هل أنت حُر حقًا في تصرفاتك؟
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
أحمد بن موسى البلوشي
الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، يعيش ضمن جماعات ويتفاعل معها بشكل يومي. يتأثر بأفكار وآراء الآخرين ويُؤثر فيهم بدوره. لذلك، فإنَّ الاعتقاد بأنَّ آراء الآخرين وانتقاداتهم لا تهمه يعتبر تصرفاً غير واقعي ويُمكن أن يؤدي إلى عواقب سلبية. التفاعل مع الآخرين وأخذ آرائهم بعين الاعتبار يساهم في بناء علاقات اجتماعية قوية ومتينة، تقوم على التفاهم والاحترام المُتبادل، وتمكن الفرد من اكتساب مهارات جديدة، وتعلم كيفية التعامل مع مواقف مختلفة، وتطوير شخصيته، وفي كثير من الأحيان يوفر المجتمع شبكة دعم قوية يمكنها مساعدة الأفراد في الأوقات الصعبة، مما يساهم في تعزيز الصحة النفسية والعاطفية، ويتعلم الفرد القيم الاجتماعية، والأخلاق، وقواعد السلوك من خلال التفاعل مع الآخرين، مما يُساعده على التكيف مع المجتمع بشكل أفضل.
في عصرنا الحالي ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من الشائع مشاهدة تصرفات وسلوكيات لا تتماشى مع القيم والعادات والتقاليد، بل قد تكون غير مقبولة من قبل العقل البشري ارتباطاً بالمجتمع الذي نعيش فيه. عندما يتم انتقاد هؤلاء الأفراد وتوجيه النصح لهم، يكون الرد الصادم غالباً: "أنا حر في تصرفاتي ولا يهمني رأي الآخرين ولا انتقاداتهم". هذا النهج يعتبر غير منطقي وغير عقلاني، فالمجتمع لا يتدخل في تصرفاتك، بل يوجهها نحو الصواب، وأنت كفرد في هذا المجتمع تحتاج إليه وهو يحتاج إليك. في حياة المجتمع، لا يمكن للإنسان أن ينفصل عن تأثير الآخرين وآرائهم. التصرفات غير اللائقة تعكس تأثيرات سلبية على الفرد والمجتمع ككل، وعندما يواجه الفرد انتقادات من المجتمع، يجب عليه أن يأخذها بعين الاعتبار بدلاً من تجاهلها والقول بأن الآخرين لا يهمونه وتهمه نفسه فقط. هذا الموقف غير منطقي وغير عقلاني، وقد يؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها.
التصرفات غير اللائقة قد تؤدي إلى فقدان احترام الآخرين للفرد، مما يُؤثر على علاقاته الاجتماعية والمهنية، يمكن أن تؤدي التصرفات غير اللائقة إلى خلق توتر وصراعات داخل المجتمع، مما يضر بالانسجام الاجتماعي، وتؤثر التصرفات غير اللائقة سلبًا على سمعة الفرد، مما يمكن أن يُؤثر على فرصه المستقبلية في العمل والحياة الشخصية.
انتقادات المجتمع، رغم أنها قد تكون مؤلمة في بعض الأحيان، تحمل أهمية كبيرة في توجيه الفرد نحو السلوك الصحيح، فالانتقادات البناءة تساعد على توجيه الفرد نحو تحسين سلوكه وتصرفاته، مما يساهم في نموه الشخصي، ومن خلال مواجهة الانتقادات، يتعلم الفرد القيم والأخلاق المقبولة في المجتمع، مما يُساعده على التكيف بشكل أفضل، تجعل هذه الانتقادات الفرد مسؤولاً عن أفعاله وتصرفاته، مما يعزز من إحساسه بالمسؤولية الاجتماعية.
من الضروري أن يجد الفرد توازنًا بين الاستقلالية الشخصية وأخذ آراء الآخرين وانتقاداتهم بعين الاعتبار. يجب على الفرد أن يُقيّم الانتقادات بموضوعية، ويأخذ منها ما هو مفيد لتحسين سلوكه، وأن تطوير الثقة بالنفس يمكن الفرد من مواجهة الانتقادات بشكل إيجابي دون أن يؤثر ذلك سلبًا على احترامه لذاته، والاستماع إلى الآخرين والتعبير عن وجهات النظر بشكل محترم يمكن أن يسهم في تحسين العلاقات الاجتماعية وحل النزاعات.
في النهاية، لا يُمكن للإنسان أن يعيش بمعزل عن المجتمع وتأثيراته. يجب عليه التفاعل مع الآخرين وأخذ آرائهم وانتقاداتهم بعين الاعتبار لتحقيق نموه الشخصي والاجتماعي. ومع ذلك، ينبغي أن يتم هذا التفاعل بتوازن، بحيث يحافظ الفرد على استقلاليته وثقته بنفسه، مع احترام آراء الآخرين والاستفادة منها. بهذا الشكل، يمكن للفرد أن يحقق توازنًا صحيًا يساهم في تطوره وازدهاره داخل المجتمع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الأوقاف تعقد 673 ندوة علمية بعنوان "جريمة التعدي والتحرش وأثرهما على الفرد والمجتمع"
تواصل وزارة الأوقاف جهودها في نشر القيم الدينية والأخلاقية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وبناء وعي مجتمعي راقٍ، حيث نظَّمت 673 ندوة علمية بجميع محافظات الجمهورية، تحت عنوان: "جريمة التعدي والتحرش وأثرهما على الفرد والمجتمع".
تناولت الندوات خطورة جريمة التعدي والتحرش بجميع أشكالهما، مؤكدةً أن الإسلام قد حرَّم إيذاء الآخرين قولًا أو فعلًا، وحذَّر من انتهاك حرمات الناس أو التعدي على كرامتهم، وجعل صون الأعراض والأنفس من مقاصد الشريعة الإسلامية الكبرى.
كما بيَّنت الندوات أن هذه الجرائم تمثّل انحرافًا عن القيم الدينية والإنسانية، وتؤدي إلى تفكك الأسر، وزعزعة أمن المجتمع، وإشاعة الخوف وفقدان الثقة بين أفراده، مشددة على أن مكافحتها مسئولية جماعية تقوم على تربية الضمير الديني، ونشر الوعي، وتفعيل دور الأسرة والمدرسة والمسجد في بناء الشخصية السوية.
وتؤكد الوزارة أن هذه الندوات تأتي في إطار برامجها الدعوية والتثقيفية المستمرة، التي تُعقد أسبوعيًّا في المساجد الكبرى على مستوى الجمهورية، ضمن برامج "الندوات العلمية" و"الأسبوع الثقافي" و"القوافل الدعوية"، بما يُسهم في تعزيز القيم الأخلاقية، وحماية المجتمع من السلوكيات السلبية، وترسيخ مبادئ الاحترام المتبادل والتعايش الآمن.
الأوقاف تعقد 27 ندوة علمية للأطفال" بعنوان: "حرمة التعدي على الأطفال"وعلى صعيد اخر، عقدت وزارة الأوقاف 27 ندوة علمية كبرى تحت عنوان: "حرمة التعدي على الأطفال نفسيًّا أو لفظيًّا أو بدنيًّا"، وذلك ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك"، وفي إطار برنامج "لقاء الجمعة للأطفال" الذي تنفذه الوزارة بالمساجد الكبرى في جميع مديريات الأوقاف.
تناولت الندوات بيان خطورة إيذاء الأطفال بأي صورة من صور العنف أو الإساءة، مؤكدَةً أن الإسلام قد كفل للطفل حقه في الرعاية والحماية النفسية والجسدية، ودعا إلى حسن معاملته وغرس القيم التربوية السليمة فيه منذ الصغر، كما أكد السادة الأئمة والدعاة المشاركون أن التربية القائمة على الرحمة والقدوة الحسنة هي السبيل لبناء إنسانٍ سويٍّ قادرٍ على المشاركة الإيجابية في خدمة وطنه ومجتمعه.
ويُعدّ برنامج "لقاء الجمعة للأطفال" أحد البرامج النوعية التي أطلقتها الوزارة لبناء وعي الأطفال علميًّا وشرعيًّا، وتحقيق التواصل المباشر معهم داخل المساجد الكبرى، بإشراف نخبة من الأئمة والدعاة المتخصصين، ضمن رؤية الوزارة لإعداد جيلٍ ناضج الفكر، سليم الوجدان، معتزٍّ بدينه ووطنه.
وتؤكد وزارة الأوقاف استمرارها في تنفيذ هذه اللقاءات العلمية والتثقيفية أسبوعيًّا، بما يُسهم في إعداد جيلٍ واعٍ مستنير، يجمع بين القيم الدينية والانتماء الوطني.