في حين يرى كثير من المراقبين أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس قد يمهّد لعودة النشاط البحري عبر مضيق البحر الأحمر وقناة السويس، إلا إن تقرير نشرته شبكة سي إن بي سي الأمريكية أكد أن هذه العودة ليست قريبة، وأن شركات الشحن العالمية لا تزال مترددة في الإبحار عبر هذا الممر الاستراتيجي بسبب تهديدات الحوثيين التي قد لا تتوقف بمجرد توقيع الاتفاق.

وفق التقرير، فإن الاتفاق الأخير لا يكفي لإزالة حالة عدم اليقين التي باتت تهيمن على سوق الشحن البحري، خصوصًا في ظل أن استبدال طرق التجارة العالمية ليس بالأمر البسيط، وإعادة الخطوط لسابق عهدها قد تستغرق شهورًا وربما سنوات من المفاوضات والتأمينات الأمنية.

يرجح التقرير أن الحوثيين لن يعلّقوا هجوماتهم على السفن فجأة بمجرد توقّف الحرب في غزة، بل قد يستخدمون الاتفاق كغطاء لتشديد شروطهم أو فرض مطالب إضافية. قال آلان مورفي، مؤسس شركة السياسات البحرية CeIntelligence، إن الحوثيين قد يربطون وقف الهجمات بمطالب مثل إقامة دولة فلسطينية أو رفع الحصار كليًا، مما يجعل الأمر معقدًا أمام خطوط الشحن العالمية.

وأضاف مورفي أن أي شركة تفكر في العودة إلى البحر الأحمر ستطالب بضمانات أمنية صارمة من الحوثيين، وتعزيز الحماية البحرية الغربية، وإلا فإن المخاطر على طواقمها وأسطولها ستكون كبيرة.

ووفق ما أوردته شبكة سي إن بي سي فإن خبراء الملاحة لا يتوقعون عودة صارمة للسفن إلى البحر الأحمر في المدى القريب مهما تغيّرت الأجواء السياسية. فالخطوط الكبرى مثل Maersk وHapag-Lloyd أعربت منذ أشهر عن أن وقف إطلاق النار ليس كافياً لطمأنة العودة، وأنها تراقب الوضع بدقة قبل اتخاذ قرار إعادة استخدام الممر. 

يشير التقرير إلى أن شبكات الشحن البحري هي كيانات ضخمة ومعقّدة تحوّلها تغييرات المسارات إلى عملية معقدة ومكلفة. فعلى سبيل المثال، نقل خدمة أسبوعية عبر قناة السويس يتطلب قرابة 14 سفينة في رحلات ذهاب وإياب مدتها 98 يومًا، مع استبعاد أو إعادة جدولة السفن، وهو ما يتطلب شهورًا من التخطيط.

كما أن إعادة الإبحار عبر البحر الأحمر ستؤدي إلى ازدحام مفاجئ في الموانئ، مع تدفق كبير للسفن في وقت متزامن، مما قد يضغط على البنى التحتية ويؤدي إلى تأجيلات وإلغاء رحلات — وهو ما سيدفع بأسعار الشحن إلى الارتفاع مجددًا.

مع بقاء معظم السفن معلقة أو مجبرة على المرور حول رأس الرجاء الصالح، يتوقّع التقرير أن ترتفع أسعار الشحن البحري بشكل حاد، ربما بمعدلات تصل إلى ثلاثة إلى خمسة أضعاف المتوسطات الطويلة الأمد، كما حصل في الفترات السابقة.

ولكن مع الوقت، قد تتراجع الأسعار إذا أضيفت سفن إضافية للتعويض عن المسارات الأطول، ما قد يضغط على هوامش الربح في القطاع.

من الواضح أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل خطوة سياسية مهمة، لكنه ليس بالضرورة خطوة فورية في اتجاه عودة التجارة البحرية عبر البحر الأحمر. ولن تسحب شركات الشحن قضبان الممر الاستراتيجي ما لم تتحقّق ضمانات أمنية فعلية، وثبات سياسي طويل الأمد، وتنسيق دولي موسّع لتعزيز الحماية. إن العودة إلى البحر الأحمر لن تكون قرارًا تقنيًّا بل قرارًا سياسيًا وأمنيًا قبل أن تكون تجاريًا.

ومنذ أواخر عام 2023، شنّت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران مئات الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، بذريعة الردّ على الحرب الإسرائيلية في غزة. إلا أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس لم يوقف تلك الهجمات، بل أكد قادة الحوثيين جاهزيتهم لاستهداف السفن تحت غطاء ضمان تنفيذ الاتفاق المبرم برعاية أمريكية.

وتسببت الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر خلال العامين الماضيين في إعادة رسم خريطة التجارة العالمية، حيث اضطرت شركات الشحن الكبرى إلى اتخاذ طريق أطول حول أفريقيا، ما أدى إلى زيادة تكاليف النقل والوقود والتأمين.

وتقدّر وكالة بلومبرغ أن الكلفة الإضافية على الاقتصاد العالمي بلغت أكثر من 80 مليار دولار خلال عام واحد فقط، نتيجة تحويل المسارات وتعطل سلاسل الإمداد.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: إلى البحر الأحمر وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

تراجع مؤشرات الأسهم الأمريكية مع تجدد التوتر التجاري

فتحت المؤشرات الرئيسية في أسواق الأسهم الأمريكية "وول ستريت" على انخفاض خلال تعاملات، اليوم الثلاثاء، مع تجدد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين مما أثر على المعنويات، بينما عكف المستثمرون على تحليل نتائج البنوك الأمريكية الكبرى مع بداية إعلانها نتائج الربع الثالث.

 

المؤشرات الرئيسية في أسواق الأسهم الأمريكية "وول ستريت"

 

وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي في أسواق الأسهم الأمريكية بما يصل  195.7 نقطة او بما يعادل نسبة تراجع 0.42% ليصل إلى مستوى 45871.89 نقطة.

 

ونزل مؤشر ستاندرد آند بورز الذي يضم أكبر 500 شركة في أسواق الأسهم الأمريكية بمقدار 52.2 نقطة أو بنسبة تراجع توازي 0.78% ليصل إلى مستوى 6602.49 نقطة.

 

كما انخفض مؤشر ناسداك المجمع لشركات التكنولوجيا بواقع 306.6 نقطة أو بنسبة انخفاض تعادل 1.35% ليصل إلى مستوى نحو 22388.049 نقطة .

 

وبدأت الولايات المتحدة والصين، اليوم الثلاثاء، فرض رسوم إضافية بالموانئ على شركات الشحن عبر المحيطات والتي تنقل كل شيء من ألعاب العطلات إلى النفط الخام، مما يجعل أعالي البحار جبهة رئيسية في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

 

الصين : تحصيل رسوم خاصة على السفن التي تملكها أو تشغلها أو تبنيها جهات أمريكية

 

وقالت الصين إنها بدأت في تحصيل رسوم خاصة على السفن التي تملكها أو تشغلها أو تبنيها جهات أمريكية أو ترفع علم الولايات المتحدة، لكنها أوضحت أن السفن التي تبنيها الصين ستُعفى من الرسوم، بحسب الاسواق العربية.

 

وفي وقت سابق، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط لفرض رسوم على السفن المرتبطة بالصين لتخفيف هيمنتها على قطاع النقل البحري حول العالم وتعزيز بناء السفن الأمريكية.

 

الأسهم اليابانية : "نيكاي" يتراجع مع قلق السوق بشأن رئاسة الوزراء الأسهم الأوروبية تقترب من أدنى مستوى في أسبوعين تباين أداء مؤشرات الأسهم الآسيوية مع تصاعد التوترات التجارية بين أميركا والصين "الأسهم الأمريكية" تفتح على ارتفاع بعد تخفيف ترامب من حدة تصريحاته ضد الصين الأسهم الخليجية تغلق على تباين متأثرة بالتوتر التجاري بين الصين وأمريكا انهيار في الأسهم الأمريكية.. عمالقة التكنولوجيا يفقدون 770 مليار دولار أسواق الأسهم الخليجية تتراجع مع تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين انخفاض أسواق الأسهم الآسيوية بعد تسجيل "وول ستريت" أسوأ يوم لها منذ أبريل استقرار الأسهم الأوروبية بدعم التكنولوجيا والتعدين

 

مقالات مشابهة

  • هل تفتح إسرائيل جبهة اليمن بعد غزة؟ قراءة في احتمالات المواجهة مع الحوثيين
  • ماذا تُخبئ شيرين عبدالوهاب لجمهورها؟.. عودة فنية قريبة
  • تراجع مؤشرات الأسهم الأمريكية مع تجدد التوتر التجاري
  • قمة شرم الشيخ تُنعش الآمال بعودة حركة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس
  • أمريكا والصين تتبادلان فرض رسوم بالموانئ مما يفاقم أزمات الشحن البحري
  • اشتعال حرب الاقتصاد بين أميركا والصين و تبادل فرض رسوم بالموانئ مما يفاقم أزمات الشحن البحري
  • هل تستعيد حركة الشحن في البحر الأحمر نشاطها بعد توقف حرب غزة؟
  • خبراء الملاحة البحرية لا يتوقعون عودة الشحن البحري إلى البحر الأحمر في الوقت القريب
  • عودة النشاط إلى أكبر المجمعات «البتروكيميائية» بعد توقف طويل