عربي21:
2025-12-14@00:02:10 GMT

إيقاف العجمي الوريمي: من يدفع نحو التأزيم؟

تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT

كان خبرا مفاجئا للجميع، فليس ثمة من مقدمات توحي بأن الأمين العام لحركة النهضة التونسية العجمي الوريمي سيكون محل تتبع وإيقاف، لسبب معلوم لدى الجميع وهو اعتدال الرجل في مواقفه وخطابه. فهو رجل الانفتاح على الجميع، وهو المؤمن بالحوار، يرفض الإقصاء والقطيعة وخطاب الكراهية والعنف، حتى إنه لفرط اعتداله يتعرض لتهجمات مستمرة من جزء مهم في جمهور حزبه، يعتبرونه مهادنا وغير حازم في مواجهة الخصوم من الاستئصاليين خاصة.



لماذا يتم إيقافه دون إذن قضائي مسبق ودون وجود قضية معلومة لدى المحامين أو لدى الرأي العام؟ لماذا تم الإيقاف بتلك السرعة ومنع المحامين من ملاقاته لمدة 48 ساعة؟ كما شاع أيضا خبرٌ عن مداهمة منزله لتفتيشه وكذلك منزليْ مرافقيه اللذين تم إيقافهما معه!

هناك بعض التحليلات تذهب إلى كون الإيقاف تم بعد آخر حضور إعلامي له صحبة أحد مفسري مشروع 25 تموز/ يوليو، حيث اعتبر هذا المفسر أنّ العجمي الوريمي يمثل أخطر تشكيل متآمر سياسيا، وأن هذا التشكيل يعتبر قيس سعيد منقلبا وينتظر لحظة العودة إلى السلطة.

عملية إيقاف العجمي الوريمي طرحت سؤالا حول من يريد تأزيم الوضع، والبلاد تستعد لانتخابات رئاسية قريبا، يحاول فيها قيس سعيد الفوز بدورة جديدة تمتد خمسة أعوام. وقد بدا واضحا أن عملية إقصاء تتم بشكل ممنهج لكل منافس جدي محتمل، وهو ما سيُفقد الانتخابات حيويتها التنافسية وطعم الانتصار فيها لقيس سعيد؛ الذي كان قد أكد سابقا بكون القضية هي "قضية بقاء أو فناء"
هذا التحليل له ما يبرره، فبعض خصوم الإسلاميين يخشون معركة الأفكار والبدائل لأنهم عاجزون عن خوضها، ويحاولون وصم الإسلاميين بالتطرف والتآمر والفساد حتى يسهل عليهم استهدافُهم والتحريضُ عليهم، ثم تبريرُ ما سيتعرضون إليه بعد ذلك من تنكيل.

المعارك الحقيقية تُخاض دائما في عالم الأفكار وفي مستوى البدائل وتُدار بمستوى عال من القيم والعمق والجدية، فلا يمكن أن تحقق الاتهاماتُ وحملات التشويه أي هدف جدي لا للأحزاب ولا لعموم المواطنين، بل عكس ذلك، لم ينتج عن سنوات الصراع الأيديولوجي والصخب الإعلامي إلا خسارة التونسيين لبعضهم ولتجربتهم الديمقراطية، حتى انتهينا إلى وضع سيئ سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

عملية إيقاف العجمي الوريمي طرحت سؤالا حول من يريد تأزيم الوضع، والبلاد تستعد لانتخابات رئاسية قريبا، يحاول فيها قيس سعيد الفوز بدورة جديدة تمتد خمسة أعوام. وقد بدا واضحا أن عملية إقصاء تتم بشكل ممنهج لكل منافس جدي محتمل، وهو ما سيُفقد الانتخابات حيويتها التنافسية وطعم الانتصار فيها لقيس سعيد؛ الذي كان قد أكد سابقا بكون القضية هي "قضية بقاء أو فناء".

عادة في المناسبات الانتخابية يسعى الرئيس المباشر والمترشح لدورة ثانية، إلى تخفيف الضغط وإلى إشاعة حالة من الاطمئنان والانفراج في البلاد لضمان إقبال معقول على الصناديق يُضفي جدية على العملية الانتخابية، فكيف تزداد عملية الضغط على السياسيين ودعوات الى المحاكم وحالات الإيقاف والمنع من السفر وتقييد الحركة على البعض؟ إجراءات لا تناسب الأجواء الانتخابية ولا تخدم لا الديمقراطية ولا حتى الرئيس المباشر الذي يريد الفوز بدورة جديدة، فمن يقف وراء مزيد توتير الأجواء ومزيد التضييق على الحريات في وضع اجتماعي صعب؟ هذه إجراءات لا تناسب الأجواء الانتخابية ولا تخدم لا الديمقراطية ولا حتى الرئيس المباشر الذي يريد الفوز بدورة جديدة، فمن يقف وراء مزيد توتير الأجواء ومزيد التضييق على الحريات في وضع اجتماعي صعب؟

إيقاف العجمي الوريمي كشف عن روح تضامنية كبيرة داخل قطاع واسع من النخبة الثقافية والسياسية والشخصيات الوطنية، حيث عبّر الكثيرون ومن مختلف الاتجاهات السياسية عن تضامنهم مع أمين عام حركة النهضة، وهذا التعاطف ليس فقط لمسؤوليته السياسية في أكبر حزب بالبلاد، وإنما وأساسا لما يحظى به العجمي الوريمي من مقبولية ومحبوبية واسعتين لدى أغلب النخب السياسية والثقافية، وهي سمعة اكتسبها منذ كان زعيما في الحركة الطلابية بدايات ثمانينات القرن الماضي، فهو مشهود له حتى على لسان خصومه بكونه مثقفا عميقا ومحاورا جديا وذا أخلاق في التواصل عالية.

لقد كشفت حالة التضامن مع العجمي عن حقيقة المزاج التونسي المعتدل، كما كشفت عن أن الوريمي يمثل أجمل ما في التونسيين من لطف وتسامح ومحبة وصمود.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه النهضة التونسية العجمي الوريمي قيس سعيد الانتخابات تونس النهضة انتخابات اعتقالات قيس سعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مسئوليات بلا امتيازات.. علي ناصر محمد: لم أكن سعيدًا بتولّي برئاسة اليمن الديمقراطية

تحدث علي ناصر محمد، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأسبق، عن مرحلة تولّي عبدالفتاح إسماعيل رئاسة الدولة والأمانة العامة للحزب، فيما بقي هو نائبًا للرئيس ورئيسًا للوزراء، قائلا إن عبدالفتاح كان "رجلًا مثقفًا ومهذّبًا ومؤدّبًا"، مشيرًا إلى وجود بعض الملاحظات على أسلوب أدائه، لكنه رغم ذلك وقف إلى جانبه ودعمه.

وأضاف خلال لقاء مع الكاتب الصحفي والإعلامي سمير عمر، في برنامج "الجلسة سرية"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن عبدالفتاح جاء بعد مرحلة سالم ربيع علي، الذي كان يحظى بشعبية واسعة، في حين كان البعض ينتقد أداء عبدالفتاح، لكنه شدد على أنه كان سندًا له. 

وتابع: "واجه عبدالفتاح ضغوطًا كبيرة وقدّم استقالته، ولم أوافق على ذلك لأننا لا نريد تغييرات مستمرة؛ فكل تغيير يجرّ تغييرات أخرى".

وأوضح علي ناصر أنه لم يكن سعيدًا عندما أصبح رئيسًا للجمهورية، قائلاً: "كان عبدالفتاح يتقاسم معي الهم، بل كان يحمل العبء الأكبر، ولم تكن هناك أي امتيازات في المنصب: لا مصالح، ولا ثروات، ولا ودائع أو أموال في الخارج، كنت أعمل 18 ساعة يوميًّا".

طباعة شارك علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأسبق عبدالفتاح إسماعيل

مقالات مشابهة

  • حقوق الإنسان: قمع تظاهرات الشرش في البصرة يدفع نحو تعليق عمل الحكومة
  • وفاة صاحبة السمو السيدة دعد بنت شهاب بن فيصل آل سعيد
  • تصاعد عنف المستوطنين يدفع آلاف الفلسطينيين للنزوح في الضفة
  • خفت أنا كده .. محامية ردا على بلاغ طليقة سعيد مختار : دي شغلانتي
  • مسئوليات بلا امتيازات.. علي ناصر محمد: لم أكن سعيدًا بتولّي برئاسة اليمن الديمقراطية
  • محترف الهلال في مأزق الاستبعاد… هل يدفع نونيز ثمن الإصابات المتكررة؟
  • ضبط ميكروباص يدفع الناخبين للتصويت لصالح مرشح في البحيرة
  • د. سعيد الكعبي يكتب: في تأمل النعم
  • الهلال الأحمر يدفع بـ 9,800 طن مساعدات ومستلزمات شتوية إلى غزة
  • احترس.. عملية احتيال جديدة تستخدم ChatGPT لسرقة بياناتك