لماذا أنا من بين الملايين؟
#ماجد_دودين
أعلمُ يا ابنَ آدم أنّ القلق والهمّ والغمّ ومرادفاتها ثقيلة على قلبك، وأنت الذي لا تملك من تدبير الأمر شيء…
أعلمُ أنّ هذه المشاعر تحرمك راحة البال، تذكّر فقط تلك الأيام التي ظننت أنها لن تمضي وتنقضي… ومع ذلك مضت وانقضت وانتهت بسلام بفضل الله تعالى، أرجو أن تستبشر خيرًا وأن تتفاءل.
وقد يخطر في بالك السؤال الذي تهمس به لنفسك مع إيمانك بالقضاء والقدر: لماذا أنا يا رب من بين ملايين البشر؟
والجواب عن هذا السؤال قول الحبيب صلى الله عليه وسلّم:
(إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم، فمَن رَضي فله الرِّضَى، ومَن سخِط فله السَّخطُ)
مِن حِكمةِ اللهِ تعالى أنَّه يَبتلِي عِبادَه ويختبرُهم؛ ليَعلمَ المؤمِنَ المطيع الراضي من العاصي الساخط، والبلاءُ يَكونُ بالسَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “إنَّ عِظَمَ الجَزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ”، أي: كلَّما كَثُر وزاد البلاءُ زادَتِ الحسَناتُ في مُقابِلِ ذلك، ثمَّ بيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أسبابَ البَلاءِ، وأنَّها دَليلُ خيرٍ، إنْ قُوبِلَت بالرِّضا، فقال: “وإنَّ اللهَ إذا أحَبَّ قومًا ابتَلاهم”، أي: اختَبرهم بالمِحَنِ والمصائبِ، “فمَن رَضِي فله الرِّضا”، أي: مَن قابَل هذه البلايا بالرِّضا، فسيَرْضى اللهُ سبحانه وتعالى عنه، ويَجْزيه الخيرَ والأجْرَ في الآخِرَةِ، وقد يُفهَمُ منه أنَّ رِضا اللهِ تعالى مَسبوقٌ برِضا العبدِ، ومُحالٌ أن يَرضى العبدُ عن اللهِ إلَّا بعد رِضا اللهِ عنه، كما قال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119]، ومحالٌ أن يَحصُلَ رِضا اللهِ ولا يَحصُلَ رِضا العبدِ في الآخِرةِ، كما قال تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27، 28]؛ فعَن اللهِ الرِّضا أزَلًا وأبدًا، سابقًا ولاحقًا.
“ومَن سَخِط فله السُّخطُ”، أي: مَن قابَل هذه البلايا بعَدَمِ الرِّضا؛ مِن كُرهٍ لوُقوعِها وسَخَطٍ، فإنَّه يُقابَلُ بمِثلِ ذلك، وهو أن يَغضَبَ اللهُ عليه، فلا يَرضَى عنه، وله العِقابُ في الآخرةِ؛ وذلك أنَّ المصائِبَ والعِللَ والأمراضَ كفَّاراتٌ لأهلِ الإيمانِ، وعُقوباتٌ يُمحِّصُ اللهُ بها مَن شاء مِنهم في الدُّنيا؛ لِيَلقَوْه مُطهَّرين مِن دنَسِ الذُّنوبِ في الآخرةِ، وهي لأهلِ العِصْيانِ كُروبٌ وشَدائِدُ وعذابٌ في الدُّنيا، ومع عدَمِ رِضَاهُم وتَسليمِهم لقضاءِ اللهِ فلا يكونُ لهم أجرٌ في الآخرةِ.
وفي حديث آخر يقول الحبيب صلى الله عليه وسلّم:( مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُصِبْ منه.) رواه البخاري
تفَضَّل اللهُ سُبحانَه على عبادِه المؤمِنين بأسبابٍ كثيرةٍ لتكفيرِ الذُّنوبِ ورَفعِ الدَّرَجاتِ.
وفي هذا الحَديثِ بُشرَى عَظيمةٌ لكلِّ مَؤمنٍ، وتَعزيةٌ له فيما أصابَه؛ فقدْ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا، يُصِبْ مِنْهُ»، وقولُه: «يُصِب» رُوِي بوجْهَينِ: بكسر الصَّاد «يُصِب»، وفتْحِها «يُصَب»، وكلاهما صَحيحٌ، ومعنَى «يُصِب» بالكَسرِ: أنَّ اللهَ تعالَى يُقدِّرُ عليه المصائبَ حتَّى يَبتليَه بها؛ أيْصبِرُ أمْ يَضجَرُ؟ ومعنَى «يُصَب منه» بالفَتْحِ: أنَّه يُنالُ منه ولم يُسمَّ الفاعِلُ هنا مِن بابِ مراعاةِ الأدبِ مع الله تعالَى؛ كما في قولِه تعالَى عن خَليلِه إبراهيمَ عليه السَّلامُ أنَّه قالَ: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينَ} [الشعراء: 80]، حيث لم يَنسُبْ المَرضَ إلى اللهِ تعالَى بينما نسَب الشِّفاءَ إليه، مع أنَّه هو سُبحانَه الذي يُقدِّر الكُلَّ.
والمصيبةُ: اسمٌ لكُلِّ مكروهٍ يصيبُ أحدًا، وإنَّما كانتِ المُصيبةُ خَيرًا؛ لِما فيها مِن اللُّجوء إلى المَولى عزَّ وجلَّ، ولِما فيها مِن تَكفيرِ السيِّئات أو تَحصيلِ الحَسناتِ، أو هما جميعًا. وقد قال تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، ومعناه أنَّ المسلِمَ يُجزى بمصائِبِ الدُّنيا، فتكونُ له كَفَّارةً؛ فعلى المسلِمِ أن يصبرَ على المصائِبِ ولا يجزَعَ؛ حتى ينالَ الفَضْلَ من اللهِ برَفعِ دَرَجاتِه وتكفيرِ ذُنوبِه.
لماذا أنا؟
لأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وإذا أحب عبداً اختبره فإن صبر فاز بحب الله وأفرحه الله برضاه، وما يبتلي الله عبدًا مؤمنًا إلا ليكفر عنه سيئاته أو ليقربه منه، لعل الله يريدك أن تتلذذ بالمناجاة، أن تستعين به دائماً، أن تربط قلبك بالخالق لا بالمخلوق، أن تعتاد الشكوى له لا لغيره، لعل الله يريد أن يرفعك منازلاً في الجنة لا تستطيع أن تصل إليها بعملك ولو كنت تصوم النهار وتقوم الليل، وتطعم الفقراء والمساكين، لعل الله يريد أن يرحمك غدًا عندما تشتد أهوال يوم القيامة، تبحث عن الحسنة الواحدة من أمك وأبيك فإذا بصحيفتك بيضاء بسبب ابتلاءات، قد مرت عليك في الدنيا فنسيتها ولكن الله لم ينسها لك، لعل الله يبتليك لأنه يحبك.
وقد يسأل سائل: ما هي الحكمة من الابتلاء؟
والجواب أنّ للابتلاء حكم عظيمة منها:
تحقيق العبودية لله رب العالمينفإن كثيراً من الناس عبدٌ لهواه وليس عبداً لله، يعلن أنه عبد لله، ولكن إذا ابتلي نكص على عقبيه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) الحج/11 .
الابتلاء إعداد للمؤمنين للتمكين في الأرضقيل للإمام الشافعي رحمه الله: أَيّهما أَفضل: الصَّبر أو المِحنة أو التَّمكين؟ فقال: التَّمكين درجة الأنبياء، ولا يكون التَّمكين إلا بعد المحنة، فإذا امتحن صبر، وإذا صبر مكن.
كفارة للذنوبروى الترمذي (2399) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه، وولده، وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة) رواه الترمذي (2399) وصححه الألباني في “السلسلة الصحيحة” (2280).
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). رواه الترمذي (2396) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1220).
حصول الأجر ورفعة الدرجاتروى مسلم (2572) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً).
الابتلاء فرصة للتفكير في العيوب، عيوب النفس وأخطاء المرحلة الماضيةلأنه إن كان عقوبة فأين الخطأ؟
البلاء درسٌ من دروس التوحيد والإيمان والتوكليطلعك عمليّاً على حقيقة نفسك لتعلم أنك عبد ضعيف، لا حول لك ولا قوة إلا بربك، فتتوكل عليه حق التوكل، وتلجأ إليه حق اللجوء، حينها يسقط الجاه والتيه والخيلاء، والعجب والغرور والغفلة، وتفهم أنك مسكين يلوذ بمولاه، وضعيف يلجأ إلى القوي العزيز سبحانه.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا ، والله سبحانه إذا أراد بعبد خيراً سقاه دواء من الابتلاء والامتحان على قدر حاله ، يستفرغ به من الأدواء المهلكة ، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه: أهَّله لأشرف مراتب الدنيا ، وهي عبوديته ، وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه “. زاد المعاد ” (4 / 195).
الابتلاء يخرج العجب من النفوس ويجعلها أقرب إلى الله.قال ابن حجر: ” قَوْله: (وَيَوْم حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتكُمْ) عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس قَالَ: قَالَ رَجُل يَوْم حُنَيْنٍ: لَنْ نُغْلَب الْيَوْم مِنْ قِلَّة، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ الْهَزِيمَة.. “
قال ابن القيم زاد المعاد (3/477):”واقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة والكسرة مع كثرة عَدَدِهم وعُدَدِهم وقوة شوكتهم ليضع رؤوسا رفعت بالفتح ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله واضعا رأسه منحنيا على فرسه حتى إن ذقنه تكاد تمس سرجه تواضعا لربه وخضوعا لعظمته واستكانة لعزته “.
وقال الله تعالى: (وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) آل عمران/141 .
قال القاسمي (4/239):
” أي لينقّيهم ويخلّصهم من الذنوب ، ومن آفات النفوس. وأيضاً فإنه خلصهم ومحصهم من المنافقين، فتميزوا منهم. ………ثم ذكر حكمة أخرى وهي (ويمحق الكافرين) أي يهلكهم، فإنهم إذا ظفروا بَغَوا وبطروا، فيكون ذلك سبب دمارهم وهلاكهم، إذ جرت سنّة الله تعالى إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم قيّض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم، ومن أعظمها بعد كفرهم بغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه ومحاربتهم وقتالهم والتسليط عليهم … وقد محق الله الذي حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأصروا على الكفر جميعاً “.
إظهار حقائق الناس ومعادنهم. فهناك ناس لا يعرف فضلهم إلا في المحن.قال الفضيل بن عياض: ” الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم بلاء صاروا إلى حقائقهم؛ فصار المؤمن إلى إيمانه، وصار المنافق إلى نفاقه “.
ورَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي “الدَّلائِل” عَنْ أَبِي سَلَمَة قَالَ: اُفْتُتِنَ نَاس كَثِير – يَعْنِي عَقِب الإِسْرَاء – فَجَاءَ نَاس إِلَى أَبِي بَكْر فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ: أَشْهَد أَنَّهُ صَادِق. فَقَالُوا: وَتُصَدِّقهُ بِأَنَّهُ أَتَى الشَّام فِي لَيْلَة وَاحِدَة ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة؟ قَالَ نَعَمْ، إِنِّي أُصَدِّقهُ بِأَبْعَد مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقهُ بِخَبَرِ السَّمَاء، قَالَ: فَسُمِّيَ بِذَلِكَ الصِّدِّيق.
الابتلاء يربي الرجال ويعدهملقد اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم العيش الشديد الذي تتخلله الشدائد، منذ صغره ليعده للمهمة العظمى التي تنتظره والتي لا يمكن أن يصبر عليها إلا أشداء الرجال، الذين عركتهم الشدائد فصمدوا لها، وابتلوا بالمصائب فصبروا عليها.
نشأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتيماً ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى ماتت أمه أيضاً.
والله سبحانه وتعالى يُذكّر النبي صلّى اللّه عليه وآله بهذا فيقول: (ألم يجدك يتيماً فآوى).
فكأن الله تعالى أرد إعداد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تحمل المسئولية ومعاناة الشدائد من صغره.
10- ومن حكم هذه الابتلاءات والشدائد: أن الإنسان يميز بين الأصدقاء الحقيقيين وأصدقاء المصلحة
كما قال الشاعر:
جزى الله الشدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقـي
وما شكري لها إلا لأني عرفت بها عدوي من صديقي
11- الابتلاء يذكرك بذنوبك لتتوب منها: والله عز وجل يقول: (وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيئَةٍ فَمِن نفسِكَ) النساء/79، ويقول سبحانه: (وَمَا أَصابَكُم من مصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُوا عَن كَثِيرٍ) الشورى/30 .
فالبلاء فرصة للتوبة قبل أن يحل العذاب الأكبر يوم القيامة؛ فإنَّ الله تعالى يقول: (وَلَنُذِيقَنهُم منَ العَذَابِ الأدنَى دُونَ العَذَابِ الأكبَرِ لَعَلهُم يَرجِعُونَ) السجدة/21، والعذاب الأدنى هو نكد الدنيا ونغصها وما يصيب الإنسان من سوء وشر.
وإذا استمرت الحياة هانئة، فسوف يصل الإنسان إلى مرحلة الغرور والكبر ويظن نفسه مستغنياً عن الله، فمن رحمته سبحانه أن يبتلي الإنسان حتى يعود إليه.
12- الابتلاء يكشف لك حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور
وأن الحياة الصحيحة الكاملة وراء هذه الدنيا، في حياة لا مرض فيها ولا تعب (وَإِن الدارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الحَيَوَانُ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ) العنكبوت/64، أما هذه الدنيا فنكد وتعب وهمٌّ: (لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ) البلد/4 .
13- الابتلاء يذكرك بفضل نعمة الله عليك بالصحة والعافية
فإنَّ هذه المصيبة تشرح لك بأبلغ بيان معنى الصحة والعافية التي كنت تمتعت بهما سنين طويلة، ولم تتذوق حلاوتهما، ولم تقدِّرهما حق قدرهما.
المصائب تذكرك بالمنعِم والنعم، فتكون سبباً في شكر الله سبحانه على نعمته وحمده.
14- الشوق إلى الجنة: لن تشتاق إلى الجنة إلا إذا ذقت مرارة الدنيا، فكيف تشتاق للجنة وأنت هانئ في الدنيا؟
فهذه بعض الحكم والمصالح المترتبة على حصول الابتلاء وحكمة الله تعالى أعظم وأجل.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ماجد دودين صلى الله علیه وسل ى الله علیه وسل الله تعالى لماذا أنا لعل الله النبی ص فی الآخ فی الد ه تعال تعال ى ل الله ن الله الآخ ر
إقرأ أيضاً:
فتاوى وأحكام| حكم الصلاة بسرعة للرد على التليفون.. حكم قول رزق الهبل على المجانين
فتاوى وأحكامحكم الصلاة بسرعة للرد على التليفون.. القطع في حالة واحدة
حكم قول رزق الهبل على المجانين
احذر من عمل يقع فيه البعض عواقبه وخيمة
كيف تعوض ما فاتك من الحسنات؟
مدى صحة مقولة اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه
فى البداية، ورد سؤال مضمونة:" حكم الصلاة بسرعة للرد على التليفون؟ لا يجوز للمسلم أن يسرع في صلاته إسراعا يخل بأركان الصلاة من طمأنينة واعتدال، سواء كان ذلك لأجل إدراك مكالمة الهاتف أم لا، أما إذا أسرع إسراعا لا يخل بأركان الصلاة فإن ذلك جائز، ولا سيما إذا كان لحاجة.
وأجاب الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو هيئة كبار العلماء، قائلاً إنه يجوز في الضرورة القصوى التي لا تحتمل الانتظار للانتهاء من الصلاة، ويترتب عليها ضرر جسيم لا يمكن تداركه فيما بعد.
وشدد على أنه لا يجوز قطع الصلاة للرد على الهاتف، أو قطعها للرد على الزوجة أو الصديق، مظنةً أن يكون هناك أمر ما، أما إذا تيقن أن الأمر مهم وربما فيه دفع الأذى عن البعض قطع الصلاة ويعيدها بعد الرد على الهاتف مرة أخرى.
وشدد على أن المصلي واقف بين يدي الله، فلا ينصرف منها إلا لدفع الأذى عن نفسه أو غيره، مطالبًا المسلمين بالحفاظ على الصلوات وأن يتقوا الله تعالى.
وهناك كثير من الأمثال الشعبية التى اشتهرت فى المجتمع المصرى، وتوارثت من جيل إلى جيل تتردد على الألسنة دون فهم معناها الحقيقى، مثل “رزق الهبل على المجانين” التي يرددها الكثير، وهذا لتعلقهم الشديد بلطف الله تعالى وكرمه بهم.
فعوام المصريين عندما يرددون هذه الجملة هم يؤكدون للناس مدى ثقتهم فى خالقهم الذى يرزقهم حتى وإن كان الشخص ليس لديه عقل ليكسب قوت يومه فإن جميع الحسابات تسقط أمام حكمة الله تعالى وسعة خزائنة، هكذا قال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى ومدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، مستشهدا بقوله تعالى: « إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ».
وأضاف «الوردانى»، أنه ليس معنى «رزق الهبل على المجانين» أن الإنسان هو الذى يرزق غيره وإنما جعله الله تعالى سببا ليكون رزقا للآخرين.
فمفاتيح الرزق كلها بيد الله سبحانه وتعالى يضع الأرزاق ويصرفها حيث يشاء وسبحانه من يسير السحب فتظلل مكانا لكنها لم يؤذون لها من الله حتى تمطر فى هذا المكان فيرسلها إلى مكان آخر لتمطر كل ذلك عن حكمة وإحاطة لا حد لها.
وعلينا أن نعلم أن مسألة الرزق لا تختزل فى المال فقط وإنما الصحة رزق والولد رزق والعلم رزق وأمور كثيرة يتكامل بها البشر فيها دليل واضح على عدل المولى سبحانه وتعالى.
وبين أمين الفتوى ومدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، أن المصريين عندما يقولون جملة «يا مستعجل عطلك الله» لم يقصدوا بها إنساب الضر إلى الله تعالى أو الإساءة إليه سبحانه بل يقصدون منها أن على الإنسان ألا يتسرع فى أمور حياته، لأن كل شىء مكتوب وقته عند الله والاستعجال لن يغير ما كتبه تعالى على الإنسان.
وأشار إلى أن المصريين بهذه المقولة يعيشون بسنة نبينا محمد –صلى الله عليه وسلم- وذلك عندما قال فى الحديث الشريف: «التَّأَنِّي مِنَ اللَّهِ وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ»، منوهاً أن الناس أرادوا أن يلفتوا انتباه من حولهم بأنه إذا أخرك الله عن فعل شىء فإنه يفعل ذلك لينجيك من الشر والسوء عملاً بقوله تعالى: «وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا».
وأكد أمين الفتوى ومدير إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، أن المصريين عندما يقولون الجملة السابقة فهم يغرسون بها داخل نفوس الناس معنى: «أنه لا يكون فى كونه تعالى إلا ما أراد».
حذرت دار الإفتاء المصرية، من فعل يقوم به البعض، ربما بقصد أو دون قصد، ولكن عواقبه وخيمة.
وقالت دار الإفتاء، فى منشور لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن إقدام بعض الأفراد على اقتحام الحياة الخاصة للغير دون علمهم، وكشف الستر بتتبع العورات عنهم بطرق مختلفة؛ مثل: تصويرهم بأدوات التقنية الحديثة، أو التلصص البصري، أو استراق السمع، أو غير ذلك من الطرق، ونشرها على منصات الإعلام الرقمي، أو مواقع التواصل الاجتماعي، أو غير ذلك؛ يعدُّ تتبعًا للعورات الواجب سترها، وانتهاكًا للحُرُمات الواجب صونها، وفضحًا للمستورات الواجب حفظها، وكلها أفعالٌ مستقبحةٌ لدى العقلاء عُرفًا، ومحرمةٌ شرعًا، ومحظورةٌ قانونًا، وموجِبةٌ للإثم والعقوبة الرادعة؛ وعلى الإنسان أن ينأى بنفسه عن الوقوع في هذه المهلكات؛ أمانًا لنفسه، وصونًا لمجتمعه ووطنه.
وقال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن تتبع عورات الآخرين من الأخلاق السيئة والأمور المحرمة التي تزرع الأحقاد في النفوس وتُشيع الفساد في المجتمع.
وأضاف “الورداني” أنه بدلا “من أن تكشف سرك؛ تكلم وتحاور مع أهل بيتك، أو هناك حل آخر، وهو عندما تشعر أنك تريد أن تحكي أسرارك؛ دونها في مذكرة، حاول أن تكون صاحب حكمة، وكن حريصا على ألا يطَّلع أحد على هذا الكلام الذي دونته”.
وتابع: "من كان حريصا على أن يسمع ويتتبع عورات الآخرين تحدث له ثلاث مصائب، وهي:
الأولى: بدلا من أن يغير من نفسه للأفضل تأتي نفسه الأمارة بالسوء وتجعله يتتبع أسرار الآخرين حتى تهون عليه بلوته، ولكن ستزيد عليه نكبته وسيكون كسولا أن يغير من نفسه شيئا.
الثانية: أكثر أمر يمحق البركة فى الحياة؛ هو تتبع عورات الآخرين لأنه يشعر أن المجتمع ملوث مثله.
أما المصيبة الثالثة: أنه يهون عليه سره فيقول “ما كل الناس بتحكي أسرارها”، فهو بذلك يكشف ستر الله عليه".
والدليل على ذلك حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته».
أجاب الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، عن سؤال يرد إليه كثيرًا مضمونة: “ كيف تعوض ما فاتك من حسنات؟”.
ورد مرزوق، موضحًا: أن أعظم ما يعوض به المسلم ما فاته من الحسنات أن يكثر من ذكر الله عز وجل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وقال العلامة ابن القيم عن ذلك الموضوع المهم ﺃﻥ ﺇﺩاﻣﺘﻪ - أي إدامة ذكر الله عز وجل - ﺗﻨﻮﺏ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮﻋﺎﺕ ﻭﺗﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ سواء كانت ﺑﺪﻧﻴﺔ، ﺃﻭ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻛﺤﺞ اﻟﺘﻄﻮﻉ.
ﻭﻗﺪ ﺟﺎء ﺫﻟﻚ ﺻﺮﻳﺤﺎ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ: «إﻥ ﻓﻘﺮاء المهاجرين ﺃﺗﻮا ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻟﻮا: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺫﻫﺐ ﺃﻫﻞ اﻟﺪﺛﻮﺭ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺎﺕ اﻟﻌﻠﻰ ﻭاﻟﻨﻌﻴﻢ ﻭاﻟﻤﻘﻴﻢ، ﻳﺼﻠﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻧﺼﻠﻲ، ﻭﻳﺼﻮﻣﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﻧﺼﻮﻡ، ﻭﻟﻬﻢ ﻓﻀﻞ ﺃﻣﻮاﻟﻬﻢ ﻳﺤﺠﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻭﻳﻌﺘﻤﺮﻭﻥ ﻭﻳﺠﺎﻫﺪﻭﻥ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻻ ﺃﻋﻠﻤﻜﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﺗﺪﺭﻛﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻜﻢ، ﻭﺗﺴﺒﻘﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻛﻢ، ﻭﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻜﻢ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﺘﻢ؟ ﻗﺎﻟﻮا: ﺑﻠﻰ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺗﺴﺒﺤﻮﻥ ﻭﺗﺤﻤﺪﻭﻥ ﻭﺗﻜﺒﺮﻭﻥ ﺧﻠﻒ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ ..اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻓﺠﻌﻞ اﻟﺬﻛﺮ ﻋﻮﺿﺎ ﻟﻬﻢ ﻋﻤﺎ ﻓﺎﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺞ ﻭاﻟﻌﻤﺮﺓ ﻭاﻟﺠﻬﺎﺩ، ﻭﺃﺧﺒﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺴﺒﻘﻮﻧﻬﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﺬﻛﺮ، ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻤﻊ ﺃﻫﻞ اﻟﺪﺛﻮﺭ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﻪ، ﻓﺎﺯﺩاﺩﻭا ــ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﻗﺎﺗﻬﻢ ﻭﻋﺒﺎﺩﺗﻬﻢ ﺑﻤﺎﻟﻬﻢ ــ اﻟﺘﻌﺒﺪ ﺑﻬﺬا اﻟﺬﻛﺮ، ﻓﺤﺎﺯﻭا اﻟﻔﻀﻴﻠﺘﻴﻦ، ﻓﻨﻔﺴﻬﻢ اﻟﻔﻘﺮاء، ﻭﺃﺧﺒﺮﻭا ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﺷﺎﺭﻛﻮﻫﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻭاﻧﻔﺮﺩﻭا ﻟﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻗﺪﺭﺓ ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺫﻟﻚ ﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ ﻳﺆﺗﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء» .
ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺑﺴﺮ ﻗﺎﻝ: «ﺟﺎء ﺃﻋﺮاﺑﻲ ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻛﺜﺮﺕ ﻋﻠﻲ ﺧﻼﻝ اﻹﺳﻼﻡ ﻭﺷﺮاﺋﻌﻪ، ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ ﺑﺄﻣﺮ ﺟﺎﻣﻊ ﻳﻜﻔﻴﻨﻲ. ﻗﺎﻝ: ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﻝ: ﻭﻳﻜﻔﻴﻨﻲ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ: ﻧﻌﻢ، ﻭﻳﻔﻀﻞ ﻋﻨﻚ» ﻓﺪﻟﻪ اﻟﻨﺎﺻﺢ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻳﺒﻌﺜﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﺮاﺋﻊ اﻹﺳﻼﻡ ﻭاﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭاﻻﺳﺘﻜﺜﺎﺭ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﺈﻧﻪ ﺇﺫا اﺗﺨﺬ ﺫﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﺷﻌﺎﺭﻩ ﺃﺣﺒﻪ ﻭﺃﺣﺐ ﻣﺎ ﻳﺤﺐ، ﻓﻼ ﺷﻲء ﺃﺣﺐ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺮﺏ ﺑﺸﺮاﺋﻊ اﻹﺳﻼﻡ، ﻓﺪﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﺮاﺋﻊ اﻹﺳﻼﻡ ﻭﺗﺴﻬﻞ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﺫﻛﺮ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ .
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة: "انتشر بين الناس مقولة شهيرة، وهي: "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه"؛ فهل لهذه المقولة أصلٌ في الشرع الشريف؟".
لترد دار الإفتاء موضحة، أنَّه من علامات القبول التي وعد الله تعالى بها أولياءَه وأهلَ رضاه أن يجعل محبتهم في قلوب الناس؛ كما قال الله جل في علاه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96].
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: "يُحبُّهم ويحببهم" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، وهناد في "الزهد"، وابن أبي الدنيا في "الأولياء"، وقال مجاهد: "يُحبُّهم ويُحبِّبُهم إلى المؤمنين" أخرجه ابن أبي حاتم والطبري في "التفسير"، وفي لفظ للطبري: "يُحبُّهم ويُحبِّبُهم إلى خلقه".
وقال الأعمش: "المحبة في الدنيا" أخرجه الحافظ يحيى بن معين في "الجزء الثاني من فوائده".
وأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «إِذَا أحَبَّ اللهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ عليه السلام: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
تفسير قوله تعالى ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير
قال الإمام ابن هُبَيْرة في "الإفصاح عن معاني الصِّحَاح" (7/ 261-262، ط. دار الوطن): [في هذا الحديث مِن الفقه: أن الله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدًا أعلم كلَّ مَرْضِيٍّ عنه عنده سبحانه بحبه إياه؛ لئلا يتعرض واحدٌ منهم ببغض مَن يحبه الله، فيبدأ جل جلاله بإعلام جبريل ليكون جبريل موافقًا فيه محبةَ الله عز وجل، ولِيُعْلِمَ أهلَ السماء؛ ليكونوا عابدين لله بمحبة ذلك الإنسان متقربين إليه بحبه.
وقولُه: «ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ» يعني: أنه يقبله أهل الحق الذين يقبلون أمر الله سبحانه، وإنما يحب أولياءَ الله مَن يحبُّ اللهَ، فأما من يبغض الحق من أهل الأرض ويشنأ الإسلام والدين؛ فإنه يريد لكلِّ وليٍّ لله محبوبٍ عند الله مقتًا وبغضًا] اهـ.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمِقَةُ مِنَ اللهِ، وَالصِّيتُ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَوَاتِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَتَنْزِلُ لَهُ الْمِقَةُ فِي الْأَرْضِ» أخرجه الإمام أحمد وأبو يعلى والروياني في "مسانيدهم"، والفسوي في "مشيخته"، والطبراني في معجمَيه: "الكبير" و"الأوسط".والمِقَةُ: المحبة، ويَمِقُ: يحب.
وقال هَرِمُ بنُ حَيّان رضي الله عنه: "ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا أقبل الله بقلوب أهل الإيمان إليه؛ حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم"، قال قتادة: "أي والله؛ ودًّا في قلوب أهل الإيمان" أخرجهما الإمام البيهقي في "الزهد الكبير".