مرض جلدي يصيب الأسرى الفلسطينيين ويحرمهم من النوم
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
رام الله- يتربص مرض جديد بآلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لدرجة جعلت أحد المصابين يصفه بأنه أشد وأخطر من الضرب والجوع.
إنه مرض الجرب أو "سكابيوس"، الذي بات ينتشر بشكل متسارع بين الأسرى نتيجة ظروف الاعتقال السيئة، وهذا ما دفع منظمات حقوقية إلى إطلاق مناشدات لإنقاذ الأسرى وضمان علاجهم.
ويُعد الجرب مرضا شديد العدوى تسببه حشرة العثة، حيث تقوم الأنثى بحفر خنادق داخل الطبقة العليا من الجلد وتضع بيضها فيه، بمعدل 3 بيضات يوميا وعلى مدار شهر، وبعد أسبوعين يفقس البيض وتخرج الحشرات الجديدة، فتتزاوج وتغزو الجلد من جديد.
اعتقل الشاب "س.أ" بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأفرج عنه قبل أيام من سجن نفحة الإسرائيلي، وروى للجزيرة نت حال الأسرى المصابين بالمرض، ووصفه بأنه "يأكل أجسادهم" وأنه "أصعب من الجوع والضرب".
وقال الأسير المفرج عنه، والذي رفض التصوير وفضل عدم ذكر اسمه، إنه نقل من سجن عوفر غربي رام الله إلى سجن نفحة في صحراء النقب أواخر شهر رمضان، حيث كان المرض قد أصاب الغالبية العظمى من أسرى هذا السجن بأقسامه الثمانية، وعددهم قرابة ألفي أسير، والسبب منع إدخال الملابس والمنظفات.
وعمّا يشعر به المريض -وكان هو أحدهم- قال: "هو مرض جلدي يأكل جسم الأسير، بحيث تزداد الحبوب يوما بعد يوم، ويسبب حكة شديدة، ويؤدي لتقرحات دموية تزيد طالما لم يتم علاجها".
وقال إن أصعب ما في المرض انتشاره بشكل رهيب في منطقة الإبط والمناطق الحساسة والعضو التناسلي والخصيتين، حيث يسبب احمرارا وألما شديدا، "لدرجة أننا لم نكن نعرف النوم".
وذكر أن المرض أصبح أكثر إيلاما لذوي الأمراض المزمنة وأمراض القلب، الذين لا يحصلون على علاجهم، وتتضاعف معاناتهم مع الحكة والطفح الجلدي.
وعن سبل تجنب العدوى يقول الأسير الفلسطيني السابق إنه أمر شبه مستحيل لعدم توفر العلاج، فلا ملابس بديلة، ولا توجد منظفات، ولا فرصة للتعرض للشمس، كما أن الطعام رديء وكمياته قليلة. وقال إن المرض لا يتوقف إلا بالعلاج وهو غير متوفر في السجون، سواء للمصابين بالجرب أو بأمراض أخرى، موضحا أنه عند الإفراج عنه نُقل إلى المستشفى مباشرة، وبدأ يتعافى من المرض.
كما عاش الأسير الطفل المفرج عنه زين شرحة (15 عاما) من مخيم شعفاط بالقدس تجربة مماثلة. وروى للجزيرة نت بعض جوانب المعاناة نتيجة غياب العلاج، وأضاف أن أغلب الأسرى الأطفال يعانون من الجرب، ولا أحد يسمع مطالباتهم بالعلاج، وكشف عن ظهره وصدره الذي لا تزال آثار المرض ظاهرة عليه.
يجزم الناطق باسم نادي الأسير الفلسطيني أمجد النجار، أن مرض الجرب أصاب معظم الأسرى. وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى مشاركته الخميس في استقبال 14 أسيرا أفرج عنهم من سجن النقب على معبر "ميتار" جنوبي الضفة، وقال إنهم كانوا في حالة يرثى لها، وغالبيتهم مصابون بالجرب، وعندما كشف بعضهم عن أجسادهم كانت المشاهد "تقشعر لها الأبدان لكثرة انتشار المرض عليها".
يعدد النجار أسباب انتشار الجرب بانعدام وجود مواد تنظيف، ومنع الاستحمام أو التعرض لأشعة الشمس، مع ظروف جوية ملائمة لانتشار المرض كالرطوبة وارتفاع الحرارة في بعض السجون مع التعرق، وذكر أنه يسمح لكل أسير بالاستحمام مرة واحدة كل أسبوع، حيث يعطى كل 20 أسيرا 60 دقيقة للاستحمام.
وفي بيان له، أشار نادي الأسير الفلسطيني إلى "تصاعد كبير وغير مسبوق" في أعداد الأسرى المصابين بأمراض جلدية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدا مرض الجرب "السكايبوس" المُعدي، إلى جانب إصابة الأسرى بأمراض جلدية معدية أخرى لم يتمكنوا من معرفة طبيعتها.
وأوضح الناطق باسم النادي أن إدارة سجون الاحتلال تواصل التّصعيد من "جرائمها الطبيّة الممنهجة"، وتتعمد ترك الأسرى دون علاج، بل إن "الجريمة الأكبر التي تنفّذها اليوم بحقّ الأسرى هي تعمّد نقل المصابين منهم بأمراض معدية من قسم إلى آخر"، الأمر الذي ساهم في تصاعد أعداد الإصابات.
الأطفال في خطرمن ناحية أخرى، قالت هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينية (رسمية)، السبت، إن الأسرى الأطفال في سجن "مجدو" يعانون من انتشار مرض الجرب، حيث ظهر بكثافة جراء حرمانهم من الاستحمام ومصادرة ملابسهم، ومنع إدخال الصابون والشامبو والمنظفات والمعقمات.
ونقلت عن أسرى أطفال قولهم خلال زيارات المحامين إن العدوى تزداد يوميا، في وقت يحرمون فيه من العلاج وزيارة عيادة السجن، مشيرة إلى حالات وصل فيها المرض لمراحل متقدمة.
وأضافت نقلا عن الأطفال الأسرى في سجن مجدو قولهم إن "هناك خطرا حقيقيا يهدد حياتنا، أعراض المرض تظهر على أجسادنا بشكل مزعج صحيا ونفسيا"، والغالبية العظمى لا تستطيع النوم بسبب الأوجاع والآلام والحكة العفوية والقوية، وانتشار الجروح والتقرحات.
وأعربت الهيئة عن قلقها على حياة الأسرى "الأشبال" (الأسرى الأطفال في السجون)، داعية مؤسسات ولجان حماية الطفولة المحلية والدولية إلى السعي الجاد لوقف هذه الجرائم بحقهم، ووضع حد لتفرد إدارة سجون الاحتلال بهم.
ووفق نادي الأسير الفلسطيني، فإن سجون الاحتلال باتت مكتظة بالأسرى، حيث تضع إدارة السجون كل 12 إلى 14 أسيرا في غرفة تتسع لـ6 أسرى.
ويذكر أنه جرى اعتقال 8 آلاف و985 فلسطينيا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم نحو 630 طفلا. وقُدّر العدد الإجمالي للأسرى داخل السجون في بداية مايو/أيار الماضي بنحو 9300 أسير وأسيرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأسیر الفلسطینی سجون الاحتلال نادی الأسیر مرض الجرب
إقرأ أيضاً:
ورم دماغ عدواني يصيب الأطفال تتعاون خلاياه لتنمو وتبقى
كشفت دراسة جديدة عن اعتماد خلايا الورم الجنيني ذي الزهيرات المتعددة الطبقات (embryonal tumor with multilayered rosettes) على تغيير جيني يُبقي خلايا الورم في حالة غير ناضجة وعدوانية. والورم الجنيني ذو الزهيرات المتعددة الطبقات هو ورم دماغي نادر وعدواني يصيب الأطفال الصغار.
وأجرى الدراسة باحثون في مركز دانا فاربر/بوسطن لسرطان الأطفال واضطرابات الدم، ومعهد برود التابع لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في مجلة "نيتشر كانسر" (Nature Cancer) يوم 26 مايو/أيار الماضي، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
ومن خلال الفحوص، اكتشف فريق البحث أن خلايا الورم الجنيني ذي الزهيرات المتعددة الطبقات تُحاكي النمو المُبكر للدماغ، وتشكل تسلسلا هرميا من الخلايا الشبيهة بالخلايا الجذعية (خلايا متجددة ذاتيا وأكثر مقاومة للعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي من الخلايا السرطانية المحيطة الأخرى) والخلايا الشبيهة بالعصبونات (خلايا شبيهة بالخلايا العصبية يمكنها الحفاظ على استثارة كهربائية طويلة الأمد).
هذا التعاون الخلوي ضروري لنمو الورم، حيث توفّر الخلايا الأكثر نضجا إشارات تساعد الخلايا الشبيهة بالخلايا الجذعية على البقاء والازدهار. وتُقدم هذه النتائج آفاقا واعدة لعلاجات مُستهدفة يُمكن أن تُحسّن نتائج المرضى المُصابين بهذا المرض العدواني.
إعلانوقالت الدكتورة مارييلا فيلبين، المديرة المشاركة لمركز أورام الدماغ في مركز دانا فاربر/بوسطن للأطفال للسرطان واضطرابات الدم، إن "هذه هي المرة الأولى التي نتمكن فيها من دراسة هذا الورم الشديد الفتك من خلال هذه العدسة الجديدة لتسلسل الخلية الواحدة".
ومن المثير للاهتمام كيف أن جميع خلايا الورم، على الرغم من اختلافها، تساعد بعضها بعضا على البقاء والنمو. وسيكون تعلم كيفية تعطيل تعاونها، عن طريق حجب أحد خطوط الاتصال بينها على سبيل المثال، ضروريا لعلاج هذا السرطان في المستقبل.
كيف تتعاون الخلايا؟
تظهر على غشاء الخلية مستقبلات تسمى مستقبلات عامل نمو الأرومة الليفية (إف جي إف آر) [fibroblast growth factor receptor (FGFR)]، وتلعب أدوارا حاسمة في الخلايا خلال مراحل النمو وكذلك في الخلايا البالغة. وقد ارتبط اختلال تنظيم مستقبلات "إف جي إف آر" بمجموعة واسعة من أنواع السرطان.
وتظهر مستقبلات أخرى اسمها مستقبلات "إن أو تي سي إتش" (NOTCH) على سطح الخلية، وتنقل الإشارات القصيرة المدى من خلال التفاعل مع لواقط عابرة للغشاء. ويؤثر هذا التفاعل على انقسام الخلية ومصيرها وموتها.
وأوضح الدكتور فولكر هوفستاد، المؤلف المشارك للدراسة من مركز دانا فاربر/بوسطن لسرطان الأطفال واضطرابات الدم، ومعهد برود التابع لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، قائلا "اكتشفنا أن مستقبلات إف جي إف آر ومستقبلات إن أو تي سي إتش تظهر على خلايا داخل الورم تشبه الخلايا الجذعية العصبية، في حين تزوِّد الخلايا الخبيثة الأكثر تمايزا داخل الورم نفسه باللواقط المقابلة، مما يشير إلى دور مُنسَّق في دعم نمو الورم. قد يُمثِّل استهداف هذه التفاعلات نقطة ضعف حرجة في الورم الجنيني ذو الزهيرات المتعددة الطبقات".
وتسلط الدراسة الضوء على إمكانية إعادة استخدام مثبطات "إف جي إف آر" الحالية المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، والتي أظهرت علامات نجاح مبكرة لدى مريض واحد عولج تحت إشراف طبي.
إعلانتدعو الدراسة إلى إجراء المزيد من الدراسات لاختبار مثبطات "إف جي إف آر" و"إن أو تي سي إتش" لدى مرضى الورم الجنيني ذي الزهيرات المتعددة الطبقات، وتقدم هذه النتائج أساسا منطقيا قويا لعلاجات مستهدفة أكثر فعالية، مما قد يحدث نقلة نوعية في علاج الأطفال المصابين بالورم.