الاستثمار في البحوث والابتكار محور جوهري لمواجهة شح المياه والتصدي لأحد أبرز تحديات العصر
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
يشكّل الابتكار والبحوث محركاً أساسياً لتوفير حلول مستدامة وصديقة للبيئة لتوفير المياه الآمنة والنظيفة للجميع، خاصة المجتمعات الأكثر تضرراً، ودعم مواجهة تداعيات التغير المناخي والتحديات الناجمة عن استنزاف الموارد والزيادة السكانية حول العالم. ويعتبر شح المياه من أبرز الأزمات المتفاقمة المعيقة لتحقيق التنمية المستدامة، والهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي اعتمدتها الأمم المتحدة لعام 2030، وهو ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع.
وعملاً بتوجيهات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تعاونها مع شركائها لمواجهة تحدي ندرة المياه من أجل التنمية والسلام، وتعزيز ريادتها في تطوير واعتماد التقنيات المتقدمة لدعم التنمية الصناعية المستدامة. وتطلق دولة الإمارات المشاريع والبرامج والمحفزات النوعية المحلية والعالمية لتسريع نشر التقنيات الخضراء وتحقيق الحياد المناخي، ودعم الاستثمار في البحوث والابتكار، لإحداث تغيير إيجابي يضمن استدامة الموارد ومستقبل أكثر إشراقاً للأجيال الحالية والقادمة. وقد أثمرت مبادرات الدولة عن تقدم دولة الإمارات خمسة مراكز على المستوى الدولي في مجال التكنولوجيا والابتكار، حسب تقرير التكنولوجيا والابتكار 2023، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة تحت عنوان: (فتح نوافذ خضراء: فرص تكنولوجية لعالم منخفض الكربون)، ما يشكل ترسيخاً لمكانتها الدولية في مجال التكنولوجيا والابتكار.
ويمثل النمو الهائل الذي شهده تطور التكنولوجيا عالمياً خلال العقدين الماضيين، فرصة هائلة للمستثمرين لتسخير الابتكار وأحدث التقنيات الإحلالية لريادة صناعات المستقبل الصديقة للبيئة والمستدامة. وتعد جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه أحد أبرز المبادرات التي تتيح فرصة مثالية للمبتكرين والمستثمرين من مختلف أرجاء العالم لإنشاء مشاريع مبتكرة ومستدامة قائمة على تقنيات أكثر كفاءة وبتكلفة أقل في عدة بلدان، والوصول إلى عدد أكبر من المحتاجين والمستفيدين، والمساهمة في تحسين واقع المجتمعات والارتقاء بجودة الحياة في شتى المجالات.
وتسهم جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه التي أطلقها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وتشرف عليها مؤسسة “سقيا الإمارات” تحت مظلة مؤسسة “مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية”، في إيجاد حلول مستدامة لمشكلة شح المياه حول العالم وتوفير المياه الصالحة للشرب للمحرومين والمحتاجين والمنكوبين. وتهدف جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه والتي يبلغ إجمالي قيمة جوائزها مليون دولار أمريكي، إلى تكريم المؤسسات ومراكز البحوث والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم، ممن يطورون تقنيات ونماذج مبتكرة لإنتاج وتحلية وتنقية المياه باستخدام الطاقة المتجددة بهدف استحداث حلول لمشكلة شح المياه النظيفة التي تواجه المجتمعات الفقيرة والمنكوبة حول العالم.
وتدعم الجائزة مكانة دولة الإمارات وإمارة دبي بوصفها منصة محفزة للابتكار ووجهة للمبتكرين وحاضنة للمبدعين من جميع أنحاء العالم. وقد باتت الجائزة محط أنظار المؤسسات ومراكز البحوث والمبتكرين، ومنصة عالمية لتطوير حلول عملية ومستدامة لحل أزمة المياه العالمية باستخدام الطاقة المتجددة. وخلال الدورات الثلاث السابقة من الجائزة، تم تكريم 31 فائزاً من 22 دولة حول العالم لمشروعاتهم المبتكرة في مجال تحلية وتنقية المياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة التي تشمل: الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة الكتلة الحيوية، والطاقة المائية، والطاقة التناضحية، والطاقة الحرارية الأرضية.
وعلى غرار الدورات السابقة من الجائزة، تحظى الدورة الرابعة من جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه باهتمامٍ واسع من الشركات ومراكز البحوث والمؤسسات والمبتكرين. ونتطلع إلى تنفيذ المشاريع النوعية التي ستفوز في هذه الدورة، لترسيخ دور دولة الإمارات ومؤسسة “سقيا الإمارات” في التصدي لأحد أبرز تحديات العصر، وزرع المزيد من الأمل في بناء حياة أفضل لملايين البشر حول العالم.
إلى جانب ذلك، يعمل مركز البحوث والتطوير التابع لهيئة كهرباء ومياه دبي على تقييم وتطوير حلول مستدامة لتحلية المياه وتنقيتها باستخدام الطاقة الشمسية (بتقنية الألواح الكهروضوئية والتناضح العكسي والتناضح الأمامي)، واكتشاف وتقليل الفاقد من نقل المياه، والحد من استخدام الموارد عن طريق تقليل النفايات السائلة شديدة الملوحة. ويدعم المركز جهود الهيئة لتسخير أحدث التقنيات والممارسات العالمية لتعزيز أمن واستدامة المياه.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
مختصون: فجوة مخرجات التعليم والاعتماد الكبير على الوافدين من أبرز تحديات توظيف المواطنين
◄ تحديات الباحثين عن عمل تتطلب "حلولًا جرئية"
◄ مشاريع القيمة المحلية المضافة تفتح آفاقًا أوسع لفرص العمل
◄ دعوات بزيادة الاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية
◄ ضرورة اتباع "آليات مرنة" في التعمين تُراعي "خصوصية" كل قطاع
الرؤية- ريم الحامدية
مع تزايد الاهتمام بقضايا التوظيف وقلة فرص العمل، يُجمع خبراء على أن التعمين يمثل إحدى الركائز الأساسية لتعزيز المحتوى المحلي ودعم الاقتصاد الوطني وتمكين الكفاءات الوطنية، مشيرين إلى أنه رغم الجهود الحكومية والقطاع الخاص المتواصلة، ما يزال سوق العمل الوطني يواجه تحديات عدة، تستدعي البحث عن حلول شاملة ومتكاملة.
وناقش المختصون في مشروعات القيمة المحلية المضافة، عبر منصة "قيمة" على تطبيق التراسل الفوري "واتساب"، سياسات التعمين وأثرها على تعزيز المحتوى المحلي، مُسلطين الضوء على أبرز التحديات التي تواجه الباحثين عن العمل في السلطنة، والتي تتعلق بفجوة مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، والاعتماد الكبير على العمالة الوافدة، وقلة التنوع الاقتصادي.
وأشار المشاركون في هذا النقاش المفتوح إلى ضعف برامج التدريب والتأهيل الموجهة نحو الوظائف النوعية، وبطء نمو القطاعات التي تستوعب القوى العاملة الوطنية، إضافة إلى وجود وظائف حرجة لا تزال مهيمنة عليها العمالة الوافدة. ورصدت جريدة "الرؤية" هذه المناقشات الموسعة التي شهدت حضور عدد من الخبراء والمختصين في سوق العمل والمحتوى المحلي.
حوكمة التعليم
وأكد المختصون ضرورة مواءمة التعليم الجامعي والمهني مع متطلبات السوق عبر نظام حوكمة يشمل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة العمل، إلى جانب تحفيز الشباب على ريادة الأعمال وتمكينهم من خلال دعم المشاريع الصغيرة، وإلزام الشركات بخطط تعمين فعلية ضمن سياسات المحتوى المحلي مدعومة بمشاريع ذات عائد اقتصادي كافٍ.
وشملت الحلول المقترحة تقديم برامج تأهيل تخصصية سريعة مرتبطة مباشرة بالوظائف المتاحة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص تدريب وتوظيف حقيقية، بالإضافة إلى تطوير بيئة العمل في القطاع الخاص لتكون أكثر جذبًا للمواطنين. كما نوه المختصون إلى أهمية وضع خطة إحلال مدروسة تشمل إدراج تخصصات جديدة في الجامعات والكليات، ومتابعة التدريب أثناء الدراسة لضمان مصداقية وجودة التدريب العملي.
تحديات التعمين
ولفت النقاش إلى تحديات ملموسة تواجه التعمين مثل تهافت الشركات على جلب العمالة الوافدة دون الاهتمام بتوظيف العُمانيين بما يتناسب مع المخرجات التعليمية سنويًا، إضافة إلى تشريعات وشروط عمل قد تُعيق فرص المواطن، منها تحديد سن معين أو اشتراط شهادات تختلف بين العُماني والوافد، إلى جانب تفاوت في الرواتب رغم تساوي المؤهلات.
وأكد المختصون على فعالية نموذج "التدريب المقرون بالتوظيف" الذي نجح في توفير وظائف حقيقية مع تأهيل عملي على رأس العمل؛ مما أسهم في الإحلال التدريجي للعمالة الوافدة، مُستشهدين بنجاحات شركات مثل "تنمية نفط عُمان” التي خلقت آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة من خلال تبني سياسة المحتوى المحلي.
وأضافوا أن الغرامات المرتفعة تُعد أداة ضغط فعالة لإلزام الشركات بالالتزام بنسب التعمين، مُشددين على أن توطين الوظائف الناجح هو نظام مُتكامل يربط بين التعليم الجيد، الصناعة التنافسية، والسياسات الاقتصادية الذكية، مستفيدين من تجارب دول مثل كوريا الجنوبية التي استثمرت طويل الأمد في تطوير الكفاءات الوطنية.
قرارات جريئة
وفي الوقت نفسه، شدد المشاركون على أهمية اتخاذ قرارات جريئة ومدروسة للإحلال على المدى القصير مع تحمل التكلفة المصاحبة، والعمل على وضع استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز المقاومة الثقافية وتغيير الصورة النمطية لبعض المهن، وضمان رواتب تنافسية، وسد الفجوات المهارية عبر التدريب المُمَنهَج، إضافة إلى الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لاستشراف احتياجات السوق المستقبلية.
وتُعد الرقابة الصارمة على العقود وضمان تنفيذ نسب التعمين بشكل فعلي من أبرز التحديات، حيث ما يزال غياب التمكين الحقيقي للعُمانيين في المشاريع ملموسًا، ويُكتفى بتحقيق النسب رقميًا دون وجود أثر عملي حقيقي.
واختتم المختصون نقاشهم بالتأكيد على أهمية دعم الحاضنات وربطها باحتياجات المشاريع لتطوير مؤسسات عُمانية حقيقية، وتمكينها من المنافسة الفعلية في السوق المحلي؛ مما يفتح آفاقًا واعدة لتعزيز المحتوى المحلي وتحقيق التنمية المُستدامة.