الدلال.. مهنة يمنية قديمة تقاوم الانقراض في ريف تعز!
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
يمن مونيتور/إفتخار عبده
كان الريف اليمني في السابق يشهد فجوةً كبيرة بينه وبين المدينة؛ نتيجة انعدام وسائل النقل كالسيارات والدرجات النارية، وعدم توفر طرقات مناسبة لهذه الوسائل.
وكان الريفيون لا يزورون أسواق المدينة إلا في الأسبوع مرةً واحدة على الأكثر؛ ولهذا سُميت الكثير من الأسواق باسم اليوم الذي يتوافد إليها الباعة والمشترون.
ظهر بعد ذلك” الدلال” فاعتمد عليه الريفيون في شراء الكثير من أمورهم الحياتية كالملابس وأدوات الزينة، والبهارات، والكثير من الأواني المنزلية وغيرها من الأمور التي يقدر الدلال على حملها فوق ظهره.
وبعد مرور السنوات تطور الريف اليمني وتم فتح الطرقات الخاصة بالسيارات والدراجات النارية، وبات التنقل بين الريف والمدينة في متناول جميع أبناء الريف، وهذا ما أتاح الفرصة للكثير منهم في امتهان التجارة، وفتح المحال التي تبيع كل المتطلبات التي يحتاجها المواطن الريفي.
هذا الأمر أثار نوعًا من الشبع لدى الناس في الريف، إلا أن القبول على الدلال ما يزال كبيرًا وحضوره وتنقله بين الأحياء ما يزال قائمًا رغم المنافسة الكبيرة الحاصلة ضده من تجار القرى.
ويرى الكثير من الريفيين أن المحال الموجودة داخل القرى لا تغني عن الدلال، مشيرين إلى أن الأسعار التي يتخذها تجار القرى تكون ثابتة بعكس ما هو حاصل لدى الدلال، الذي يقدر الناس على التفاوض معه وشراء الحاجات بسعر أقل.
خالد منصور ( 55 عامًا من أبناء مديرية ماوية، يعمل في مهنة الدلالة بالملابس)، يقول لـ” يمن مونيتور” لي في العمل بهذه المهنة أربعون عامًا، بدأت بها وأنا في بداية شبابي كنت أخرج للقرى مع أحد أقاربي ثم بقيت عليها في الحصول على قوت الحياة لأسرتي”.
المشي مسافات طويلة
وأضاف منصور لـ” يمن مونيتور” أقوم بشراء الملابس من منطقة مفرق ماوية وبعدها أركب مع الماشي إلى بداية مديرية سامع إذا كنت سأبيع في مديرية سامع، وإلى بداية مديرية الصلو إذا كنت سأبيع هناك وبعدها أمشي على الأقدام طرقات طويلة”.
ويمشي منصور بضعة كيلو مترات متنقلًا بين مديريتي سامع والصلو.. وفي الرحلة الواحدة يستمر من ثلاثة إلى أربعة أيام وبعدها يعود إلى منطقته مستعدًا لرحلة أخرى.
حملٌ ثقيل
وأردف” أحمل على ظهري بضاعة يصل وزنها تقريًبا إلى عشرين كيلو أو أكثر يخف وزنها كلما بِعتُ أكثر، وهذه البضاعة موزعة بين ملابس النساء والأطفال والمواليد و بعض الملابس الرجالية التي يتم طلبها”.
وتابع” بهذه الفترة أجد القبول على بضاعتي لا بأس به، لكنه قبل الحرب كان قبولًا كبيرًا وكنت أحصل على فارق كبير في السعر، أما الآن فأنا أبيع إذا حصلت على فارق بسيط لا يضرني، ولهذا أحظى بقبول من الناس”.
وواصل” أحيانًا أخرج في رحلة البيع وحدي وأحيانًا يرافقني أحد أبنائي، أو يرافقني أحد الأصدقاء من الباعة الذين ترافقنا معهم سنوات طوال”.
ولم تدع الحرب من أبناء الوطن أحدًا إلا وأصابته بالكثير من التعب حتى الدلالين الذين انحنت ظهورهم وهم يبحثون عن فارق بسيط في السعر، تعرضوا للكثير من الويلات الناتجة عن الحرب.
يؤكد ذلك منصور قائلًا” الحرب أثرت علي كثيرًا من ذلك: في الغلاء الفاحش في سعر الملابس التي أشتريها وهذا ما يضطرني إلى التنازل كثيرًا في البيع، وكذلك الحذر الشديد من الوقوع في السجن فقد تم الزج ببعض أصدقائي في السجن والمساءلة تحت تهم لم يقوموا بها”.
في السياق ذاته تقول، نبيلة الأحمدي ( 52 عاما) إن:” مهنة الدلال سواء كانت ببيع الملابس، أو الأواني المنزلية أو البهارات ما تزال مستمرة منذ القدم، من قبل العديد من الباعة الذين يجوبون الأرياف والمناطق الجبلية باستمرار، لاسيما قبيل الأعياد في بيع الملابس أو قبيل رمضان في بيع البهارات و أواني المطبخ “.
قابل للتفاوض
وأضافت الأحمدي لـ”يمن مونيتور” الكثير من الأسر وبشكل مستمر تقوم بشراء كسوة العيد لنسائها وأطفالها من هؤلاء الباعة المتجولين؛ لأنهم يبيعون بأسعار أقل من تجار القرى، بالإضافة إلى أنه هناك مجال لدى الدلالين في المفاوضة على الأسعار، لا كما هو حاصل لدى تجار القرى الذين يضعون التسعيرة التي يرغبون بها ولا يتنازلون عنها”.
وتابعت” الأطفال يفرحون عندما يمر الباعة، وينادون لأمهاتهم كي يذهبن للشراء؛ إذْ إن الدلال يمر بطرق معينة في القرى، يستمر في المضي فيها كل مرة، ويرى لأطفال أنه من واجبهم إشعار الأهل بقدوم الدلال”.
وأردفت” الكثير من الأهالي يعتمدون على الدلالين في شراء الملابس؛ كونهم يوفروا عليهم عناء الذهاب إلى السوق، والأخطاء التي قد تحدث بسبب عدم معرفة مقاس الأطفال والنساء، كذلك لبعد الطريق عن المدينة، ومساواة أسعار الدلال مع أسعار المدينة في أغلب الأوقات”.
وأشارت إلى أن” بعض الدلالين يبيعون أواني منزلية من نحاس وبلاستك وأحيانًا أواني فخارية، ويتجولون بجوار المنازل وينادون، بأسماء الأواني، فيبادر الأهالي لشرائها”.
وأكدت بأن” هذه المهنة ما تزال تقاوم الانقراض على الرغم من توفر العديد من المحال التجارية في الأرياف، وسهولة جلب البضائع من المدينة إلى الأرياف عبر السيارات”.
وأشارت إلى أنه” خلال السنوات الأخيرة هناك دلالة أخرى عبر السيارات، فالعديد من السيارات باتت تصل إلى الكثير من مناطق الأرياف ويبيع سائقوها المواد المنزلية والغذائية، وغيرها من المستلزمات التي يحتاجها السكان وبأسعار أقل من الدكاكين لكن حضورها شبه نادر”.
وأوضحت بأن” بعض المناطق الريفية التي لا تحتوي، على طرق سيارات، أو فيها طرق وعرة للغاية لايزال الدلالون يذهبون إليها باستمرار ويحظون بقبول كبير من الناس فيها”.
من جهته يقول قائد السامعي(75 عامًا)” بدأ الدلال يزور منطقتنا قبل أكثر من أربعين عامًا تقريبًا، وأما قبل ذلك فقد كنا نعتمد على الأسواق الشعبية التي تقام في مناطق بعيدة عنا والتي لا تفتح إلا في أيام محددة من الأسبوع”.
وأضاف السامعي لـ” يمن مونيتور” عندما بدأ الدلال بالتنقل في القرى خفف عنا الكثير من الجهد، وكان الإقبال عليه بكثافة كبيرة، وقد كانت النساء حينها تشعر بالسعادة الكبيرة وكأن أسواق المدينة قد جاءت إليها بكلها”.
وأردف” بدأ حضور الدلالين إلى القرى، من الذين يبيعون المواد الفخارية، بعدها بدأ الدلالون الذين يبيعون الأواني المعدنية والذين يبيعون اللوز والبهارات وأدوات التجميل البدائية كالكحل وأنواع الكركم وغيره من الإكسسوارات القديمة وأما بائعو الملابس فقد جاؤوا متأخرين عن هؤلاء”.
وتابع” عندما جاء بائعوا الملابس سعدنا جميعنا بذلك؛ لأننا كنا نأخذ أطفالنا إليه ونشتري ما يناسبهم من المقاس وكذلك النساء تشتري بحسب ما ترغب ولم نعد نهتم لأمر الكسوة”.
وواصل” حاليا كثرت المحال التجارية وهذا لا يعني أن نسبة الإقبال على الدلالين قلت بشكل كبير، بالعكس من ذلك فقد كثرت المحال التجارية وزاد الإقبال على الشراء ليس كما كان في السابق، في الزمن الذي كنا لا نشتري الملابس إلا لمناسبة العيد فقط، أما الآن فالنساء تشتري باستمرار”.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الدلال الريف اليمن یمن مونیتور الکثیر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
وراء الكواليس.. اكتشف سر أناقة أزياء جوليا روبرتس في فيلمها الجديد
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تؤدي الممثلة الأمريكية جوليا روبرتس دور أستاذة بجامعة ييل في فيلم المخرج الإيطالي لوكا جوادانيينو الجديد "After the Hunt" (بعد المطاردة)، حيث تُجبر على اختيار جانب محدد عندما يتهم طالب متميز لديها أحد أعضاء هيئة التدريس بالاعتداء الجنسي.
يتسم كل مشهد في الفيلم بالتوتر والتعقيد، إذ مع تصاعد الأحداث بين آيو إديبيري وأندرو غارفيلد، اللذين يجسّدان دور المتَّهِمة والمُتَّهم على التوالي، ينخرط الجميع في معركة فكرية مليئة بالمناورات الدقيقة. مع ذلك، ما يلفت الانتباه بوضوح يتمثل بأزياء الشخصيات، حيث أنها حادة ومعبّرة تمامًا مثل الحوار ذاته.
وتتحقق بفضل مصممة أزياء الفيلم جوليا بيرسانتي الخيارات الأنيقة في الملابس التي تعبر عن معانٍ أعمق وتجسد ديناميات القوة بين الشخصيات.
تتمتّع شخصية جوليا روبرتس، ألما إيمهوف، سواء كانت تُدرّس صفًا في المؤسسة العريقة أو تتناول مشروبًا في حانة بعد ساعات العمل، بذوق واضح في اختيار الأزياء الأنيقة ذات الطابع الكلاسيكي الجامعي.
تميل الشخصية إلى القطع الكريمية اللون المفصلة بعناية، من علامات فاخرة مثل "ذار رو" و"سيلين" و"لومير"، كما تختار أحيانًا قطعًا قديمة من علامة "رالف لورين" و"L.L. Bean".
ويُلاحَظ أن أسلوبها ينعكس بشكل متقارب مع إطلالات شخصية ماجي برايس التي تجسّدها إديبيري، والتي ترتدي أزياء للمصمّمة البريطانية الشابة غريس ويلز بونر، لتظهر في إطلالات أنيقة بالقدر ذاته وإن لم تكن باهظة الثمن إلى تلك الدرجة.
يستطيع المشاهد من خلال هذه التفاصيل الدقيقة أن يلمح توق ماجي لنيل إعجاب ألما، وربما شيئًا أعمق من ذلك.
قالت بيرسانتي في مقابلة مع CNN خلال مهرجان البندقية السينمائي في أغسطس/آب: "أردت أن أتناول فكرة الأنماط المتشابهة في المظهر، لكنها تُرتدى من قبل شخصيات مختلفة، وبالتالي بأساليب وتنسيقات ونِسَب مختلفة"، موضحة أن "النساء في الفيلم، يرتدين قطعًا متشابهة جدًا، مثل سترات وقمصان بأزرار ، أي الطابع العام الأكاديمي للملابس. لكن ألما تمثل النسخة الأكثر أناقة وعصرية، بينما تحاول ماجي تقليدها بارتداء نسخة أكثر شبابًا من إطلالاتها".
مدرجات أزياء باريس مقابل الشاشة الكبيرةوُلدت بيرسانتي في روما، لكنها تنقلت خلال طفولتها ومراهقتها بين باريس ولوس أنجلوس قبل أن تتوجه إلى نيويورك للدراسة في مدرسة "بارسونز" لتصميم الأزياء.
عندما بلغت العشرين من عمرها في التسعينيات، عُرضت عليها فرصة للعمل في دار "ميو ميو" في ميلانو.
تعيش بيرسانتي اليوم بين ميلانو وروما، وقد تخصصت في الملابس المحبوكة، لتتولى مهام التصميم لاحقًا في دور أزياء كبرى، مثل "بالنسياغا" و"لانفان" و"Alaïa".
وتشغل اليوم منصب رئيسة قسم التصميمات المحبوكة في مجموعات النساء والرجال لدى "سيلين" التابعة لمجموعة "LVMH"، إلى جانب استمرارها في مجال تصميم أزياء السينما.
أشارت بيرسانتي إلى أن تصميم الأزياء للأفلام جاء بالصدفة، إذ كانت تحب السينما منذ المراهقة وكانت غالبًا تهرب من الصفوف لمشاهدة الأفلام بمفردها.
بدأت علاقتها المهنية مع المخرج لوكا جوادانيينو في عام 2015، عندما طُلب منها التعاون في فيلم "A Bigger Splash"، بعدما أعجب بفهمها للسلوكيات الاجتماعية المعقدة.
رُغم خوفها من حجم المسؤولية، إلا أنّها بدأت العمل فورًا، وحقق الفيلم نجاحًا مع إشادة خاصة بالأزياء المُستخدمة.
منذ ذلك الحين، أصبحت بيرسانتي المتعاونة المفضلة لجوادانيينو، حيث نسّقت أزياء أفلامه اللاحقة.
وأوضحت بيرسانتي أن كل مشروع يتطلب تفكيرًا عميقًا، إذ يجب الموازنة بين تصميم الأزياء للشاشة الكبيرة والأشخاص العاديين.
خيارات صغيرة لكنها تحمل معنى كبيريقدّم فيلم جوادانيينو الأخير شخصيات معقدة في سياق زمني يعود إلى عام 2019، بعد صعود حركة "أنا أيضًا" (#MeToo)، التي سعت إلى محاسبة الرجال على ما ارتكبوه من اعتداءات واستغلال جنسي بحق النساء، وذلك في فترة شهدت احتدام النقاش حول العدالة الاجتماعية وثقافة الإلغاء.
على عكس أفلامه السابقة، يركز الفيلم على القوة والانطباعات البصرية وليس على الحب أو الجنسانية.
قالت بيرسانتي إنها استخدمت النص كنقطة بداية، بينما قام جوادانيينو بشرح الشخصيات وما يريد قوله عنها في بداية المشروع، لتختار بعدها المصممة الملابس، وتبدأ بالبحث البصري وتعليق الصور على جدران قسم الأزياء، حيث تكون الفكرة واضحة للممثلين عند تجربة الملابس.
رأت بيرسانتي أن التفاصيل الصغيرة في الملابس تعتبر شكلاً من أشكال التواصل غير اللفظي، مؤكدةً أن الجميع يتخذ خيارات حول ما يرتديه أو يشتريه، وفهم ذلك يساعدها على التصميم لكل من الزبائن والشخصيات في الفيلم.