تشرق هذا الصباح شمس أول يوم في العام الهجري الجديد. وعلى الرغم من أن المشهد العام في العالم الإسلامي مشهد حزين حيث يتعرض الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى أسوأ إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين إلا أن سنة الله في هذا الكون تدعونا إلى التفاؤل خاصة عندما نحاول إيجاد رابط بين ما يجري في غزة وبين الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة.
لقد تحمل النبي عليه أفضل الصلاة والسلام هو وصحابته الكثير من التحديات والصعاب في سبيل نشر الدعوة الإسلامية وتأسيس دولة النبوة الأولى. فلم تكن هجرتهم هجرة نزهة بل كانت مغامرة صعبة من أجل العقيدة الإسلامية.. تعرض النبي الكريم وأصحابه للكثير من الأذى والاضطهاد في مكة، ولكنهم صبروا وتحملوا ذلك الأذى حتى جاء أمر الله بالهجرة.. ولا شك أن الشعب الفلسطيني الصامد يعيش ظروفا صعبة ويتعرض للأذى والاضطهاد بل وللإبادة.. إنهم يستمدون صبرهم وصمودهم من ذلك الصبر الأعظم الذي صبره سلفهم من المسلمين حتى حقق الله لهم الغلبة والنصر وبنيت دولة النبوة وظهرت على العالم أجمع.
أما الدرس الثاني والمهم الذي يمكن فهمه من الهجرة النبوية وإسقاطه على الوضع في غزة فيتمثل في حقيقة أنها لم تكن، أبدا، مجرد هروب من الأذى، بل كانت بحثًا عن مستقبل أفضل وبناء مجتمع جديد يقوم على العدالة والرحمة والمساواة. وهذا بالضبط ما يسعى لتحقيقه الفلسطينيون وبشكل خاص في قطاع غزة. فالذين يتحدثون عن طوفان الأقصى لا يربطونه فقط بالحصار والأذى اللذين كانوا يتعرضون له ولكنهم يرون فيه محاولة جادة للبحث عن مستقبل جديد للقضية الفلسطينية برمتها، كما أنهم يبحثون عن العدالة والحرية والدولة الفلسطينية التي تقوم على أرض فلسطين التاريخية.
أما التكافل الذي تحقق في المدينة المنورة بعد وصول الرسول محمد إليها والذي أسهم مع الوقت في تأسيس مجتمع قوي ومترابط ومتماسك فهو بعينه ما نقرأه اليوم في المشهد الفلسطيني الذي يقوم في هذه اللحظة الصعبة من التاريخ على فكرة التضامن والتكافل، إضافة إلى الترابط المعنوي بينهم وبين بقية الشعوب الإسلامية والكثير من شعوب العالم الحر.
أما الحوار الذي يقيمه الفلسطينيون اليوم مع عدوهم من أجل الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار وعودة الأسرى والمحتجزين عند الطرفين، فإنه يعيد إلى الأذهان ما قامت به دولة النبوة بعد الهجرة من أجل ضمان استقرار المجتمع الجديد.
وكما كان النبي وأصحابه على يقين تام بأن نصر الله قادم وأن رسالة الله ستظهر على العالم أجمع فإن الفلسطينيين يؤمنون بالأمر نفسه وأن الله ناصرهم لا محالة ومن هذا الإيمان نجدهم يستمدون العزم والقوة والصبر. كما أنهم يؤمنون أن الصراع بين الحق والباطل صراع طويل وقديم، وهو سنة الله في خلقه؛ لكنهم يؤمنون أيضا، بعاقبته ونهايته: «كَتَبَ الله لأغلبنّ أنا ورسلي، إنّ الله قوي عزيز».
لكن هذا الإيمان الذي لا يتزعزع منذ الهجرة الأولى وإلى الوضع الذي يعيشه المسلمون في قطاع غزة لا يتعارض مع فكرة عقد الاتفاقيات والهدن بين الطرفين.. خاصة وأن اليوم هو أول أيام شهر محرم الذي حرم الله فيه القتال إلاّ دفاعا عن النفس. وعسى الله أن ييسر لعباده الصابرين الذين يدافعون عن أنفسهم وعن حرماتهم ومقدساتهم ويرفع عنهم البلوى ويظهرهم فوق من ظلمهم وسفك دماءهم ودمر ديارهم فإنه قادر على ذلك. وعسى أن تكون خيوط شمس هذا اليوم الأول من شهر محرم الحرام تحمل في لونها الذهبي بشارات النصر والتمكين وتنشر على الأمة الإسلامية كل الخير والسلام والوئام.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. وزارة الشؤون الإسلامية تنظم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم بالرياض
البلاد (الرياض) تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- تنظم وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره للبنين والبنات في دورتها الـ(27) لعام 1447هـ، بجوائز يبلغ مجموعها (7) ملايين ريال للفائزين في أفرعها الستة. وسيقام حفل تكريم الفائزين من البنين في 2 / 9 / 1447هـ، فيما سيقام الحفل الختامي للبنات في 3 / 9 / 1447هـ بمدينة الرياض.
وبهذه المناسبة، رفع وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المشرف العام على المسابقات القرآنية المحلية والدولية الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على عنايتهما ورعايتهما لكل ما يحفز الناشئة على حفظ القرآن الكريم والتنافس فيه وغرس قيمه ومبادئه في نفوسهم. وأكد أن تنظيم هذه المسابقة يجسد عناية القيادة الرشيدة -حفظها الله- بالقرآن الكريم وأهله التي تجاوزت عقدين من الزمان، ويؤكد ريادة المملكة لخدمة القرآن الكريم وتكريمها للحافظين ليس في المملكة فحسب، إنما في كثير من دول العالم من خلال تنظيمها العديد من المسابقات القرآنية التي تتشرف الوزارة بتنظيمها والإشراف عليها. ووجهت الوزارة بالبدء بالتصفيات الأولية في عموم مناطق المملكة؛ استعدادًا للتصفيات النهائية في شهر شعبان القادم التي ستكون في مدينة الرياض بإذن الله، حيث تبلغ قيمة الجوائز المقدمة للفائزين بالمسابقة (7 ملايين ريال)، توزع للمتسابقين الفائزين في أفرعها الستة، وسيحصل الفائز الأول في الفرع الأول على جائزة قدرها (400) ألف ريال. وتتكون المسابقة من ستة فروع:
الفرع الأول: حفظ القرآن الكريم كاملًا مع حسن الأداء والتجويد بالقراءات السبع المتواترة من طريق الشاطبية “روايةً ودرايةً”.
الفرع الثاني: حفظ القرآن الكريم كاملًا مع حسن الأداء والتجويد وتفسير مفردات القرآن الكريم كاملًا.
الفرع الثالث: حفظ القرآن الكريم كاملًا مع حسن الأداء والتجويد.
الفرع الرابع: حفظ عشرين جزءًا متتاليًا مع حسن الأداء والتجويد.
الفرع الخامس: حفظ عشرة أجزاء متتالية مع حسن الأداء والتجويد.
الفرع السادس: حفظ خمسة أجزاء متتالية مع حسن الأداء والتجويد.