متوسط أعمار السكان في عدة بلدات شمال إيطاليا يتجاوز الـ60 عاما، وهو ما يجسد مثالا حيا على شيخوخة أوروبا. وحسب دراسة لمعهد الإحصاء الإيطالي في إبريل/نيسان الماضي تستعد عدة مصانع في البلاد لإغلاق أبوابها، بسبب نقص الشباب القادر على العمل.

هذا الانهيار الديمغرافي كما سمته صحيفة لوفيغارو الفرنسية لا يعود، حسب الدارسين، لتخلف علمي ولا لتقهقر اقتصادي، وإنما مرده بالدرجة الأولى إلى تداعيات انتشار ممارسات وأفكار شاذة في أوروبا مثل الشذوذ الجنسي، والنسوية التي شجعت، حسب دراسة للباحثة جون جونسون لويس نشرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، على تقويض النظام الأسري، وحاربت مفاهيم الأسرة والأبوة والأمومة والزواج وحتى الأنوثة والذكورة، حسب ذات الدراسة.

ورفع أصحاب تلك الأفكار، مدعومين بشكل معلن من هيئات الأمم المتحدة ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، شعار الحرية الفردية المطلقة والمساواة بين الجنسين، بل إن القرارات الأممية والقوانين الأوروبية فتحت الباب لحماية ونشر جنس بشري ثالث، كما تقوم بتشجيع كل من يريد التحول من جنس لآخر.

وتؤكد الإحصاءات السكانية في دول الاتحاد الأوروبي أن هذه الدول بدأت جني حصاد هذه الأفكار داخل المجتمع الأوروبي، حيث ساد التفكك الأسري وانخفضت المواليد وزادت معدلات الانتحار، حسب آخر الإحصاءات.

معطيات تهدد بالفناء

وفقا لدراسة نشرتها صحيفة لوفيغارو الفرنسية في يناير/كانون الثاني 2024، فإن دولا أوروبية في مقدمتها إيطاليا تواجه شبح الانهيار الديمغرافي، وتؤكد الدراسة أن معدل الخصوبة في أوروبا انخفض لدرجة لم يعد معها تجديد الأجيال مضمونا، ففي إيطاليا مثلا وصل معدل الخصوبة إلى 1.2 طفل لكل امرأة، وهو معدل منخفض جدا ترجعه الدراسة إلى عزوف عن الإنجاب أو تأخيره. وبدأت النساء الإيطاليات هذا السلوك منذ سبعينيات القرن الماضي.

وتضيف الدراسة أن إيطاليا التي سجلت مليون ولادة في عام 1964 لم تسجل في عام 2022 سوى 393 ألف ولادة، مقابل نحو 700 ألف وفاة في السنة نفسها.

وحسب تقرير آخر صادر سنة 2023 عن مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات"، فقد تباطأ معدل نمو سكان الاتحاد الأوروبي تدريجيا في العقود الأخيرة. كما لوحظ خلال العشرية الأخيرة أن عدد الوفيات صار يزيد على أعداد المواليد، وبات كبار السن يشكلون أغلبية السكان، وهو ما يعتبره الدارسون الاجتماعيون تهديدا جديا بالفناء.

وفي ذات المنحى، تشير تقارير أوروبية إلى أن دور العجزة في بعض المناطق الفرنسية أصبحت مطلوبة أكثر من المدارس.

وحسب الدارسين، فإن تناقص أعداد المواليد والارتفاع المطرد في نسب من بلغوا سن الشيخوخة، سيعني أعباء اقتصادية كبيرة، حيث تقل الفئات المنتجة، وتزيد الفئات التي تحتاج الدعم والرعاية من الحكومة.

فعالية في بولندا لدعم الشذوذ الجنسي (وكالة الأنباء الأوروبية) انحسار الزواج

حسب المعهد الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية، ففي العام 2022 كانت نسبة 65% من المواليد في فرنسا خارج إطار الزواج وهي زيادة تقترب من نسبة 100% مقارنة مع عام 1991 حيث كانت النسبة حوالي 37%.

وفي بريطانيا، أفادت دراسة نشرتها صحيفة الديلي ميل بأنه منذ عام 2008 أصبح المتزوجون يشكلون أقليَّة في بريطانيا، والأكثرية تفضل علاقات لا تخضع لرابط الزوجية، وأصبح نصف المواليد الجدد تقريبا يولدون من علاقات خارج الزواج.

كما تشير الأرقام إلى ارتفاع نسبة العزاب من الجنسين إلى أكثر من 50%، وتفاقم حالات الطلاق، حيث إن هناك حالتي طلاق مقابل كل 3 زيجات جديدة.

أسر "جندرية"

تغيرت طبيعة الأسرة الأوروبية بشكل كبير خلال العقود الخمسة الأخيرة، ولم تعد الأسرة عبارة عن مجموعة أفراد تضم زوجا وزوجة وأبناء، بل تشكلت أصناف جديدة من الأسر تنسجم مع مفهوم الجندر الذي أشاعته حركات النسوية والشذوذ، وأقرته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

فطبقا للتصنيفات الرسمية في بريطانيا المعتمدة منذ 2008، هناك عدة أنواع من الأسر:

– عائلة ثنائية التكوين: أب وأم وأبناؤهما.

– عائلة ثنائية التكوين: أب وأم (مطلقان أو يعيشان معا خارج رباط الزوجية) وأولاده وأولادها من علاقة أو زيجة سابقة.

– عائلة ثنائية التكوين: أب وأم (يعيشان معا خارج رباط الزوجية) وأولادهما من هذه العلاقة، أو من علاقة أو زيجة سابقة.

– عائلة أحادية التكوين: أم بمفردها (إما مطلقة أو أرملة أو هجرها عشيقها) وأولادها الذين قد يكونون من أكثر من أب.

– عائلة أحادية التكوين: أب بمفرده (مطلق أو أرمل، أو هجرته عشيقته) وأولاده.

– عائلة ثنائية التكوين: من جنس واحد (شاذ أو شاذة) مع أو بدون أولاد.

معدل الوفيات انخفض بشكل حاد في العديد من الدول الأوروبية (غيتي) تشريع الشذوذ

لم تكتف هيئة الأمم المتحدة ـكما هو موثق في مواقعها وقراراتهاـ برفع شعار المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والضغط على الدول الأعضاء وتوفير التمويل للحكومات والمجتمع المدني لإصدار القوانين وتطبيق السياسات والبرامج اللازمة لضمان تنفيذ تلك المساواة في كل المجالات، بل زيادة على ذلك أقرت يوم 17 مايو/أيار من كل عام يوما دوليا لمناهضة "رهاب الشذوذ الجنسي ورهاب المتحولين جنسيا ورهاب ازدواجية الميل الجنسي".

كما أعدت الأمم المتحدة وسنّت اتفاقيات دولية لتشريع الشذوذ والنسوية مثل اتفاقية سيداو عام 1979، وإعلان الأمم المتحدة القضاء على العنف ضد المرأة عام 1993، واتفاقية إسطنبول المناهضة للعنف ضد المرأة لعام 2011

وفي سنة 2004، تضمن تقرير صادر عن لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة اعترافا رسميا بالشذوذ وحماية لحقوق الشواذ، والسعي لقبولهم مِن قبل المجتمع. واعتبر التقرير الشذوذ نوعا من التعبير عن المشاعر، معلنا بذلك دعم الأمم المتحدة للممارسة الجنسية بمختلف أشكالها الطبيعية والشاذة.

وإمعانا في تشريع الشذوذ أصدر مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة سنة 2012 ما سماه "دليلا لحقوق المثليين" حمل عنوان "يولدون أحرارا ومتساوين"، دعت الأمم المتحدة من خلاله حكومات العالم إلى حماية "حقوق" الشاذين جنسيا وإلغاء القوانين التي تعمل على التمييز ضدهم.

وزيادة على ذلك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة حينها بان كي مون أن كراهية الشذوذ الجنسي جريمة تجب مكافحتها كجزء أساسي من تعزيز حقوق الإنسان للجميع، حسب تعبيره.

الاتحاد الأوروبي يحتفل بيوم الشذوذ

وظل الاتحاد الأوروبي حريصا على الاحتفال مع الشاذين جنسيا كل سنة منذ أن سنت لهم الأمم المتحدة عيدا خاصا بهم، وقد دعا الاتحاد الأوروبي في بيان بالمناسبة في 17 مايو/أيار الماضي جميع دول العالم إلى اتخاذ كل الإجراءات لحماية الشاذات والشواذ ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وثنائيي الجنس وتمكينهم من التمتع الكامل بكافة الحقوق، حسب البيان.

واعتبر الاتحاد الأوروبي أنه من المهم محاربة الممارسات التمييزية وإنهاء تجريم العلاقات الجنسية الشاذة بالتراضي في جميع أنحاء العالم.

وكانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت عن إستراتيجية للفترة 2020-2025 بهدف تحقيق مساواة الشواذ ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وثنائيي الجنس في جميع مجالات الحياة.

الأفكار النسوية والترويج للحياة الفردانية جعلت العديد من نساء أوروبا يعشن بلا أطفال وبلا عوائل (غيتي) النسوية.. كسر ثنائية المرأة والرجل

بحسب دراسة عن تاريخ الحركة النسوية للباحثة لورين ماكميلان نشرتها جامعة كوين ماري اللندنية في 2015، فقد ظل مفهوم النسوية مرتبطا بالطابع الأنثوي للمرأة حتى منتصف القرن الـ19، ليظهر تعريف جديد لمصطلح النسوية يربطه بالدفاع عن المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين، واستخدم هذا المصطلح لأول مرة من طرف الكاتب الفرنسي تشارلز فورييه.

بدأت مطالب الحركة النسوية في أوروبا مع مطلع القرن الـ20 بالسعي للحصول على حق الملكية للمرأة المتزوجة، وتبع ذلك المطالبة بالحصول على الحق في التصويت في الانتخابات، ثم تطورت المطالب، حسب ذات الدراسة، مع منتصف القرن الـ20 لتتحول إلى تحرير المرأة بشكل عام مع التركيز على الجانب الثقافي للخلاص من القيود الفكرية والاجتماعية التي تعرقل "تحرير المرأة".

ظهرت خلال تلك الفترة قيادات نسائية مثلت رموزا لهذه الحركة مثل سيمون دي بوفوار التي ألفت كتابا تحت عنوان "الجنس الثاني" اعتبرت فيه أن الحركة النسوية يجب أن تتغلب على فكرة أن "المرأة لا تولد امرأة بل تصبح امرأة" وشخصيات نسائية أخرى مثل بيتي فريدان وغلوريا ستاينم.

ولم تقف الحركة النسوية عند هذا الحد، بل برز منذ ستينيات القرن الماضي اتجاه راديكالي متطرف يسعى ـ حسب دراسة للباحثة جون جونسون لويس نشرت في المجلة البحثية Thoughtco نوفمبر/تشرين الثاني 2020ـ إلى تقويض النظام الأسري القائم بشكل كلي باعتباره نظاما يكرس هيمنة الرجال على النساء، ويجعل المرأة في مكانة التابع للرجل.

 وترى المنظرات لهذا الاتجاه، حسب الباحثة، أن تحقيق المساواة في الحقوق لا يتم إلا بالتحرر من المفاهيم التقليدية للأنوثة والأمومة والزواج والجنس، لأنها تكرس السلطة الأبوية، إضافة إلى رفض كل القوانين الدينية والوضعية باعتبارها، حسب النسويات، تحط من قيمة المرأة.

ووفقا لذات الدراسة، فإن هذا الاتجاه الراديكالي يشجع النساء على العزوبية أو ممارسة الجنس بينهن كبدائل للممارسة بين الجنسين، كما تدعم النسويات الراديكاليات الأشخاص المتحولين جنسيا باعتبار ذلك مظهرا آخر من تحرير "النوع الاجتماعي" يكسر تلك الثنائية بين الرجل والمرأة والذكورة والأنوثة التي كرست، حسب أولئك النسويات، تهميش المرأة وأنتجت تصورات خاطئة مثل ضعف المرأة مقابل قوة الرجل، وعقلانية الرجل مقابل عاطفية المرأة.

ومن أبرز قيادات التيار النسوي الراديكالي: سوزان براون ميلر، فيليس تشيستر، كورين دراج كولمان، وماري دالي.

الشذوذ والمليار الذهبي

يعتقد بعض الدارسين أن نشر الشذوذ في العالم يندرج ضمن مخطط لبعض المتطرفين الغربيين هدفه تقليص سكان العالم من خلال الحد من الإنجاب ونشر الفيروسات المهلكة وصولا إلى ما يعتبرونه "المليار الذهبي".

يهدف المخطط حسب دراسة نشرها مركز إنسان للإعلام في سبتمبر/أيلول 2022 إلى جعل الشذوذ الجنسي موضة بين المشاهير، وقد نجح القائمون على المخطط إلى حد بعيد في تحقيق ذلك الهدف، كما تمكنوا من تقنين الشذوذ في 28 دولة بدءا من الدانمارك التي كانت أول دولة في العالم تعترف بالشذوذ عام 1989، ثم تبعتها هولندا وبلجيكا وإسبانيا والنرويج والسويد والبرتغال وآيسلندا وفرنسا والمملكة المتحدة ولوكسمبورغ وأيرلندا وفنلندا ومالطا وألمانيا والنمسا.

ويلقى الترويج للشذوذ دعما كبيرا من الدول الكبرى، وتقف وراءه جماعات ضغط رأسمالية غربية تسعى لنشره حتى بين الأطفال من سن مبكرة من خلال أفلام الكرتون والأفلام السينمائية والمسلسلات التي أصبحت لا تخلو من مشاهد الشذوذ، حسب ذات الدراسة.

بعض الدول الأوروبية بدأت تحث على الإنجاب لتفادي خطر شيخوخة المجتمع (غيتي)

هل ينقلب سحر الشذوذ على الساحر

ترى دراسة "مركز إنسان" أن النسوية والشذوذ قد انقلب سحرها على الساحر حيث بات يهدد وجود المجتمعات الغربية والأوروبية على وجه التحديد، بينما تحمي العقائد الدينية والمنظومة القيمية والأخلاقية معظم المجتمعات الأخرى وبالخصوص المجتمع المسلم من انتشار هذا الشذوذ، بل إن الدراسات تشير إلى أن عدد المسلمين في ازدياد مستمر.

فقد أوردت مؤخرا صحيفة "الغارديان" البريطانية استنادا لدراسة ديموغرافية أجراها موقع أميركي أن الإسلام يتميز بنسبة نمو هي الأسرع بين الأديان، وأن أتباعه سيبلغون 3 مليارات، وسينتزعون من المسيحية ريادة الترتيب العالمي في منتصف القرن الـ21.

الانحلال مؤذن بالفناء والدمار

يرى الدكتور فتحي أبو الورد في مقال نشره على موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في ديسمبر/كانون الأول 2022 أن الغرب بإقراره وإجازته لمنكرات الشذوذ لم ينطلق من فلسفة ولا فكر، بل انطلق من انحرافات سلوكية، وعاهات اجتماعية لمرضى نفسيين وأصحاب هوى شهوانيين.

ويضيف الدكتور أنه من المقرر بين عقلاء الدنيا أن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة، وأنها لا تكون إلا للمجانين الذين يفعلون ما يشاؤون ما دام قد غاب العقل الذي هو مناط التكليف والتمييز.

وانطلاقا مما قرره المفكر عبد الرحمن ابن خلدون في كتابه "العمران" من كون الأمم تحتاج لقيامها وبقائها لعقيدة أو أسرة أو أمة تتعصب لها وتضحي في سبيلها، فإن أفكار الشذوذ والنسوية والانحلال الجنسي مدمرة للمجتمعات، حيث تصنع أجيالا من المنتفعين الأنانيين الذين يبيعون أهلهم وبلادهم ومجتمعهم مقابل متعة بسيطة، وليس لديهم أي استعداد للتضحية، لا في سبيل الأسرة ولا الوطن ولا الأمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الاتحاد الأوروبی الحرکة النسویة الشذوذ الجنسی الأمم المتحدة ذات الدراسة بین الجنسین حسب دراسة

إقرأ أيضاً:

زخم متنامٍ: هل تتمكن المبادرات الأمنية من معالجة قضايا الأمن الجماعي الأوروبي؟

 

زخم متنامٍ: هل تتمكن المبادرات الأمنية من معالجة قضايا الأمن الجماعي الأوروبي؟

 

 

اتسم المشهد الأمني الأوروبي خلال الآونة الأخيرة بحالة من الزخم المكثف؛ نتيجة التهديدات الأمنية الملازمة للقارة الأوروبية، ونتيجة لذلك فقد تعددت المبادرات والمقترحات الأوروبية التي تستهدف التعامل مع حالة السيولة الأمنية الجارية، وجاءت غالبية هذه المقترحات من مؤسسات الاتحاد الأوروبي ذاته، وليس من الدول.

مبادرات الاتحاد الأوروبي:

اتخذت  المفوضية الأوروبية وعدد من المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي عدداً من المواقف، وتبنت عدداً من المبادرات، التي تستهدف تعزيز الأمن والحماية ومواجهة التهديدات المتنامية، وذلك على النحو التالي:

أصدرت المفوضية الأوروبية في 1 ديسمبر 2025 بياناً أعربت خلاله عن ترحيبها بمشاركة كندا في المبادة الأمنية الأوروبية “SAFE” ، فيما أشار البيان الصادر عن المفوضية إلى أن هذا الإجراء يستهدف تعزيز وتطوير قاعدة الدفاع الصناعية الأوروبية فيما يحقق استفادة الدول المشاركة، على الأخص في ظل اضطراب الأوضاع العالمية، ومثل هذا الأمر يعني تعزيز التعاون المشترك للوفاء بالالتزامات الدفاعية، وبموجب التعاون القائم بين الاتحاد الأوروبي وكندا سيتم إنشاء وتدعيم سلاسل إمداد دفاعية مرنة بين الصناعات القائمة في الجانبين لتحقيق الأمن العالمي، وكذلك فإن تقوية القواعد الصناعية ستؤدي بالتوازي إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل. اجتمع وزراء الدفاع لدول الاتحاد الأوروبي في 1 ديسمبر 2025؛ حيث أُجريت مباحثات بشأن آليات تقديم الدعم لأوكرانيا، وذلك بحضور وزير الدفاع الأوكراني دينيس شميكال، ونائبة الأمين العام لحلف الناتو رادميلا شيكيرينسكا؛ حيث ناقشوا خيارات التمويل المتاحة لتقديم الدعم العسكرية لأوكرانيا، وسبل تعزيز التعاون بين القواعد الصناعية الدفاعية، فيما تطرقت المباحثات لمسألة الضمانات الأمنية التي يجب تقديمها لأوكرانيا، والدور الذي يمكن أن تتولاه بعثتا الاتحاد الأوروبي: بعثة المساعدة العسكرية للاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا وبعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية إلى أوكرانيا في تعزيز الدعم الأوروبي لأوكرانيا، وكذلك فقد ناقش الحضور مسألة حشد الدعم المالي الخاص لكييف من خلال البنك الاستثماري الأوروبي. أعلنت المفوضية الأوروبية في 19 نوفمبر 2025 عن إطلاق حزمة تنقل عسكري جديدة، وذلك في إطار سعي المفوضية لتعزيز الجاهزية الدفاعية للاتحاد الأوروبي، فيما تهدف هذه الحزمة إلى تسهيل حركة القوات والمعدات العسكرية بسرعة ومرونة عبر الدولة الأوروبية، وكذلك تدشين منطقة نقل عسكري أوروبية موحدة بحلول عام 2027، بما يشبه شينغن عسكري، فيما تشمل الحزمة تنظيماً جديداً للتنقل العسكري وتواصلاً مشتركاً يضع الأسس لتحرك عسكري منسق وفعال عبر الحدود عن طريق إزالة الحواجز التنظيمية، على أن يتم ذلك من خلال تقديم أول قواعد موحدة على مستوى الاتحاد الأوروبي للتنقل العسكري، مع تحديد مدة معالجة تصل إلى ثلاثة أيام كحد أقصى وتبسيط الإجراءات الجمركية، إلى جانب إنشاء إطار طوارئ جديد عبر نظام الاستجابة السريعة الموسع للتنقل العسكري الأوروبي الذي يوفر إجراءات معجلة، وأولوية الوصول إلى البنية التحتية لدعم القوات المسلحة عند العمل في سياق الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو، كما تسعى الحزمة إلى تعزيز مرونة البنية التحتية للنقل من خلال ترقية الممرات العسكرية الرئيسية في الاتحاد وفق معايير الاستخدام المزدوج وحماية البنية التحتية الاستراتيجية باستخدام أدوات جديدة للمرونة، مع استثمارات محددة لتعزيز الأمن السيبراني والأمن الطاقي والاستعداد في فترات السلم والأزمات، كما تم الاتفاق على تعزيز القدرات المشتركة بين الدول الأعضاء عبر إنشاء “صندوق التضامن” وإمكانية تطوير نظام معلومات رقمي للتنقل العسكري يتيح متابعة وتنسيق التحركات بصورة أكثر كفاءة، بالإضافة إلى تقوية الحوكمة والتنسيق عبر إنشاء مجموعة النقل العسكري الأوروبية ولجنة شبكة النقل الأوروبية مدعومة بمنسقين وطنيين للتنقل العسكري عبر الحدود في كل دولة عضو؛ لضمان تنفيذ الحزمة ومراقبة مستوى الجاهزية على جميع المستويات. توصل مفاوضو البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي في 5 نوفمبر 2025 إلى اتفاق مبدئي لتشجيع الاستثمارات الدفاعية ضمن ميزانية الاتحاد الأوروبي الحالية، وذلك في إطار “خطة إعادة تسليح أوروبا” التي تهدف إلى زيادة الإنفاق الدفاعي وتعزيز القدرات العسكرية للاتحاد، ويشمل الاتفاق ربط أوكرانيا بالصندوق الأوروبي للدفاع، وتعديل خمسة برامج أوروبية تشمل: برنامج أوروبا الرقمية، الصندوق الأوروبي للدفاع، مرفق ربط أوروبا، منصة التقنيات الاستراتيجية لأوروبا، وبرنامج هوريزون أوروبا؛ وذلك بهدف تسريع وتسهيل الاستثمارات الدفاعية التكنولوجية والصناعية، فيما تم توسيع الدعم المالي ضمن برنامج هوريزون ليشمل الشركات ذات الاستخدام المزدوج والمتعلقة بالدفاع، مع الحفاظ على قواعد الأهلية الموجودة في أدوات الاتحاد الأوروبي الحالية. وقّع المفوض الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة ماغنوس برونر، في 30 أكتوبر 2025، خطة عمل مشتركة جديدة مع شركاء الاتحاد الأوروبي من دول غرب البلقان للوقاية من الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف، وذلك على هامش منتدى وزراء الاتحاد الأوروبي ودول غرب البلقان للعدل والشؤون الداخلية في البوسنة والهرسك؛ وتهدف خطة العمل الجديدة إلى تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي وشركائه في غرب البلقان على مواجهة التهديدات الناشئة والجديدة، بما في ذلك التطرف عبر الإنترنت، والتحديات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة مثل مخاطر استخدام الطائرات من دون طيار أو العملات المشفرة في تمويل الإرهاب، كما تشمل الخطة خمسة محاور رئيسية لتعزيز التعاون وبناء القدرات، وهي: تحقيق التوافق مع تشريعات الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، ومنع التطرف، وتعزيز التعاون مع وكالة يوروبول في التحقيقات المتعلقة بالإرهاب، وتقوية القدرة على التحقيق في تمويل الإرهاب، وتعزيز حماية البنية التحتية الحيوية والأماكن العامة.

مبادرات الدول الأوروبية:

بالتوازي مع مبادرات الاتحاد الأوروبي، أطلق عدد من الدول والشركات الأوروبية مبادرات مماثلة، وذلك على النحو التالي:

قدمت شركة الدفاع والفضاء الجوي الإيطالية “ليوناردو” خططاً جديدةً للدفع بتدشين نظام دفاع جوي متعدد الطبقات يُعرف باسم “قبة ميكيلانجيلو” المصممة خصيصاً من أجل حماية البنية التحتية الحيوية ومناطق المصالح الوطنية والدولية من التهديدات المتنامية؛ حيث تعمل هذه القبة من خلال تعزيز التواصل بين المنصات والمعدات المختلفة في الفضاء والبحار وسطح الأرض، ومن خلال ذلك سيتم استحداث نظام جديد يكون معنياً برصد واعتراض وتحييد التهديدات الجوية مثل الطائرات المسيرة والصواريخ قبل أن تخترق المجال الجوي وتحدث أي ضرر، فيما صرح الرئيس التنفيذي لشركة ليوناردو روبرتو سينجولاني، بأن هذا النظام هام من أجل أمن إيطاليا والدول الأوروبية والدول الأعضاء في حلف الناتو، كما أشار إلى أن شركة ليوناردو (هي بالأساس شركة وطنية إيطالية مملوكة للدولة) ستقوم بتجهيز فريق من العاملين بالشركة والقوات المسلحة الإيطالية لتنفيذ هذا المشروع، على أن تقوم القبة ببدء عملياتها في 2028، وقد سبق وأن صرح وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، بحاجة إيطاليا لوحدات مدنية ودفاعية جديدة تقوم بتوظيف 5 آلاف عنصر لمكافحة التهديدات الهجينة، مؤكداً أهمية استخدام أدوات واضحة خلال فترة زمنية قليلة لتطوير قدرات تنبؤية وتكيفية؛ تستهدف منع وردع واستيعاب التهديدات الهجينة. اقترح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إنشاء نظام عقوبات أوروبي جديد لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود المرتبطة بالمخدرات، وذلك في ظل تصاعد ظاهرة تهريب المخدرات في فرنسا والقارة الأوروبية؛ حيث أوضح أن الهدف من نظام العقوبات الجديد هو استهداف المقدرات المالية لمهربي المخدرات للقضاء على الأزمة من جذورها، وأشار إلى أن نظام العقوبات المقترح سيستهدف المجرمين المقيمين في الخارج وداعميهم، سواء أكانوا متورطين في تهريب المخدرات أم الاتجار بالبشر أم تهريب المهاجرين أو تجارة الأسلحة.

تهديدات متنوعة:

تستهدف المؤسسات الأوروبية من خلال المبادرات الأمنية السابقة مواجهة التهديدات الأمنية التي تشهدها القارة الأوروبية، والتي سبقت الإشارة إليها، ويمكن تفصيلها على النحو التالي:

الحوادث الإرهابية: شهدت أوروبا خلال الآونة الأخيرة عدداً معتبراً من الهجمات الإرهابية، حيث استهدف كل من الجماعات المتطرفة والمهاجمين المنفردين المدنيين الأماكن العامة، وتعكس هذه الهجمات تهديداً متزايداً من أيديولوجيات مختلفة، بما في ذلك التطرف الإسلامي، والتطرف اليميني، والحركات الانفصالية، مثل حادث دهس ماغدبورج، وطعنات مدينة سولينجن بألمانيا، وهجوم سكين أمستردام في 2025، وقد أثارت هذه الهجمات تخوفات من الثغرات الأمنية في جميع أنحاء القارة. الهجمات السيبرانية: ففي السنوات الأخيرة شهدت أوروبا تنامياً في الهجمات السيبرانية، حيث تم استهداف مواقع عدة أحزاب سياسية هولندية وبعض مؤسسات الاتحاد الأوروبي، في أعقاب الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو 2024، من قبل مجموعة قراصنة مؤيدة للكرملين تدعى “HackNeT”؛ مما أدى إلى تعطيل الخدمات الإلكترونية مؤقتاً، ومن جانب آخر، فقد تعرضت المكتبة البريطانية في أكتوبر 2023 لهجوم فدية من قبل مجموعة القراصنة “Rhysida”، التي طالبت بفدية قدرها 20 بيتكويناً لاستعادة البيانات المسروقة وإعادة الخدمات؛ وقد أدى الهجوم إلى نشر 600 جيجابايت من البيانات المسروقة على الإنترنت. تهريب الأسلحة: كثفت السلطات الأوروبية عملياتها لمكافحة تهريب الأسلحة؛ ما أدى إلى ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر واعتقال العديد من المهربين. فعلى سبيل المثال، قادت وكالة “فرونتكس” عملية واسعة في منطقة جنوب شرق أوروبا في نوفمبر 2023؛ استهدفت تهريب الأسلحة والجرائم المنظمة عبر دول غرب البلقان وشرق أوروبا، وأسفرت العملية عن ضبط 310 أسلحة، بالإضافة إلى مصادرة نحو طن من المخدرات واعتقال 566 شخصاً، كما قادت “وكالة فرونتكس” في يونيو 2024 عملية في وسط وجنوب شرق أوروبا أسفرت عن ضبط 300 سلاح ناري واعتقال 172 مهرباً، وفي ديسمبر 2024، تعاونت السلطات الألبانية والكوسوفية مع وكالتي “يوروست” و”يوروبول” لاكتشاف شبكة لتهريب الأسلحة بين البلدين؛ مما أسفر عن اعتقال 14 شخصاً وضبط 29 مسدساً و3 بنادق طويلة و2,600 طلقة ذخيرة.

التحديات:

على الرغم من حالة الزخم والتعبئة المكثفة للجهود الأمنية والدفاعية؛ فإنه يوجد عدد من التحديات التي تعوق منظومة الأمن الأوروبي، وذلك على النحو التالي:

عدم القدرة على استيعاب بريطانيا في المنظومة المؤسسية الأمنية الأوروبية: فقد فشلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في التوصل إلى اتفاق يتيح لبريطانيا المشاركة في برنامج الإجراء الأمني الأوروبي للتمويل الدفاعيSAFE ؛ حيث كانت المفاوضات تهدف إلى استثناء بريطانيا من الشروط الخاصة بوضع سقف 35% لأي مساهمة من خارج دول الاتحاد الأوروبي والنرويج وأوكرانيا، واشترط الاتحاد لذلك أن تقوم بريطانيا بزيادة مساهمتها المالية في البرنامج؛ لتسهم بنحو 4 إلى 6.5 مليار يورو، في حين قدمت بريطانيا عرضاً أقل من الرقم المطلوب أوروبياً حتى بعد تخفيضه، إلا أنه لايزال بإمكان بريطانيا المشاركة في المشتريات المشتركة ضمن الحد الأقصى المسموح به البالغ 35% من قيمة النظام التسليحي. غياب التنسيق الأوروبي الموحد: تتعارض القوى الأساسية في القارة بشأن القضايا المحورية على الأخص فرنسا وألمانيا، وكذلك لم ترحب بعض القوى الأوروبية بخطة إعادة تسليح أوروبا والمبادرات المرتبطة بها (على الرغم من الترويج الإعلامي المُكثف لها) مشيرين إلى التداعيات السلبية التي قد تخلفها الخطة؛ حيث أشار رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى أن خطة إعادة التسليح من شأنها أن تدمر أوروبا، كما عارضت زعيمة الحزب الديمقراطي (ضمن أكبر أحزاب المعارضة في إيطاليا) والنائبة في البرلمان الأوروبي إيلي شلاين الخطة، مشيرة إلى أنها ستعمل على طرح بعض التغيير على المقترحات المقدمة في من قبل رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين؛ ومن ثم سيتعين على الدول الأوروبية الدفع بآلية مُحكمة، تضمن في المقام الأول تحقيق التكامل وتوحيد الجهود؛ لتكون بمثابة قوة ضغط على الرئيس الأمريكي ترامب في تشكيل سياساته نحو القارة. ضعف مشاركة الفاعلين من غير الدول في المبادرات المطروحة، وإن كان هذا الأمر بدأ يُدرك من الجانب الإيطالي؛ إذ تفرض التطورات الجيوسياسية الحالية على القوى الأوروبية التحرك لتعزيز وبناء شبكة جديدة من التحالفات الأمنية، وإن كانت هذه التحالفات لن تقتصر على الدول كفواعل رئيسية في النظام الدولي؛ حيث سيتعين على الاتحاد الأوروبي تعزيز الشراكة مع الجهات الفاعلة مثل شركات الأسلحة أو الشركات التكنولوجية والابتكارية، وكذلك تعزيز الشراكة القائمة بالفعل مع الدول ذات الرؤية المماثلة للدول الأوروبية. استمرار النهج الاستقلالي في تعزيز القدرات الدفاعية، فعلى الرغم من المبادرات التي طرحتها المفوضية مثل خطة إعادة إعمار أوروبا والورقة البيضاء ومبادرة الجاهزية؛ فإنه من الناحية الفعلية تُعطى الأولوية للسياسات المتخذة على المستوى الوطني، كما أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي فضلاً عن الدول الأعضاء في حلف الناتو، تعمل على توظيف أنظمة دفاعية مختلفة، وكذلك يوجد اتجاه عام رافض لفكرة “جيش الاتحاد الأوروبي”؛ ومن ثم فالركيزة الأساسية لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية غائبة. التأثير السلبي في التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة: أدت المبادرات الأوروبية التي تنص صراحة على الاعتماد على الانتاج الدفاعي الأوروبي، وتقليص الاعتماد الخارجي (مثل برنامج SAFE والذي تقتصر فيه المساهمات الخارجية على 35% فقط) إلى انتقادات أمريكية لهذه المبادرات؛ وهو ما ظهر جلياً في توجيه نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو، انتقادات حادة لحلفاء الناتو الأوروبيين خلال اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل؛ بسبب تفضيلهم للصناعات الدفاعية المحلية على حساب الشركات الأمريكية. وقال لاندو إن السياسات الإقصائية تضعف الدفاع المشترك. من المرجح أن يستمر السعي الأوروبي في تعزيز منظوماته الأمنية والدفاعية سواء على مستوى الدول أم على مستوى الاتحاد ككل، ولا سيما الدول التي تشعر بالخطر الروسي (بعض دول شرق أوروبا وبولندا)، مع التعاطي بإيجابية مع مبادرات المفوضية الأوروبية، على أن ذلك سيظل مرهوناً بقدرة النخب السياسية الوسطية الأوروبية في الاستمرار في الحكم، واحتواء النزعة اليمينية المتطرفة المشككة في المشروعات الجماعية الأوروبية.

مقالات مشابهة

  • تكريم السفيرة سها جندي من (UN Women) ضمن كوكبة من القيادات النسائية المصرية الملهمة
  • سياسي: خطة المفوضية الأوروبية تجاه أموال روسيا المجمدة تهدد الاقتصاد الأوروبي
  • 2025.. عام مالي معقد في الاتحاد الأوروبي بسبب اتساع العجز
  • زخم متنامٍ: هل تتمكن المبادرات الأمنية من معالجة قضايا الأمن الجماعي الأوروبي؟
  • «صيحة» تكشف أرقام صادمة لحالات العنف الجنسي في السودان
  • الأمم المتحدة للمرأة تكرم الدكتورة منال عوض ضمن القيادات النسائية المصرية الملهمة
  • الأمم المتحدة تكرّم وزيرة التخطيط ضمن القيادات النسائية المصرية الملهمة في احتفالية “أجندة بكين +30”
  • وثيقة مسرّبة تهدد بتفريق أوروبا: ترامب يسعى لفصل أربع دول عن الاتحاد الأوروبي
  • الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يجددان دعمهما لـ«حقوق الإنسان» في ليبيا
  • أرقام واحصائيات مباراة ريال مدريد مع مانشيستر سيتي في دوري الابطال