قمة كبار آسيا.. قراءة في التوقيت والرسائل
تاريخ النشر: 28th, May 2024 GMT
اتجاهات مستقبلية
قمة كبار آسيا.. قراءة في التوقيت والرسائل
للمرة الأولى منذ خمس سنوات انعقدت القمة الثلاثية بين زعماء الصين واليابان وكوريا الجنوبية في العاصمة الكورية سيول، في وقت حساس يواجه فيه العالم تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة. جاءت القمة بهدف تعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق الاستقرار في منطقة شرق آسيا التي تعد من أكثر المناطق ديناميكية وتأثيرًا في العالم.
خلفية القمة وأهميتها
تعدُّ القمم الثلاثية بين هذه الدول الثلاث جزءًا من جهود مستمرة لتعزيز الحوار والتعاون بين القوى الاقتصادية الكبرى في آسيا. وتأتي هذه القمة في سياق توترات متزايدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما في ذلك التنافس الاقتصادي مع الولايات المتحدة، والتحديات البيئية، والمسائل الأمنية المتصلة ببرنامج كوريا الشمالية النووي.
وقد اتسعت أجندة القمة لتشمل عدة مجالات ذات أولوية للدول الثلاث: أولها، التعاون الاقتصادي حيث ناقش الزعماء سبل تعزيز التكامل الاقتصادي والتجاري بين بلدانهم. وتركزت المباحثات على إزالة الحواجز التجارية، وتعزيز سلاسل التوريد، ودعم المشاريع الابتكارية والتكنولوجية المشتركة. ويعتبر التعاون الاقتصادي أمرًا حيويًا لتحقيق الاستقرار والنمو المستدام في المنطقة. أما ملف الأمن الإقليمي، فقد كان موضوعًا محوريًا في المباحثات، خصوصًا في ظل التوترات في شبه الجزيرة الكورية. ناقش الزعماء سبل تخفيف التوترات وتعزيز الحوار مع كوريا الشمالية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدفاعي لمواجهة التهديدات المشتركة، ولم تغفل القمة أهمية النقاش حول التحديات البيئية، حيث تطرقت أيضًا إلى قضايا البيئة والتغير المناخي. وتم التأكيد على أهمية التعاون في مواجهة التحديات البيئية، مثل تلوث الهواء والمياه، والكوارث الطبيعية.
وقد ناقش الزعماء كيفية العمل معًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية. وقد كان لملف التبادل الثقافي والتعليمي موضعًا في هذه القمة، حيث شمل جدول الأعمال أيضًا مناقشات حول تعزيز التبادل الثقافي والتعليمي بين الدول الثلاث. كما تم التأكيد على أهمية التعاون في مجالات التعليم، والسياحة، والثقافة لتعزيز التفاهم المتبادل وبناء جسور التواصل بين الشعوب. أما عن أهم النتائج والتوقعات المترتبة على القمة فقد خرجت القمة بعدة اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون في المجالات المذكورة. من المتوقع أن تسهم هذه الاتفاقيات في تقوية العلاقات بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية، مما يساعد على تحقيق الاستقرار والنمو في المنطقة. وشدد الزعماء على ضرورة استمرار الحوار والعمل المشترك لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق المصالح المتبادلة. وبرغم النجاحات التي حققتها القمة، فإن التحديات التي تواجهها الدول الثلاث وإقليم شرق آسيا لاتزال قائمة؛ فالتوترات السياسية، والتنافس الاقتصادي، والقضايا الأمنية تستدعي مزيدًا من الجهود والتنسيق بين الدول الثلاث. لذا يتعين على الزعماء مواصلة العمل على تعزيز الثقة المتبادلة والتعاون البنَّاء لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة.
في الختام، تُعتبر القمة الثلاثية لزعماء الصين واليابان وكوريا الجنوبية، في سيول، خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الإقليمي في شرق آسيا. ونجاح هذه القمة يبرز أهمية الحوار والتعاون في مواجهة التحديات العالمية، وتحقيق التنمية المستدامة لجميع الشعوب المعنية، كما أنها قد تكون رسالة للقوى الكبرى عن احتمالات التحرك الإقليمي للتعامل مع التحديات بعيدًا عن أروقة المؤسسية التقليدية الدولية أو الإقليمية.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
قمة صينية خليجية آسيانية.. نحو شراكة اقتصادية في زمن التحول
كوالالمبور- يرى مراقبون للتطورات السياسية والاقتصادية في جنوب شرقي آسيا أن منظمة آسيان، التي تضم 10 دول، تسعى لاستقطاب الصين ودول مجلس التعاون الخليجي بهدف تشكيل كتلة اقتصادية عالمية فاعلة ومؤثرة، حيث يقدر حجم الناتج المحلي للكتل الثلاث بما يزيد عن 23 ترليون دولار سنويا.
وكرر رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم تصريحاته، حين افتتاح قمة آسيان والخليج ثم قمة آسيان والصين والخليج الثلاثاء، بأن قمة كوالالمبور استثنائية وتمثل نموذجا للتعاون في عالم متعدد الأقطاب.
واعتبر أن حضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للقمة الثلاثية منحها زخما خاصا، ويؤشر إلى حرص قطر على بناء جسور التعاون بين دول مجلس التعاون وآسيان والصين.
عقدنا اليوم في كوالالمبور القمة الثانية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول آسيان، في إطار تعزيز الشراكة مع هذا التكتل الآسيوي الحيوي.
نتطلع إلى أن تُسهم مخرجات القمة في توسيع آفاق التعاون التجاري والاقتصادي والسياسي بما يخدم مصالح شعوبنا المشتركة. pic.twitter.com/5uqKvdtC7X
— تميم بن حمد (@TamimBinHamad) May 27, 2025
شراكات مرتقبةوأشار أنور إبراهيم، بصفته رئيس الدورة الحالية لآسيان، إلى الشراكات الاقتصادية المرتقبة بين المجموعات الثلاث، والتي قال إنها تهدف إلى تشكيل مركز للاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات والطاقة، وأشاد بالتجربة الصينية في التحول، بداية في مكافحة الفقر بفعالية، والأداء الاقتصادي المتميز ثم التحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة.
إعلانواستنادا إلى الأرقام الاقتصادية فإن هناك فرصا للتحول ولشراكة اقتصادية واعدة، بحسب ما ذكره رئيس الوزراء الماليزي، الذي قال "إن الناتج المحلي لمجموعة آسيان يقدر بنحو 3.8 مليارات، وهذا ما يصنفها رابع قوة اقتصادية في العالم، بينما بلغ حجم تجارة كتلة آسيان مع دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 130 مليار دولار، أما الصين فهي الشريك الاقتصادي الأكبر لآسيان بحجم تجارة يصل إلى 700 مليار دولار.
بدوره اعتبر ولي العهد الكويتي صباح الخالد الصباح، أن القدرات السكانية والاقتصادية والتكنولوجية لكل من آسيان والصين والخليج تؤسس لتعاون بناء في مختلف المجالات، ومواجهة التحديات المتمثلة في البيئة ومحاربة الإرهاب والأمن السيبراني والجريمة الإلكترونية.
وتوقع الصباح، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجس التعاون لدول الخليج العربية، أن يرتفع مستوى التبادل التجاري بين دول الخليج وآسيان إلى 180 مليار دولار بنسبة 30% بحلول العام 2032، وأشار إلى إمكانية الاستفادة من تجربة دول آسيان في تكنولوجيا الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
وقد اعتبر رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في كلمته في القمة الثلاثية أن الشراكة تهدف إلى تقديم نموذج للتعاون يتناسب مع الظرف الزماني، والتغيير في مجالات النمو، بالاستفادة من إمكانات المناطق الاقتصادية الثلاث التي يصل حجم إنتاجها إلى ربع إنتاج العالم.
وأعرب تشيانغ عن استعداد بلاده للدخول في حوار آسيان ومجلس التعاون من أجل الوصول إلى منطقة تجارة حرة، والعمل على إقامة سوق مشتركة للمجموعات الثلاث "الصين وآسيان والخليج".
وشدد رئيس الوزراء الصيني على الحاجة إلى بناء نموذج للتعاون التنموي على جميع المستويات، معتبرا أن الاختلاف بين المجموعات والدول في مستويات النمو يجب أن لا يكون عائقا أمام التعاون والتنمية، وأن الاختلاف قد يكون حافزا للتعاون، وأعرب عن رغبة الصين في تقديم خبراتها في مجال التحول للدول الأقل نموا.
#الصين: نتطلع لتوسيع التعاون مع دول “آسيان” ومجلس التعاون الخليجي لدعم نظام التجارة متعددة الأطراف pic.twitter.com/d6tJnlBrmS
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 22, 2025
إعلان أبعاد غير اقتصاديةتتفق المجموعات الثلاث على أن العلاقات بينها تتجاوز الاقتصاد إلى الروابط التاريخية والحضارية والثقافية، وقد استحضر رئيس الوزراء الماليزي العلاقات التاريخية عبر طريق الحرير وممر ملقة الإستراتيجي، مثل معبرا للحضارات وتبادل الخبرات بين الشرق والغرب عبر التاريخ، والممرات البحرية الإستراتيجية في الشرق الأوسط ومحاولة تعزيز الروابط بين منطقتي شرق آسيا وغربها، ولتكون حلقة وصل بين الغرب والشرق.
وبينما اعتبر أنور إبراهيم أن مكة والمدينة مثلتا مركزا روحيا لمختلف المجمعات البشرية فإن لي تشيانغ اعتبر أن القوى الثلاث، يمكنها بناء حضارة مشتركة، ترتكز على قيم التنوع التي قامت عليها آسيان، وتعزز العلاقات الشعبية بين المناطق الثلاث، وأكد دعم الصين حوار الحضارات.
ونفى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، أن يكون تشكل تكتل اقتصادي جديد على حساب كتل اقتصادية أخرى، وقال إن دول الخليج العربي تقف على مسافة واحدة مع دول العالم، وأن الولايات المتحدة واحدة من أهم الشركاء الاقتصاديين لمجلس التعاون، وكذلك الشراكة الإستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي.
وأكد أن دول مجلس التعاون لا تفرق بين التكتلات الاقتصادية، وأن الجامع بينها المصلحة المشتركة.
وشدد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في حديثه للجزيرة نت، على الحاجة للتكامل الاقتصادي، وبحث كل كتلة اقتصادية عن إمكانات الكتل الأخرى.
وأشار إلى تطلع دول الخليج إلى الأمن الغذائي والزراعة والاقتصاد الأزرق، وأضاف أن فتح الأسواق سيكون في خدمة جميع شعوب المناطق الثلاث.
أما يي سن الباحث في مركز آسيا والمحيط الهادي (آسيا باسيفيك) فيرى أن الشراكة الخليجية الآسيانية الصينية تواجه تحديات، أبرزها الهوة الواسعة بين مداخيل الأفراد من دولة لأخرى.
إعلانواستطرد أن التحولات الاقتصادية تسير بسرعة في عهد التكنولوجيا والتواصل الرقمي، وإذا ما تمكنت هذه الدول من تعزيز الشراكات وتبادل الخبرات فإن رؤية آسيان 2045 في الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي قد تتحقق قبل هذا التاريخ.
ويعتقد سَن الخبير في سياسات آسيان، أن الرسوم الجمركية الأميركية أضرت بمركزية مجموعة آسيان، حيث تواجه صعوبة في التوافق على موقف موحد في التعامل المستقبلي مع الولايات المتحدة، وقد تؤثر السياسة التي تسلكها كل دولة منفردة على مركزية آسيان ووحدتها، لا سيما في التعامل مع العالم الخارجي.
أما الدكتور إي تي كوماراجان نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة في ماليزيا فيرى أن الوضع الإستراتيجي لآسيان يتعلق بالتجارة وحاجة الصين للطاقة التي تأتي 80% منها من الشرق الأوسط عبر ممر ملقة.
وتوسط آسيان الجغرافي يضعها في موقع إستراتيجي يربط بين الشرق والغرب، ليس فقط في مجال الاقتصاد، وإنما كذلك في الأمن الاجتماعي والسياسي، وأشار إلى أن دول آسيان اتفقت على الدخول في مرحلة ثانية من علاقاتها، بينها والعالم، وذلك من خلال الدخول في شراكات مع الكتل الاقتصادية المشابهة.
وقال الخبير في مجال التجارة الدولية، إن دول آسيان تفتح فرصة لزيادة استثمارات الصناديق السيادية لدول مجلس التعاون والتي تشكل 40% من احتياطي الصناديق السيادية في العالم، بينما تحل في المرتبة 16 بين الدول المستثمرة في منطقة آسيان.
يبقى في رأي الدكتور كوماراجا، أن تحافظ آسيان على هويتها التي تبنتها عند تأسيسها عام 1967، والمتعلقة بالتنوع الثقافي والانفتاح على الآخرين ضمن نظام دولي عادل، مشيرا إلى الاضطراب الذي يعاني منه النظام الدولي حاليا والذي كشفت عنه الرسوم الجمركية الأميركية.
إعلان