سودانايل:
2025-05-08@19:31:11 GMT

نحن والحمير في المنعطف الخطير

تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT

إنها قصة قصيرة من مجموعة قصصية للكاتب اليمني محمد مصطفي العمراني , يحكي أنهم يجلبون الماء من مكان جبلي وعر فيه منعطف عادة ما تسقط فيه الحمير ومن عليها من أطفال. الغريب في الأمر أن كل سكان القرية لم يلهم الله أحدا منهم أن يفكر في تغيير ذلك الطريق والبحث عن طرق أخرى تؤدي إلى ذات البئر. كما أن أي منهم لم يهتد إلى فكرة ترك الحمير تسير بمفردها دون أ تكون عليها أرواح الأطفال.

عندما سأل الكاتب أهل القرية عن ذلك كانت إ‘جابتهم مفزعة إذ قالوا نحن نتبع الحمير في مسيرها. هذا يعني أن قرية كاملة تاتمر بامر حمار إن سقط سقط معه طفل، وإن لم يسقط نجي كل من الطفل والحمار.
الناظر إلى واقعنا في هذه الحرب يدرك بكل سهولة ويسر أن هذا البلد المحزون يسير خلف مجموعة حمير ترتدي الزي العسكري وترصع صدورها وأكتافها نجوم وميداليات تحكي معدلات عالية من هرمون ( الحمرنة والغباء الطبيعي)، وهذا الإستحمار الطبيعي لهو اشد قسوة من ذلك المكتسب، إذ انه هبة الله لبعض من عباده، ليت الأمر توقف عند حفنة قليلة من بلهاء العسكر، لكنه إمتد ليشمل من يطبلون لهذا الغباءمن أشكال ديناصورية تساعدهم على سلوك ذات المنعطف الخطير الذي أودى بحياة شباب وكهول وأطفال ذلك البلد، إنهم قوم أصابهم الله يتحجر المشاعر والإحساس تجاه الخراب والدمار الهائل وكأنهم صم لا يسمعون وعمي لا يبصرون.
بأنك ترى النصر أمام ناظريك، فهذا هو المنعطف الخطير بذاته. رجل مفترض أنه درس الإستراتيجيات العسكرية ودرس الحرب وتقديراتها ، ويفشل في رؤية الهزيمة الماثلة امامه ماذا يمكن ان نطلق عليه؟ قلنا كان يمكن تدارك ذلك الدمار الهائل وتقليل الخسائر المادية والبشرية منذ الإسبوع الأول، لكنه تحت وطأة التهديد والتأثير القوي لمجموعة تدعي الإسلام والتي سلمها أمر إدارة المعركة وهم مجموعة مدنية، مصلحتها هي إستمرار الحرب، تجده يصر على المضي في نفس الطريق مع اليقين التام أنه خاسر لا محالة. إنه ذات الطريق الذي تسلكه حمير القرية مع الإدراك التام لسكان تلك القرية بأنها قد تكون الرحلة الأخيرة أو رحلة الوداع لهؤلاء الصغار. لقد سلم اهل القرية أمر قيادتهم لحمير وسلم الجيش أمر قيادته لحمير من النوع البشري. في البدء سيطر الدعم السريع على معظم مقار الجيش وكانت الحرب محصورة في العاصمة، ثم تمددت غربا ، وفي كل مرة يهرب الجيش دون ان يطلق رصاصة واحدة، ثم جاء الدور على الجزيرة وحاضرتها ومن ثم قراها، كل ذلك لم يعني أي شي لسيادة ( الحمار اول) ركن ، وبقية الجحوش الذين حوله. يتوالى سقوط الولايات ويظل ما كان بالأمس ممكنا أضحى اليوم مستحيلا. ونحن في قمةهذه المسرحية العبثية يقيض الله لنا فصيلة أخرى من الدواب، أثبت علماء علم الحيوان أنها أغبى من الحمير، إنه وحيد القرن، ولم يكن ذلك إلا مالك عقار، الرجل الذي أدمن خاصية كسب عداوات الاخرين، مصرحا في عداوة غير مبررة إطلاقا ( لا جدة ولا جدادة) ، كان يمكن أن تساق تلك العبارة الرافضة للحلول السلمية بمفردات ولغة غير هذه، لو كان قائلها شخص آخر غير وحيد القرن هذا، لم تكن المملكة يوما عدو يستوجب تلك اللغة السوقية المنحطة. في الحقيقة أن القواسم المتركة بينه وبين وحيد القرن عديدة، تضخم الحثة مع البلادة وضيق الأفق وضعف البصر، فهو يهاجم الهدف ثم يدرك لاحقا انه مخطي، وذلك بعد ان يكون قد أحدث ضررا كبيرا. فهو حيوان يري أن أي شي أمامه هو عدو. هذه خاصية توفرت في فصيل واحد من الحيوانات، وفي أنماط عديدة من البشر شاكلة عقار والكباشي وياسر العطا. بعد أن أتجه الدعم السريع نواحي سنار واسقط سنجة والدندر، وما صاحب تلك الحملات من إنتهاكات ، قلنا يمكن أن يرعوي عن السير في ذات المنعطف الخطير الذي لن يؤدي إلا إلى الهلاك المحتوم، و مؤخرا صرح البرهان نافيا أي مفاوضات في سويسرا، المرء يعجب لهذا الجنرال التائه، يتحدث رافضا ومغلقا كل نوافذ الحوار وكأنه منتصر على الأرض، يضع الرجل دون حياء شروطا في العادة يضعها المنتصر، في (مشاترة) غريبة يطلب من القوات التي فشل في إخراجها من مقاره ومواقعه العسكرية بالإنسحاب، وهو قد فشل في إخراجهم منازلة على الأرض. إن ( ماكبث ) السودان يريد أن يحقق نبؤة والده، بقتل وحرق السودان وأهله، غير أن ( ماكبث) شكسبير ٌقتل وقٌطع رأسه وهو يقاتل بشجاعه في الميدان، غير أن هذا الهارب شرقاً، لو انه إستمر في تعنته هذا، ربما نشاهد غدا حصار الشرق، فالبحر أمامه والعدو خلفه، ساعتها عليه أن يجيب على السؤال المعروف ( المعاملة كيف؟) ، لكن الذي نخشاه أن يقلد لهم ثغاء النعجة( بااااع) .
ربما يقيض الله لنا نفرا يسلك طريقا غير هذا المنعطف الخطير.
د. عادل العفيف مختار
adilalafif@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الهدوء الذي يسبق العاصفة

 

 

علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com

يعيشُ الوطن العربي حالة تاريخية غير مسبوقة من الترقب، تتراوح فيها نسبة انتصار الأمة ومصيرها بين معدليْ ممتاز جدًا وسيئ جدًا، ولكل حالة من الحالتين أسباب وشروط وضوابط. وإذا كان الكثير من عرب زماننا يعيشون في حالة سيئة جدًا الى درجة الثمالة، ويعتقدون بأن حالة الممتاز جدًا أضغاث أحلام وإفراط في التفكير، فإن الواقع اليوم يساوي بين الحالتين في احتمالية التحقيق.
شكَّل "طوفان الأقصى" حالة تاريخية صادمة ومُفاجأة لعرب زماننا قبل العدو، وخاصة النُخب العربية بفئتيها الرسمية والعامة؛ بسبب تراكم غبار الفكر التاريخي وتشكيله ضبابية كثيفة على الوعي وربيبه الفكر؛ حيث تلبسوا بتلابيب الهزيمة وأنتجوا ثقافة البؤس والفجيعة، وعلقوا شماعة بؤسهم على العرب بتاريخهم وثقافتهم وموروثهم وأدوات حضارتهم، وانتقوا من تاريخ الأمة وموروثها ما يعزز ويدعم سردياتهم ويبرر حالتهم في الخنوع والاستسلام والتسليم بضعفهم وقوة خصومهم وبراعتهم وقوة حيلهم وتدبيرهم. وأصبحوا يترقبون المعجزات لتغيير حالهم وموائد من السماء وهم عاكفون في تقاعسهم ومتواكلون على تدبيرهم.
أتى الطوفان، فزلزل تلك القناعات والسرديات، وكشف عوار فكرهم، وبرهن لهم أنَّ الصراع صراع إرادات أولًا ثم قوة سلاح واقتصاد وعدد وعُدة، وفي المقابل رأوا حجم العدو الحقيقي حين واجه الإرادة؛ حيث تآكلت سرديات أدواته وقلاعه التي تستر خلفها لعقود ليدخل الرعب في قلوب أبناء الأمة، ويُعجزهم حتى عن مجرد التفكير في مواجهته.
قليلٌ من عرب زماننا من أدركوا وظيفة كيان العدو ومهمته وحقيقة قوته، وأدواته للسيطرة على وعي الأمة وعقلها أولًا ليتمكن من مقدراتها وثرواتها وجغرافيتها لاحقًا، لهذا اختصروا التفكير وحملوا السلاح وواجهوا العدو، فالسلاح هو اللغة الوحيدة التي يخشاها العدو ويفهم أثرها البالغ عليه.
ما زال الطوفان يعتمل في وجدان الجميع بين مُصدق ومُكذب لما حدث، وخاصة انكشاف العدو وظهوره على حقيقته؛ الأمر الذي سيجعل عرب زماننا يقلبون الرأي في موروثهم العقلي والنقلي المكتسب من ثقافات وعد بلفور وسايكس بيكو وحلف بغداد وكامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو.
ومن لم يُقلب الرأي سيتجاوزه الزمن ويصبح رأيه شبيهاً بالخرافات والأساطير التي ظهرت قبل الحقائق العلمية الدامغة والناسخة لما قبلها.
وسيدفع الطوفان وثقافته بمعاصريه إلى نسخ الثقافات الانهزامية الموروثة والمتناسلة من تاريخ الخلافات النفعية البالية والاحتلالات السالبة لكل شيء. من يتأمل حالة مواجهة اليمن اليوم لقوة كبرى، يعلم بأنَّ وراء تلك المواجهة ارادة انتصار صلبة قبل كل شيء، ومن يرى حالة كيان العدو وتشظيه يعلم بأنَّ ما بُني على باطل فهو باطل، حتى وإن سلَّمنا جدلًا أو يقينًا بأنَّ المقاومة ومحورها هُزمت والعدو ومحوره انتصر، فأعراض الطوفان وصدمته كفيلان بإحداث ارتدادات قوية وعميقة ومراجعات تُشبه محاكاة الفناء بداخل كيان العدو ورعاته، لأنهم وبكل بساطة وصلوا المرحلة النهائية للطُغاة وهي الغلو في البطش والقتل والدمار.
الطوفان ليس حالة عابرة؛ بل ثقافة عابرة للحدود والأجيال معًا. والله غالب على أمره.
قبل اللقاء.. من يعتقدون بأنَّ التاريخ أصبح مادة مستقرة في بطون كتب المناهج التعليمية فهم واهمون؛ فما زال التاريخ يُصنع كل يوم، وعلى كل أن يختار موقعه من الإعراب والتاريخ معًا. 
وبالشكر تدوم النعم.
 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الفاتيكان يختار أول بابا أمريكي عبر التاريخ.. وهذ اللقب الذي سيحمله
  • سعره يصل 15 ألف دولار| نقيب الفلاحين لـ “صدى البلد”: لابد من حظر تصدير جلود الحمير
  • فقدنا 2 مليون حمار.. نقيب الفلاحين يطالب بوقف ذبح الحمير وتصدير جلودها
  • ماذا يعني اسم سيندور الذي أطلقته الهند على عمليتها ضد باكستان؟
  • في اليوم العالمي لـ سرطان المبيض.. علامات وأعراض هذا المرض الخطير
  • كان منزلنا في قلب الحصار الذي فرضته مليشيا الجنجويد، المدججة بالأسلحة والمركبات
  • ما الذي يقوله الشعراء؟
  • زيارة مفاجئة لنائب رئيس جامعة أسيوط لتفقد أعمال التطوير والصيانة بالصالة المغطاة باستاد القرية الأولمبية
  • الهدوء الذي يسبق العاصفة
  • بمساحة 20 مليون م².. إنشاء مدينة نموذجية للإبل في القرية العليا