ما بين مساعي التهدئة الأميركية والتهديدات الإسرائيلية...هل يكون صيف لبنان حارًّا؟
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
يحتار اللبنانيون، وبالأخص المغتربين منهم، كيف يتعاملون مع وقائع الحرب الحقيقية، التي يعيش الجنوبيون مرارتها يوميًا، بل كل ساعة من ساعات النهار والليل. وسبب الحيرة هذه يعود في الأساس إلى التناقض الواضح، إن لم نقل الخلاف الظاهر في وجهات نظر الأميركيين والإسرائيليين بالنسبة إلى حربي تل ابيب في قطاع غزة وجنوب لبنان.
ففيما نسمع الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدّث، وإن عبر تسريبات تُنسب إلى مصادر مطلعة في البيت الأبيض، عن حلحلة في غزة وجنوب لبنان، نشهد حماوة في القصف الإسرائيلي، الذي يستهدف القرى الجنوبية على امتداد الخط الأزرق وصولًا إلى العمق الجنوبي، بالتزامن مع إعطاء رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو أوامره للجيش الإسرائيلي بتوسيع ضرباته على لبنان، مما يعني أن لبنان مقبل على صيف حار، وهذا ما سبق أن هدّد به أكثر من مسؤول إسرائيلي.
وما يمكن التوقف عنده أن الإسرائيليين عندما تحدّثوا عن صيف حار أشاروا إلى أن لبنان كله سيكون حارًا، ولم يكتفوا بالقول إن صيف الجنوب فقط سيكون حارًا. وهذا يعني أن الحرب بكل مفاعيلها ستطال كل لبنان، وإن لم تصل شرارات القذائف والصواريخ إلى عمق أعماق الداخل. وهذا ما يذهب إليه الفريق المعارض عندما يتهم "حزب الله" بتوريط كل لبنان بحرب ليس له فيها لا ناقة ولا جمل، خصوصًا أن أذى الحرب لا يقتصر على المناطق الجنوبية، بل يصل ضررها المعنوي إلى كل بيت من بيوت اللبنانيين حتى في اقصى أقاصي الشمال، باعتبار أن لبنان كل متكامل تمامًا كجسم الانسان غير المنفصلة وظيفة أعضائه عن بعضها البعض. فإذا مسّ الأذى أي عضو من هذه الأعضاء فإن الجسم كله يتأثر ويتفاعل مع الضرر، الذي لم يصب سوى جزء منه.
فاللبناني الذي يعيش في طرابلس وعكار والبترون وجونيه وعاليه والمختارة معني بما يتعرّض له الجنوب تمامًا كأهل ميس الجبل وحولا وراشيا الفخار وعيتا الشعب وعلما وكفركلا وكل القرى التي أصبحت هدفًا يوميًا للغارات الإسرائيلية الوحشية. وليس صحيحًا أن يُنقل مثلًا عن اللبنانيين الذين يعيشون بعيدين جغرافيًا عن الجنوب المشتعل قولهم "بطيخ يكسر بعضو". فهذا القول المنسوب إلى غير أهل الجنوب من اللبنانيين فيه الكثير من التجنّي والتحامل، وفيه أيضًا الكثير من تشويه حقيقة الموقف اللبناني العام مما يتعرّض له أهل الجنوب الصابرون على بلواهم والعاضّون على جرحهم وهم كانوا في غنىً عن كل هذه المأساة، التي حلّت بهم من دون أن يؤخذ برأيهم عن "وحدة الساحات"، وعن ربط مصيرهم بمصير غيرهم، وهم الذين يحتاجون اليوم إلى من يساندهم ويشغل العدو عنهم.
وسبب حيرة اللبنانيين يعود في الأساس إلى هذا التناقض في المعايير والمقاييس بين الأميركيين والإسرائيليين من جهة، وبين محوري "الممانعة" و"المعارضة" في الداخل اللبناني من جهة أخرى. واستنادًا إلى نظرية وحدوية أعضاء جسم الانسان فإن لبنان يعيش حربًا كاملة الأوصاف في التبعات والمخاطر، مع نسب متفاوتة في درجات التأثير، باعتبار أن الجمرة لا تحرق سوى مكانها.
أما القول بأن وضع لبنان بكل ملفاته العالقة، وبالأخص الملف الرئاسي، غير متأثّر بالوضع المتفجّر في الجنوب، ففيه الكثير من تباين في وجهات نظر الأطراف السياسية المختلفة في الأساس على تحديد هوية لبنان قبل أن تختلف على تحديد سبل المعالجات. فما سمعه اللبنانيون من الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله من كلام ينفي فيه أي علاقة للحرب الدائرة في الجنوب بتأخير انتخاب رئيس جديد للجمهورية لم يمرّ مرور الكرام، خصوصًا عند الآخرين من الضفة الأخرى للوطن، الذين يرون أن هذه الحرب تجاوزت بمفاعيلها السلبية أي حديث عن انفراجات داخلية، وأعادت عقارب الساعة ثمانية أشهر إلى الوراء في حين أن لبنان يحتاج إلى "دفشة" إلى الأمام لكي يستعيض بعضًا مما خسره في الأوقات الضائعة، وفي حرب لا طائل منها سوى إدخال لبنان واللبنانيين في دوامة "المسار والمصير". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: أن لبنان
إقرأ أيضاً:
غارات وتحليق وإنذارات.. التصعيد الإسرائيلي يتمدد من الضاحية إلى الجنوب
واصلت إسرائيل تصعيدها العسكري في لبنان، منفّذة غارة جوية جديدة استهدفت سيارة مدنية جنوب البلاد، وسط تحليق مكثف للطائرات الحربية والمسيّرة فوق مناطق عدة، ما يزيد من هشاشة اتفاق التهدئة القائم مع حزب الله منذ أكثر من عام.
واستهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة بصاروخين على طريق كفردونين- الشهابية جنوبي لبنان، وأسفرت الغارة عن مقتل شخص لم تُحدّد هويته بعد، وفق ما أفادت مصادر محلية، وتأتي هذه العملية بعد ساعات من قصف ليلي استهدف الأطراف الجنوبية لبلدة عيتا الشعب بالرشاشات الثقيلة، انطلاقًا من الموقع العسكري الإسرائيلي في تلة الراهب.
وتزامنًا مع ذلك، شهدت أجواء مدينة الهرمل شرق لبنان تحليقًا للطيران الحربي الإسرائيلي على علو متوسط، في حين رُصدت مسيرات إسرائيلية تحلق على علو منخفض فوق عدد من البلدات الجنوبية، من بينها صرفند، السكسكية، عدلون، أبو الأسود، القاسمية، البرغلية، ومفترق العباسية قرب مدينة صور.
ويأتي هذا التصعيد غداة غارات إسرائيلية مكثفة طالت الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، في رابع استهداف مباشر للمنطقة منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، والذي تم التوصل إليه العام الماضي بوساطة دولية في أعقاب التصعيد الناتج عن الحرب في غزة.
ورغم استمرار العمل بالاتفاق، أكدت إسرائيل مرارًا أنها لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قدراته العسكرية. وفي هذا السياق، توعدت تل أبيب الجمعة بمواصلة الضربات داخل الأراضي اللبنانية، إذا لم تتحرك السلطات في بيروت لنزع سلاح الحزب.
كما اتهم مصدر أمني إسرائيلي لبنان بالتقاعس عن اتخاذ إجراءات ضد حزب الله، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي سيواصل عملياته الوقائية.
الغارة الأخيرة على الضاحية الجنوبية، والتي وقعت في 27 أبريل، كانت سبقتها رسائل إنذار إسرائيلية طالبت السكان بإخلاء منازلهم، ما أدى إلى نزوح جماعي مؤقت وازدحام مروري خانق، رافقه إطلاق نار تحذيري كثيف في الهواء من قبل مسلحين لإجبار السكان على المغادرة، ويعد هذا التطور جزءًا من سلسلة عمليات نفّذتها إسرائيل في مناطق تعتبرها أهدافًا عسكرية لحزب الله المدعوم من إيران، في وقت تلتزم فيه قيادة الحزب بردود محسوبة لتجنّب انزلاق الجبهة إلى مواجهة شاملة.