إسرائيل… بين العزلة وكلفة جرائمها في غزة
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
النظام العربي لم يعط أهمية كبيرة للقضية الفلسطينية في علاقاته، سواء الاقتصادية أو التجارية أو المالية أو السياسية مع الدول الكبرى ودول الجوار.
كما أنه لم يقم بتفعيل المواجهة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بما يتناسب مع ظرفها والظروف الإقليمية والعربية والدولية، والاستعداد الفلسطيني للتضحية والجهاد، أي بتفعيل المواجهة مع إسرائيل؛ ودعم وإسناد المقاومة الفلسطينية، بدل تكسير أجنحتها، والشواهد على ذلك كثيرة، ولا أعتقد أن هناك عربيا واحدا ينكر ما يحدث في الوقت الحاضر حينما يرى الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية.
إن الحجة التي خدع بها النظام العربي الشعوب العربية؛ هو أن ليس في الإمكان (وقتها)؛ مواجهة دولة الاحتلال الإسرائيلي، لأن خلفها أمريكا.
إنها كذبة كبيرة جدا. فندها وعراها؛ ما حدث منذ ملحمة السابع من أكتوبر، التي حطمت كل تلك الحجج والطروحات التي تقول إنه لا يمكن مواجهة أمريكا أو دولة الاحتلال الاسرائيلي، والأخيرة بيدها سلاح أمريكي، من أكثر الأسلحة تفوقا وتقدما؛ فقد صمدت المقاومة الفلسطينية في الميدان على الرغم من المذابح التي يمارسها الكيان الإسرائيلي المحتل، ولم تزل المقاومة صامدة تماما، وستنتصر حتما، إن لم أقل إنها انتصرت فعلا هذا من جانب، ومن الجانب الثاني فضحت هذه المقاومة دولة الاحتلال الإسرائيلي وسياسة أمريكا والغرب، في ممارسة سياسة الكيل بمكيالين في ما يخص العدالة والحق والقانون الإنساني والدولي، ما قاد إلى عزل دولة الاحتلال الاسرائيلي، وتقديم مجرميها إلى المحكمة، مع تحفظنا على الخطوات المزدوجة التي قامت بها، أو قررتها الجنائية الدولية.
أمريكا والغرب يواجهان عالما متغيرا استراتيجيا يهدد جديا هيمنتهم على العالم
دولة الاحتلال الإسرائيلي تعاني الآن أزمة وجود، كما أن أمريكا والغرب يواجهان عالما متغيرا استراتيجيا، يهدد جديا هيمنتهم على العالم، وتفردهم بمصائر شعوب العالم الثالث. إنها فرصة تاريخية استثمرتها إيران لصالحها ودول أخرى تحذو حذو إيران. لكن النظام العربي لا يزال يركض خلف الراعي الأمريكي على حساب مصالح الشعوب العربية والشعب العربي الفلسطيني في المقدمة. هذه السياسة سيدفع أثمانها النظام العربي عاجلا أو آجلا، بحكم الضرورة التاريخية حتما. كما أن دولة الاحتلال الإسرائيلي هي الأخرى ستدفع ثمن تجبرها وجرائمها؛ وبما يمس جديا وجودها.
لو افترضنا أن النظام العربي كان قبل عقود من الآن قد دعم وساند المقاومة لنيل الحقوق الفلسطينية التي نصت عليها كل القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولي، خاصة القرارين 338 و242 القاضيين بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها بعد حرب حزيران/يونيو، لكانت المواجهة بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي؛ قد اكتسبت زخما كبيرا جدا، ولقادت حتما لتعرية النظام الدولي، وسياسة الكيل بمكيالين في ما يخص الحق الفلسطيني، ولأفضت إلى تغيير مواقف القوى الدولية، ولتم عزل دولة الاحتلال الإسرائيلي على اعتبار أنها ترفض تطبيق القرارات الدولية وهي حقيقة لا غبار عليها.
النظام العربي لم يدعم ولم يساند المقاومة الفلسطينية بل حجمها وطوقها حفاظا على كراسيه من التهديد الظاهر والمبطن من الغول الامريكي
لكن للأسف النظام العربي لم يدعم ولم يساند المقاومة الفلسطينية، بل حجمها وطوقها حفاظا على كراسيه من التهديد الظاهر والمبطن من الغول الامريكي. هنا تتجلى الحقيقة الناصعة لما قامت به المقاومة الفلسطينية في غزة وفي الضفة الغربية، فقد عرت وكشفت بصمودها الأسطوري همجية ودموية ووحشية دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام كل العالم.. كما أن المقاومة البطولية والتاريخية، بالاعتماد على قدراتها الذاتية ومن داخل أرضها، حمت نفسها من تدخل النظام العربي، وضغط هذا النظام، كما حدث قبل عقدين أو أكثر من الآن. لقد أجبرت ملاحم المقاومة الفلسطينية، الإدارة الأمريكية؛ على أن تدرك المأزق الذي وضعت إسرائيل نفسها فيه، وأيضا أمريكا دوليا وإقليميا وعربيا، لذا، ساهمت، أو بالأحرى هي التي وضعت شروط وقف إطلاق النار في غزة، وعملت مؤخرا؛ على إصدار قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة، وهو القرار الذي رحبت به مبدئيا المقاومة الفلسطينية، كما أنها ردت عليه مع إجراء التعديلات اللازمة عليه كما ورد في الصحافة.
القرار تضمن انسحاب إسرائيل من غزة، ووقف دائم لإطلاق النار، أو العمل لاحقا على وقف دائم لإطلاق النار، والمرحلة الأخيرة هي إعمار غزة، المقاومة اشترطت أن يكون الإعمار مع بداية المرحلة الأولى.
مهما تكن عليه المحطات التي ينتهي بها هذا القرار، لكنه يعد انتصارا للمقاومة الفلسطينية. القرار فيه الكثير من الغموض وعدم الوضوح، كما أنه يمنح الكيان الإسرائيلي فرصة للتنصل لاحقا عن تطبيقه أو تطبيق البعض من بنوده. عليه سوف تكون المداولات صعبة بين المقاومة وإسرائيل، أو من ينوب عنها من الوسطاء القطريين والمصريين والأمريكيين؛ قبل التوصل إلى توافق يتم بموجبه إبرام الاتفاق.
من وجهة نظري أن الاتفاق لن يتم إبرامه في المستقبل القريب، بل سيستغرق زمنا قد لا يكون قصيرا، هذا إذا تم الاتفاق عليه في ظل حكومة دولة إسرائيل العنصرية والمجرمة، التي ربما ستنهار قريبا، وهذا احتمال وارد.. لكن الأخطر هو اليوم الذي يلي تنفيذ الاتفاق في ما يخص الإعمار في غزة وإدارة الحكم فيها وحفظ الأمن والنظام.. إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية، في آخر تصريح له قال، كان ردنا، أي رد المقاومة الفلسطينية، ينسجم تماما مع ما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي، لكن الكيان الإسرائيلي يريد إعادة الأسرى ومن ثم معاودة إبادة غزة.
التصريحات الأمريكية وبالذات تصريحات وزير خارجيتها؛ تشير إلى أن هناك مشروعا أمريكيا في ما يخص حل القضية الفلسطينية والمنطقة العربية ومحاولة إدماج إسرائيل في محيطها العربي. عليه فإن الآتي هو الأخطر على القضية الفلسطينية، ليس في غزة فقط، بل في غزة والضفة الغربية، وضخ الحياة في عملية التطبيع، الذي اطلقت عليه المقاومة الفلسطينية الرصاص، وجعلته يرقد الآن في الغرفة الأمريكية للعناية المركزة في انتظار الشفاء من الجروح التي اخترقت قلب التطبيع. اعتقد بدرجة قناعة كبيرة جدا؛ أن المقاومة الفلسطينية التي صمدت كل هذا الصمود الاسطوري؛ قادرة على إفشال ما تخطط له أمريكا وغيرها.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة غزة الاحتلال المجتمع الدولي العدوان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی المقاومة الفلسطینیة النظام العربی فی ما یخص فی غزة کما أن
إقرأ أيضاً:
دعوات أوروبية لتعليق الاتفاق التجاري مع إسرائيل بسبب جرائمها في غزة
طالبت أكثر من 110 منظمات حقوقية ونقابية، بينها "هيومن رايتس ووتش"، الاتحاد الأوروبي بتعليق اتفاقية التجارة مع إسرائيل فورًا، احتجاجًا على تصاعد الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، ورفض تل أبيب الانصياع لأوامر "محكمة العدل الدولية"، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بأنها اختبار حاسم لمصداقية الاتحاد في دعم القانون الدولي.
ووفقًا لبيان مشترك نشرته "هيومن رايتس ووتش" اليوم، دعت المنظمات إلى تعليق الركيزة التجارية لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، باعتبار أن المادة الثانية من الاتفاقية تنص على ضرورة احترام حقوق الإنسان كعنصر أساسي في العلاقة الثنائية. وتأتي هذه المطالبات قبل أيام من اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المقرر في 23 يونيو، والذي سيبحث تقييم التزام إسرائيل بالاتفاقية.
وقال كلاوديو فرانكافيلا، مدير مكتب الاتحاد الأوروبي بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش": "على وزراء الاتحاد ألا يسمحوا للأحداث الإقليمية بصرف الأنظار عن الجرائم المستمرة ضد الفلسطينيين. عليهم أن يتحركوا الآن لتعليق الشراكة التجارية، وإلا فهم يخاطرون بالتواطؤ".
وبحسب البيان، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة، متجاهلة ثلاثة أوامر ملزمة من "محكمة العدل الدولية" دعت إلى حماية الفلسطينيين من الإبادة الجماعية، وضمان وصول المساعدات، ومنع التحريض، ومعاقبة المرتكبين.
كما أشار التقرير إلى أن جميع دول الاتحاد الأوروبي، باعتبارها أطرافًا في "اتفاقية منع الإبادة الجماعية"، ملزمة قانونًا باستخدام كل الوسائل المتاحة لمنع وقوع الإبادة، حتى قبل صدور حكم نهائي بحدوثها.
وتأتي هذه التطورات في ظل اتهامات دولية متصاعدة ضد إسرائيل، إذ أصدرت "المحكمة الجنائية الدولية" مؤخرًا مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، إلى جانب أحد قادة حماس، في أعقاب تقارير أممية عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
"الاتحاد الأوروبي": علّقوا اتفاقية التجارة مع إسرائيل https://t.co/r972Tj1i14 — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) June 20, 2025
وفي وقت سابق، تلقى وزراء خارجية الاتحاد تقريرًا سريًا من أولوف سكوج، الممثل الخاص للاتحاد لحقوق الإنسان، يوثق انتهاكات جسيمة في الضفة الغربية وقطاع غزة، شملت توسيع المستوطنات، التهجير القسري، والقتل واسع النطاق منذ أكتوبر 2023.
ورغم كل ذلك، ظل موقف الاتحاد الأوروبي منقسمًا، مع اعتراض دول مثل ألمانيا والمجر وإيطاليا والنمسا وغيرها على اتخاذ إجراءات حاسمة ضد تل أبيب، ما أدى إلى شلل سياسي سمح لإسرائيل بالمضي قدمًا في سياستها القمعية دون عواقب.
وتؤكد هيومن رايتس ووتش أن مراجعة الاتفاقية الجارية حاليًا قد تصبح مجرد خطوة رمزية إذا لم تتبعها إجراءات عملية، على رأسها تعليق الركيزة التجارية، التي من شأنها إعادة فرض التعريفات الجمركية على صادرات إسرائيلية، ما سيشكل أول ضربة اقتصادية مباشرة من الاتحاد الأوروبي منذ تصاعد العدوان على غزة.
واختتم فرانكافيلا تصريحه بالقول: "مضى 21 شهرًا من الفظائع دون رد حقيقي من الاتحاد الأوروبي. آن الأوان لاتخاذ خطوة فعلية تؤكد التزامه الحقيقي بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.".
وفجر الجمعة، شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة اقتحامات عنيفة طالت عدة مدن وبلدات، تركزت شمال الضفة الغربية، حيث فرض حظرًا للتجوال وطرد مواطنين من منازلهم وحوّلها إلى ثكنات عسكرية، وفق مصادر محلية للأناضول.
وبحسب المصادر ذاتها، رافقت الاقتحامات حملة اعتقالات واسعة، تخللها تجريف للشوارع وتدمير للبنى التحتية في عدد من المناطق.
ويواصل الجيش الإسرائيلي لليوم الثالث عمليته العسكرية في مخيم بلاطة للاجئين شرقي نابلس (شمال)، وسط تصعيد غير مسبوق في وتيرة العدوان.
كما يواصل الجيش منذ 21 يناير/ كانون الثاني عملية عسكرية في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس شمال الضفة الغربية، مما أدى لنزوح أكثر من 40 الف فلسطيني، وهدم مات المنازل وتدمير البنية التحتية وقتل وإصابة عشرات.
وحولت إسرائيل الضفة إلى سجن كبير بعد فرض قيود مشددة على حركة الفلسطينيين، وأغلقت الطرق الرئيسية، ما أدى إلى شلل شبه كامل في حياتهم وفاقم معاناتهم.
يأتي ذلك فيما تشن إسرائيل بدعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 186 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة.
وبالتوازي مع الإبادة الجماعية بغزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 980 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد على 17 ألفا و500 أسير.