب قوسين أو أدنى، في حين يبقى الهدف الإسرائيلي الأسمى تصفية القضية الفلسطينية عبر رفع شعار القضاء على المقاومة ونزع سلاحها وفرض حكم عسكري على القطاع ثم تهجير سكانه.

ضوء أخضر أميركي

لكن المقاومة بدأت قراءة المتغيرات الميدانية، بعدما بات جيش الاحتلال يميل للاندفاع أكثر بما يحقق له احتلالا مباشرا للأرض وفرض حصار مطبق، كما يقول الخبير العسكري أحمد الشريفي.

وتحاول إسرائيل فرض واقعين على المقاومة الأول: "تفاوض تحت النار"، والآخر: "تفاوض تحت الحصار" عبر عمليات استطلاع متقدم -حسب الشريفي- ضمن هدف لم يعد تكتيكيا، وإنما في إطار إستراتيجية إدارة الأزمة.

وبناء على هذا الوضع الميداني، بات واضحا ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة إثر تغير في الأهداف تبناه جيش الاحتلال، الذي يريد السيطرة على محاور متعددة لإسكات قدرة حماس على المشاغلة والمواجهة.

لكن استهداف المقاومة وحدات الاستطلاع يعني أنها "لم تؤمّن قاعدة بيانات وبنك أهداف جديدا"، مرجحا إطاحة عمليات المقاومة بإستراتيجية إسرائيل القائمة على الاحتلال والحصار.

وأعرب الشريفي عن قناعته بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لإنعاش جيش الاحتلال -الذي يعاني ضعفا وانهيار معنويا- من قبل الولايات المتحدة لإدامة زخم المعركة حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية والأميركية في غزة.

في المقابل، رأى المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو في الهجمات الفلسطينية على القوات الإسرائيلية أنها بمنزلة "تقوية لحكومة بنيامين نتنياهو"، إذ تظهر أن هناك حربا لم تنتهِ، وضرورة القضاء على حماس وطرد قياداتها إلى الخارج.

وحسب فرانكو، فإن حماس تريد تجميع عناصرها وترتيب صفوفها والعودة إلى الحرب، مرجحا في نهاية المطاف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع ضمانات أمنية إسرائيلية.

وكان ترامب قال -في أحدث تصريحاته- إنه "لا يعلم ما الذي سيحدث في غزة"، مطالبا إسرائيل باتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية، في حين قال نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة- إنه سيواصل التفاوض ويتقدم في القتال من أجل القضاء على حماس وتحرير الأسرى.

مقالات مشابهة

  • مع تفاقم الكارثة في غزة.. تصاعد الانتقادات لنهج نتنياهو وترامب يدعوه لاعتماد مقاربة جديدة
  • المقاومة ليست خيارا ديمقراطيا
  • “رادع” تعدم 6 متهمين بالتخابر مع الاحتلال في خان يونس
  • أنصار الله تعلن بداية المرحلة 4 لحصار الاحتلال: سنستهدف كل سفينة تتعامل مع العدو
  • ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
  • في ذكرى الحرب الكورية.. زعيم بيونج يانج يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أمريكا
  • فتح باب تلقي أعمال النشر الإقليمي بفرع ثقافة قنا بداية من 3 أغسطس
  • تضحيات النصر القادم
  • ورقة بحثية لـ"مركز الدراسات" تحلل التداعيات الإجتماعية لحرب الإبادة وتطرح رؤية للتعافي
  • مركز عمليات الوعي قسم الحرب النفسية باستخبارات إسرائيل العسكرية