من رعب البحر الأحمر وما ألمَّ بالبعبع الأمريكي ورمز هيمنتها “ايزنهاور”، وصولاً إلى “حريق الشمال” وعمليات ميناء حيفا المشتركة، يعزز محور فلسطين الانتصار بالنقاط متوثباً للانتقال إلى مرحلة مرعبة ومؤلمة، وهو ما أوحى به ارتفاع منسوب التنسيق والعمل المشترك وما شهده الأسبوع المنصرم من مفاجآت أثبتت حقيقة تهشم وتآكل قوة الردع الأمريكية والصهيونية.
بتفصيل أكثر، شهدت جبهات الإسناد مؤخراً، وعلى نحو متميز، تطوراً ملحوظاً على مستوى الأداء العسكري والتكتيك والتنسيق والكشف عن نوعيات متطورة من السلاح ذات فاعلية وتأثير قويين ضمن مرحلة رابعة تشي ربما بولادة مرحلة خامسة قد تكون أشد وأوسع ضد ثلاثي عدواني يترنح على حافلة الهاوية والهزيمة من دون حسم ولا نصر منذ السابع من أكتوبر العام الماضي.
إلى جانب صمود مجاهدي الفصائل الفلسطينية وما يجترحونه من عمليات عسكرية أشبه بمعجزات، ومن بينها أسر جنود صهاينة، تتصاعد عمليات حزب الله كما ونوعاً، وقد أحرقت مؤخراً نظرية التفوق وقوة الردع، وأثبتت مجدداً عجز وفشل المنظومة الدفاعية للعدو الإسرائيلي من خلال “حريق الشمال” الذي التهم مساحات واسعة في “كريات شمونة”، وأشعل معه موجة غير مسبوقة من الهلع والانتقادات اللاذعة لأداء حكومة نتنياهو، وفشلها العسكري الواضح أمام قوة وقدرة حزب الله وعجزها عن “إعادة الأمن والمستوطنين” إلى المستوطنات شمال فلسطين المحتلة.
وعلى خط موازٍ، سجلت المقاومة الإسلامية في العراق عمليات نوعية متتالية باتجاه عمق كيان العدو في أم الرشراش وساحل البحر الميت، ونفذت عمليتين مشتركتين مع القوات المسلحة اليمنية على ميناء حيفا.
وفي أول خطوة جريئة ربما على المستوى العالمي، أقدمت القوات المسلحة اليمنية على استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “ايزنهاور” مرتين خلال 24 ساعة، في عملية مزدوجة ناجحة تسببت بـ”توقف حركة الطيران على متن الحاملة يومين متتالين، وأجبرت البحرية الأمريكية على الهروب بحاملتها 880 كلم شمال غرب جدة، وغيرت مسارها بعيداً من المنطقة التي كانت تتموضع فيها، وما محاولات الإنكار الأمريكية البائسة سوى تعبير عن الشعور الأمريكي العميق بالحرج والهزيمة وانكسار الهيبة، وهذا ما كشفه السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأسبوعي الأخير، مؤكداً ومهدداً بأن “ايزنهاور ستبقى هدفاً من أهداف القوات المسلحة ما سنحت الفرصة لذلك… وأن الضربات القادمة ستكون أكبر تأثيراً وفاعلية”، مهما حاول الأمريكي أن ينكر عمليات الاستهداف.
تكمن أهمية العملية المزدوجة ضد حاملة الطائرات الأمريكية في أنها مست “الذات الأمريكية” بشكل أساسي، وأسقطت هيبة الردع الأمريكي باعتبار الرمزية التاريخية لتلك الحاملة التي حسمت بها واشنطن الحرب العالمية الثانية وجعلت منها بعبعاً للرعب والردع واستعراض القوة.
والأكثر أهمية أنَّ هذه العملية تؤكد ثبات موقف اليمن وتصاعد عملياته، رغم القصف والعدوان الأمريكي البريطاني عبر البحر والجو الذي تجاوز 490 اعتداء على مدى خمسة أشهر، من بينها الغارات الأخيرة على محافظة الحديدة.
وبما “يلائم المرحلة الرابعة من التصعيد”، والتعبير هنا للسيد عبدالملك، ويهيئ لمرحلة خامسة لا يمكن التكهن بطبيعتها ومسرحها وكيف ستكون، كشفت صنعاء خلال الأيام الماضية عن “صاروخ فلسطين” البالستي المتطور لأول مرة بعدما دشنته باستهداف أم الرشراش “إيلات” مجدداً، ورأينا في المشاهد التي وزعها الإعلام الحربي حجم وسرعة ذلك الصاروخ الذي يتوشح رأسه المتفجر “بالكوفية” الفلسطينية أو ما يسمى محلياً بالشال الفلسطيني، في رمزية تؤكد أن اليمن لن يتخلى عن غزة وفلسطين حتى الانتصار.
ومن التطورات المهمة التي شهدها هذا الأسبوع، والتي ينبغي التوقف عندها أيضاً، ما أعلنته صنعاء رسمياً من التنسيق المشترك والعمليات المشتركة بين القوات المسلحة اليمنية والمقاومة العراقية، والتي دشنت بعمليتين عسكريتين مشتركتين على ميناء حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة من شأنها الإسهام في تعطيل ما تبقى من موانئ الاحتلال وشل اقتصاده كلياً، كما حصل تماماً لميناء “إيلات”، وبالتالي التأسيس ربما لمرحلة خامسة قد يطبق فيها الحصار البحري من كل الجهات وبشكل دائري على كيان العدو الإسرائيلي والشركات المتعاملة معه، بهدف الضغط على العدو وفرض شروط المقاومة الفلسطينية بوقف العدوان والحصار والانسحاب الكامل من غزة وإبرام صفقات التبادل كما تريد المقاومة لا كما تريد أمريكا و”إسرائيل”.
ما نخلص إليه هو أن هذا التناغم الواضح والتنسيق المشترك بين المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد تؤكد وجود غرفة العمليات المشتركة والتصعيد المتزامن، وإن بدا تكتيكياً، إلا أنه يؤسس لاستراتيجية جديدة من التصعيد سيكون لليمن فيها دور مهم وحاسم باعتبار ما يملكه من مميزات جغرافية وغير جغرافية قد لا تتوافر في الساحات الصديقة الأخرى، وإن حاولت أمريكا الضغط عسكرياً أو اقتصادياً أو إنسانياً أو ورطت أياً من الدول العربية في سبيل ذلك لمحاولة ثني اليمن، فإنما تجني على نفسها براقش وتعرّض سفنها ومصالحها للمخاطر أكثر وأكثر من أي وقت مضى.
فاليمن كما أثبتت التجربة لا يخضع بالنار والحصار والإملاءات والضغوط العسكرية والاقتصادية، بل يزداد قوة وإصراراً وعزيمة، ولديه من الخيارات والقدرات وأوراق الضغط، ما سيفاجئ العدو والصديق.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ماذا يتضمن المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل بغزة؟
(CNN)-- يدعو المقترح الأمريكي الجديد لوقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحماس، إلى بدء مفاوضات لإنهاء الحرب "بشكل دائم" في اليوم الأول من تنفيذه، ويعد بدعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب لهذه العملية.
ويتضمن المقترح، الذي أطلعت عليه شبكة CNN، إطلاق حماس سراح 10 رهائن إسرائيليين و18 رهينة متوفى مقابل 125 سجينا فلسطينيا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد، و1111 من سكان غزة معتقلين منذ بدء الحرب. وسيتم إطلاق سراح نصف الرهائن ونصف السجناء في اليوم الأول من اتفاق وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما؛ بينما سيتم إطلاق سراح النصف الآخر في اليوم السابع.
وبحسب المقترح، ستبدأ المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق نار دائم على الفور في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، برئاسة المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف. إذا لم تتوصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق لوقف إطلاق نار دائم بحلول نهاية فترة الستين يوما، فإن وقف إطلاق النار "يجوز تمديده بشروط ولمدة يتفق عليها الأطراف طالما أنهم يتفاوضون بحسن نية".
لكن المقترح لا يشتمل أي ضمانة أساسية لإنهاء الحرب بشكل دائم، وهو مطلب رئيسي لحماس، ولا يشتمل على ضمانات بتمديد وقف إطلاق النار طالما تواصلت المفاوضات. وبدلا من ذلك، ينص المقترح على أن ترامب "ملتزم بالعمل على ضمان استمرار المفاوضات بحسن نية حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي".
وستدخل المساعدات الإنسانية، التي بدأت بالتدفق إلى غزة بعد حصار إسرائيلي دام 11 أسبوعا على الغذاء والدواء وغيرها، إلى غزة "فورا" مع بدء وقف إطلاق النار. وسيتم توزيعها "عبر قنوات متفق عليها"، بما في ذلك الأمم المتحدة والهلال الأحمر. ولا يشير المقترح إلى مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل كآلية لدخول المساعدات.
وينص المقترح على أن المساعدات ستبدأ بالتدفق "بمجرد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار"، في إشارة إلى أن الخطة تم تنسيقها مع الإسرائيليين. وقالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، إن "إسرائيل وقعت على هذا المقترح قبل إرساله إلى حماس".
ووفقا للمقترح، ستضمن الولايات المتحدة ومصر وقطر اتفاق وقف إطلاق النار.
ويبدو أن المقترح ينص على أن ترامب سينسب الفضل لنفسه في التوصل إلى الاتفاق. وينص على أن "الرئيس ترامب سيعلن شخصيا الاتفاق على وقف إطلاق النار".