علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

لم تعد اليوم مشكلة النظام الرسمي العربي خاصة ولا عرب زماننا بشكل عام، مع ثقافة "وعد بلفور" و"سايكس- بيكو" رغم جسامتهما وسريان مفعولهما؛ بل في أخطر مخرجاتها والمتمثل في غرس الكيان الصهيوني في قلب الأمة، ومباركته ودعمه بسخاء من قبل رعاته لإقرار هذا الباطل التاريخي وطلائه بالحق والأمر الواقع.

ومن أخطر المواقف اليوم في الوعي السياسي والثقافي العربي، أننا لم نقرر بعد ماهية هذا الكيان ووظيفته في قلب الأمة، حتى نقرر كيفية التعامل معه بعد ذلك.

ولو أدركنا بأن هذا الكيان السرطاني المسموم هو مشروع غربي لإفناء الأمة العربية بدءًا من احتلال فلسطين، لجيَّشنا كل طاقاتنا لجعل فلسطين الخندق الأول لكل قُطر عربي، والركيزة الأولى للأمن القومي العربي؛ إذ لا يمكن لأي دولة أو مجتمع أو فرد بناء قرار إدراكي عميق، دون أن يسبق ذلك تحليل وتشخيص دقيق للحالة التي يراد تصنيفها. وطالما العقل العربي المعاصر ما زال يتأرجح بين أسئلة تائهة ومبعثرة عن الكيان الصهيوني، فلا بُد أن تكون النتيجة أجوبة سطحية وقاصرة، وهذا واقع حالنا اليوم؛ حيث ما زلنا نتلقى معلوماتنا عن العدو عبر العدو نفسه ورعاته، ولم نُجهد أنفسنا لمعرفة عدونا وحقيقته بعد، لهذا بُنيت كل سياساتنا تجاهه عاطفية وعرجاء ومبتورة.

هذا الوضع الشتات للأمة والمؤطر بالاستفراد الغربي، وشيوع التبعية القهرية في أوساط الأقطار العربية، لم يجعل الوظيفية الطوعية الخيار الأوحد للنظام الرسمي العربي المستولد من رحم ثقافة سايكس بيكو؛ بل جعل الأمة تتأرجح بين فسطاطين أحلاهما مُر.. فهناك من اختار أن يكون إقليمًا بداخل وطن كبير مُشتت، ووضع نفسه ومقدراته تحت تصرف الوطن مثل العراق وليبيا وسوريا وطيف بلبنان (كمثال)، ودفع أثمانًا باهظة مقابل خياره هذا، وهناك من اعتبر نفسه كيانًا مستقلًا لا علاقة له بالتاريخ ولا الجغرافيا ولا المصير المُشترك للأمة وقبل بدور التابع للغرب خوفًا وطمعًا، مقابل تنمية خرسانية ونمو ريعي محفوفيْن بكل مظاهر الاستقرار القلق الى حين.

إذن فمشكلة الاقطار العربية الحقيقية اليوم مع الغرب تتمثل في من اختار المشروع النهضوي للأمة بشقيه التنموي والمقاوم أو بأحدهما، وبين من اختار الاستقرار القلق والتنمية الصورية كبديل عن المشروع النهضوي القومي. وبالنتيجة وَلَّدَتْ هذه الخيارات اصطفافات سياسية وإعلامية واقتصادية، تحيط بها خيارات أحلاف وأنماط علاقات وسلوكات سياسية استنبتت العداء والصدام والتنابز الإعلامي بين طيفي الأمة العربية المُعاصرة؛ حيث أصبح المشروع القومي العربي من وحدة أو تضامن أو حتى نموذج تنموي عربي يُقتدى به، مُكلفًا للغاية للدولة القُطرية العربية مُنفردة، وهو ما سهّل على الغرب التفرُّد بها وبالتعاون مع الأقطار الريعية وبمباركة منها. وهذا ما رأيناه على أرض الواقع وماذا حل بالعراق وليبيا وسوريا (كمثال) حينما قررت أن تضع الإقليم ومقدراته رهن طلب الأمة لتحقيق مشروع نهضوي تحرري عربي.

لم أجد نظامًا رسميًا عربيًا واحدًا يتساءل عن سبب الخضوع التام للكيان الصهيوني لقواعد العلاقات والأعراف الدبلوماسية حين يتعلق الأمر بعلاقاته وتعامله مع الآخر، بينما يستخدم ما يسمى بـ"السلام والتطبيع" مع عرب زماننا وسيلة للتغلغل في مفاصل الدول والشعوب بصور مُعيبة ومنتهكة للسيادة، وفي المقابل لا تسمح اتفاقيات "التطبيع" أو "السلام" مع العرب بممارسة أبسط حقوق وقواعد الأعراف الدبلوماسية التي باركها وسار عليها المجتمع الدولي مثل قطع العلاقات أو تقليل التمثيل الدبلوماسي أو سحب السفراء!

قبل اللقاء.. شعار الكيان الصهيوني لعرب زماننا تلميحًا وتصريحًا: "من لم يمت مقاومًا سيموت مُطبِّعًا".

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صحيفة: اجتماع فرنسي عربي ناقش نزع سلاح حماس كشرط للاعتراف بدولة فلسطين

قالت صحيفة لبنانية إنها حصلت على معلومات تتعلق بالاجتماع الذي استضافته باريس وشاركت فيه كل من السعودية ومصر والأردن.

ونقلت صحيفة "النهار" عن مصدر فرنسي رفيع قوله إن الاجتماع الذي استضافه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في باريس، وضم نظراءه السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والمصري بدر عبد العاطي، والأردني أيمن الصفدي، السبت الماضي، للتحضير لمؤتمر نيويورك في 17 حزيران/ يونيو، الهادف إلى إعلان حل الدولتين كخيار لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ناقش إمكانية التقدّم نحو نوع من "الحزمة"، باعتبار أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يمكن أن يأتي منفرداً، بل يجب أن يترافق مع التزامات تتعلّق بالتطبيع مع "إسرائيل" والانخراط في هيكل أمني إقليمي.



وقال المصدر، الذي لم تسمه الصحيفة، إن المجتمعين اتفقوا على ضرورة وجود التزامات تتعلّق بنزع سلاح "حماس"، وتفكيك بنيتها العسكرية، ونفي قياداتها، وتدمير أسلحتها الثقيلة، ومنعها من المشاركة في حكم غزة أو في أي انتخابات، ما لم تلتزم بمبادئ اتفاق أوسلو.

وتتضمّن "الحزمة" أيضاً إصلاحات على المستوى الفلسطيني، بما في ذلك تجديد القيادة، علماً أن الرئيس محمود عباس سيشارك في المؤتمر.

وأوضح المصدر أنه، رغم أن دولة مثل السعودية لن تتجه نحو التطبيع مع "إسرائيل" في ظل استمرار الحرب على غزة، إلا أن مواقف قوية وواضحة ستُعبَّر عنها في هذا السياق.

والجمعة، أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن المؤتمر الدولي رفيع المستوى المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والمقرر عقده في نيويورك في حزيران/ يونيو يمثل "فرصة حاسمة يجب أن نغتنمها لرسم مسار لا رجعة فيه نحو تطبيق حل الدولتين"، مؤكدا على ضرورة نجاحه.

وأكد رئيس الجمعية العامة فيلمون يانغ، بحسب موقع الأمم المتحدة، على الأهمية القصوى لهذا المؤتمر، مشيدا بجهود المملكة العربية السعودية وفرنسا بوصفهما رئيسين مشاركين للمؤتمر الدولي المقرر عقده في الفترة من 17- 20 حزيران/ يونيو المقبل.

وأضاف يانغ: "لا يمكن حل هذا الصراع من خلال الحرب الدائمة، ولا من خلال الاحتلال أو الضم اللانهائي. سينتهي هذا الصراع فقط عندما يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش جنبا إلى جنب في دولتيهما المستقلتين وذات السيادة، في سلام وأمن وكرامة".



وذكّر المسؤول الأممي بمرور سبعة عقود منذ أن دعت الجمعية العامة لأول مرة إلى حل الدولتين. ومنذ ذلك الحين، أعادت الجمعية تأكيد دعمها الثابت لهذه الرؤية من خلال العديد من القرارات.

واختتم حديثه بالقول: "تقع على عاتقنا الآن مسؤولية جماعية للعمل بحزم وتنفيذ هذه القرارات بالفعل. إنها مسؤوليتنا الآن لدعم القانون الدولي، واحترام مبادئ مـيثاق الأمم المتحدة. يجب علينا استعادة الثقة في الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، وفي التزاماتنا تجاه شعبي فلسطين وإسرائيل".


مقالات مشابهة

  • الكيان الصهيوني وتاريخ النازية
  • صحيفة: اجتماع فرنسي عربي ناقش نزع سلاح حماس كشرط للاعتراف بدولة فلسطين
  • عقب قطعها العلاقات مع الكيان الإسرائيلي المحتل.. كولومبيا تُعيّن أول سفير لها في فلسطين
  • حكومة السوداني :الكيان الصهيوني تجاوز كلّ الاعتبارات الإنسانية والقانونية في حربه على غزة
  • صنعاء تُغلق الأجواء وتفتح جبهة الاقتصاد .. الكيان الصهيوني تحت الحصار الجوي
  • حركات المقاومة الفلسطينية تستنفر أبناء الأمة العربية والإسلامية للدفاع عن الأقصى.. وهذا ما حدث اليوم؟!
  • أحزاب اللقاء المشترك: انتصار المقاومة اللبنانية على العدو الصهيوني علامة فارقة في تاريخ الأمة
  • وزير الأمن القومي الصهيوني يجدد اقتحامه للمسجد الأقصى
  • الجولان في قبضة الاحتلال.. كيف يغذّي الاستيطان أطماع الكيان الصهيوني؟
  • طلاب الصف الأول الثانوي يؤدوا اليوم امتحان امتحان اللغة العربية في الدقهلية