سجال محتدم بين المعارضة في موريتانيا ولجنة الانتخابات.. ما السبب؟
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية في موريتانيا، احتدم السجال بين اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (جهة الإشراف على العملية الانتخابية) والمعارضة، وسط قلق عبر عنه مرشحو المعارضة من عجز اللجنة عن منع تزوير الانتخابات.
وتُنظم الحملة الانتخابية الممهدة لرئاسيات موريتانيا بين 14 و27 حزيران / يونيو، على أن تجري الانتخابات في 29 من الشهر نفسه، وفي حال وجود جولة ثانية ستكون في 13 تموز /يوليو المقبل.
ويتنافس في هذه الانتخابات 7 مرشحين بينهم الرئيس الحالي المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، وزعيم المعارضة حمادي ولد سيدي المختار، بالإضافة إلى الناشط الحقوقي المعارض بيرام الداه اعبيد، والنائب البرلماني العيد ولد محمد.
كما يخوض السابق الرئاسي أيضا الطيب أتوما سوماري، والسياسي مامادو بوكاري، والمفتش بوزارة المالية الشاب المترجى ولد الوافي.
في المقابل رفض المجلس الدستوري ملف ترشح الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المسجون بتهم الفساد، حيث سمح القضاء له بمغادرة السجن لإيداع ملف ترشحه، غير أن المجلس الدستوري رفض الملف بحجة عدم اكتماله.
جدل الـ12 مطلبا
وتصاعد خلال الأيام الماضية السجال بين المعارضة ولجنة الانتخابات، بعد أ وجه مرشحي المعارضة الخمسة وهم: حمادي ولد سيدي المختار، بيرام الداه اعبيد، العيد ولد محمد، وأتوما سوماري، ومامادو بوكاري، رسالة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، تتضمن 12 مطلبا أكدوا فيها على أن الاستجابة لهذه المطالب هي الضامن لشافية العملية الانتخابية.
ومن بين هذه المطالب تدقيق شامل للائحة الانتخابية "يطمئن الجميع من سلامتها من العيوب والخروقات.
كما تضمنت المطالب الالتزام الصارم بأن تكون مقرات مراكز التصويت في مبان عمومية، وتشكيل مكاتب تصويت بشكل توافقي مع ممثلي المرشحين، واعتماد آلية تنسيق لا مركزية تضم ممثلي المترشحين للبت في القضايا والإشكالات المستجدة وبشكل دائم.
وطالب مرشحو المعارضة أيضا باستخدام أجهزة البصمة في جميع مراكز التصويت لمنع التصويت بالنيابة، ومنح وكلاء المترشحين ومنسقي العمليات الانتخابية على مستوى الولايات والمقاطعات بطاقات تمنحهم الحق في الولوج إلى مقرات اللجان المقاطعية والجهوية ومكاتب التصويت.
وأكدوا على ضرورة النشر الفوري للمحاضر، وتشكل لجنة إشراف تمثل المترشحين على مستوى مركزة النتائج لدى لجنة الانتخابات.
وشدد مرشحو المعارضة على ضرورة حظر حيازة أي نوع من أنواع الهواتف وآلات التصوير من طرف الناخبين، واستخدام شاشة لعرض الصورة والاسم والرقم الوطني للناخب حتى يتمكن أعضاء المركز الانتخابي وممثلي المترشحين من التأكد معا من هوية الناخب.
سجال وحرب بيانات
بعد نشر بيان مرشحي المعارضة ردت اللجنة الوطنية المستقلة ببيان أكدت فيه التزامها بتحقيق الشفافية والنزاهة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لترد المعارضة ببيان آخر وتعود لجنة الانتخابات برد جديد أيضا، فيما بدى أنها حرب بيانات بين الطرفين.
فقد أوضحت لجنة الانتخابات أنها نشرت اللائحة الانتخابية المؤقتة بشكل فوري لتمكين المرشحين والناخبين من مراجعتها وتقديم الشكاوى قبل الإعلان عن اللائحة النهائية.
وبررت عدم توفير أجهزة قارئة للبصمة في مراكز التصويت بالتحديات المالية، معلنة إجراءات جديدة لتسهيل دخول وكلاء المرشحين إلى اللجان الانتخابية، وضمان النشر الفوري للنتائج الانتخابية عبر النظام المعلوماتي الخاص بها.
"خيبة أمل"
وعبر مرشحو المعارضة في ثاني بياناتهم في إطار هذا السجال عن خيبة أملهم من رد اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات على مطالبهم المستعجلة.
واعتبر مرشحو المعارضة أنهم قدموا 12 مطلباً مستعجلاً، إلا أن اللجنة لم تلتزم سوى بمطلبين فقط، منتقدين ردود اللجنة العامة وغير المحددة في العديد من النقاط، مثل تشكيل مراكز التصويت بشكل توافقي وتسهيل ولوج ممثلي المرشحين إلى مقار اللجان ومكاتب التصويت.
"قاع التلاسن ومستنقع المساجلات"
وفي ثاني بياناتها ضمن هذا السجال المفتوح دعت اللجنة الوطنية للانتخابات المرشحين والسياسيين إلى عدم "النزول إلى قاع التلاسن ومستنقع المساجلات الإعلامية العقيمة".
وأشارت إلى أن أبوابها ستبقى مشرعة أمام "كل مقترح جاد يفضي إلى تحسين الأداء، ويسهم في الوصول إلى الغاية المشتركة المتمثلة في إلباس الدورة الانتخابية ثوب الحرية والشفافية والنزاهة".
ولفتت إلى أن "وقوفها على مسافة واحدة من الجميع، وتحضيرها المحكم لسير ومسار الاستحقاق الرئاسي، كفيلان بتبديد المخاوف والشكوك وتحقيق تطلعات الموريتانيين ورغبتهم المشروعة في اختيار من يولونه أمرهم، بحرية لا يشوبها أي تشويش أو تأثير".
مقاطعة الإعلام الرسمي
وعلى جبهة أخرى أبدى مرشحو المعارضة غضبهم من ما سموه انحياز وسائل الإعلام الرسمية لمرشح السلطة، في إشارة للرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، ملوحين بمقاطعة التلفزيون والإذاعة الحكوميين.
واتهم المرشحون الخمسة، وسائل الإعلام الرسمية في البلاد، بأنها "تحولت إلى منصات دعاية لمرشح بعينه" في إشارة للغزواني.
ولفت البيان إلى أن التلفزيون والإذاعة الحكوميين قاما ببث تقارير مرئية ومسموعة عن أنشطة مبادرات داعمة لمرشح السلطة، "وتتبّع ما تصفه هذه المؤسسات (الرسمية) وحصيلة الإنجازات خلال المأمورية المنقضية، وتسويقها تسويقا دعائيا فجا وصريحا".
وأكد المرشحون أنه في حال لم تتم معالجة هذه القضية فإن سيضطرون لمقاطعة وسائل الإعلام الرسمية".
وعقب تلويح مرشحي المعارضة بمقاطعة الإعلام الرسمي، أعلنت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (جهة الرقابة على الإعلام بموريتانيا) أنها اتخذت جملة من الإجراءات لـ" تأمين نفاذ عادل في الفترة ما قبل الانتخابات، والحرص في التغطيات على التوضيح الصارم بين مكانة رئيس الجمهورية كرئيس للجمهورية وموقعه كمترشح للرئاسيات، وواجب مراعاة منسوب التغطية للمتطلبات القانونية الناظمة للحالتين".
ونبهت إلى أن من بين هذه الإجراءات "تحقيق المساواة الكاملة في النفاذ لوسائل الإعلام العمومية بين المترشحين في الحملة الانتخابية وفي الجبهات الثلاث، الإخبارية والإعلانية والإعلامية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الانتخابات الرئاسية موريتانيا المعارضة المعارضة موريتانيا الانتخابات الرئاسية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لجنة الانتخابات مراکز التصویت إلى أن
إقرأ أيضاً:
ضربة قضائية للمعارضة.. هل يُقصى حزب إنصاف من البرلمان الباكستاني؟
إسلام آبادـ تلقت المعارضة الباكستانية، وتحديدا حزب "إنصاف" ضربة سياسية وقانونية قوية، بعد أن قضت المحكمة الدستورية التابعة للمحكمة العليا بعدم أحقية مجلس الاتحاد السني (المتحالف مع الحزب) في الحصول على المقاعد المحجوزة للنساء والأقليات، مما يشكل تراجعا كبيرا لقوة "إنصاف" البرلمانية، ويعزز قبضة الائتلاف الحاكم.
وجاء الحكم، الذي صدر بتأييد أغلبية 7 مقابل 3 قضاة، يوم 27 يونيو/حزيران الماضي، ليؤكد أن التحالف بين حزب "إنصاف" ومجلس الاتحاد السني لا يستوفي الشروط القانونية للحصول على هذه المقاعد بالمجلسين الوطني والإقليمي، مما أدخل المشهد السياسي في باكستان بأزمة جديدة، تضاف إلى سلسلة من التوترات بين الحكومة والمعارضة.
وبعد صدور القرار، وزعت لجنة الانتخابات المقاعد المحجوزة وفقا للحكم، مما أخرج عمليا "إنصاف" من خانة الأحزاب البرلمانية.
ووفق إخطار اللجنة، فقد تم تخصيص 19 مقعدا على النحو التالي: 13 للرابطة الإسلامية، 4 لحزب الشعب، و2 لجمعية علماء الإسلام (مولانا فضل الرحمن). وقد عزز ذلك من سيطرة التحالف الحكومي داخل البرلمان، في حين وجدت المعارضة نفسها أكثر تشتتا وضعفا.
وينظر إلى هذه الخطوة على أنها تعكس رغبة النظام السياسي القائم في تقويض نفوذ "إنصاف" داخل المؤسسات التشريعية، خاصة بعد أن شكل هذا الحزب تحديا كبيرا للحكومة الحالية في الانتخابات الماضية، رغم العوائق القانونية والسياسية التي واجهها.
بدأت الأزمة بعد انتخابات 8 فبراير/شباط 2024، حين خاض مرشحو حزب "إنصاف" السباق مستقلين، عقب قرار المحكمة بسحب الشعار الانتخابي من الحزب، ورغم فوزه بـ90 مقعدا، لم يكن بوسعهم قانونيا المطالبة بالمقاعد المحجوزة التي توزع حصريا على الأحزاب الرسمية.
إعلانولتجاوز هذه العقبة، التحق النواب المستقلون بمجلس الاتحاد السني، في محاولة للحصول على المقاعد المخصصة للنساء والأقليات، لكن الحكومة والتحالفات السياسية المنافسة طعنت بشرعية هذا التحالف أمام القضاء. وأثار ذلك جدلا واسعا في الأوساط القانونية والسياسية، إذ اعتبرته المعارضة محاولة مكشوفة لإقصاء خصم سياسي قوي من الحياة النيابية.
وشهدت القضية سلسلة من الجولات القانونية، بدأت في فبراير/شباط 2024 بطلب رسمي من مجلس الاتحاد السني، مرورا برفض لجنة الانتخابات، ثم صدور حكم لصالح الاتحاد في 12 يوليو/تموز من العام نفسه. لكن هذا الحكم ألغي لاحقا بعد سلسلة من المراجعات القضائية، انتهت بقرار المحكمة العليا الذي منح المقاعد لأحزاب التحالف الحاكم.
وفي المجمل، نُظرت القضية في أكثر من 15 جلسة أمام المحاكم الباكستانية المختلفة، وشارك فيها عدد كبير من المحامين والسياسيين والقضاة، مما يعكس عمق الانقسام المؤسسي حول شرعية تمثيل "إنصاف" في البرلمان.
ووفق القانون الانتخابي المعدل لعام 2023، فإن البرلمان يضم 336 مقعدا، منها 266 مقعدا عاما، و70 مقعدا محجوزا (60 للنساء و10 للأقليات). وبموجب التوزيع الجديد، أصبح التحالف الحاكم يمتلك 235 مقعدا مقابل 98 للمعارضة، مما يمنحه أغلبية الثلثين بسهولة، وهذا يُقصي فعليا "إنصاف" من أي دور تشريعي مؤثر.
يرى النائب عن حزب "إنصاف" همايون مهمند أن الحكم القضائي جزء من خطة ممنهجة لإقصاء الحزب، قائلا "يريدون إخراج الحزب الأكثر شعبية من البرلمان، رغم أننا نحظى بدعم نحو 80% من الباكستانيين، وفق استطلاعات الرأي".
ويؤكد مهمند -في حديث للجزيرة نت- أن اعتبار نواب "إنصاف" مستقلين يمنحهم مرونة أكبر، إذ لا يطبق عليهم بند الانشقاق البرلماني، لكنه يحذّر من استهداف بعض النواب في قضايا قانونية قد تفضي إلى استبعادهم، مما يفتح الباب أمام إضعاف حضور الحزب حتى في مجلس الشيوخ.
وأضاف أن الخطة "هي سحبنا من البرلمان أولا، ثم السيطرة على مجلس الشيوخ، ثم منح صفة المعارضة الرسمية لحزب الشعب. هذه خطوات مدروسة بعناية".
اعتراض قانونيمن جهته، عبر المحامي والخبير الدستوري غلام قاسم باتي عن قلقه من تجاوزات قانونية صاحبت الحكم الأخير، قائلا "من غير المسبوق في التاريخ القضائي الباكستاني أن تلغي هيئة أصغر حكما أصدره 8 قضاة سابقا. هذا يضر بمبدأ الاتساق القانوني ويثير تساؤلات عن استقلال القضاء".
وأعرب باتي عن اعتقاده بأن الحكم سيؤثر على قدرة حزب "إنصاف" في التشريع والمشاورة السياسية، مما يضعف موقعه كمكون مؤسسي فاعل في الحياة السياسية، ويقوض دوره في صياغة السياسات العامة والتوازن الديمقراطي.
ويضيف "لقد تجاوزت الهيئة المعايير القانونية المستقرة عند مراجعة الحكم، مما يشكك في حيادية العملية القضائية، خاصة في ظل حساسية التوقيت والانعكاسات السياسية للحكم".
ويشير باتي إلى أن الخيارات القانونية قد استنفدت، مما يضيق الطريق أمام الطعن في الحكم الأخير، ويجعل من أي تحرك قانوني إضافي غير مجد.
إعلان حوار وطنيبدوره، دعا النائب مهمند إلى إطلاق حوار وطني واسع مع كل الأطراف، مشيرا إلى أن هذا هو المطلب الرئيسي لقادة الحزب المعتقلين في سجن لاهور، قائلا "حان الوقت لحوار يشمل الجميع، سياسيين وغير سياسيين، قبل أن تغلق الأبواب تماما. نحن نؤمن بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من هذا النفق".
واتفق مع هذا الرأي المحامي باتي الذي أكد أن العمل السياسي والحوار مع الأطراف المعنية هو الطريق الوحيد المتاح حاليا أمام حزب "إنصاف" إذا ما أراد الحفاظ على ما تبقى من حضوره وتأثيره في المشهد السياسي الباكستاني.
ويرى مراقبون أن ما يحدث ليس مجرد إجراء قضائي، بل إعادة هيكلة غير معلنة للخريطة السياسية الباكستانية، مع تهميش أكبر أحزاب المعارضة عبر أدوات قانونية تبدو محايدة لكنها تفضي إلى نتائج سياسية واضحة.
وإذا استمر هذا المسار، فإن المعارضة في باكستان قد تواجه ـوفقا لمراقبينـ أحد أضعف فصولها منذ عقود، مع هيمنة شبه كاملة للسلطة التنفيذية والتشريعية على المشهد العام، وسط تراجع حاد في مؤشرات الحريات السياسية والتمثيل البرلماني المتوازن.
وبينما تُصر الحكومة على شرعية خطواتها وتعتبرها تطبيقا صارما للقانون، يرى حزب "إنصاف" أن ما يجري تصفية سياسية ممنهجة لن تضمن الاستقرار بل قد تعمق حالة الانقسام والاستقطاب في البلاد.