قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إنَّ العلم هو السبيل الصحيح لرقيِّ الأمم وتقدمها، ولم نجد أمَّةً من الأمم سادت إلا بفضل العلم والبحث العلمي، فمن أراد أن يبني حضارة وعراقة فعليه بالعلم، ولم تكن كل الحضارات من وليد المصادفة أو عشوائية، بل كانت نتاج منهجية علمية رصينة.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "مع المفتي" تقديم الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس، مضيفًا أنَّ «العلم يحتلُّ مكانةً عظيمةً وقيمةً كبيرة في منظومةِ القيمِ الإسلامية، فالطريق إلى فهم الدين لا يكون إلَّا بالعلم، والعلمُ أساسٌ للدين والدنيا، ولذلك اهتمَّ المسلمون عبر تاريخهم بالعلم والعلماء والكِتَاب والمؤسسات التعليمية، وكان لهم السَّبْقُ في ميادينَ علميةٍ كثيرةٍ أنتجتها الحضارةُ الإسلاميةُ، أفادت بها البشريةَ جمعاء».

وأوضح مفتي الجمهورية أن القرآنَ حافل بالآيات التي تحضُّ على النظر، وتدعو إلى التفكر بأساليب شتَّى وصور متنوعة، والمراد بالنظر: النظر العقلي، وهو الذي يستخدم الإنسانُ فيه فكرَه بالتأمل والاعتبار.

وأكَّد المفتي على أنَّ الآيات والأخبار والدلائل الصريحة تواترت وتوافقت على فضيلة العلم والحثِّ على تحصيله والاجتهاد في اقتباسه وتعليمه، منها -على سبيل المثال لا الحصر- قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: 1-5].

وأشار إلى أن الإسلام يسعى إلى بناء إنسان متعلِّم، فالعلم هو الضامن الحقيقي لإعادة صياغة الشخصية وتطويرها بالقدر الذي تستطيع به مواكبة متطلبات العصر وتحدياته، ومن ثم لا توجد ازدواجية بين العلوم الدينية والدنيوية، كما أنه من دون العلم لا يكون الإنسان مؤهلًا لمهمة الاستخلاف في الأرض، وبغيره لا تتحقق مصالحه.

وقال مفتي الجمهورية: "إنَّ العلم في نظر الإسلام لا يقتصرُ على تحصيل العلوم الدينيَّة، أي تلك العلوم التي تدور حول فهم الكتاب المسطور فقط، بل إنَّ العلم في الإسلام شامل لكُلٍّ من الكتاب المسطور والكتاب المنظُور، فعلم الكتاب المسطور هو ذلك العلم الدائر حول القرآن الكريم والوحي الشريف، وعلم الكتاب المنظور هو ذلك العلم الناظر في الكون وآياته، وقد أبدع المسلمون في تلك العلوم أيَّما إبداع، ولهم في ذلك علامات براقة يشهد لها تاريخ العلوم، وأعلامٌ كان لهم أعظم الأثر في تطور العلوم بل في نشأتها، كالخوارزمي في علم الجبر، وابن الهيثم في علم البصريَّات، وابنِ سينا وابن رشد وأبي بكر الرَّازي وغيرهم الكثير".

وشدد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على أن هناك توءَمة بين العلم والدين، فالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة تحدثنا وتحثنا على إعمال العقل والتدبر والتفكر والبحث، فطلب العلم بكافة تخصصاته من ضمن التكليفات الشرعية بل يُعد من فروض الكفاية في الشرع الشريف.

وأوضح أن العلماء والفقهاء قسموا الأمور الواجبة إلى أمور واجبةٍ على الأفراد بحيث يتحمل مسئوليتها الفرد بعينه، ولا يغني عنه فيها غيره، ويحاسب عليها وحده ثوابًا وعقابًا والتي تنبع أهميتها في تقوية الجانب الإيماني الفردي، كأداء العبادات من صلاة وصيام وغيرها والتي تندرج تحت فروض العين، والأمور الأخرى هي الواجبة على مجموع الأفراد بحيث يتحمل مسئوليتها المجتمع بأسره، وهذا ما يُسمَّى بالواجب الكفائي، وهو يتضمن معنى المسئولية الجماعية، أي: أنه إذا فرط جميع المكلفين من أفراد المجتمع في هذه المسئولية كانوا جميعًا آثمين، وإذا نهضوا وحدَّدوا من يقوم بأعبائها بحيث يسدون الحاجة ويقومون بالفعل المطلوب، أو وجد من يقوم بذلك تبرعًا وهو كفء له سقط الإثم عن الجميع.

وأضاف: ومن أمثلة هذه المسئولية الجماعية التي تنشأ عن فروض الكفاية والتي تحتاج إلى عقل باحث ومفكر ومبدع ضرورة أن يكون في المجتمع الأطباء والمهندسون وأرباب الصناعات والحرف والمهن والتجارات والقائمون على الولايات العامة والخاصة، وغير ذلك من الأمور الدنيوية التي يتوقف عليها صلاح المعاش، فإن هذه الأمور كلها فروض كفايات يجب أن ينهض في المجتمع من يقوم بها سدًّا لحاجات أفراد المجتمع، كما أن تعلم العلوم المختلفة العقلية والنقلية والتجريبية وإتقان الصناعات فرض كفاية لا يسلم المجتمع من الإثم إلا بوجود من يتصدر لها.

واختتم المفتي حواره بالتأكيد على ضرورة طلب العلم قائلًا: أنصحكم وإياي بالسعي الجاد والمثابرة في طلب العلم، فإن العلم لا يُنال بالرغبات ولا الأمنيات والأحلام، بل بالجهد والتعب والإصرار، واجعلوا من العلم رفيقًا دائمًا، واسلكوا دروبه بإصرار وعزيمة، فالنجاح لا يأتي إلا لمن عمل واجتهد وصبر وثابر.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: الأرملة التي ترفض توثيق زواجها الجديد لتستمر في الحصول على المعاش «تأكل مالا حراما»

مفتي الجمهورية ناعيا والدة وزيرة الثقافة: «أنزلها الله منازل الأبرار»

مفتي الجمهورية: ليس من سلطة العلماء تكفير أي إنسان.. وتحديد مصائر الناس «تألي على الله»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام النصوص الشرعية العلم العلم والدين مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

شبانة: العقل البشري فشل عن فهم حسين الشحات.. وتريزيجيه دخل التاريخ

انتقد الإعلامي محمد شبانة أداء حسين الشحات لاعب النادي الأهلي خلال مباراة إنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية.. كما حمل تريزيجيه مسئولية ضياع ضربة الجزاء رغم تألقه في المباراة.

شبانة: العقل البشري فشل عن فهم حسين الشحات.. وتريزيجيه دخل التاريخ  

وقال شبانة خلال برنامجه "من الآخر" والمذاع عبر راديو شعبي إف إم أن حسين الشحات بعد نزوله لعب بأنانية وبطئ شديد وكان عبء على الفريق ولم يقدم أي حلول هجومية.

وأضاف شبانة أن الشحات بدا بعيدا تماما عن مستواه وهو ما أفقد الفريق فرصة الفوز بالمباراة في الثواني الأخيرة بعدما أضاع كرة عجز العقل البشري عن فهم كيف اضاعها بهذه الغرابة.

ناقد رياضي: الشعب القطري كان سعيدا بحصول الزمالك على كأس مصر يزن النعيمات يوضح حقيقة مفاوضاته مع الزمالك ويؤكد استمراره مع العربي القطري

وأضاف شبانة أن ريبيرو المدير الفني للفريق فاقد للسيطرة على لاعبي الفريق حتى الآن بدليل أزمة ركلة الجزاء التي يتحمل تريزيجيه مسئولية ضياعها بعد تمسكه بتسديدها رغم عدم كونه المسدد الأول لركلات الجزاء وهو ما ادخله التاريخ من الباب الخلفي لان إسمه سيظل محفور بإضاعة أول ركلة جزاء في تاريخ كأس العالم للأندية بشكلها الجديد.

وأضاف شبانة بأن الأهلي بحاجة للعديد من التدخلات الفنية قبل مباراة بالميراس المقبلة وهي المباراة التي ستحدد مصير الفريق في البطولة.

وأتم شبانة بأن الأهلي لعب مباراة كاملة دون جناح أيمن في طريقة غريبة يسأل عنها المدير الفني.

مقالات مشابهة

  • رئيس الجمهورية يؤكد على أهمية مواصلة الاهتمام بدور ومكانة المرأة في المجتمع
  • كيف أجيب على سؤال أين الله؟.. الإفتاء توضح الرد الشرعي
  • شبانة: العقل البشري فشل عن فهم حسين الشحات.. وتريزيجيه دخل التاريخ
  • العربي والدين.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة بقنا وسط استعدادات مشددة وإجراءات أمنية مكثفة
  • العربي والدين.. توافد طلاب الثانوية العامة بقنا وسط استعدادات مشددة وإجراءات أمنية مكثفة
  • هل زواج الـ بارت تايم حلال؟.. عالم بالأزهر يوضح الرأي الشرعي
  • هل يجوز الرجوع في الصدقة الجارية؟.. المفتي يوضح الحكم الشرعي
  • خبير: هجوم إسرائيل على إيران ليس له علاقة بالدفاع الشرعي
  • اتحاد الكتاب العرب يدين العدوان الصهيوني على إيران
  • هيئة الرقابة: شبهات فساد في ملف الكتاب المدرسي وإيقاف مسؤولين وتجميد حسابات