سقوط جبل استراتيجي ومواقع حوثية بيد قوات الشرعية في مارب
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
سقوط جبل استراتيجي ومواقع حوثية بيد قوات الشرعية في مارب.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
تهويل بلا وزن استراتيجي: قراءة في تغريدات سافايا
13 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة:
ناجي الغزي
في لحظة سياسية دقيقة يتداول فيها الفاعلون العراقيون استحقاق تشكيل الحكومة المقبلة، تبرز بين الحين والآخر تصريحات فردية لشخصيات خارج الإطار الرسمي للدول، يجري تضخيمها إعلامياً وتحميلها أكثر مما تحتمل، في محاولة مكشوفة لإرباك المشهد الداخلي والتأثير على توازناته. من هذا المنطلق، تندرج تصريحات مارك سافايا – الذي يُقدَّم بوصفه مبعوث ترامب الشخصي لا ممثلاً رسمياً للإدارة الأميركية ضمن هذا النوع من الخطاب الذي يفتقر إلى الوزن المؤسسي والعمق الاستراتيجي.
أول ما ينبغي تأكيده هو أن سافايا لا يشغل أي موقع رسمي داخل هرم صنع القرار الأميركي، ولا يُعبّر عن موقف وزارة الخارجية أو السفارة الأميركية في بغداد أو أي قناة دبلوماسية معتمدة. وعليه، فإن التعامل مع تصريحاته بوصفها “رسائل ضغط أميركية” أو “إنذارات استراتيجية” يعكس إما سوء فهم لطبيعة صناعة القرار في واشنطن، أو رغبة متعمدة في تضخيمها لأغراض سياسية داخلية.
خطاب بلا أدوات دولة
تغريدة سافايا والحديث عن خيارين أمام بغداد: “السيادة أو التشرذم”” ليس اكتشافاً استراتيجياً، بل عبارة إنشائية فضفاضة تتكرر في أدبيات مراكز التفكير الهامشية، ولا تتضمن أي تشخيص عملي لمعادلات القوة، ولا أي مقترح سياسي قابل للتنفيذ. الأخطر من ذلك أن هذا الخطاب يُنتزع من سياقه، ويُعاد توظيفه داخلياً من قبل شخصيات مفلسة وقوى عراقية مأزومة، تبحث عن مظلة خارجية تعوض بها عجزها البنيوي عن المنافسة داخل النظام السياسي القائم.
هنا تحديداً، نجد أن من يروّج لتصريحات سافايا ليسوا الفاعلين الدوليين ولا المؤسسات الرسمية، بل خليط من بقايا المشروع البعثي المنهار، وقوى طائفية مأزومة ترى في أي خطاب خارجي فرصة للضغط على الدولة العراقية، أو لإعادة إنتاج نفسها بوصفها بديلاً منقذاً. هذه القوى تتعامل مع التغريدات وكأنها بيانات مجلس أمن، وتعمل على قراءتها وفق أهوائها، لا وفق منطق العلاقات الدولية.
إعلام التهويل ووهم التأثير
تلعب بعض وسائل الإعلام المضللة مثل utv دوراً قذراً في تضخيم هذا الخطاب، عبر استضافة محللين لهم مواقف مسبقة من النظام السياسي، ينسجون سيناريوهات متخيلة، ويقدّمون سافايا كما لو كان نسخة معاصرة من هنري كيسنجر أو بول بريمر جديد. هذا النمط من التغطية لا يعكس جهلاً فقط، بل يندرج ضمن دعاية سياسية تهدف إلى إضعاف الثقة بالدولة، وإظهار النظام السياسي العراقي وكأنه يعيش على حافة الانهيار الدائم. لذلك جاء قرار مجلس القضاء الأعلى وهو يُعد خطوة قانونية رصينة تستند إلى تشريعات نافذة، وفي الوقت ذاته قراراً سياسياً يحمي استقرار النظام. كما يمثل رسالة واضحة لردع التحريض الإعلامي والابتزاز السياسي.
في الواقع، لو كانت تصريحات سافايا ذات قيمة استراتيجية حقيقية، لكانت صدرت عبر بيان رسمي، أو تبنّتها الخارجية الأميركية، أو على الأقل انسجمت مع خطاب السفارة الأميركية في بغداد. لكن غياب أي غطاء مؤسسي لها يؤكد أنها لا تتجاوز كونها مواقف شخصية، يختلط فيها الطموح التجاري، والرهان السياسي الخاسر، ومحاولة البقاء في دائرة الضوء بعد أفول المشروع الترامبي.
الدولة العراقية بين الواقع والابتزاز الخطابي
الدولة العراقية، بكل ما تعانيه من تحديات بنيوية، ليست كياناً هشاً يُدار بتغريدة، ولا نظاماً سياسياً يُبتز بتصريح شخصي. العراق اليوم يمتلك مؤسسات، وتوازنات داخلية، وشبكة علاقات إقليمية ودولية أكثر تعقيداً مما يتصوره هذا الخطاب التبسيطي. نعم، هناك إشكاليات تتعلق بحصر السلاح، وبناء السيادة الكاملة، وإدارة التنوع السياسي، لكنها تُدار داخل السياق العراقي، لا عبر إملاءات أفراد بلا صفة.
الأخطر في تضخيم تصريحات من هذا النوع، أنه يخلق وهماً بأن مصير العراق يُصاغ خارج حدوده، ويمنح خصوم النظام السياسي فرصة لإعادة إنتاج خطاب الوصاية، في لحظة يفترض أن تكون مكرسة للنقاش العقلاني حول شكل الحكومة المقبلة، وبرنامجها، وأولوياتها الاقتصادية والسيادية.
أما التهويل الإعلامي والسياسي حول تسويق تصريحات مارك سافايا لا تخدم سوى القوى التي تعيش على الفوضى، وتستثمر في إضعاف الثقة بالدولة. أما الدولة العراقية، فإن قوتها لا تُقاس بردود الفعل على تغريدات، بل بقدرتها على إدارة استحقاقها السياسي الداخلي بهدوء، وتحصين قرارها السيادي عبر المؤسسات، لا عبر السجالات.
في هذه اللحظة الحساسة، المطلوب ليس الانجرار خلف ضجيج بلا قيمة، بل إعادة مركزية النقاش إلى الداخل العراقي: من يحكم؟ بأي برنامج؟ وبأي رؤية للدولة؟ أما الأصوات التي تحاول لعب دور الناصح الخارجي من دون صفة ولا شرعية، فمكانها الطبيعي هو هامش المشهد، لا مركزه.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts