التصعيد مقابل التصعيد.. حزب الله يكرّس معادلة جديدة لمواجهة إسرائيل
تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT
جنوب لبنان- شهدت جبهة الجنوب اللبناني تطورات ميدانية متسارعة في الأسبوعين الأخيرين. وانتقل حزب الله إلى اعتماد تكتيكات عسكرية جديدة في النوعية والكمية، ردا على تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في العمق اللبناني، بهدف تعزيز معادلة جديدة في المواجهة بين الطرفين.
وقد أدخل الحزب للمرة الأولى تكتيكات ووسائل قتالية مغايرة عما كان يستخدمه في السابق، حيث استخدم مُسيّرات مختلفة في عملياته النوعية، وذلك بعد أن أظهر قدرته على جمع المعلومات الاستخبارية من خلال استهداف جنود إسرائيليين في مواقع مستحدثة.
كما أثبت قدرته على استخدام مُسيّرات انقضاضية بـ3 أهداف مختلفة في الوقت نفسه، كما فعل في موقع "المطلة"، إضافة إلى إسقاط منطاد تجسسي فوق مستعمرة "أدميت" بعد تحديد مكان إدارته والتحكم به، والرد المباشر والفوري على الغارات الإسرائيلية على المنازل المدنية باستهداف مبان في المستوطنات المقابلة.
عملية نوعيةفي السياق، استعرضت الجزيرة نت مع منسق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) العميد منير شحادة، والمحللين السياسيين وسيم بزي، وحسين أيوب، أبرز التطورات الميدانية والمعادلات العسكرية الجديدة على الجبهة الجنوبية ومستقبلها المحتمل.
برأي العميد شحادة، فإن التصعيد بدأ في جبهة الجنوب من قبل حزب الله، من خلال عملية نوعية في عرب العرامشة، حيث أظهرت المقاومة قدرتها على المراقبة والاستطلاع والحصول على معلومات استخباراتية دقيقة.
واستهدفت المقاومة مركزا إسرائيليا حديثا، مما أدى إلى إصابته بطائرات انقضاضية وصواريخ دقيقة، وأسفرت عن سقوط 18 عسكريا بين قتيل وجريح وفقا لاعترافات إسرائيلية.
ويقول شحادة إن كل العمليات التي حصلت منذ بدء العملية حتى اليوم، كانت رسائل من المقاومة "للعدو الإسرائيلي" تحمل 3 دلالات أو رسائل هي:
الرسالة الأولى: ردعية، بمعنى إن قررت إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية على لبنان، فإن المقاومة جاهزة بمفاجآت. وقد استخدمت أسلحة جديدة، منها طائرة انقضاضية مختلفة عن "الشاهد 136" وتحمل 45 كلغ من المتفجرات، إضافة إلى صواريخ دقيقة. الرسالة الثانية: التصعيد مقابل التصعيد، بحيث إذا صعدت إسرائيل عدوانها في مدينة رفح، فإن المقاومة سترد بتصعيد مماثل. الرسالة الثالثة: ردٌّ على اغتيالات إسرائيل لكوادر حزب الله، وآخرها اغتيال حسين إبراهيم مكي مسؤول من قادة قوة "الرضوان" في مدينة صور.وبحسب العميد شحادة، فإن مشكلة إسرائيل الآن تكمن في أن هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها المقاومة من إرسال طائرات انقضاضية بعمق 30 إلى 35 كيلومترا داخل العمق الإسرائيلي، مما يحرجها ويبرهن أنها أصبحت ضعيفة في السيطرة الجوية.
فقدان السيطرة
وأضاف شحادة أن الخبراء الأمنيين الإسرائيليين يقولون إنهم فقدوا السيطرة والقيادة والتحكم الجوي في الجبهة الشمالية، مما جعل المقاومة تتمكن من إرسال طائرات تجسسية وانقضاضية دون أي فعالية للقبة الحديدية أو للمضادات التي تمتلكها إسرائيل مثل مقلاع داوود والسهم.
ويوضح أن نظام المراقبة والتجسس والاستطلاع الإسرائيلي المؤلف من الأعمدة وقاعدة ميرون والمناطيد، قصفته المقاومة بنسبة 90%، مما جعل إسرائيل فاقدة للتحكم الجوي في الجبهة الشمالية.
وأتاح ذلك للمقاومة في لبنان إرسال طائرات تجسسية وانقضاضية، وآخرها استخدام طائرة انقضاضية مختلفة تحمل صاروخين موجهين، يتجه كل واحد إلى هدف محدد، وبعد إطلاقهما، تتجه الطائرة نفسها إلى هدف ثالث "وهنا نتحدث عن 3 أهداف بطائرة انقضاضية واحدة"، وفق شحادة.
ويؤكد أن استخدام هذه الطائرة الجديدة هو من المفاجآت التي تخبئها المقاومة لإسرائيل. وقد أظهرتها ردا على خرق قواعد الردع بقصف العمق اللبناني في جرود منطقة بعلبك وضواحيها، مما أدى إلى خسائر في الأرواح، "وهذه المفاجآت تظهرها المقاومة تباعا حسب الحاجة".
من جهته، قال الكاتب السياسي وسيم بزي إن التطور اللافت في المواجهة الحالية يظهر من خلال التصعيد المستمر الذي ينفذه حزب الله، مما يمكنه من استعادة المبادرة الميدانية على خط الجبهة مع شمال فلسطين المحتلة.
ويضيف أن "العدو الإسرائيلي" حرص طوال الأشهر الماضية على الاحتفاظ بالمبادرة عبر نوعية الرد، وعمقه الجغرافي، والجرعة النارية المستخدمة، محافظا بذلك على ما يسمى بـ"اليد العليا".
ويرى أن حزب الله نقل المواجهة ليفرض واقعا جديدا من خلال استخدام التكتيكات الجديدة لنزع المبادرة من يد "العدو"، وأهمها استعمال الطائرات المُسيّرة بكثافة، حيث أصبحت جزءا أساسيا في العمليات اليومية في الفترة الأخيرة.
وبحسب بزي، فإن مزج العمليات المركبة بين سلاح المُسيّرات والصواريخ الموجّهة، يأتي لزيادة دقة الضربات، مما أجبر "العدو" على الاعتراف بالخسائر بشكل أكبر مؤخرا. ويضيف أنهم شهدوا لأول مرة في عملية "أدميت" في الجليل الغربي منذ يومين، استخداما مركّبا للصاروخ من خلال 3 إطلاقات على منطاد.
نهج جديد
وتضمنت إحدى الإطلاقات استعمال وسيلة توجيه للمنطاد، واستخدم الإطلاق الثاني وسيلة تثبيته، بينما تم الإطلاق الثالث على المجموعة الموجهة نحو هذا المنطاد، الذي تمت إصابته بالكامل، وأقرت إسرائيل بقتيل و6 جرحى في هذه العملية، وفق الكاتب بزي.
كما أن الإطلاقات الكثيفة لصواريخ الكاتيوشا، وفق بزي، خاصة باتجاه العمق في منطقة الجولان السوري، هي تكريس لمعادلة البقاع مقابل الجولان. وعلى هذا الأساس، قام "العدو" بعملية جنوب بحيرة طبريا، حيث وصلت المُسيّرات إلى عمق يقدر بحوالي 35 إلى 40 كيلومترا تقريبا، وردّ بعدها بغارات ليلا في منطقة البقاع.
وبحسب بزي، فإن الجبهة تظل ملتزمة بقواعد الاشتباك، مما يجعل التطور نحو مواجهة مفتوحة وكبيرة أمرا صعبا، وذلك ضمن رؤية إستراتيجية تحكم الطرفين، مع تعزيز استمرارية دور الجبهة كداعم لغزة، ومحافظتها -حتى إشعار آخر- على انضباطها وتقيدها بهذه القواعد.
أما المحلل السياسي حسين أيوب فيرى، أنه حتى الآن، لا توجد مصلحة لدى الولايات المتحدة وإيران في تصعيد التوتر إلى مستويات قد تهدد بالانجراف نحو الحرب الشاملة.
وباعتقاده، فإن إسرائيل لو كانت قادرة على شنّ الحرب، فإن حزب الله قدّم لها من المبررات ما يكفي لذلك، حيث بلغ عدد العمليات التي نفذها على مدى 210 أيام، حوالي ألفي عملية، "مما يعني تقديم ألفي مبرر لها".
وحسب أيوب، تظهر الحسابات العسكرية والإستراتيجية لإسرائيل أنها ليست جاهزة للذهاب نحو خيار الحرب الشاملة، وهذا ما بات يُمثل "نموذجا فريدا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي".
ويرى أن حزب الله ابتكر نهجا عسكريا جديدا، فهو يقاتل بمسافة صفرية عند حدود لبنان الجنوبية (نموذج كمين الناقورة للجيش الإسرائيلي)، وفي الوقت نفسه، وصل في عملياته إلى العمق الإسرائيلي بمدى يبلغ 35 كيلومترا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات حزب الله من خلال
إقرأ أيضاً:
حماس: إسرائيل خرقت وقف النار وخطة ترامب بهذا التصرف
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اليوم السبت، إن الهجوم الإسرائيلي على سيارة مدنية في غزة خرق لوقف النار وخطة ترامب.
اضطرت ست عائلات فلسطينية، اليوم السبت، إلى إخلاء منازلها في شارع التعاون العلوي بمدينة نابلس، تمهيدًا لهدمها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن العائلات تلقت إخطارات بالهدم، رغم أن الخرائط المتوفرة لديها تؤكد أن المنازل تقع ضمن المنطقة المصنفة «ب»، في حين يدّعي الاحتلال أنها تقع في المنطقة المصنفة «ج».
اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا
وأشارت المصادر إلى أن سلطات الاحتلال هدمت خلال العامين الماضيين ستة منازل مأهولة في المنطقة ذاتها، مؤكدة أن جميع المنازل المهددة بالهدم شُيّدت منذ أكثر من 15 عامًا، في خطوة تعكس تصعيدًا متواصلًا في سياسات الهدم التي تطال الأحياء السكنية في المدينة.
وأقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم السبت، على اعتقال طفلٍ فلسطيني من بلدة بيتا جنوب نابلس.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة، واعتقلت الطفل تيم رائد حمايل (14 عاما)..
وأصدر الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، بياناً أعلن فيه إصابة جنديين من الاحتياط صباح اليوم جنوبي قطاع غزة
إثر انفجار عبوة ناسفة.
وحلّق طيران الاحتلال الإسرائيلي المُسيّر، مساء اليوم، على ارتفاع منخفض في أجواء بلدة يانوح بقضاء صور جنوب لبنان، وذلك عقب إنذار إسرائيلي وُجّه إلى سكان أحد المنازل في البلدة بضرورة إخلائه.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر فلسطينية بأن الطيران المُسيّر الإسرائيلي واصل تحليقه على ارتفاع منخفض في أجواء الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، في ظل أجواء من التوتر والحذر بين السكان.
وأقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، على اعتقال مُسنٍ من الأغوار الشمالية.
وأفادت مصادر محلية بأن الاحتلال اقتحم تجمع الحمة، واعتقل المسن رافع محمد عبد الكريم فقها.
وكان مستعمرون برفقة الاحتلال اقتحموا عدة تجمعات بالأغوار الشمالية.
وأكّد نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، في تصريحات اليوم، أن إسرائيل لم تنفّذ أي خطوة جدية لتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدوانية.
مشدداً على أن المقاومة أوقفت محاولات اجتياح لبنان وابتلاعه، وداعياً الدولة اللبنانية إلى إعادة النظر في سياساتها وعدم مطالبة المقاومة بعدم الدفاع عن نفسها.
وقال إن حصرية السلاح بالصيغة المطروحة حالياً تمثل مطلباً أميركياً إسرائيلياً، محذّراً من تقديم أي تنازلات لإسرائيل، ومشيراً إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى ضم لبنان إلى سوريا ضمن مشروع وصفه بالخطير جداً.
وقال جيش الاحتلال، اليوم السبت، إنه استهدف عنصراً بارزاً في حماس بمدينة غزة.