ارتبطت مصر منذ أكثر من 200 عام بعلاقات متينة وقوية مع القارة العجوز، كما ارتبطت مصر والاتحاد الأوروبى بعلاقات طويلة الأمد لاسيما من خلال اتفاقية الشراكة بينهما التى تم تفعيلها منذ عام 2004، والتى تسمح بمزيد من التعاون والتبادل التجارى والثقافى والعديد من المجالات التى تحددها أولويات الشراكة.

ويرى الاتحاد الأوروبى فى مصر القوة التى بيدها تحسين واستقرار الأوضاع فى شرق المتوسط وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، لذلك أصبحت مصر قوة عظمى لا غنى عنها لضمان استقرار المنطقة، بالإضافة إلى أن المزايا الاقتصادية والتجارية فى مصر كبيرة وواعدة، والاتحاد الأوروبى يريد أن يكون هناك انطلاق فى العلاقات مع مصر خاصة فى المجال التجارى والصناعى ومجال الطاقة، وذلك سيتم عن طريق تقارب العلاقات التى نشهدها الآن بين مصر وأوروبا.

ومن المعروف أن الشراكة بين القارتين الأقدم «أوروبا وإفريقيا» بدأت عبر القمم التى يحضرها قادة الدول وكان ذلك فى عام 2000 حينما عقدت أول قمة بين الطرفين، وخلال الفترة ما بين 2000 و2022 عقدت أكثر من 7 قمم، من بينها «قمة القاهرة 2000»، وكانت البداية من مؤتمر قمة أفريقيا والاتحاد الأوروبى الذى عقد عام 2000 فى القاهرة، وتركزت رؤية الشراكة المعلنة المنبثقة عن هذا المؤتمر على تعزيز العلاقات السياسية، ثم تبعته «قمة لشبونة 2007»، ثم «قمة طرابلس 2010» والتى شاركت فيها مصر فى نوفمبر 2010، بحضور 40 ممثلا لدول القارتين، ثم «قمة بروكسل 2014» التى عقدت فى أبريل 2014 بالعاصمة البلجيكية بروكسل، وهى من كبرى القمم التى حضرها نحو 80 من قادة الدول ورؤساء الحكومات الأوروبية والأفريقية.

وتتضمن القمم الأوروبية الأفريقية، التى شاركت فيها مصر «قمة أبيدجان – نوفمبر 2017» بكوت ديفوار، تحت شعار «الاستثمار فى الشباب من أجل مستقبل مستدام»، لتطوير رؤية مشتركة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبى وأفريقيا، و«قمة شرم الشيخ – فبراير 2019» والتى اجتمع خلالها القادة العرب والأوروبيون فى شرم الشيخ بمصر فى الـ24 من فبراير 2019، لتعزيز التعاون فى عدة مجالات كالتجارة والاستثمارات وتنظيم الهجرة والأمن ومشكلة تغيّر المناخ وقضايا المنطقة، بجانب «قمة بروكسل – فبرابر 2022»، والتى عقدت تحت عنوان «أفريقيا وأوروبا: قارتان برؤية مشتركة حتى 2030»، وفى مارس، 2024 عقد «مؤتمر مصر والاتحاد الأوروبى»، والذى شهد توقيع الإعلان السياسى بين مصر والاتحاد الأوروبى لترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الشاملة والاستراتيجية».

وفى السياق، قال اللواء السيد الجابرى، المفكر السياسى والخبير الاستراتيجى، إن مصر دولة محورية فى الشرق الأوسط والأهم بالنسبة للاتحاد الأوروبى، فهى الأقرب له من جميع قارات العالم، كما أن الاتحاد يعلم جيدا مدى أهمية مصر، ويعتبرها رمانة الميزان للمنطقة، حيث الإقليم الجغرافى اللوجستى، وقوتها الدبلوماسية والسياسية والعسكرية، ولا شك الاقتصادية رغم الأزمات والتحديات التى تواجهها.

وأضاف اللواء «الجابرى» أن الاتحاد الأوروبى يعتبر مصر مرجعا أولا فى جميع الأزمات والتحديات التى تواجه المنطقة، للتشاور والعمل على حلها، والأمر لا يقتصر على قضايا المنطقة فقط، بل وفى الأزمات والقضايا الدولية، والتى على رأسها الهجرة غير شرعية، وغيرها من القضايا الشائكة، الأمر الذى يدفع إلى تعزيز التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى على المستوى الاقتصادى والسياسى والدبلوماسى.

وأوضح الخبير الاستراتيجى أن الأرقام الاستثمارية بين الاتحاد الأوروبى ومصر ما زالت هزيلة، كما أن الدعم المقدم من قبل الاتحاد لمصر 7 مليارات يورو، يصب فى مصلحتهم أولا لمواجهة الهجرة غير شرعية، لأن مصر تلعب دورا مهما فى السيطرة على ذلك الملف الذى تعتبره أوروبا الأخطر على أمنها القومى، خاصة مع انتشار جرائم الاتجار بالبشر، والمساعدة فى بناء جماعات ومنظمات غير شرعية، حيث يصف الاتحاد الأوروبى مصر ببوابة إفريقيا للقارة الأوروبية.

وأوضح الخبير الاستراتيجى أن فرنسا، وبريطانيا كانت، ضمن الدول الأقوى والأكبر استثمارا وقربا لمصر، حيث إن هناك 1000 شركة مشتركة مع مصر، كما أن علاقاتها قديمة متجذرة فى مصر، رغم ضعف حجم التبادل التجارى بين الدولتين، ولكن الاستثمارات المتواجدة مباشرة وحقيقية، مشيرا إلى أن دخول وخروج الأموال الساخنة يرهق الاقتصاد المصرى.

وأكد أن مؤتمر الاستثمار الأوروبى – المصرى بالقاهرة 2024، يعكس قوة العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى على مستوى الشراكة الاستراتيجية، كما أن قطاع الإنتاج فى مصر يحتاج إلى ضخ مزيد من الاستثمارات وليس الخدمات، خاصة فى مجالات السياحة والصناعة، والتجارة، بجانب الطاقة المتجددة والجديدة، حيث تعتبر ألمانيا دولة رائدة فى مجال الطاقة الشمسية فى الاتحاد الأوروبى، ويمكنها تقديم الدعم لمصر فى هذا المجال

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القارة العجوز الاتحاد الأوروبي شرق المتوسط مؤتمر قمة أفريقيا مصر والاتحاد الأوروبى الاتحاد الأوروبى بین مصر فى مصر کما أن

إقرأ أيضاً:

التعليم.. جبهة البناء والصمود تتصدر أولويات الدولة للعام الحادي عشر

تقرير/جميل القشم

للعام الحادي عشر على التوالي، تواصل الجبهة التربوية صمودها في وجه محاولات تعطيل التعليم، متحدية تداعيات العدوان الذي استهدف المدارس والمنشآت التعليمية، وتسبب في انقطاع الرواتب، ساعيا لضرب هذا القطاع وتقويض أسس النهضة المجتمعية.

في مواجهة مشروع استهداف التعليم، أظهرت المؤسسات التربوية تماسكا فعليا، إذ حافظت المدارس على انتظامها، وبدأ العام الدراسي الجديد بحضور وتفاعل واسع من الطلاب، ليؤكد الميدان التربوي مرة أخرى أنه جبهة قائمة بذاتها، تخوض معركتها بعزيمة لا تقل عن الجبهات الأخرى.

وشكل التوجه الرسمي للدولة تجسيداً عملياً لالتزامها تجاه التعليم، حيث وضعت حكومة البناء والتغيير هذا القطاع ضمن قائمة أولوياتها، وعملت على توفير جزء من الراتب عبر الآلية الاستثنائية، إلى جانب تفعيل صندوق دعم المعلم لصرف الحوافز الشهرية للمتطوعين والمعلمين.

ومع انطلاق العام الدراسي الجديد، أظهرت وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي جاهزية عالية، عبرت عنها جملة من الإجراءات الهادفة إلى ضمان انتظام المدارس، وتكثيف المتابعة الإدارية، وتفعيل الإشراف على مستوى المديريات، بما يعزز الأداء التربوي ويضبط إيقاع العملية التعليمية.

وعلى صعيد البنية التعليمية، تواصل الوزارة تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل المدارس المتضررة جراء العدوان، وتوفير المستلزمات الأساسية لبدء عام دراسي متكامل، وفي مقدّمتها طباعة وتوزيع الكتاب المدرسي على مختلف المحافظات.

وفي وجه الحملات المعادية التي تستهدف العملية التعليمية وتبث خطاب التحريض والإحباط، سجلت مؤشرات الالتحاق بالمدارس ارتفاعاً ملحوظاً هذا العام، في دلالة واضحة على فشل تلك الحملات، وصمود الجبهة التربوية التي تواصل أداءها بإيمان راسخ برسالة التعليم في خدمة الوطن والإنسان.

ويأتي هذا التفاعل الواسع مع المدرسة من قبل الطلاب وأسرهم، ليكشف عن وعي متنامٍ بأهمية التعليم، وتمسّك المجتمع بدوره التكاملي إنجاح العملية التعليمية، واعتبار المدرسة خط الدفاع الأول في معركة الوعي والتنوير.

وفي إطار هذا التوجه، بدأت الوزارة تنفيذ برامج تدريب وتأهيل للكوادر التربوية، بهدف الارتقاء بجودة التعليم ومخرجاته، بما يواكب المتغيرات ويعزز من قدرة المعلم على أداء رسالته في بيئة لا تخلو من التحديات.

ويؤكد الواقع الميداني اليوم أن الدولة، رغم ما تكابده من ضغوط اقتصادية، لم تتوان عن مساندة وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي، وتوفير ما يمكن من عوامل النجاح، إدراكاً منها أن بناء الإنسان هو الاستثمار الأهم في معركة الصمود والتنمية.

وتسعى الحكومة إلى دعم المدارس وتعزيز صمودها، من خلال تغطية المتطلبات الأساسية، وترسيخ الشعور بالاستقرار داخل الصفوف الدراسية، بما ينعكس إيجاباً على الطالب ومستوى تحصيله العلمي.

ومع الأسبوع الأول من انطلاق العام الدراسي، سجلت المدارس حضوراً واسعاً فاق ستة ملايين طالب وطالبة، في مختلف المحافظات، ما يعكس استعداداً شعبياً واسعاً للانخراط في عام دراسي جديد، ومواصلة مسيرة التعلم.

ويعد التزام الطلاب منذ اليوم الأول دليلاً على رسوخ قناعة المجتمع بأن التعليم يمثل ضرورة ومهمة وطنية تستوجب الإصرار والمثابرة، وتقتضي من الجميع أن يكونوا في خندق التعليم، كما في ميادين النضال الأخرى.

إن انطلاق العام الدراسي الجديد بهذا المستوى من الحضور والتنظيم، يعكس نجاح الدولة في تثبيت مسار التعليم وسط ظروف استثنائية، ويؤكد أن الجبهة التربوية باتت أكثر رسوخًا وفاعلية، مدعومة بإرادة حكومية جادة، وتفاعل مجتمعي حي، ووعي متنامٍ بأهمية التعليم كأداة للبناء والتحول الوطني.

ومع تدشين العام الدراسي الجديد، عبرت قيادة وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي عن التزامها الثابت بتعزيز هذه الجبهة الحيوية، مؤكدة أن التعليم يشكل حجر الزاوية في مشروع النهوض الوطني، ويتطلب شراكة واسعة بين الدولة والمجتمع، لضمان استمراريته وتطويره.

وفي هذا السياق، شدد وزير التربية والتعليم والبحث العلمي حسن الصعدي على أهمية العلم كركيزة أساسية لنهضة الشعوب وبناء مستقبلها.. داعيا إلى استشعار الجميع للمسؤولية تجاه إنجاح العملية التعليمية باعتبارها مسؤولية وطنية جامعة.

وحث الطلاب على الجد والمثابرة في تحصيل العلم وتطوير الذات، بما يمكنهم من المساهمة الفاعلة في مسارات التنمية الوطنية، وتطرّق إلى الجهود التي تبذلها الوزارة من أجل انتظام العام الدراسي، مثمنا صمود التربويين واستمرارهم في أداء واجبهم رغم الظروف المعيشية القاسية وتداعيات العدوان المستمرة.

وكيل الوزارة لقطاع التعليم الأساسي هادي عمار، أكد من جهته أن انتظام أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة في مختلف مدارس التعليم الحكومي والأهلي يمثل ثمرة مباشرة لاستكمال الوزارة كافة التجهيزات والاستعدادات خلال الأسابيع الماضية، وتهيئة الظروف المناسبة للانطلاقة التعليمية، رغم التحديات الناتجة عن استمرار الحصار وتداعيات العدوان.

ويأتي انتظام العام الدراسي الجديد ليؤكد رسوخ الجبهة التعليمية كإحدى أعمدة الصمود الوطني، بعد أن تجاوزت سنوات من التحديات والاستهداف الممنهج، فبجهود متكاملة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، يتواصل تثبيت المسار التعليمي، لا بوصفه خدمة عامة فحسب، بل باعتباره خيارا استراتيجيا في معركة بناء الإنسان.

سبأ

مقالات مشابهة

  • معركة تجارية جديدة بين الصين والاتحاد الأوروبي.. ما القصة؟
  • مباحثات مصرية وأوروبية لتعزيز التعاون في ملف الهجرة
  • وزير الخارجية اليوناني يلتقي خليفة حفتر في بنغازي وملف الهجرة على بساط البحث
  • وزير الخارجية المصري يؤكد أهمية تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي كـ"نهج شامل"
  • وزير الخارجية يستعرض مع مفوض الاتحاد الأوروبي أعباء استضافة 10 ملايين أجنبي
  • تحول في سياسة الهجرة.. ألمانيا تفقد لقب الوجهة الرئيسية لطالبي اللجوء
  • عقب فتح باب الترشح للانتخابات.. عصام هلال: تغليب المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار
  • الاتحاد الأوروبي وتايلاند يبحثان تعزيز العلاقات والتعاون في إطار اتفاقية الشراكة
  • التعليم.. جبهة البناء والصمود تتصدر أولويات الدولة للعام الحادي عشر
  • مشاورات سياسية لتعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي