استضاف جناح الشارقة كوكبة من الشعراء الإماراتيين في “لقاء شعري” شهد مشاركة كل من الشاعرة خلود المعلا، والشاعر علي الشعالي، والأديب الشاعر إبراهيم الهاشمي، إلى جانب الكاتبة اليونانية بيرسا كوموتسي، مترجمة الأدب العربي، وأدارها الدكتور خالد رؤوف، مترجم أدبي يوناني، وذلك ضمن فعاليات اليوم الثالث من برنامج الشارقة ضيف شرف معرض سالونيك الدولي للكتاب في اليونان.

وتناول المشاركون في الجلسة تجربتهم الشعرية الإماراتية والخصائص التي تميز القصيدة العربية، ومدى قدرة الترجمة على إيصال المشاعر والأحاسيس وتجسيد الحالة الانفعالية للشاعر، وليس الاقتصار على المفردات والتراكيب اللغوية والصور البلاغية فقط، مسلطين الضوء على تجربة ترجمة أعمالهم إلى اللغة اليونانية، وانطباعات القرّاء اليونانيين عن قصائدهم.

واستهلت الشاعرة خلود الملا حديثها بالقول: “إن الزائر لمدينة سالونيك لا بد أن يقع في عشقها، فهي مدينة جميلة، وأناسها محبون، ودودون، قريبون من القلب، وينتاب المرء حال لقائهم شعور بأنه يعرفهم منذ زمن طويل”.

واختارت أن تفتح للجمهور اليوناني باباً شاسعاً على المفارقات والتأملات الهادئة في قصيدتها، حيث أخذتهم في قصيدة بعنوان “المدن القديمة” من ديوانها “الطريق التي تأخذني” إلى شاعريتها الخاصة في قراءة الأمكنة، وتحويل مبانيها وتاريخها إلى لغة صافية تقول أكثر مما يبدو للعابرين، حيث قرأت:
“أدخل العالم من مدنه القديمة
ولا ألتفت
في المدن القديمة
تجلس القصائد على الطرقات
وبين الحكايا،
تقفز فوق الضلوع وتفتح أحضانها للتائهين
في المدن القديمة،
تتطاير الفتنة
وتنفلت أغانٍ مهووسة تختبئ فيها السواحل
يهبط السحاب منقاداً ويتناسل الشعر
في المدن القديمة أيضاً، يطير الهواء، تتراقص البيوت
تنفتح الأبواب والنوافذ ويتسع قلب العالم لأمثاله”.

ومن قصيدة تنحاز إلى المساحة المفتوحة بين الفلسفة والقصيدة، ألقت المعلا بالتعاقب مع المترجمة ماريا سامولاذا، قصيدة “بداية النهاية”:
“كل ما في الأمر
غياب
رحيل
فراق
دروب ترسم في العمر آثار الحقيقة،
ولهاث الوقت يحكي:
أن للشمس ذيولاً من ظلام
وللنور انطفاء
وللمطر دموعاً
وانتفاضات غيوم”.

وحول بداية تجربتها الشعرية، قالت الشاعرة خلود المعلا: “كتبتً الشعر في عمر صغير، فقد كانت أمي تكتب القصيدة باللهجة المحلية، وأتذكر أني حين كتبت أول قصيدة، ذهبتُ لأمي لأريها قصيدتي وأُفرحها، لكن أمي أوقفتني وقالت لي تمهلي، سنرى، وبعد أن قرأت والدتي القصيدة، قالت لي هذه آخر مرة تكتبين فيها القصيدة، فقلت لماذا، فأجابتني: لأن الشعر يتعب القلب”.

من جانبه، شارك علي الشعالي تجربته في تحول اللحظة الزمنية العابرة إلى مساحة تأمل ممتدة قابلة لحمل مفاهيم عميقة، ولها القدرة على تكثيف الحياة كاملة في لقطة واحدة، تقول ما لا يراه المسرعون والمنشغلون، حيث قرأ قصيدة “نارنج”، قال فيها:
“فنجان داكن..
فنجانان اثنان،
ها هي مسرحية الصباح
تبدأ من جديد.

قطار يحرث رأسي،
يُفرغ رئتيه بعويل ناعم،
قطار قديم
فاتته المواعيد كلها،
وآخر ينتظر العبور.

لِخطى عاشقيْن
تاها عن المرافئ
ينهشم الورق،
حوت هذا الممرّ،
لا ينتهي حتى يبدأ،
ظِلّه مثقّب بأصابع الشمس”.

وحول التحديات التي تواجه الشعراء المعاصرين، قال الشعالي: “الشعر مبجل في ثقافتنا، فإن لم تكن تكتب، فأنت تحفظ، أو تقرأ، ومع الوقت، اكتشفتُ أن الإبداع الحقيقي لا يتجلى إلا إذا انتقل من دائرة الهامش إلى المركز، والكتابة ليست مجدية بالمعنى الاقتصادي؛ فإما أن يأخذ الشاعر الإبداع على محمل الجد ويكون هو مركز اهتمامه، وإما أن يظل هواية، وحينها لن يكون هذا الشاعر صاحب مشروع”.

بدوره، قال إبراهيم الهاشمي، حول بدايته في كتابة الشعر: “المرأة سيدة الشعر، وأنا أخذت الشعر من أمي على الرغم من أنها لم تكن تكتب الشعر، ولكني تعلمت الشعر منها، وزوجتي شاعرة، ولا شيء أجمل من أن تكون شاعراً وتكون زوجتك شاعرة”.

وألقى الهاشمي قصيدة بعنوان “أنتِ” من مجموعته الشعرية “مَسْ”:
“أنتِ
يا أنت
يا فاتحة الأمكنة
والمواقيت تيه يديك..
لأجلك جئت أول هذا الرحيل
كتبت القصائد
لتستفئ فيك
تجتبي الوجد منك
ترنيمتها القادمة
وخلفت قلبي لديكِ
موعداً للهوى
والصبابة”.

من جهتها، تطرقت الكاتبة والمترجمة بيرسا كوموتس إلى تجربة ترجمة قصائد الشعراء المشاركين في الجلسة إلى اللغة اليونانية، لافتة إلى أهمية فهم النص، والايحاءات، وقراءة ما بين السطور، وتقمّص روح الشاعر، وفهم الأسباب التي تدفعه للكتابة، أما موضوع اللغة، فهو آخر ما يفكر فيه مترجم الشعر.

يشار إلى الشارقة تحل أول ضيف شرف عربي على “معرض سالونيك الدولي للكتاب”، ويأتي اختيارها لهذا اللقب تقديراً لمساهمتها في النهوض بواقع الثقافة العربية والعالمية، ودورها في دعم مسار التنمية القائمة على الاستثمار بمقومات المعرفة من مؤلفين، وناشرين، ومترجمين، وفنانين، ومكتبات، ومؤسسات، وهيئات ثقافية، وتنظم الشارقة خلال مشاركتها في المهرجان سلسلة فعاليات ثقافية وإبداعية وعروضاً فنية تجسد ثراء الثقافة المحلية والعربية أمام جمهور المعرض من اليونان وكافة أنحاء العالم.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

قلعة تل الخروبة في سيناء.. كشف أثري فريد يعيد رسم خريطة القوة العسكرية لمصر القديمة

في اكتشاف أثري استثنائي يضاف إلى سجل الإنجازات المصرية في كشف أسرار الحضارة القديمة، أعلنت البعثة الأثرية العاملة في تل الخروبة بشمال سيناء عن العثور على قلعة عسكرية ضخمة تعود إلى عصر الدولة الحديثة، في موقع استراتيجي يمثل البوابة الشرقية لمصر. 

ويعد هذا الكشف أحد أهم الاكتشافات العسكرية في السنوات الأخيرة، إذ يسلط الضوء على الدور المحوري الذي لعبته سيناء عبر العصور كخط الدفاع الأول عن أرض مصر، وحصنها المتقدم في مواجهة الأخطار القادمة من الشرق.

ويحمل هذا الكشف قيمة تاريخية وعسكرية استثنائية، فهو لا يبرز فقط براعة المصريين القدماء في فنون المعمار الحربي، بل يؤكد أيضًا قدرتهم الفائقة على دمج الهندسة الدفاعية المتطورة بالتنظيم العسكري المحكم، لحماية حدود دولتهم وتأمين طرقهم التجارية والعسكرية. 

ويكشف تصميم القلعة المكتشفة، بما يتضمنه من تحصينات وأسوار متقدمة، عن فكر استراتيجي سبق عصره، ويعكس كيف كانت مصر القديمة تدير شؤونها الأمنية والعسكرية بمنهجية علمية دقيقة.

كما يعيد هذا الكشف تسليط الضوء على الأهمية التاريخية لمنطقة شمال سيناء التي كانت عبر القرون مسرحًا للأحداث الكبرى.

تل الخروبة .. اكتشاف قلعة عسكرية ضخمة بسيناء يُعيد رسم خريطة التاريخ العسكري لمصر القديمة


قال عالم الآثار المصري الكبير الدكتور حسين عبد البصير، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد تعليقًا على الكشف الأثري الجديد في تل الخروبة بشمال سيناء: "إن اكتشاف هذه القلعة العسكرية الضخمة من عصر الدولة الحديثة يمثل إنجازًا أثريًا وتاريخيًا فريدًا، يعيد إلى الذاكرة الدور الاستراتيجي العظيم الذي لعبته سيناء عبر التاريخ المصري القديم، باعتبارها الحارس الأمين على بوابة مصر الشرقية، وخط الدفاع الأول عن أرضها المقدسة."

وأضاف الدكتور عبد البصير أن هذا الكشف يؤكد أن المصريين القدماء لم يكونوا فقط عباقرة في بناء المعابد والمقابر التي تمجّد الحياة الآخرة، بل كانوا أيضًا روادًا في التنظيم العسكري والهندسة الدفاعية؛ إذ شيّدوا منظومة متكاملة من القلاع والحصون والتحصينات على امتداد طريق حورس الحربي لتأمين حدود البلاد وطرقها التجارية والعسكرية.

وأوضح أن تصميم القلعة الجديدة يعكس عبقرية هندسية راقية، لا سيما في السور المتعرج (الزجزاجي) والبرج الدفاعي الكبير والمدخل الفرعي المحصن، وهي عناصر معمارية متطورة سبقت زمانها، وتُظهر كيف كان المصري القديم قادرًا على دمج العلم بالفن في خدمة الأمن القومي.

وأشار إلى أن العثور على ودائع الأساس المختومة باسم الملك تحتمس الأول يمنح الاكتشاف بُعدًا تاريخيًا مهمًا، إذ يرجع بناء القلعة إلى بدايات الأسرة الثامنة عشرة، وهي المرحلة التي شهدت بزوغ الإمبراطورية المصرية خارج حدودها التقليدية.
وأضاف أن وجود فرن للخبز وكميات من العجين المتحجر يفتح نافذة على الحياة اليومية داخل القلعة، ويجعلنا نرى الجنود المصريين ليس فقط كمقاتلين، بل كبشر يعيشون ويأكلون ويؤدون واجبهم في ظروف قاسية، بإيمان عميق بحماية الوطن.

وتابع الدكتور عبد البصير قائلًا: "هذا الكشف يعيد التأكيد على أن مصر القديمة كانت دولة مؤسسات منظمة، تقوم على الفكر والتخطيط والعلم، وأن الجيش المصري لم يكن مجرد قوة حرب، بل مدرسة في الإدارة والانضباط. فكل حجر في هذه القلعة يحكي قصة وطنٍ آمنٍ حدوده بعلمه وإرادته قبل سلاحه."

وختم تصريحه قائلًا: "نحن أمام اكتشاف يُضاف إلى سجل عظمة الحضارة المصريةالتي لم تترك شبرًا من أرضها إلا ووضعت فيه بصمة من حضارتها وعبقريتها. سيناء اليوم، كما كانت بالأمس، تواصل كشف أسرارهالتقول للعالم إن مصر كانت وستظل قلعة التاريخ والحضارة والدفاع عن الإنسانية."

طباعة شارك قلعة عسكرية الحضارة القديمة تل الخروبة الاكتشافات العسكرية سيناء المصريين القدماء

مقالات مشابهة

  • سجادة الصلاة.. «لطيفة» تكشف سر نضارتها دون عمليات تجميل
  • رئيس وزراء اليونان يعلن مشاركة بلاده في قمة شرم الشيخ للسلام
  • قلعة تل الخروبة في سيناء.. كشف أثري فريد يعيد رسم خريطة القوة العسكرية لمصر القديمة
  • سلمتها امرأة ألمانية سرقتها قبل نصف قرن.. اليونان تستعيد قطعة أثرية
  • مفيدة شيحة: آخر مرة سمعت عن بيت الطاعة كانت في الأفلام الأبيض والأسود القديمة
  • سكاف: هناك شيء ما يُحضر من خلال كثافة المسيّرات التي تجول في سماء لبنان
  • الليلة.. انطلاق أولى حلقات مسلسل لينك على شاشة DMC
  • حفل زفاف أحمد جمال وفرح الموجي قريبا.. تفاصيل
  • المدن التي دمرتها الحروب حول العالم.. غزة في المقدمة
  • فرح وحنين وخوف.. هكذا تختلط مشاعر الغزيين في طريق عودتهم لبيوتهم