تقرير حقوقي يكشف النقاط العمياء في مساعي محاسبة النظام السوري
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
باريس- أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان والمعهد الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، الخميس، في لقاء بث عبر تقنية الفيديو، عن إصدار تقرير مشترك تحت عنوان "عدالة بالترقيع في سوريا".
وسلط التقرير الضوء على طبيعة التحقيقات والمحاكمات الجارية في الشأن السوري ودور الآليات الدولية، كالآلية الدولية المحايدة والمستقلة والمنظمات غير الحكومية، فضلا عن الفجوات الموجودة في جهود المحاسبة.
كما تمت الإشارة إلى أنواع الجرائم المدانة دوليا التي لا يزال الشعب السوري يتعرض لها منذ 13 عاما عند مطالبته بالديمقراطية وحقوق الإنسان سنة 2011.
شهادات وتحقيقاتوخلال إطلاق التقرير، قالت المستشارة القانونية في المعهد الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان هيلينا كروغر، إنه يهدف إلى إبراز الدور الذي تلعبه الأطراف الناشطة في المجتمع المدني السوري ونوع الالتزامات الموجودة والتأثير السياسي الذي يلقي بظلاله على عمل هذه المنظمات المدنية.
وبحسب كروغر، فإن التحقيقات والمحاكمات للجرائم المرتكبة في سوريا، والتي بدأت في السويد وهولندا وألمانيا وبلجيكا، لا تستهدف كبار المسؤولين، مما يفتح المجال أمام إثارة بعض الأسئلة والمساءلة بشأن الوضع في البلاد والبناء على الأدلة الموجودة لرفع الشكاوى.
وعن أهمية إضافة شهادات الضحايا في نص هذه الشكاوى، أكد مؤسس ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، أنها تعتبر جزءا محوريا لكل عملية قانونية تسعى إلى بناء الملفات؛ لأن الشهود هم ضحايا تعرضوا لانتهاكات.
وأضاف عبد الغني للجزيرة نت، أن عددا من هؤلاء الضحايا يصبحون بمثابة مدّعين على المجرمين الذين ارتكبوا الانتهاكات في حقهم، بما في ذلك التعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وغيرها. وبالتالي، فإن الشهود يعدون العامل الأكثر أهمية ويتم الاعتماد على أقوالهم بشكل كبير جدا.
وتحدث التقرير المشترك عن تكفل روسيا والصين "بصدّ" كل الجهود المبذولة لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال استخدامهما "التعسفي" لحق النقض "الفيتو"، الأمر الذي أدى إلى تركيز جهود المحاسبة على دول خارجية أخرى تمكنت من تحقيق نتائج ملحوظة.
إيجابيةفي السياق، أوضح عبد الغني أن "إيران دعمت النظام السوري بنحو 60 مليار دولار وبكمّ هائل من المليشيات ربما تصل إلى 45 ألف مقاتل، لكن الحليف الأبرز للنظام هو روسيا التي ساهمت في عرقلة العمل في المحاكم وتمتلك قوة الفيتو وتوجد تحت إمرتها دول أخرى"، وفق تصريحه.
أما فيما يخص مسألة الإفلات من العقاب، فوصف رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان نتائج المحاكمات بـ"الجيدة والإيجابية".
واعتبر أنها -ودون التضخيم في إنجازاتها- أدانت النظام نفسه ووصفت جرائمه بجرائم ضد الإنسانية، مشيرا إلى محاكمة الضابط السوري أنور رسلان بجرائم منهجية واسعة النطاق، "والتي لم يُتهم بها شخص واحد فقط وإنما نظام بأكمله".
ولكنه لفت إلى أن عدم البناء على هذه المحاكمات لإيقاف الإفلات من العقاب ومحاسبة النظام السوري بمختلف الإجراءات السياسية وحتى العسكرية، يعود إلى الخلل الكبير الموجود في النظام الدولي، "بما في ذلك مجلس الأمن الذي فشل في سوريا وترك الرئيس بشار الأسد في السلطة"، وليس مسؤولية المحاكمات بعينها.
وفي عام 2011 تم فتح تحقيقات في ألمانيا، تلتها أخرى في فرنسا والسويد وهولندا. وركزت المحاكمات الأولى على المتهمين حاملي الجنسيات الأوروبية الذين التحقوا بجماعات مسلحة في سوريا وأُطلق عليهم اسم "المقاتلين الأجانب"، وتمت محاكمتهم ضمن قوانين "مكافحة الإرهاب".
نقاط عمياءمن جانبه، أشار المحامي في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان باتريك كروكر، إلى التحديات التي يتم التعامل معها، وعلى رأسها إغلاق مجلس الأمن والجنائية الدولية في وجه الملف السوري، مشيدا بعمل المجتمع المدني السوري الذي تمكن من إعادة تجميع صفوفه في المنفى.
وعلى الرغم من إيجابية النتائج التي حصدتها جهود المحاسبة، فإن آثارها لا تزال محدودة "لأنها لم تؤدّ إلى نقلة كبيرة في حالة حقوق الإنسان في سوريا ولم تزعزع قبضة النظام على السلطة، وحتى لم تمنع قادة الدول الأخرى من تطبيع العلاقات معه"، وفق نص التقرير.
وعلى ضوء هذه التحديات وغيرها، تطرق مؤسس ورئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إلى صعوبة إثبات وقوع جرائم العنف الجنسي "الذي لا تتعرض له النساء فقط وإنما الرجال أيضا، وقد يكون إثباته ضدهم أكثر صعوبة".
ويرى عبد الغني أن غياب الضغط الجاد ضد نظام بشار الأسد ساهم في استمراره بممارسة كل هذه الانتهاكات وإفلاته من العقاب منذ 13 عاما، وأن المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، لا يعتبر سوريا وشعبها قضية مهمة تحتاج إلى بذل جهد حقيقي لعملية انتقال وتغيير سياسي. "ويظهر ذلك جليا في العجز عن تطبيق قرار مجلس الأمن الصادر في أواخر عام 2016".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات وحقوق الإنسان عبد الغنی فی سوریا
إقرأ أيضاً:
مصرف سوريا المركزي: لدينا خطة للاندماج في النظام العالمي فور إنهاء قانون قيصر
قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية إن إنهاء العمل بقانون قيصر الأميركي سيكون المحطة الأخيرة والأهم لتمهيد الطريق أمام دمج بلاده في النظام المصرفي العالمي.
وينتظر أن يصوت الكونغرس الأميركي اليوم الأربعاء على الصيغة النهائية لملحق إلغاء "قانون قيصر"، ليصبح قانونا تُرفع بموجبه العقوبات الأميركية عن سوريا بشكل نهائي ودائم قبل عيد الميلاد.
وترك هذا القانون -الذي تم تعليق العمل به منذ سقوط نظام بشار الأسد– أثرا سلبيا على معاملات دمشق المالية وقدرتها على إدارة الاحتياطات بعدما توقفت غالبية المصارف العالمية عن التعامل معها، كما قال في مقابلة حصرية مع الجزيرة.
وبسبب هذا القانون، لم يكن مصرف سوريا المركزي قادرا على القيام بمهام مثل طباعة العملة، وتحديد السياسة النقدية، وجلب السيولة، وهي أمور أكد حصرية الشروع في العمل عليها فور إنهاء العمل بعقوبات قيصر.
الاندماج في النظام العالميولم تكن سوريا قادرة على الاستفادة من التكنولوجيا المالية العالمية بسبب عقوبات قيصر، التي وصف حصرية برفعها بالمعجزة، مؤكدا أن الاستفادة منها يتطلب وضع سياسات وأهداف مالية واضحة ومحددة.
وقال حاكم مصرف سوريا المركزي إن الحكومة وضعت خططا لتطوير النظام المالي والمصرفي فور رفع عقوبات قيصر، وإن المصرف تلقى تدريبات في وزارة الخزانة الأميركية وتباحث مع بنوك كبرى بشأن خطواته المستقبلية.
وتسعى دمشق بعد رفع العقوبات للاندماج في النظام المصرفي العالمي على نحو يجعلها قادرة على جلب السيولة والاستثمارات الخارجية، وقد وعدت دول مثل قطر والسعودية والإمارات وتركيا، بضخ استثمارات كبيرة في سوريا فور إنهاء العمل بقانون قيصر.
ووضع المصرف إستراتيجية مصرفية تمتد حتى 2030، وتقوم على مكافحة غسل الأموال، وتعديل السياسة النقدية لتعزيز الثقة في النظام المالي السوري من خلال تشريعات يجري العمل على وضعها، كما قال حصرية.
إعلانوستعمل الحكومة -حسب المسؤول السوري- على دعم القطاع المصرفي حتى يتمكن من بناء ثقة عالمية، وتحديد سياسة نقدية تعزز جلب الاستثمارات والسيولة على نحو يساعد على تعزيز الاحتياطات، وتوفير مزيد من فرص العمل للسوريين.
وستكون دمشق قادرة على تصدير والنفط والغاز، وتحريك قطاع الاستيراد والتصدير، وجلب المعدات اللازمة لدعم القطاع الصناعي، وكلها أمور ظلت معطلة لسنوات بسبب قانون قيصر.
وفي العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا ضمن قانون قيصر لمدة 180 يوما.
وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أقر الكونغرس الأميركي قانون قيصر لمعاقبة أركان نظام الأسد على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين في سوريا.
ومن شأن إلغاء القانون أن يمهد الطريق لعودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، التي تأسست في مارس/آذار 2025.
وشكّلت العقوبات الأميركية عقبة كبيرة أمام انتعاش الاقتصاد السوري، ويُعتبر رفعها دليلا على نجاح الحكومة السورية الجديدة.
وفرض قانون قيصر لعام 2019 عقوبات واسعة النطاق على سوريا استهدفت أفرادا وشركات ومؤسسات مرتبطة بالأسد، الذي حكم سوريا بعد وفاة والده حافظ الأسد من عام 2000 حتى إطاحته في 2024.
وسُميت هذه العقوبات بالاسم الرمزي لمصور عسكري سوري سرب آلاف الصور المروعة التي توثق التعذيب وجرائم الحرب التي ارتكبها نظام بشار الأسد.