تكررت الأكاذيب ومحاولات التشويه والابتزاز الإسرائيلية ضد مصر على لسان إعلاميين ومسئولين إسرائيليين؛ وكأنها محاولة يائسة للضغط على مصر لكى تتراجع عن دعمها للشعب الفلسطينى الشقيق، أو تكف عن سعيها على كل الأصعدة للجم العدوان الإسرائيلى الفاشى وكل مخططات تصفية القضية الفلسطينية.

ونرى أن تلك الهجمات لا تعكس سوى التخبط والفشل فى تحقيق أهداف الحرب، وهى بكل تأكيد تستهدف (لحسابات ضيقة ومصالح شخصية لبنيامين نتنياهو) راعى المفاوضات الناجح الذى استطاع إبرام صفقة دفعات تبادل ووقف إطلاق نار ناجحة مراراً قبل وبعد 7 أكتوبر 2023، وصاحب المصداقية والتأثير على قادة المقاومة.

. والقدرة على التنسيق مع كل الأطراف.

تاريخياً ينظر قطاع من المجتمع الإسرائيلى على أن مصر هى امتداد لفرعون الخروج الذى أذاق بنى إسرائيل العذاب ونكّل بهم، ويعتقدون أن مصر لذلك تحاول إضعاف إسرائيل وتكبيلها. ويعلمون أن مصر منذ محمد على ولها موقف ثابت داعم للفلسطينيين ورافض لمؤامرات الاحتلال وسعيه للتوسع والاستيلاء على أراضى الشعوب العربية كلما أمكن، حيث رفضت الإدارة المصرية التى كانت تحكم الشام من 1831-1841 كل محاولات الصهيونية التسلل لإقامة دولة على حساب الفلسطينيين وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت القوى الاستعمارية للتحالف ضد مصر وضرب أسطولها لكى توقع اتفاقية لندن، ويحكم الشام من غض البصر، وسمح بإقامة مؤسسات ومستوطنات وقدوم هجرات صهيونية هى الأولى من نوعها لأرض فلسطين. جهود مصر السياسية التوعوية تمثلت فى عقد مجموعة من المؤتمرات منها مؤتمر إنشاص، ثم دفعها بمتطوعين معززين بعناصر من المدفعية ثم قوات نظامية حققت الكثير من المكاسب أضاعت معظمها خسارة حرب 1948 للأسباب المعروفة للجميع. وتوالت الحروب، وقدمت مصر الدعم للمقاوم والمفاوض الفلسطينى بعد ذلك، وكما حررت كامل أرضها بالسلاح وبمعارك دبلوماسية وقانونية سمحت للفلسطينيين أن يعودوا لأرضهم حاملين أسلحتهم فى وضح النهار وأمام الكاميرات. حينما سبقت القوة 17 وغيرها من قوات الأمن الفلسطينية الأراضى الفلسطينية تمهيداً لعودة الزعيم الراحل ياسر عرفات.

وإذا عدنا للفترة الحالية سنجد أن مصر دعت مراراً لتغليب صوت الحكمة والسلام حيث انطلقت جهودها بشكل واضح على هامش افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لمحطة كهرباء أسيوط عام 2016 ومنبر الأمم المتحدة بعد ذلك، حيث أوضح أن هناك فرصة حقيقية لإقامة سلام عادل قائم على حل الدولتين والعودة لحدود 4 يونيو 67. كما حذرت مصر فور تشكيل حكومة الخراب الحالية فى ديسمبر 2022 من ممارسات فى القدس والضفة من شأنها تفجير استقرار المنطقة الهش. الجانب الإسرائيلى يدرك جيداً حجم الدعم المصرى الرسمى والشعبى للفلسطينيين، وحقيقة أن كثيراً من أوراق الضغط فى جعبة مصر جاهزة إذا ما وصلت محاولات استكمال دفعات تبادل الأسرى والاتفاق على وقف إطلاق نار مستدام لطريق مسدود.

أزمة تل أبيب الحقيقية بقيادة نتنياهو هى المراهنة على قبول مصر أو تعاونها وسماحها بـ«تقليل عدد سكان قطاع غزة»، وهو التوصيف المخادع لخطط الترحيل الجماعى للفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وإعادة المستوطنات إلى غزة، لكن القيادة السياسية الوطنية المحنكة اعتبرت هذا الأمر «خط أحمر»، وأصرت على دخول الإغاثة لتثبيت الشعب الفلسطينى على أرضه، واقترحت أن يتم النقل المؤقت للسكان إلى صحراء النقب. وهو الاقتراح الذى جاء ضده مئات من التعليقات الإسرائيلية الغاضبة الرافضة لكون الاحتلال يعلم أن النقب بالفعل منطقة شبه خالية، وأن نحو 80% من سكان قطاع غزة هم من النازحين من النقب وغيرها من مناطق الـ48، وأن فى هذا سعياً لقلب الطاولة على المخطط الرئيسى، بل والعودة بالفلسطينيين لحدود 48. كما اعتبرت تل أبيب انضمام القاهرة للدعوى المرفوعة فى محكمة العدل الدولية طعنة فى الظهر لاستشعارها الخطورة من خبرة قانونية متراكمة، وأيضاً إثباتات على ارتكاب حكومة نتنياهو جريمة الإبادة ضد الشعب الفلسطينى.

فهل يقتنع الرأى العام الإسرائيلى بأن كيل الاتهامات للآخرين وعلى رأسهم مصر، وأن سياسة حافة الهاوية واختلاق الأكاذيب لن تجدى نفعاً بدليل الفشل فى تحقيق أهداف الحرب واستمرار الرشقات الصاروخية، وعدم القدرة على تحرير المحتجزين والأسرى -أو بالأحرى من تبقى منهم على قيد الحياة- سواء بالدهاء أو بالقوة؟ المجتمع الإسرائيلى يريد الإفراج عن المحتجزين والأسرى وليس اقتحام رفح أو حتى اغتيال السنوار، فى حين أن تحركات حكومته ستؤدى (بعد خسائر فادحة) لمقتل أغلب المحتجزين، وتهديد استقرار المنطقة، مع ملاحظة الجميع أن حكومة نتنياهو عادت للمربع رقم صفر أى للقتال فى شمال القطاع الذى كانت قد زعمت أنها سيطرت عليه ودمرت مقاومته ولم يتبق سوى 4 كتائب للمقاومة فى رفح!

* عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية والباحث المتخصص فى الشئون الإسرائيلية

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر فلسطين أن مصر

إقرأ أيضاً:

أحمد جمال يكتب: الأهلي كان نايم في ميامي.. وصحِي على كابوس اسمه بالميراس!

 

منذ اللحظة الأولى لوصولي إلى أمريكا، لم أتحدث مع أحد عن مباريات الأهلي في كأس العالم للأندية 2025 إلا وقلت له: مباراة ميامي هي الأضعف، ومواجهة بالميراس هي الأصعب، وبورتو في المرتبة المتوسطة من حيث القوة. وبعد ما شاهدناه من بالميراس أمام بورتو أمس، تأكدت أن توقعي كان في محله، بل ربما كنت أُقلل من حجم التحديات!

بالميراس يُرعب الكبار

في اللقاء الذي جمع بالميراس ببورتو، الفريق البرازيلي قدّم أداءً مرعبًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، و”بهدل” الفريق البرتغالي أحد أعرق أندية أوروبا، والذي يشارك بصفة دائمة في دوري أبطال أوروبا. بالميراس كان قريبًا جدًا من الفوز لولا العارضة التي حرمته من هدف قاتل، في مباراة أثبت فيها أنه فريق قوي بدنيًا بشكل غير طبيعي، وضغطه العالي شرس لدرجة أن بورتو لم يستطع بناء هجمة واحدة على الأرض!

الأهلي أضاع على نفسه الفرصة الذهبية

بعد تعادل الأهلي المخيب أمام إنتر ميامي، أصبحت الحسابات أكثر تعقيدًا. الأهلي فرّط في 3 نقاط كانت ستكون الأسهل نسبيًا في المجموعة. ما هو قادم أصعب بكثير، سواء أمام بالميراس القوي بدنيًا، أو بورتو المنظم تكتيكيًا. الأهلي ضيّع الفرصة التي كانت ستجعله في موقف مريح، والآن عليه أن يُقاتل بشراسة إذا أراد التأهل.

ربيع ياسين: ريفيرو لا يملك السيطرة على لاعبي الأهلي سليمان: شخصية الزمالك قادته للتتويج بلقب كأس مصر

الأداء الجيد لا يكفي وحده

رغم أن الكثيرين رأوا أن الأهلي قدّم شوطًا أول قويًا أمام ميامي، إلا أن هذا المستوى لن يكون كافيًا في المباريات القادمة. نفس الأداء، إن تكرر، قد يمنح الفريق تعادلًا أمام بورتو، لكنه لن يصمد كثيرًا أمام الضغط البرازيلي من بالميراس.

الخلاصة: القادم أصعب

مونديال الأندية في نسخته الجديدة بأمريكا 2025 كشف مستوى تنافسي غير مسبوق، خاصة في مجموعة الأهلي. الفريق القاهري لم يعد أمامه سوى القتال على النقاط المتبقية، وتقديم أداء استثنائي أمام بالميراس وبورتو، إن أراد العبور إلى الدور التالي. المهمة صعبة، ولكن الأهلي اعتاد أن يُحارب حتى النهاية.

ربنا يستر على الأهلي!

مقالات مشابهة

  • أحمد جمال يكتب: الأهلي كان نايم في ميامي.. وصحِي على كابوس اسمه بالميراس!
  • أزمة العالقين.. حكومة نتنياهو تمنع إجلاء الإسرائيليين إلى الخارج
  • وزير الثقافة يشهد عرض “كارمن” بمسرح الطليعة.. ويشيد بصناعه| صور
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: قراءات فينا والأخلاص وحده لا يكفي
  • أحمد فؤاد أنور : الفشل الذريع لمنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية يعيد التساؤلات حول جاهزية الجيش
  • البرازيل تدرس قطع التعاون العسكرى مع إسرائيل ردا على الإبادة الجماعية فى غزة
  • إسرائيل: لسنا قادرين على التصدي للصواريخ الإيرانية والحل بمهاجمتهم
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أوراق…إسمها عملة)
  • إعلام عبري: إجلاء عائلات وزراء ومسؤولين في حكومة نتنياهو إلى ملاجئ محصنة تحت الأرض
  • وزير الثقافة يشهد عرض سجن النسا .. صور