نهيان بن مبارك يدشن فعاليات «اليوم المفتوح» لصندوق الوطن
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس إدارة صندوق الوطن، أن الإمارات قادرة على الإبداع والابتكار والإنجاز في مجالات الذكاء الاصطناعي، تماشياً مع مسيرة النهضة والتنمية المستمرة التي تشهدها الدولة في جميع المجالات في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
وقال معاليه، إن عمل صندوق الوطن عبر مبادراته كافة، ينطلق من الرؤية الحكيمة لصاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، لتمكين شباب الوطن ليكونوا النموذج والقدوة في جميع المجالات، منوهاً بأن قدرة أبناء وبنات الإمارات على الإبداع والابتكار في المجالات كافة جزء أساسي من هويتنا الوطنية وعبر عن أمله بأن تكون مذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين صندوق الوطن وكل من وزارة الاقتصاد وشركة مايكروسوفت طريقاً للعمل المشترك والتعاون المثمر لصالح أبناء وبنات الدولة.
جاء ذلك خلال افتتاح معاليه فعاليات اليوم المفتوح لصندوق الوطن الذي يحمل عنوان «استكشاف الذكاء الاصطناعي من خلال الابتكارات والتطبيقات وآفاق المستقبل» يرافقه معالي سلطان النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب، وأعضاء مجلس إدارة الصندوق، وعدد كبير من الخبراء الدوليين.
كما افتتح معاليه المعرض التقني الذي يضم عدداً من الجهات الحكومية والخاصة، مثل هيئة الطرق والمواصلات، مركز محمد بن راشد للفضاء، أكاديمية سوق أبوظبي العالمي، هيئة كهرباء ومياه دبي، ومدينة «إكسبو دبي» لطرح برامجها في الابتكار وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والمكاسب والفرص التي يقدمها بمختلف القطاعات.
وافتتح معاليه أيضاً ساحة الإبداع والابتكار التي تحمل شعار «مشاريع الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» وتضم عدداً من مشاريع الذكاء الاصطناعي لطلبة المدارس والجامعات الإماراتية للمساهمة في حل مشكلات العالم.
وحضر الجلسات الرئيسية وورش العمل المتخصصة باليوم المفتوح، معالي الدكتور زكي نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، وعفراء الصابري، المدير العام بوزارة التسامح والتعايش، وياسر القرقاوي، المدير العام لصندوق الوطن، وعدد كبير من طلاب المدارس والجامعات والأكاديميين، وممثلي الشركات الكبرى العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك في كلمته الافتتاحية: «أحييكم وأرحب بكم في اليوم المفتوح للإبداع والابتكار الذي ينظمه صندوق الوطن احتفاء بالرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أن القدرة على الإبداع والابتكار هي جزءٌ أصيل في هوية أبناء وبنات الإمارات وهم يسعون بكل جدٍ والتزام نحو انطلاقة ناجحة إلى المستقبل، الذي تتحقق فيه التنمية الشاملة، وكذلك توجيهات سموه الصائبة بضرورة تنمية قدرة المؤسسات والأفراد في الدولة على تحمل مسؤولياتهم في تحقيق ريادة الإمارات في كافة المجالات، وأن يكون ذلك تعبيراً منهم عن الثقة بالذات والاعتزاز بالهوية الوطنية والإسهام في نهضة الوطن».
وأضاف معاليه: «أنتهز هذه المناسبة لأرفع عظيم الشكر وفائق التقدير والاحترام باسم كافة العاملين في صندوق الوطن، وباسمكم جميعاً إلى صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، الذي نعتز كثيراً بقيادته الرشيدة وتوجيهاته السامية وجهوده المتواصلة، لدعم الإبداع والابتكار لدى أبناء الوطن وكافة مؤسساته، وحرصه على أن تكون الإمارات موطنا للأفكار والمبادرات النافعة على مستوى العالم كله، وإننا في صندوق الوطن إنما نعاهد الله ونعاهد صاحب السمو رئيس الدولة وأبناء الإمارات جميعاً على بذل كل الجهود من أجل تحقيق رؤية الوطن في أن يظل الإبداع والابتكار والإنجاز في العمل العناصر المهمة التي يعرفها العالم عن أبناء وبنات الإمارات، وهي الطريق كي تحقق هذه الدولة كل ما تضعه لنفسها من أهداف وغايات، ونعلن أننا في صندوق الوطن ملتزمون بتشجيع الإبداع والابتكار في الوطن كله، باعتباره استثماراً ضرورياً لبناء الإنسان وبناء مجتمع المعرفة ولإسعاد المواطنين والمقيمين على حدٍ سواء، وكذلك من أجل تعميق الفخر والاعتزاز بهويتنا الوطنية التي تتجسد في توفير كافة الشروط التي تسمح للجميع بالإسهام الفاعل في المسيرة الظافرة للإمارات، وإطلاق كل ما وهبه الله لهم من طاقات وإمكانات».
وأكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك، أن اليوم المفتوح لصندوق الوطن يركز هذا العام على دور الذكاء الاصطناعي في دعم إنجازات الإنسان في كل مجال، ودورها في رفع الكفاءة في الأداء، وتحقيق الإتقان، وتأكيد القدرة على تحليل كل الظواهر والمتغيرات، والتعامل الذكي معها بثقة واطمئنان، منوهاً بأن التركيز على الذكاء الاصطناعي، باعتباره جانباً مهماً من جوانب الإبداع والابتكار، إنما يعكس قناعة كاملة بأننا نعيش في عصر الذكاء الصناعي، الذي يمثل تطوراً مهما في التاريخ البشري، وبأننا في الإمارات سوف يكون لنا شأن عظيم في هذا المجال، الذي سوف يسهم في تشكيل مستقبل الحياة في العالم أجمع.
وأوضح معاليه أن ما نعرفه عن تقنيات الذكاء الاصطناعي إنما يفسر ما نلاحظه من وجود حوار نشط حول المنافع الكثيرة لهذه التقنيات من جانب، والمخاطر التي قد تنشأ عنها من جانب آخر، مؤكداً أن المنافع واضحة في أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي سوف يجعل الإنسان أكثر قدرة وكفاءة وسرعة في إنجاز الأعمال في المجالات كافة، بما يؤدي إليه ذلك من تقدم إنساني قد يصاحبه القضاء على الحروب والتخلص من الأمراض ومكافحة الفقر، والارتقاء بمستوى الخدمات، وإعادة تشكيل المجتمعات البشرية نحو الأفضل، بالإضافة إلى آثار ذلك كله، على تحقيق السلام والرخاء في ربوع العالم.
وعن مخاطر الذكاء الاصطناعي، أكد معاليه أنها تصل في رأي البعض إلى تهديد الوجود البشري ذاته، وذلك إذا ما تحولت الأجهزة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لتصبح قادرة على التفكير المستقل، ولها سيطرة كاملة على تصرفاتها، مما قد يؤدي إلى تحولها إلى أدوات شريرة، يفقد الإنسان القدرة على التحكم فيها، كما يشير البعض إلى ما قد ينشأ عن تقنيات الذكاء الاصطناعي من تغيرات جذرية في أنماط التوظيف، ومن نشأة هيكلية جديدة وتغيرات جذرية في بنيان المجتمعات البشرية ذاتها منوهاً بما يراه البعض من أن الفجوة التقنية بين الدول المختلفة سوف يجعل من الذكاء الاصطناعي مصدر قوة للبعض، ومصدر ضعف للبعض الآخر، وأداة لتوسيع الفجوة بين دول العالم في مستويات التنمية والسعادة والرخاء، بالإضافة إلى ما قد يترتب على هذه التقنيات من تحيز ثقافي أو تمييز بين البشر على أساس العقيدة أو الجنسية أو العِرْق أو غيرها من الاختلافات.
وقال معاليه «إن هذا الحدث مناسبة جيدة لكي أدعوكم جميعاً إلى أن نستشرف معا ما يجب أن يكون عليه الذكاء الاصطناعي في الحاضر والمستقبل، فنحن نريد أجهزة ذكية تسهم في تحقيق جودة الحياة، نريد أجهزة يتم تصنيعها لخدمة الإنسان، كي تقدم خدماتها للجميع باحترام ورحمة واهتمام بمشاعر وثقافات الآخرين، وكي تعمل وفق مبادئ النزاهة والشفافية فلا تسبب الأذى لأحد، وتنبذ العنف والكراهية وتسعى إلى تعميق المعرفة والتفاهم والحوار بين البشر، وتتصرف بحكمة وثقة، وتحقق المساواة في التنمية بين دول العالم وسكانه بما يسهم في رخاء المجتمعات البشرية في كل مكان».
ودعا معاليه المشاركين في اليوم المفتوح إلى الإسهام في بناء قدراتنا الذاتية في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع الوعي الكامل بالآثار الاقتصادية والمجتمعية لهذه التقنيات، بما في ذلك الجوانب القانونية والأخلاقية التي تكفل حُسن استخدامها في كافة مناحي الحياة.
من جانبه، قال معالي سلطان النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب، إن الإبداع والابتكار سيظل الركيزة الأساسية لنهضتنا الشاملة، ودعا أبناء الإمارات للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي لبناء مستقبلهم والوصول للمكانة التي تليق بهم بين الأمم، وأضاف: «ولطالما منحتنا توجيهات قيادتنا الرشيدة السبل والأدوات لتعزيز ثقافة الابتكار، وحثتنا على دعم الشباب للتفكير بشكل متطور ومختلف ينسجم مع تطلعاتنا، لإيمانها بأن دور الشباب في الابتكار والإبداع أساسي، لأنهم محرك الأفكار الجديدة والطاقة التي تمهد الطريق أمام التطور في المجتمعات، وما يمتلكونه من حماس وشغف ورغبة في تحقيق التغيير، ما يجعلهم قادرين على تجاوز التحديات وابتكار الحلول، بفضل استخداماتهم للتكنولوجيا والتواصل مع مختلف الثقافات، ويمكنهم أيضاً أن يقدموا رؤى مبتكرة تسهم في تعزز التنمية المستدامة لنجعل من إماراتنا مركزا للابتكار والإبداع، حيث يمكن لكل شاب وشابة أن يطمح ويحقق أهدافه بما لديه من إمكانيات، ونعمل بجدية وإصرار لتحقيق التطور والتقدم، فالمستقبل ينتظر منا أن نجتهد ونبادر متسلحين بكافة علوم العصر».
فيما قدم نعيم يزبك، رئيس المجلس التنفيذي لشركة مايكروسوفت عرضاً مهماً عن «دور الذكاء الاصطناعي في نوعية الوظائف والتعليم المستقبلي»، باعتباره أحد إرهاصات الموجة الثانية وتحدث عن تأثير التحول إلى الذكاء الاصطناعي على سوق العمل المستقبلي، مع التركيز على ظهور مسارات وظيفية جديدة تجمع بين التكنولوجيا والإبداع وحل المشكلات والمهارات الشخصية وأشار إلى الحاجة الملحة لتطور الأنظمة التعليمية، وتعزيز قدرات الطلاب بالمهارات المتنوعة المطلوبة لهذه الأدوار المستقبلية.
وتحدث سعادة سلطان الحجي، نائب الرئيس للشؤون العامة وعلاقات الخريجين في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عن اهتمام القيادة الرشيدة بالإمارات بالإسهام والإفادة من الذكاء الاصطناعي كي تكون الإمارات بيئة حاضنة لهذه التقنية، مؤكداً أهمية الدور الذي يمكن للجامعات أن تلعبه في إعداد الطلاب لمواجهة التحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، بتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة للنجاح في بيئة تكنولوجية متقدمة ومتغيرة باستمرار، كما يجب على الجامعات أن تحدّث مناهجها التعليمية لتشمل البرامج الدراسية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات وتوفير فرص للتدريب العملي والبحث في هذا المجال، والتعاون بين التخصصات المختلفة لتمكين الطلاب من فهم كيفية تفاعل الذكاء الاصطناعي مع مختلف المجالات وبهذه الطريقة، تسهم الجامعات في إعداد جيل جديد قادر على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بفاعلية ومسؤولية.
وركزت الجلسة النقاشية الرئيسية على ثورة الذكاء الاصطناعي، والبحث عن التوازن بين الابتكار، والقيم الإنسانية، وتمكين القوى العاملة، وتحدث بها الدكتور جورج كاشعمي، مدير مركز البحوث بالأميركية دبي (AUD)، والدكتور شريف عبد الله، أستاذ الذكاء الاصطناعي بالجامعة البريطانية في دبي، والدكتور عمر الدقاق أستاذ مشارك بجامعة السوربون أبوظبي، وجان لوك شيرر، مدير البرنامج بشبكة الحاضنات الوطنية، وأدارها الدكتور توماس ديفيس، من صندوق الوطن، وحضرها أكثر من 300 من المعلمين، والآباء، وممثلي الشركات والأكاديميين.
وركزت الجلسة على الابتكار في مواجهة التحديات، وكيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الصناعات وماذا يعني ذلك للأدوار الوظيفية التقليدية، والتركيز على الاعتبارات الأخلاقية وحوكمة الذكاء الاصطناعي، للحفاظ على الخصوصية، ومواجهة التحيز في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والحاجة إلى إطارات حوكمة للذكاء الاصطناعي بكل شفافية ومسؤولية، وتمكين القوى العاملة من خلال وضع استراتيجيات لإعدادها للاقتصاد المدفوع بالذكاء الاصطناعي، على أن تشمل دور أنظمة التعليم في تجهيز الطلاب بمعرفة الذكاء الاصطناعي والمهارات الأساسية، فضلاً عن المبادرات التي تتبناها الحكومات والشركات لدعم جهود التطوير وإعادة التأهيل المهني، كما تناولت الذكاء الاصطناعي من أجل الخير والتنمية المستدامة، والتأثير الثقافي والاجتماعي، وتأثيره على الممارسات الثقافية والقيم المجتمعية، وخاصة ما يتعلق بقيم الإمارات.
وشهدت أنشطة اليوم المفتوح عدة ورش تخصصية منها ورشة عمل إعادة التفكير في مشروعك التجاري بوساطة الذكاء الاصطناعي، أما الورشة الثانية فتتناول تجربة استثمار Microsoft في الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم الحديث، الورشة الثالثة، فركزت على الذكاء الاصطناعي في مجال التدريس والتعلم.
واختتم اليوم المفتوح بتخريج الدفعة الثانية من الفائزين في مسابقة تحدي تصميم التطبيقات (iOS Design challenge) التي أطلقها صندوق الوطن وشارك فيها قرابة 3500 مشارك، وتأهل 250 منهم للمرحلة المتقدمة. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نهيان بن مبارك على الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی الذکاء الاصطناعی من الإبداع والابتکار السمو رئیس الدولة نهیان بن مبارک الیوم المفتوح لصندوق الوطن لصاحب السمو أبناء وبنات صندوق الوطن حفظه الله فی مجال محمد بن من أجل
إقرأ أيضاً:
السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
في لحظة فارقة على الساحة التكنولوجية الدولية، جاء إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية نموذجا لغويا ضخما يُعد من بين الأفضل في العالم، بالتزامن مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ليدق ناقوس الخطر في الأوساط الاستخباراتية الأميركية.
واعتبر ترامب ما جرى "جرس إنذار" في حين أقر مارك وارنر نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي "فوجئ" بسرعة التقدم الصيني، وفق مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النيجريون لفرنسا: اعترفي بالجرائم الاستعمارية وعوضي عنهاlist 2 of 2أنقذونا نحن نموت.. المجاعة تجتاح غزةend of listوفي العام الماضي، أبدت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قلقها من احتمال أن يتفوق الجواسيس والجنود الصينيون في سرعة تبنّي الذكاء الاصطناعي "إيه آي" (AI) فأطلقت خطة طوارئ لتعزيز اعتماد المجالين الاستخباراتي والعسكري على هذه التقنية.
وأوضحت المجلة في تقريرها أن الخطة تضمنت توجيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالات الاستخبارات ووزارة الطاقة (المسؤولة عن إنتاج الأسلحة النووية) بتكثيف تجاربها على النماذج الأحدث من الذكاء الاصطناعي، وتوثيق التعاون مع مختبرات القطاع الخاص الرائدة مثل أنثروبيك وغوغل ديب مايند، وأوبن إيه آي.
سباق مفتوحوفي خطوة ملموسة، منح البنتاغون، في 14 يوليو/تموز الجاري، عقودا تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار لكل من تلك الشركات بالإضافة إلى "إكس إيه آي" المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بهدف تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي الوكيل الذي يمكنه اتخاذ القرارات، والتعلم المستمر من التفاعلات، وتنفيذ مهام متعددة من خلال تقسيمها إلى خطوات وتحكّمها بأجهزة أخرى مثل الحواسيب أو المركبات.
لكن هذا السباق لا يقتصر -برأي إيكونوميست- على البنتاغون. إذ باتت نماذج الذكاء الاصطناعي تنتشر بسرعة داخل الوكالات الاستخباراتية، لتُستخدم في تحليل البيانات السرية والتفاعل مع المعلومات الحساسة.
الشركات طورت نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام
كما طوّرت الشركات نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام.
إعلانففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت أن 26 من منتجاتها في الحوسبة السحابية حصلت على تصريح لاستخدامها في وكالات الاستخبارات.
وفي يونيو/حزيران، أعلنت أنثروبيك عن إطلاق نموذج "كلود غوف" (Claude Gov) وهو روبوت دردشة جديد مصمم خصيصا للجهات العسكرية والاستخباراتية بالولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه يُستخدم بالفعل على نطاق واسع في جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية، إلى جانب نماذج أخرى من مختبرات منافسة.
منافسون آخرونليست وحدها الولايات المتحدة التي تشهد مثل هذه التطورات، حيث تفيد المجلة أن بريطانيا تسعى إلى تسريع وتيرة اللحاق بالركب، ناقلة عن مصدر بريطاني رفيع -لم تُسمِّه- تأكيده أن جميع أعضاء مجتمع الاستخبارات في بلاده بات لديهم إمكانية الوصول إلى "نماذج لغوية ضخمة عالية السرية".
وعلى البر الرئيسي للقارة، تحالفت شركة ميسترال الفرنسية -الرائدة والوحيدة تقريبا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى أوروبا- مع وكالة الذكاء الاصطناعي العسكري بالبلاد، لتطوير نموذج "سابا" (Saba) المدرّب على بيانات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ويتميز بإتقانه العربية ولغات إقليمية أخرى مثل التاميلية.
أما في إسرائيل، فقد أفادت مجلة "+972" أن استخدام الجيش نموذج "جي بي تي-4" (GPT-4) الذي تنتجه شركة "أوبن إيه آي" قد تضاعف 20 مرة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، في مؤشر إلى مدى تسارع تبنّي هذه النماذج في السياقات العسكرية الحية.
ورغم هذا النشاط المحموم، يقرّ خبراء داخل القطاع بأن تبنّي الذكاء الاصطناعي بأجهزة الأمن لا يزال متواضعا. وتقول كاترينا مولِّيغان المسؤولة عن شراكات الأمن في "أوبن إيه آي" إن اعتماد الذكاء الاصطناعي "لم يصل بعد إلى المستوى الذي نأمله".
وحتى مع وجود جيوب من التميز، كوكالة الأمن القومي الأميركية، إلا أن العديد من الوكالات ما تزال تتخلف عن الركب، إما بسبب تصميمها واجهات تشغيل خاصة بها، أو بسبب الحذر البيروقراطي في تبني التحديثات السريعة التي تشهدها النماذج العامة.
ويرى بعض الخبراء أن التحول الحقيقي لا يكمن في استخدام روبوتات دردشة فحسب، بل في "إعادة هندسة المهام الاستخباراتية نفسها" كما يقول تارون تشابرا المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي، والمدير الحالي للسياسات الأمنية في شركة أنثروبيك.
لعبة تجسس بالذكاء الاصطناعيفي المقابل، تُحذر جهات بحثية من المبالغة في الآمال المعقودة على هذه النماذج، حيث يرى الدكتور ريتشارد كارتر (من معهد آلان تورينغ البريطاني) أن المشكلة الأساسية تكمن في ما تُنتجه النماذج من "هلوسات" -أي إجابات غير دقيقة أو مضللة- وهو خطر كبير في بيئة تتطلب الموثوقية المطلقة.
وقد بلغت نسبة الهلوسة في أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي "الوكيل" الذي تنتجه "أوبن إيه آي" حوالي 8%، وهي نسبة أعلى من النماذج السابقة.
وتُعد هذه المخاوف -بحسب إيكونوميست- جزءا من تحفظ مؤسسي مشروع، خاصة في أجهزة مثل وكالة الاستخبارات والأمن البريطانية المعروفة اختصارا بحروفها الإنجليزية الأولى "جي سي إتش كيو" (GCHQ) التي تضم مهندسين لديهم طبيعة متشككة تجاه التقنيات الجديدة غير المُختبرة جيدا.
إعلانويتصل هذا بجدل أوسع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. فالدكتور كارتر من بين أولئك الذين يرون أن بنية النماذج اللغوية العامة الحالية لا تُناسب نوع التفكير السببي الذي يمنحها فهما متينا للعالم. ومن وجهة نظره، فإن الأولوية بالنسبة لوكالات الاستخبارات يجب أن تكون دفع المختبرات نحو تطوير نماذج جديدة تعتمد على أنماط تفكير واستدلال مختلفة.
الصين في الصورةورغم تحفّظ المؤسسات الغربية، يتصاعد القلق من تفوق الصين المحتمل. يقول فيليب راينر من معهد الأمن والتكنولوجيا في وادي السيليكون "لا نزال نجهل مدى استخدام الصين نموذج ديب سيك (DeepSeek) في المجالين العسكري والاستخباراتي" مرجحاً أن "غياب القيود الأخلاقية الصارمة لدى الصين قد يسمح لها باستخلاص رؤى أقوى وبوتيرة أسرع".
موليغان: ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، لكن نخسر سباق التبني الفعلي له
وإزاء هذا القلق، أمرت إدارة ترامب، في 23 يوليو/تموز الجاري، وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات بإجراء تقييمات دورية لمستوى تبنّي الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأمنية الأميركية مقارنة بمنافسين مثل الصين، وتطوير آلية للتكيّف المستمر.
ويجمع المراقبون تقريبا على نقطة جوهرية، وهي أن الخطر الأكبر لا يكمن في أن تندفع أميركا بلا بصيرة نحو تبني الذكاء الاصطناعي، بل في أن تظل مؤسساتها عالقة في نمطها البيروقراطي القديم.
وتقول كاترينا مولِّيغان "ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (إيه جي آي AGI) لكن نخسر سباق التبني الفعلي له".