حرّكت إسرائيل، أمس (الثلاثاء)، «غرفة طوارئ حربية» تضم خبراء قانون ودبلوماسيين وسياسيين وجنرالات للرد على طلب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، على خلفية اتهامهما بالتورط في جرائم حرب بغزة.

لكنها لم تكتف بذلك، بل استنجدت أيضاً بدول حليفة كي تتجاهل مساعي مدعي «الجنائية»، كريم خان، لتوقيف كبار مسؤوليها، علماً أن اتهاماته تشمل أيضاً 3 من قادة «حماس».

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية تال هاينريتش: «ندعو دول العالم المتحضر والحر، الدول التي تحتقر الإرهابيين وكل من يدعمهم، إلى الوقوف إلى جانب إسرائيل. يجب أن تستنكروا هذه الخطوة صراحة». وأضافت: «عارضوا قرار المدعي العام وأعلنوا أنه حتى لو صدرت أوامر الاعتقال، فإنكم لا تنوون تنفيذها».

وجاء استنجاد إسرائيل بما وصفته بـ«العالم المتحضر» في وقت أعلنت الولايات المتحدة صراحة رفضها تحرك «الجنائية» ضد إسرائيل، وهو موقف تردد صداه لدى العديد من الدول الأوروبية.

كما وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيرا للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بعد طلبه رسميا إصدار مذكرة لاعتقاله ووزير دفاعه يوآف غالانت.

وقال نتنياهو حين سئل إن كانت لديه مخاوف بشأن السفر للخارج في ضوء خطوة المدعي العام للجنائية الدولية “لست قلقا بشأن السفر. لست قلقا مطلقا بشأن مكانتنا”.

وتابع في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء، أن “المدعي العام هو الذي عليه أن يقلق بشأن مكانته. إنه يحول الجنائية الدولية إلى مؤسسة منبوذة”.

من جانبه، قال غالانت في منشور على موقع إكس إن محاولة المدعي العام حرمان إسرائيل من الحق في الدفاع عن النفس وإطلاق سراح أسراها يتعين رفضها جملة وتفصيلا.

وكان المدعي العام للجنائية الدولية أكد في إعلانه المتلفز أمس أنه طلب إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت و3 من قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقال خان إنه بصرف النظر عن أي أهداف عسكرية تريد إسرائيل تحقيقها في غزة، يعتقد الادعاء أن وسائلها لتحقيقها “أي التسبب عمدا في الموت والمجاعة والمعاناة الكبيرة والإصابات الخطيرة لأجساد أو صحة السكان المدنيين، أعمال إجرامية”.

وتوالت ردود الفعل على إعلان مدعي الجنائية الدولية، حيث أعربت دول غربية عن استيائها.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال جلسة استماع بالكونغرس اليوم إن قرار المحكمة “خاطئ”، ويحبط الجهود التي تقوم بها الولايات المتحدة لإنهاء الصراع في غزة، حسب تعبيره.

وتابع أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يؤدي إلا إلى تعقيد احتمالات التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح الأسرى.

وأضاف بلينكن أن الإدارة الأميركية مستعدة للعمل مع الكونغرس “للتوصل إلى رد مناسب على قرار المحكمة”.

من جانب آخر، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن “الاتهامات التي وجهها المدعي العام للجنائية الدولية خطيرة ويجب إثباتها”.

وأضاف أن طلب المدعي العام إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة في حماس “أمر منطقي”، ولا يمكن مقارنتهم برئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع، حسب تعبيره.

وأعلنت بولندا موقفا مماثلا، إذ قال رئيس وزرائها دونالد توسك في مؤتمر صحفي إن “محاولة إظهار أن رئيس وزراء إسرائيل وقيادات المنظمات الإرهابية في كفة واحدة -وأيضا مشاركة مؤسسات دولية في هذا- أمر غير مقبول”.

النرويج ملتزمة بالقرار

وفي المقابل، قال وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي إن بلاده ملزمة باعتقال نتنياهو إذا زارها بعد صدور أمر اعتقال من قبل الجنائية الدولية.

في تلك الأثناء، أبدت لجنة من خبراء مستقلين -بينهم محامية حقوق الإنسان أمل كلوني- دعمها لقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

وقالت كلوني و5 خبراء آخرين -بينهم قاضيان سابقان في محاكم جنائية في لاهاي- إنهم اجتمعوا بناء على طلب من خان في يناير/كانون الثاني الماضي لتقييم المواد التي قدمها لهم وتقديم المشورة القانونية.

وفي تقرير نشر أمس الاثنين، قالوا إنهم أجروا “عملية مراجعة وتحليل واسعة النطاق”، شملت إفادات الشهود ومقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية الموثقة التي حصل عليها محققو المحكمة الجنائية الدولية.

وأكدت اللجنة أنها “مطمئنة بأن العملية عادلة ودقيقة ومستقلة، وطلبات المدعي العام لإصدار مذكرات الاعتقال تستند إلى القانون والوقائع”.

ومنذ أكثر من 7 أشهر يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي ما يصفها خبراء دوليون بأنها حرب إبادة على الفلسطينيين في غزة، حيث استشهد وأصيب عشرات الآلاف، أغلبهم أطفال ونساء، ودمرت قرابة 70% من البنية التحتية المدنية من منازل ومدارس ومستشفيات.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الجنائیة الدولیة المدعی العام

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تعلن الحرب على الأمم المتحدة وأمينها العام

في ظلال #طوفان_الأقصى “80”

#إسرائيل تعلن #الحرب على #الأمم_المتحدة وأمينها العام

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

لم تسلم الأمم المتحدة ولا أي مؤسسة دولية أو إقليمية، ولا أي شخصية أممية أو مستقلة، ولا أي هيئة قضائية أو قانونية، من ألسنة الإسرائيليين السليطة، ولا من انتقاداتهم الحادة، وتعليقاتهم اللاذعة، ولا من عنصريتهم المقيتة وفوقيتهم المريضة، التي جاراهم فيها الأمريكيون وسبقوهم إليها، وجندوا أنفسهم معهم ضدها، وتعهدوا بالدفاع عنهم في حضورهم ونيابةً عنهم في غيابهم، وتوجيه اللوم والاتهام، وفرض العقوبات والحصار على كل من يتجرأ برفع الصوت ضد “إسرائيل”، أو توجيه النقد إليها، أو التهديد بملاحقة قادتها ومحاكمة مسؤوليها، أو الشروع عملياً في إلقاء القبض على المتهمين بالتورط بتهم الإبادة الجماعية وارتكاب المجار والجرائم الدولية.

مقالات ذات صلة أرقام الحرب أخطر من صورها 2024/06/14

لا يخفي الإسرائيليون صدمتهم من التغيير العام في المزاج الدولي، والتحول السياسي اللافت لدى شعوب وسياسات دول العالم ضدهم لصالح الفلسطينيين، فقد صدمهم تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح العضوية الكاملة لدولة فلسطين، ومن قبل ساءهم اعتراف إسبانيا ودول أوروبية أخرى بالدولة الفلسطينية، واستعدادها للمشاركة إلى جانب جنوب أفريقيا في الدعوة المرفوعة ضدهم أمام المحكمة الدولية، التي أعلنوا عدم اعترافهم بها، وعدم احترامهم لقرارتها، وشنوا عليها عملية تشويه واسعة، واتهموها بالانحياز وعدم المصداقية، وأنها أصبحت أداة بيد “السنوار” ضدهم، وأنها تحارب الديمقراطية وتؤيد “الداعشية”.

كذلك راعتهم محكمة الجنايات الدولية وأرعبتهم، واستفزتهم قراراتها وأغضبهم قضاتها، واستهزأوا بتوصيات المدعي العام للمحكمة، واتهموه بعدم الأهلية والمصداقية، وأنه ينحاز إلى الإرهاب ويتحدث باسم “الإرهابيين”، وهو بتوصياته يشجع على المزيد من العنف، ويقلل من فرص التوصل إلى تسويةٍ أو صفقةٍ لإعادة “المحتجزين” الإسرائيلين، ودعوا إلى معاقبة القضاة وعزلهم، وإلى محاسبة المحكمة ورفض اختصاصها، والطعن في صدقيتها والتشكيك في نزاهتها، وعدم تقديم الدعم لها إلا أن تتراجع عن قراراتها، وتعود عن توصياتها، وتحمل الفلسطينيين المسؤولية عن الحرب، وتعطي الإسرائيليين شرعية الدفاع عن أنفسهم وحماية مصالحهم.

أما الأمين العام للأمم المتحدة فهو لم يسلم منذ الأيام الأولى للعدوان من الانتقادات الإسرائيلية، واعتبروه بناءً على مواقفه معادياً لكيانهم، ومتحالفاً مع أعدائهم، وقد أدخل، بزعم رئيس حكومة كيانهم، نفسه لا إسرائيل في القائمة السوداء، وصنف نفسه لا كيانهم ضمن قائمة العار المعادية لهم، وطالبوه بالصمت وعدم المساهمة في الحرب ضدهم، وحذروه من مغبة الاستمرار ومساعديه في هذا المسار، وكانوا قد أبدوا غضبهم الشديد من زياراته المتكررة لمعبر رفح الحدودي، وتصريحاته حول مسؤولية إسرائيل الدولية تجاه الشعب الفلسطيني، واتهام حكومتها بأنها تحاصر الفلسطينيين، وتنتهك حقوقهم، وتجوعهم وتعطشهم وترتكب في حقهم جرائم ضد الإنسانية، يحاسب عليها القانون، وتخالف أنظمة الأمم المتحدة.

يعلم الإسرائيليون أن الأمين العام للأمم المتحدة هو أعلى شخصية أممية، وهو المسؤول عن تنفيذ واحترام بروتوكولات وأنظمة وقوانين المنظمة، إلا أنهم يتعمدون التعامل معه بقلة أدب، ويخاطبونه بغير لباقةٍ ولا لياقةٍ، وقد خرقوا معه الأصول الدبلوماسية والأعراف الدولية، وأساؤوا إليه ونشروا قلة أدبهم على وسائل الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، إمعاناً في إهانتهم له وتحقير شأنه، وعبرةً لغيره ودرساً لسواه، وكان مندوبهم في الأمم المتحدة قد تعمد مخاطبته بغير كياسةٍ ولا لباقةٍ، وسجل مكالماته معه ونشرها بقصد التشويه والإهانة، خلال المكالمة التي عرض له فيها عزم الأمم المتحدة إدراج كيانه ضمن القائمة السوداء، قائمة العار، التي تضم الدول القاتلة للأطفال.

لا يقتصر الموقف الإسرائيلي الغريب والشاذ عند الأمم المتحدة ومؤسساتها الدولية، بل تمادت أكثر عندما وصفت وكالة الأونروا بأنها وكالة إرهابية، وأنها تخدم مصالح “أعدائها”، ومهدت القوانين لإغلاق مقراتها وتعطيل أعمالها ومصادرة أموالها، وطرد مسؤوليها، ودعت دول العالم إلى الامتناع عن تمويلها وتجفيف منابعها.

وأعلنت حكومة الكيان شروعها في دراسة جدوى بقائها في مؤسسات الأمم المتحدة، التي لم تنس معرتها الأولى مع منظمة الأونيسكو، ورغبتها في دراسة سلبياتها وإيجابياتها، تمهيداً لاتخاذ قرارٍ بالانسحاب منها، وقد نسي الإسرائيليون أن هذه المؤسسة الأممية وهيئاتها، هي التي شرعت وجودهم، واعترفت بكيانهم، ومن قبل أعطتهم ما لا يستحقون من أرضنا ضمن قرار التقسيم الظالم لشعبنا.

وقد باشرت إصدار عقوباتٍ ضد مسؤولين دوليين وموظفين أممين، وأخذت تضيق على حاملي البطاقات الدولية، وبدأت الاستعدادات لإغلاق مقار مؤسساتٍ أممية وطرد العاملين فيها، والامتناع عن منح تأشيرات دخول أو السماح بدخول مسؤولين أمميين إلى كيانهم، بمن فيهم العاملين في الأمم المتحدة، والمؤسسات التي تعترف بها وتشارك في عضويتها، واعتبار مؤسساتهم مؤسسات إرهابية معادية، وأنها هيئات غير شرعية، ولا حصانة للعاملين فيها، ولا حماية لهم ولا لمقراتهم، في محاولةٍ يائسةٍ للضغط عليها، ودفعها للتراجع عن قرارتها، أو استبدال سياساتها “المناوئة” لهم، و”المؤيدة” للفلسطينيين ضدهم.

يبدو أن الكيان الصهيوني قد “شب عن الطوق”، وانقلب على “رعاته”، ورفع صوته فوق صوت “حماته”، وأخذ “يعض يد أسياده”، ويوزع شتائمه هنا وهناك، ويطلق العنان لأبواقه الإعلامية ولسان مسؤوليه والناطقين باسمه لتوجيه النقد والاتهام، وإصدار الأحكام وإطلاق المواقف، والتهديد والوعيد، ضد المؤسسات التي رعت نشأته، وهيأت السبل لتشريع وجوده، وأشرفت على صيانة كيانه، وانتصرت له في دعوى المحرقة “الهولوكوست”.

لكنه تنكب لها وانقلب، وصب جام غضبه عليها، وكأنه قد أَمِنَ العقوبة فلا يخاف، واطمأن إلى أن النظام الدولي “مخصيٌ” فلا أسنان ولا مخالب له، ولا خوف منه أو قلق من جانبه، وأن قطبه الأكبر منحازٌ إليه متحالفٌ معه، يدافع عنه ولا يتخلى عن حمايته، ولا يتركه وحيداً، ولا يسمح لأي جهةٍ بتهديده وترويعه، وتعريض وجوده للزوال وأمنه للخطر.

بيروت في 14/6/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

مقالات مشابهة

  • يجب أن تمارس عملها دون ترهيب.. بيان من 93 دولة دعما للمحكمة الجنائية الدولية
  • باحثة: 93 دولة تتحرك لدعم المحكمة الجنائية في مواجهة إسرائيل
  • 93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة إسرائيل
  • بيان مشترك لـ93 دولة تجدد دعمها للمحكمة الجنائية الدولية
  • بيان مشترك لـ93 دولة يدعو لاحترام المحكمة الجنائية الدولية
  • 93 دولة تطالب الاحتلال بالتعاون مع مع المحكمة الجنائية الدولية
  • آليات التعامل مع الأطفال الشهود والضحايا في النزاعات المسلحة … أطفال السودان نموذجا
  • إلى أين يتجه تحقيق “الجنائية الدولية” الجديد بشأن دارفور؟
  • إسرائيل تعلن الحرب على الأمم المتحدة وأمينها العام
  • إلى أين يتجه تحقيق الجنائية الدولية الجديد بشأن دارفور؟