قصور الطيور بتركيا.. رحلة عبر الزمن تُغرد بالرحمة على مر العصور
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
تُشكل" قصور الطيور" تحفة معمارية فريدة، تُزين جدران بعض المساجد والمدارس والمقابر التي ترجع للفترة العثمانية.
ولم تكن هذه الأعشاش، التي تأخذ شكل القصور، مجرد مأوى للطيور، بل كانت رمزا للتعاطف مع الكائنات الحية وانعكاسا لجماليات الفن المعماري العثماني.
وأُنشئت قصور الطيور منذ القرن الـ16 الميلادي بأماكن مُختارة على جوانب المباني الأثرية، حيث تتمتع بِأشعة الشمس الدافئة وتكون محمية من هبوب الرياح، لتوفير مأوى مثالي للطيور مثل العصافير والحمام والزرزور.
ويأخذ المؤرخ التركي محمد ديلباز القارئ في رحلة عبر الزمن لاستكشاف "قصور الطيور" العثمانية، والهدف من بنائها، وكيف أثرت هذه التحف المعمارية على المجتمعات الأخرى.
يقول ديلباز إن "قصور الطيور ليست مجرد أثر معماري، بل هي تجسيد لقيم الإسلام وثقافته".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جامع السليمية بأدرنة التركية.. تحفة هندسية تستحق الزيارةlist 2 of 2مجمع متاحف ديار بكر بتركيا يسعى لجذب مليون زائر بحلول عام 2030end of listويوضح أن بناء هذه القصور كان ينبع من مفهوم الصدقة الجارية، حيث قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابنُ آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
فخلال عصر الدولة العثمانية، عندما كان الفن الإسلامي التركي في أوجه، ازداد الوعي، وفق ديلباز، بأهمية استمرارية النفع والخير في المجتمع، وشمل ذلك الاهتمام برعاية الحيوانات، حيث تمّ إنشاء أماكن لتغذية الحيوانات الضالة وإيوائها.
ويلفت المؤرخ التركي إلى صعوبة تحديد تاريخ بناء أول قصر للطيور في إسطنبول، نظرا لما تعرضت له المدينة من كوارث طبيعية مثل الزلازل والحرائق، محت الكثير من هذه القصور.
ويردف "للأسف لم تصمد قصور الطيور الخشبية أمام تقلبات الزمن، لكن من الممكن رؤية قصور الطيور المُشيدة من الطوب أو الحجارة".
ويشير إلى أن قصور الطيور كانت بشكل عام مبنية من الطوب أو الحجر، لكن النماذج الأولى شُيدت من الخشب.
ويعبر ديلباز عن أسفه على فقدان الكثير من تفاصيل قصور الطيور العثمانية، التي كانت تُشكل متعة جمالية للناظرين.
وأكد أن دافع أجدادنا العثمانيين لبناء هذه القصور لم يقتصر على توفير مأوى للطيور أو مساحة لتضع فيها بيضها، بل كان وراء ذلك فلسفة أعمق.
ويشير إلى أنه لو كان الهدف من قصور الطيور هو توفير مأوى للطيور فقط، لكان بإمكانهم ببساطة بناء 4 جدران دون الحاجة إلى كل هذه التفاصيل المعمارية المُتقنة.
ويعتبر أن قصور الطيور العثمانية تُمثل رمزا للذوق الجمالي المُتميز، الذي اتسمت به تلك الحقبة، حيث تمّ بناؤها بأناقة ودقة فائقة، مع مراعاة العناصر المعمارية المميزة لتلك الفترة.
وتطرق ديلباز كذلك إلى مفهوم الوقف إبان الفترة العثمانية، والذي قاد إلى أعمال خيرية كثيرة، من ضمنها قصور الطيور.
ويشير إلى غياب مفهوم الوقف بِمعناه الإسلامي الشامل في الحضارة الرومانية.
في المقابل، بدأت الدول المعاصرة، وفق المؤرخ التركي، بتبني مفهوم الوقف بعد استلهامها من الوقف العثماني، لكنها لم ترق إلى فهمه بشكل عميق ليشمل أبعاده الحضارية والثقافية.
ويقدم ديلباز أمثلة ملموسة لمبادرات الوقف العثماني، مشيرا إلى إنشاء أوقاف لإطعام الحيوانات الضالة والعصافير.
ويؤكد أن الحضارة العثمانية لم تقتصر على الماديات، بل تجاوزت ذلك لتخدم الإنسانية وتُخلد إنجازاتها عبر القرون.
ويلفت ديلباز إلى انتشار "قصور الطيور" في مختلف أنحاء إسطنبول، مُقدما أمثلة على وجودها في المعالم التاريخية الشهيرة مثل جامع والدة سلطان وجامع أيازما وجامع السليمية الكبير بمنطقة أسكودار، وجامع السلطان أيوب بمنطقة أيوب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
"بوشر الوقفية" تُطلق النسخة الثانية من "سيرة ومسيرة"
مسقط- الرؤية
أطلقت مؤسسة بوشر الوقفية النسخة الثانية من معرض "سيرة ومسيرة" في مول عُمان، وذلك تحت رعاية الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني، وزير الإعلام السابق، ضمن مبادرات المؤسسة التوعوية الهادفة إلى تعزيز الوعي بثقافة الوقف وتسليط الضوء على دوره في دعم التنمية المستدامة.
ويأتي تنظيم النسخة الثانية بعد النجاح الكبير الذي حققته النسخة الأولى ضمن فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب، والتي شهدت إقبالًا واسعًا من مختلف شرائح المجتمع، وأسهمت في ترسيخ صورة الوقف كأداة فاعلة للتنمية المجتمعية والاقتصادية. وتشهد النسخة الحالية توسعًا في المحتوى وتنوعًا في الأركان التفاعلية، ما يمنح الزوار تجربة معرفية وثقافية شاملة.
ويضم المعرض عدة أركان متخصصة، من بينها ركن المخطوطات الوقفية النادرة، وقسم خاص يعرض نماذج من الأوقاف المحلية والعربية والعالمية، إلى جانب قسم مخصص للأوقاف المبتكرة، وآخر يعرض مقارنة بين الأوقاف في الماضي والحاضر والمستقبل. وقد حرصت المؤسسة على أن يكون المعرض مساحة تفاعلية تعليمية تجمع بين الجوانب التاريخية والحديثة للوقف.
ومن أبرز ما يميز النسخة الثانية من المعرض إدراج ركن الواقع الافتراضي (VR)، الذي يقدم تجربة فريدة للزوار، تتيح لهم التفاعل مع نماذج من الأوقاف المستقبلية. ويستعرض هذا الركن مشروع "إتكو سبيس لخدمات الفضاء"، وهي شركة عُمانية متخصصة في مجال الفضاء وتكنولوجيا الأقمار الصناعية، وتتبع للصندوق الوقفي لمصحف مسقط الإلكتروني. وقد أطلقت الشركة أول قمر صناعي عُماني يحمل اسم "أمان-1" في نوفمبر 2023، بالتعاون مع شركة "سبيس إكس" الأمريكية. ويهدف المشروع إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحليل البيانات الفضائية، في خطوة تمثل توجهًا مبتكرًا نحو ربط الوقف بمسارات البحث العلمي والتقنيات المتقدمة.
كما خُصص ركن مستقل لمشروع الصندوق الوقفي لمصحف مسقط الإلكتروني والشركات التابعة له، حيث تم عرض النسخة الورقية من مصحف مسقط، ونسخة مخصصة للمكفوفين بلغة برايل، إلى جانب قسم خاص بشركة إبانة الوقفية، التابعة للصندوق، والتي تستعرض من خلاله "خط عُمان" الطباعي الرقمي المستوحى من الخط العُماني التقليدي. ويُجسّد هذا الخط الهوية العُمانية من خلال طريقة رسم الحروف وتشكيل الكلمات. وتُعد "إبانة" شركة عُمانية مختصة بحلول تكنولوجيا اللغة العربية، وتعتمد في ابتكاراتها على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، بما يعكس توجه الصندوق نحو رقمنة المحتوى الإسلامي وتقديم حلول لغوية ذكية.
وفي هذا الإطار، أعرب المهندس محمد بن سالم البوسعيدي، عضو مجلس الإدارة التنفيذي بمؤسسة بوشر الوقفية، عن شكره وتقديره للدكتور عبد المنعم الحسني على رعايته الكريمة للمعرض، مؤكدًا أهمية هذا الحدث في ترسيخ مفاهيم العطاء والاستدامة. كما ثمّن الدعم المتواصل من ميثاق للصيرفة الإسلامية، الراعي الرئيسي للنسختين الأولى والثانية من المعرض، إلى جانب مول عُمان الذي استضاف النسخة الحالية في إطار مسؤوليته المجتمعية ودعمه للمبادرات الثقافية والتعليمية. وخصّ البوسعيدي بالشكر أيضًا مبادرة "ذاكرة عُمان" لتعاونها المثمر في إنجاح المعرض، وتزويده بمجموعة من المخطوطات الوقفية النادرة التي أضافت بعدًا توثيقيًا ومعرفيًا ثريًا للمحتوى المعروض.
وتُعد إقامة المعرض في مول عُمان إضافة نوعية للفعالية، باعتباره الوجهة التجارية والترفيهية الأكثر جذبًا في السلطنة، ما يتيح وصولًا أوسع لجمهور متنوع، ويُسهم في تعزيز الحضور والتفاعل المجتمعي مع رسالة المعرض.
ويُقام المعرض في الطابق الثاني من مول عُمان (مقابل "سنو عُمان")، ويستمر في استقبال الزوار حتى الخامس من يونيو المقبل. ويُتوقع أن يشهد حضورًا واسعًا؛ نظرًا لتنوع محتواه وثرائه المعرفي والتقني، ليقدّم للزوار تجربة فريدة تربط الماضي بالمستقبل عبر بوابة الوقف.