يمن مونيتور/إفتخار عبده

كان الريف اليمني في السابق يشهد فجوةً كبيرة بينه وبين المدينة؛ نتيجة انعدام وسائل النقل كالسيارات والدرجات النارية، وعدم توفر طرقات مناسبة لهذه الوسائل.

وكان الريفيون لا يزورون أسواق المدينة إلا في الأسبوع مرةً واحدة على الأكثر؛ ولهذا سُميت الكثير من الأسواق باسم اليوم الذي يتوافد إليها الباعة والمشترون.

. من تلك الأسواق: سوق الأحد، وسوق الأربعاء، وسوق الخميس.

ظهر بعد ذلك” الدلال” فاعتمد عليه الريفيون في شراء الكثير من أمورهم الحياتية كالملابس وأدوات الزينة، والبهارات، والكثير من الأواني المنزلية وغيرها من الأمور التي يقدر الدلال على حملها فوق ظهره.

وبعد مرور السنوات تطور الريف اليمني وتم فتح الطرقات الخاصة بالسيارات والدراجات النارية، وبات التنقل بين الريف والمدينة في متناول جميع أبناء الريف، وهذا ما أتاح الفرصة للكثير منهم في امتهان التجارة، وفتح المحال التي تبيع كل المتطلبات التي يحتاجها المواطن الريفي.

هذا الأمر أثار نوعًا من الشبع لدى الناس في الريف، إلا أن القبول على الدلال ما يزال كبيرًا وحضوره وتنقله بين الأحياء ما يزال قائمًا رغم المنافسة الكبيرة الحاصلة ضده من تجار القرى.

ويرى الكثير من الريفيين أن المحال الموجودة داخل القرى لا تغني عن الدلال، مشيرين إلى أن الأسعار التي يتخذها تجار القرى تكون ثابتة بعكس ما هو حاصل لدى الدلال، الذي يقدر الناس على التفاوض معه وشراء الحاجات بسعر أقل.

خالد منصور ( 55 عامًا من أبناء مديرية ماوية، يعمل في مهنة الدلالة بالملابس)، يقول لـ” يمن مونيتور” لي في العمل بهذه المهنة أربعون عامًا، بدأت بها وأنا في بداية شبابي كنت أخرج للقرى مع أحد أقاربي ثم بقيت عليها في الحصول على قوت الحياة لأسرتي”.

 المشي مسافات طويلة

وأضاف منصور لـ” يمن مونيتور” أقوم بشراء الملابس من منطقة مفرق ماوية وبعدها أركب مع الماشي إلى بداية مديرية سامع إذا كنت سأبيع في مديرية سامع، وإلى بداية مديرية الصلو إذا كنت سأبيع هناك وبعدها أمشي على الأقدام طرقات طويلة”.

ويمشي منصور بضعة كيلو مترات متنقلًا بين مديريتي سامع والصلو.. وفي الرحلة الواحدة يستمر من ثلاثة إلى أربعة أيام وبعدها يعود إلى منطقته مستعدًا لرحلة أخرى.

حملٌ ثقيل

وأردف” أحمل على ظهري بضاعة يصل وزنها تقريًبا إلى عشرين كيلو أو أكثر يخف وزنها كلما بِعتُ أكثر، وهذه البضاعة موزعة بين ملابس النساء والأطفال والمواليد و بعض الملابس الرجالية التي يتم طلبها”.

وتابع” بهذه الفترة أجد القبول على بضاعتي لا بأس به، لكنه قبل الحرب كان قبولًا كبيرًا وكنت أحصل على فارق كبير في السعر، أما الآن فأنا أبيع إذا حصلت على فارق بسيط لا يضرني، ولهذا أحظى بقبول من الناس”.

وواصل” أحيانًا أخرج في رحلة البيع وحدي وأحيانًا يرافقني أحد أبنائي، أو يرافقني أحد الأصدقاء من الباعة الذين ترافقنا معهم سنوات طوال”.

ولم تدع الحرب من أبناء الوطن أحدًا إلا وأصابته بالكثير من التعب حتى الدلالين الذين انحنت ظهورهم وهم يبحثون عن فارق بسيط في السعر، تعرضوا للكثير من الويلات الناتجة عن الحرب.

يؤكد ذلك منصور قائلًا” الحرب أثرت علي كثيرًا من ذلك: في الغلاء الفاحش في سعر الملابس التي أشتريها وهذا ما يضطرني إلى التنازل كثيرًا في البيع، وكذلك الحذر الشديد من الوقوع في السجن فقد تم الزج ببعض أصدقائي في السجن والمساءلة تحت تهم لم يقوموا بها”.

في السياق ذاته تقول، نبيلة الأحمدي ( 52 عاما) إن:” مهنة الدلال سواء كانت ببيع الملابس، أو الأواني المنزلية أو البهارات ما تزال مستمرة منذ القدم، من قبل العديد من الباعة الذين يجوبون الأرياف والمناطق الجبلية باستمرار، لاسيما قبيل الأعياد في بيع الملابس أو قبيل رمضان في بيع البهارات و أواني المطبخ “.

قابل للتفاوض

وأضافت الأحمدي لـ”يمن مونيتور” الكثير من الأسر وبشكل مستمر تقوم بشراء كسوة العيد لنسائها وأطفالها من هؤلاء الباعة المتجولين؛ لأنهم يبيعون بأسعار أقل من تجار القرى، بالإضافة إلى أنه هناك مجال لدى الدلالين في المفاوضة على الأسعار، لا كما هو حاصل لدى تجار القرى الذين يضعون التسعيرة التي يرغبون بها ولا يتنازلون عنها”.

وتابعت” الأطفال يفرحون عندما يمر الباعة، وينادون لأمهاتهم كي يذهبن للشراء؛ إذْ إن الدلال يمر بطرق معينة في القرى، يستمر في المضي فيها كل مرة، ويرى لأطفال أنه من واجبهم إشعار الأهل بقدوم الدلال”.

وأردفت” الكثير من الأهالي يعتمدون على الدلالين في شراء الملابس؛ كونهم يوفروا عليهم عناء الذهاب إلى السوق، والأخطاء التي قد تحدث بسبب عدم معرفة مقاس الأطفال والنساء، كذلك لبعد الطريق عن المدينة، ومساواة أسعار الدلال مع أسعار المدينة في أغلب الأوقات”.

وأشارت إلى أن” بعض الدلالين يبيعون أواني منزلية من نحاس وبلاستك وأحيانًا أواني فخارية، ويتجولون بجوار المنازل وينادون، بأسماء الأواني، فيبادر الأهالي لشرائها”.

وأكدت بأن” هذه المهنة ما تزال تقاوم الانقراض على الرغم من توفر العديد من المحال التجارية في الأرياف، وسهولة جلب البضائع من المدينة إلى الأرياف عبر السيارات”.

وأشارت إلى أنه” خلال السنوات الأخيرة هناك دلالة أخرى عبر السيارات، فالعديد من السيارات باتت تصل إلى الكثير من مناطق الأرياف ويبيع سائقوها المواد المنزلية والغذائية، وغيرها من المستلزمات التي يحتاجها السكان وبأسعار أقل من الدكاكين لكن حضورها شبه نادر”.

وأوضحت بأن” بعض المناطق الريفية التي لا تحتوي، على طرق سيارات، أو فيها طرق وعرة للغاية لايزال الدلالون يذهبون إليها باستمرار ويحظون بقبول كبير من الناس فيها”.

من جهته يقول قائد السامعي(75 عامًا)” بدأ الدلال يزور منطقتنا قبل أكثر من أربعين عامًا تقريبًا، وأما قبل ذلك فقد كنا نعتمد على الأسواق الشعبية التي تقام في مناطق بعيدة عنا والتي لا تفتح إلا في أيام محددة من الأسبوع”.

وأضاف السامعي لـ” يمن مونيتور” عندما بدأ الدلال بالتنقل في القرى خفف عنا الكثير من الجهد، وكان الإقبال عليه بكثافة كبيرة، وقد كانت النساء حينها تشعر بالسعادة الكبيرة وكأن أسواق المدينة قد جاءت إليها بكلها”.

وأردف” بدأ حضور الدلالين إلى القرى، من الذين يبيعون المواد الفخارية، بعدها بدأ الدلالون الذين يبيعون الأواني المعدنية والذين يبيعون اللوز والبهارات وأدوات التجميل البدائية كالكحل وأنواع الكركم وغيره من الإكسسوارات القديمة وأما بائعو الملابس فقد جاؤوا متأخرين عن هؤلاء”.

وتابع” عندما جاء بائعوا الملابس سعدنا جميعنا بذلك؛ لأننا كنا نأخذ أطفالنا إليه ونشتري ما يناسبهم من المقاس وكذلك النساء تشتري بحسب ما ترغب ولم نعد نهتم لأمر الكسوة”.

وواصل” حاليا كثرت المحال التجارية وهذا لا يعني أن نسبة الإقبال على الدلالين قلت بشكل كبير، بالعكس من ذلك فقد كثرت المحال التجارية وزاد الإقبال على الشراء ليس كما كان في السابق، في الزمن الذي كنا لا نشتري الملابس إلا لمناسبة العيد فقط، أما الآن فالنساء تشتري باستمرار”.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الدلال الريف اليمن یمن مونیتور الکثیر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

صور قديمة تجمع فيروز وزياد الرحباني.. شاهدوها!

تناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعيّ صوراً جمعت الفنان الرّاحل زياد الرحباني مع والدته السيدة فيروز.     والصور المُتداولة قديمة جداً، وأظهرت الرحباني خلال مراحل عديدة من الطفولة إلى الشباب.     ولاقت هذه الصور رواجاً بين الناشطين الذين نعوا زياد بكلمات مؤثرة، مُستذكرين أعماله وإرثه الموسيقي الخالد.       View this post on Instagram      

A post shared by Lebanon 24 (@lebanon24.news)

        مواضيع ذات صلة باسيل نعى زياد الرحباني: سلام لروحك يا ابن فيروز وعاصي Lebanon 24 باسيل نعى زياد الرحباني: سلام لروحك يا ابن فيروز وعاصي 26/07/2025 20:21:37 26/07/2025 20:21:37 Lebanon 24 Lebanon 24 كلاس ناعيا الرحباني: العزاء للسيّدة فيروز Lebanon 24 كلاس ناعيا الرحباني: العزاء للسيّدة فيروز 26/07/2025 20:21:37 26/07/2025 20:21:37 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد وفاة زياد الرحباني... أصالة تُوجّه رسالة إلى السيّدة فيروز Lebanon 24 بعد وفاة زياد الرحباني... أصالة تُوجّه رسالة إلى السيّدة فيروز 26/07/2025 20:21:37 26/07/2025 20:21:37 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصورة.. هذه تفاصيل جنازة وعزاء زياد الرحباني Lebanon 24 بالصورة.. هذه تفاصيل جنازة وعزاء زياد الرحباني 26/07/2025 20:21:37 26/07/2025 20:21:37 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً بالفيديو: الكارثة المؤجلة.. أبنية مُهددة بالإنهيار في لبنان Lebanon 24 بالفيديو: الكارثة المؤجلة.. أبنية مُهددة بالإنهيار في لبنان 20:14 | 2025-07-26 26/07/2025 08:14:59 Lebanon 24 Lebanon 24 قضيا بجريمة مروّعة.. تشييع المغدورين جورج التحومي وزوجته بمأتم شعبي Lebanon 24 قضيا بجريمة مروّعة.. تشييع المغدورين جورج التحومي وزوجته بمأتم شعبي 20:00 | 2025-07-26 26/07/2025 08:00:38 Lebanon 24 Lebanon 24 عائلة الوزير السابق عبدالله بو حبيب واصلت تقبل التعازي في بيروت Lebanon 24 عائلة الوزير السابق عبدالله بو حبيب واصلت تقبل التعازي في بيروت 19:54 | 2025-07-26 26/07/2025 07:54:11 Lebanon 24 Lebanon 24 عمرو دياب في بيروت.. حفلٌ منتظر وهذا وضع الحجوزات Lebanon 24 عمرو دياب في بيروت.. حفلٌ منتظر وهذا وضع الحجوزات 19:50 | 2025-07-26 26/07/2025 07:50:46 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصورة.. هذه تفاصيل جنازة وعزاء زياد الرحباني Lebanon 24 بالصورة.. هذه تفاصيل جنازة وعزاء زياد الرحباني 19:28 | 2025-07-26 26/07/2025 07:28:32 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة هذا سبب وفاة زياد الرحباني Lebanon 24 هذا سبب وفاة زياد الرحباني 13:18 | 2025-07-26 26/07/2025 01:18:21 Lebanon 24 Lebanon 24 الموت خطف حياته.. زياد الرحباني "وداعاً"! Lebanon 24 الموت خطف حياته.. زياد الرحباني "وداعاً"! 11:05 | 2025-07-26 26/07/2025 11:05:11 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد وفاة زياد الرحباني... بيان لمستشفى "BMG" في الحمرا Lebanon 24 بعد وفاة زياد الرحباني... بيان لمستشفى "BMG" في الحمرا 16:27 | 2025-07-26 26/07/2025 04:27:47 Lebanon 24 Lebanon 24 تفاقمت حالته الصحيّة.. مصادر تكشف كيف أمضى زياد الرحباني أيّامه الأخيرة Lebanon 24 تفاقمت حالته الصحيّة.. مصادر تكشف كيف أمضى زياد الرحباني أيّامه الأخيرة 15:32 | 2025-07-26 26/07/2025 03:32:50 Lebanon 24 Lebanon 24 حزنٌ كبير... ماذا حصل للسيّدة فيروز بعد تلقيها خبر وفاة إبنها زياد؟ Lebanon 24 حزنٌ كبير... ماذا حصل للسيّدة فيروز بعد تلقيها خبر وفاة إبنها زياد؟ 17:22 | 2025-07-26 26/07/2025 05:22:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 20:14 | 2025-07-26 بالفيديو: الكارثة المؤجلة.. أبنية مُهددة بالإنهيار في لبنان 20:00 | 2025-07-26 قضيا بجريمة مروّعة.. تشييع المغدورين جورج التحومي وزوجته بمأتم شعبي 19:54 | 2025-07-26 عائلة الوزير السابق عبدالله بو حبيب واصلت تقبل التعازي في بيروت 19:50 | 2025-07-26 عمرو دياب في بيروت.. حفلٌ منتظر وهذا وضع الحجوزات 19:28 | 2025-07-26 بالصورة.. هذه تفاصيل جنازة وعزاء زياد الرحباني 19:16 | 2025-07-26 عن زياد الرحباني.. هذا ما قاله "حزب الله" فيديو بالفيديو: الكارثة المؤجلة.. أبنية مُهددة بالإنهيار في لبنان Lebanon 24 بالفيديو: الكارثة المؤجلة.. أبنية مُهددة بالإنهيار في لبنان 20:14 | 2025-07-26 26/07/2025 20:21:37 Lebanon 24 Lebanon 24 "أنا والقمر"… هدية جديدة من هشام جمال إلى ليلى زاهر (فيديو) Lebanon 24 "أنا والقمر"… هدية جديدة من هشام جمال إلى ليلى زاهر (فيديو) 17:00 | 2025-07-24 26/07/2025 20:21:37 Lebanon 24 Lebanon 24 "نعمل مهرجان للبوس".. نقيب الفنانين في مصر ينفعل مباشرة على الهواء بسبب قُبلة راغب علامة (فيديو) Lebanon 24 "نعمل مهرجان للبوس".. نقيب الفنانين في مصر ينفعل مباشرة على الهواء بسبب قُبلة راغب علامة (فيديو) 09:48 | 2025-07-24 26/07/2025 20:21:37 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • الجزيرة.. الذين أرسوا دعائم الخدمة المدنية هم خبراء اليوم
  • السوداني يوجه بتغيير المدراء العامين الذين مضى على تكليفهم 4 سنوات
  • د. ثروت إمبابي يكتب: البيوجاز في قرى مصر: طاقة نظيفة من قلب الريف
  • توقعات بأمطار رعدية ورياح شديدة على عدة محافظات يمنية
  • الأسيرة تسنيم عودة: اعتقال على خلفية منشورات قديمة واحتجاز بظروف قاسية
  • اكتشاف مادة طبيعية بديلة للسكر تقاوم السرطان
  • مقرب من ويتكوف: “حماس” لم تطلب الكثير ونتنياهو لا يريد إنهاء الحرب
  • صور قديمة تجمع فيروز وزياد الرحباني.. شاهدوها!
  • دفاع حكومة عدن تغلق طريقًا حيويًا بين ثلاث محافظات يمنية
  • انطلاق التوطين في الصيدلية غدًا