يظل اللواء عادل لبيب المحافظ الأكثر حظا بين جميع المحافظين فى مستوى محافظات الجمهورية خلال الثلاثة عقود الماضية، وما زال يتمتع بحب أهالى محافظة قنا رغم انتهاء العلاقة الوظيفية منذ حوالى 12 عاماً، إلا أن العلاقة الروحية ما زالت ممتدة ولن تنقطع. يحسب للواء عادل لبيب أنه استطاع أن يشق صدر المجتمع القبلى فى قنا المتخالف أكثر من المتآلف ويزرع داخله أزهار المودة والألفة مثل الأزهار التى غرسها فى كل شوارع وميادين قنا، وجعل قضية النظافة قضيته الأولى، وحوّل قنا إلى جنة على الأرض تحصل على جائزة أفضل مدينة بعد أن كانت مأوى لكل ما هو ضال!
المظهر اللائق لمدينة قنا الذى كان وراءه جهد عادل لبيب كان أحد أهم عوامل الراحة النفسية للأهالى المنهكين من الإهمال، مما خفف عنهم عبء الطبيعة الجامدة التى كانت من وسائل تطفيش الاستثمار، أصبحت قنا مدينة جميلة، جذب إليها عادل لبيب الاستثمار والزائرين، وأصبحت مكاناً مختاراً لكبار الصحفيين والإعلاميين والضيوف والأجانب وأهل الفن، وتحولت من منفى إلى مكان مفضل لقضاء الإجازات والاستجمام والاستشفاء، ونجح لبيب عن طريق حب أهالى قنا له فى نزع فتيل جرائم الثأر التى كانت السبب الرئيسى فى تراجع قنا فى كافة المجالات، وتم وضعها على خريطة الأماكن المفضَّلة.
لأهالى قنا موقف مع الإخوان وهو رفضهم المحافظ الذى حاولوا فرضه عليهم، ورفضوا دخوله مدينة قنا، وعندما ذهب إليهم عادل لبيب لدعوتهم لوقف المظاهرات هتفوا له بأن يكون محافظهم، وقد كان، وتحول عادل لبيب من مصلح إلى محافظ الإقليم للمرة الثانية فى أول سابقة فى تاريخ مصر.
لم يحظ لبيب بالمكانة التى حصل عليها فى قنا فى كل من الجيزة والإسكندرية اللتين تولى فيهما منصب المحافظ وحتى فى فترة توليه وزارة التنمية المحلية، لأن قنا كانت عشقه الأول وكان هو محافظها الأول، فأعطته وأعطاها، الاثنان: المحافظ والمحافظة لم يبخل أى منهما على الآخر فأصبح عادل لبيب أشهر محافظ وأصبحت قنا أشهر محافظة.
كنا نزور قنا فى عهد لبيب لنتندر ونقارن بين ماذا كانت وكيف أصبحت، ولكن يقولون دوام الحال من المحال، فقد شاهدت فى آخر زيارة لى إلى قنا بعد عيد الأضحى خلال الأيام الماضية قنا عادت إلى ما كانت عليه فى الماضى، وللدقة الإهمال بدأ يزحف عليها، المحافظ تقريبا أدار لها وجهه فأدارت له وجهها القشيب وأظهرت وجهها القديم، تغير المحافظ فى الحركة الجديدة، وكنت متوقعا ذلك، أرجو من المحافظ الجديد أن يضع قنا فى عينيه لأنها تعودت على الحب الذى زرعه محافظها المحبوب عادل لبيب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب حكاية وطن اللواء عادل المحافظين مستوى محافظات الجمهورية محافظة قنا قنا فى
إقرأ أيضاً:
العنف الجنسي ضد الأطفال
د. صالح هاشم الشحري
نشرت مجلة اللانسيت البريطانية – وهي أحد أهم المصادر الطبية على مستوى العالم – دراسة مهمة، عنوانها مدى انتشار العنف الجنسي ضد الأطفال، على المستوى الكوكبي، وعمر الطفل عند تعرضه للعنف الجنسي لأول مرة، من ثم تحليل النتائج حسب مناطق العالم الجغرافية، و جنس الطفل. و حسب المجلة فإنها أول دراسة بهذا القدر من التفصيل و العدد الكبير من المصادر المرجعية التى وصلت إلى ٤٦٠ مرجعا عن ٢٠٤ من أقطار كوكب الأرض.
الشريحة التى أدلت بتجربتها الشخصية عن تعرضها لهذه الحالات، تم سؤالها عندما كانت أعمارهم بين ٢٠ – ٢٤ عاما، و قد أظهرت أن ١٨,٦٪ من الإناث و ١٤,٨٪ من الذكور قد تعرضوا للعنف الجنسي، و قد استعملت المجلة كلمة ( survive) الإنجليزية، بمعنى أن هؤلاء هم الذين لم يؤد بهم هذا العنف إلى الموت أو إلى عاهة جسدية، حيث أن المقصود بالعنف الجنسي يشمل طيفا واسعا من الدلالات، تبدأ من التحرش الجنسي البسيط، إلى الإجبار على ممارسة الجنس، إلى الإغتصاب المنتهي بالقتل أو العاهات الجسدية. و النسب أعلاه لا تتضمن الفئة الأخيرة. و لا شك أن هذه نسبة مخيفة. خاصة أنها اقتصرت على الفترة ما بين عامي ١٩٩٠ – ٢٠٢٣.
أهمية هذه المعلومات، أنها تساعد في معرفة حجم الجهد المطلوب لمنع هذه الظاهرة، والدفع إلى اعطائه ما يستحق من الأهمية، فهذه النسب توضح أننا لازلنا بعيدين جدا عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة على مستوى العالم، و التي جعلت هدفها الوصول إلى قيمة الصفر بحلول عام ٢٠٣٠. و لا يبدو من مقارنة الحوادث حسب السنوات أن انتشارها ينحسر، وهذا يقتضي مزيدا من الجهود لتحقيق هذا الهدف النبيل.
وبتفصيل يتعلق بالمكان الجغرافي، فإن العنف الجنسي ضد الإناث يتراوح بين ١٢,٦٪ في شرق وجنوب شرق ٱسيا وأوقيانوسيا إلى ٢٦,٨٪ في جنوب آسيا، أما العنف الجنسي ضد الذكور فيتراوح بين ١٢,٣٪ في وسط آسيا و وسط و شرق أوروبا إلى ١٨,٦٪ في الصحراء الأفريقية. كما أن العنف الجنسي حدث عند ٦٧٫٢٪ من الضحايا الإناث، و ٧١٫٣٪ من الضحايا الذكور قبل سن الثامنة عشرة، أي أنه حدث في سن ما قبل النضج الجنسي و العقلى، و لكن تبقى نسبة مهمة تحدث بالإكراه بعد سن نضح الجسد و العقل. و تشير الدراسة إلى أن كون النسبة أقل في بعض الأماكن من غيرها، قد تكون بسبب عدم دقة المعلومات، و عدم امتلاك الضحايا وأهلهم للأمن الإجتماعى الكافي للإفصاح، للأسف تلحق وصمة اجتماعية بالضحايا الأبرياء دائما. لم يتضح لى من الدراسة معلومات تتعلق بعمر المعتدي، و مكان الإعتداء، و هناك قرائن تقول أن نسبة مهمة من هذا العنف يحدث من أفرادٍ في محيط الأسرة. و كثيرا ما تتسبب الكحول والمخدرات في تفاقم هذه الظاهرة.
المطلوب برامج مكثفة تتعامل مع هذه المسائل بطريقة تربوية علاجية تحمى الضحية المحتَمَل، وتعيد تأهيل المعتدى المحتَمَل و إصلاحه نفسيا و تربويا، خاصة و أن جزءاً من العنف الجنسي يحدث مع تأخير سن الزواج لاعتبارات مادية في أغلب الأحيان، و أيضا مع الحروب التى تعرض الأطفال لفقدان الحماية الأبوية و المجتمعية، نسأل الله أن يوفق المجتمع الإنساني إلي التخلص من هذه الٱفات الخطيرة.