تفاصيل جديدة حول تعقيدات جلسات التفاوض بين الحكومة وحركة الحلو في
تاريخ النشر: 20th, May 2024 GMT
بورتسودان: السوداني
علمت (السوداني)، أن سبب تعليق الاجتماع التشاوري في جوبا بين وفدي الحكومة والحركة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو؛ هو تمسك الحركة الشعبية بإيصال المساعدات لكل الولايات المتضررة من الحرب بما فيها دارفور والجزيرة، وأيضاً رفضها ما طرحه وفد الحكومة في ورقته إيقاف العدائيات من أجل إدخال المساعدات الإنسانية.
وعُلق الاجتماع اليوم الأحد، بين وفدي الطرفين دون التوصل لأي تفاهمات، وجمعت وساطة تقودها حكومة جوبا بين وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان ــ جناح الحلو، سكرتير عام الحركة عمار آمون والوفد الحكومي بقيادة وزير الدفاع الفريق يسن إبراهيم يس.
وأوضح مصدرٌ رفيعٌ لـ(السوداني)، أن الوفد الحكومي يريد أن يحصر دور الحركة بشأن المساعدات الإنسانية فقط في ولايات كردفان والنيل الأزرق، وألا يكون لها أي تدخل في ولايات أخرى، كما أنها ترى أنّ وقف العداءات لا يمكن أن يتم إلّا وفق تسوية سياسية شاملة، وأن إيصال المساعدات لا علاقة بوقف العدائيات.
وفي السياق، أعلن وزير الخارجية بدولة الجنوب رمضان عبد الله، الأمين العام للجنة الوساطة بجنوب السودان، الراعي الرسمي للمفاوضات بشأن الوضع الإنساني في ولايات جنوب وغرب كردفان والنيل الأزرق، أن الجلسة المشتركة التي عقدت ظهر اليوم هي آخر جلسات التشاور في الجولة الأولى إلى أن تعود الأطراف لمزيدٍ من التشاور والتباحث مع قيادتهم المختلفة حول طبيعة بعض القضايا الفنية التي أثيرت في الجلسات الماضية.
مشيراً إلى أنّ الوساطة ستعلن فى القريب العاجل عن موعد جديد بعد أن تسلم كل الأطراف رؤاها بشأن النقاط المتبانية.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
النفط يُحمى.. والشعب السوداني يترك للمجهول!
ابراهيم هباني
في السودان لا يحتاج المرء الى جهد كبير ليفهم ما الذي يجعل الاطراف المتحاربة تتفق بسرعة، وما الذي يجعلها تختلف حتى اخر مدى.
يكفي النظر الى ما جرى في هجليج، وما جرى قبله في الفاشر وبابنوسة، ليتضح ان اولويات الحرب لا علاقة لها بحياة الناس، بل بما فوق الارض وتحتها.
في هجليج، انسحب الجيش السوداني الى جنوب السودان، ودخلت قوات الدعم السريع الحقل بلا مقاومة كبيرة، ثم ظهر رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ليؤمن المنشاة الحيوية التي يعتمد عليها اقتصاد بلاده.
ولم يحتج الامر الى جولات تفاوض او بيانات مطولة. اتفاق سريع، وترتيبات واضحة، وهدوء مفاجئ. السبب بسيط: الحقل شريان لبلدين، وله وزن في حسابات دولية تتابع النفط اكثر مما تتابع الحرب.
لكن الصورة تختلف تماما عندما نعود الى الفاشر. المدينة عاشت اكثر من خمسمئة يوم تحت الحصار. 500 يوم من الجوع والانهيار، بلا انسحاب من هذا الطرف او ذاك، وبلا موافقة على مبادرة لتجنيبها الحرب. سقطت الفاشر لانها ليست هجليج. لا تملك بئرا، ولا انبوبا، ولا محطة معالجة. ولذلك بقيت خارج الحسابات.
وبابنوسة قصة اخرى من النوع نفسه. المدينة ظلت لما يقارب 680 يوما بين حصار واشتباكات وانقطاع، ثم سقطت نهائيا.
وخلال ذلك نزح منها ما لا يقل عن 45 الف شخص. ومع ذلك لم تعلن وساطة عاجلة، ولا ترتيبات لحماية المدنيين، ولا ما يشبه العجلة التي رأيناها في هجليج الغنية بالنفط!
بابنوسة، مثل الفاشر، لا تضخ نفطا، ولذلك لم تجد اهتماما كبيرا.
دولة جنوب السودان تحركت في هجليج لانها تعرف ان بقاءها الاقتصادي مرتبط بانبوب يمر عبر السودان.
والصين تراقب لان مصالحها القديمة في القطاع تجعل استقرار الحقول مسألة مهمة.
اما الاطراف السودانية، فاستجابت بسرعة نادرة عندما تعلق الامر بالبرميل، بينما بقيت المدن تنتظر نصيبا من العقل، او نصيبا من الرحمة.
المعادلة واضحة. عندما يهدد النفط، تبرم الترتيبات خلال ساعات. وعندما يهدد الناس، لا يحدث شيء. هجليج اخليت لانها مربحة. الفاشر وبابنوسة تركتا لان كلفتهما بشرية فقط.
والمؤسف ان هذا ليس تحليلا بقدر ما هو وصف مباشر لما حدث. برميل النفط حظي بحماية طارئة، بينما المدن السودانية حظيت بالصمت.
وفي نهاية المشهد، يبقى الشعب السوداني وحيدا، يواجه مصيره بلا وساطة تحميه، وبلا اتفاق ينقذه، وبلا جهة تضع حياته في اولوياتها.
هذه هي الحكاية، بلا تجميل. النفط يوقع له اتفاق سريع. الشعب ينتظر اتفاقا لم يأت بعد.
الوسومإبراهيم هباني