سواليف:
2025-07-29@18:13:12 GMT

عبر ودروس

تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT

#عبر_ودروس د. #هاشم_غرايبه

ربما لن تجد من يماري في أن الهزات الارتدادية للزلزال الذي أحدثه طوفان الأقصى قد عمت العالم كله، بل وطغت أنباؤها على كل ما خلاها من أحداث طيلة الشهور العشرة المنصرمة.
سأحاول أن أرصد فيما يلي أهم التداعيات وأكثرها تأثيرا، مما سينعكس على المجريات القادمة، سواء على مستوى العالم أو مستوى الأمة، وسوف تدرسها المعاهد البحثية، ويستنبط المفكرون والمخططون الاستراتيجيون منها الدروس.


أهم ما تغير من المفاهيم، وانقلب من مقولات كانت رائجة، هو أنه لا قيمة للقوة العسكرية وحدها في تحقيق الغلبة مهما كانت طاغية، وحتى لو عززتها السيطرة الإعلامية والسياسية، ومهما بلغ الفارق في التقدم التقني بين المعتدي والضحية، ما يلغي كل ذلك أن تكون الروح المعنوية للمعتدى عليه عالية، وأن عزيمته صلبة لا تلين، وإرادته بتحدي الظالم لا تكسر.
بالطبع لن يتحقق ذلك بالتربية على حب الوطن بالتعبئة الإعلامية، ولا يمكن تربية الأجيال على الولاء للدولة بترديد التلاميذ الأناشيد المدرسية الصباحية، ولا بنظم الأشعار افتخارا بأمجاد الأجداد، فلن يصمد ذلك ساعة واحدة أمام مشاهدة الإنسان لبيته الذي شقي لبائه يهدم في ثانية أو ابنه يقضي تحت ركامه.
وتجربة اليابانيين خير شاهد على ذلك فلم يكن هنالك شعب يماثلهم ولاء واخلاصا وتضحية من أجل بلادهم، لكنهم فور أن ألقيت عليهم القنبلة النووية رفعوا الراية البيضاء، واستسلموا من غير قيد أو شرط.
ومثلهم كل الشعوب التي قهرت عبر التاريخ، جميعها استسلمت ورضخت لغالبها، إما كليا، أو جزئيا بارتهان سيادتها وان سمح لها بالاستقلال الاقتصادي والاجتماعي.
إذا فما هو المختلف في الحالة التي نحن بصددها، وهي صمود القطاع وكسره إرادة الغرب المتجبر، وإجباره على التفاوض لإنهاء العدوان، بما يحفظ ماء وجهه والانسحاب جارا أذيال الخيبة؟.
مهما حاول المتفذلكون التهرب من الاعتراف بالإجابة الصحيحة فلن يفلحوا، فالسر قطعا هو العقيدة التي يؤمن بها من صمدوا، ويحرصون على التمسك بها أكثر بكثير من تمسك الإنسان بحياته.
وبالطبع هي ليست كأية عقيدة أخرى.
كل العقائد خلافها تنبني على تمجيد الذات والاعتزاز بتاريخ الأمة والتمسك بثقافتها الموروثة، وبالتالي فالمردود المتوقع من وراء الصمود والثبات عليها هو أنها ستحقق الحياة الكريمة حاضراً، وتعد بها للأجيال القادمة، ولكن هذا الوعد ينفع من بقي حيا بعد انجلاء المعركة، وأما من مات فلن تعود عليه تضحيته بعائد، إذ لا يؤمن بحياة بعد الموت، لذا لا ينفعه شيء بعد فقدانه حياته وحتى لو أقيمت له التماثيل.
العقيدة الإيمانية وحدها، يؤمن متبعها بوجود الله والحياة الأخرى، وبالتالي فهو موقن بأن طاعته لخالقه ستحقق له مردودا عظيما في الحياتين، وفوق ذلك لن تذهب تضحيته بحياته وممتلكاته سدى كالكافر أو المشرك، بل سينال أجرا أعظم من متع الحياة الدنيا.
لذلك ستكون معايير الروح المعنوية (وهي التي تصنع الاستبسال والإقدام أو الانهزام)، متفوقة بفارق هائل لصالح من لا يعتبر الموت خسارة تامة، ولن يصمد المعتدي إلا إن كان مطمئنا إلى الأمان التام من الموت: “لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ” [الحشر:14]، لذلك رأينا جنود العدو يولولون ويتصارخون عند المجابهة، فيما المجاهدون يكبرون فرحين بأن أتيح لهم القتال.
لكن ما عزز صمود المدنيين، ومنع أية حالة من التذمر أو لوم لقياداتهم على ما يلاقونه يوميا من تجويع وتدمير وقتل، ليس خوفهم من بطش السلطة وانتشار عسسها بينهم (كباقي الأنظمة العربية)، بل التوحد بين القيادة والشعب، والمنبني على على توافق الطرفين على اتباع العقيدة، فالمعروف أن كل الشعوب العربية محبة لعقيدتها وملتزمة باتباعها، وليس شعب القطاع فقط، لكن الفارق أن القيادة السياسية عندهم هي الوحيدة من بين كل الأنظمة السياسية العربية المتبعة لها، ولعل هذا هو سر التلاحم بين الشعب وقيادته، فقد أزال كيد العدو الجبال بالقصف الهمجي والقتل الممنهج، لكنه فشل في شق هذا التلاحم، فما كنت تسمع من أحد ندبا ولا تحميل المسؤولية للمقاومة، بل عبارة واحدة: “حسبنا الله ونعم الوكيل”، والدعاء بأن يتقبل الله فقيده في الجنة.
أهمية هذا الاستخلاص، أنه يبين لنا الطريق الأكيد والوحيد لخلاص الأمة وتحررها.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

 الموت لحماس؟ أم الحياة لغزة؟

 الموت لحماس؟ أم الحياة لغزة؟
د. #هشام_عوكل – أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولية
الموت لحماس… #ترامب يعود بحفّار القبور!
اعتدنا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن ينقلب على الصديق  ويضرب الحليف  ويطرد الموظف عبر تغريدة! لكن أن ينتقل إلى موقع “حفّار قبور سياسي”   فهذا جديد حتى على مقاييس الرجل.
في خطابه بتاريخ 25 يوليو الحالي  أعلن ترامب أن “حماس لا تريد السلام بل تريد الموت”… والأسوأ من ذلك أن مستشاره  ويتكوف  لم يتردد في الدعوة إلى “إعادة النظر في أسلوب تعامل واشنطن مع حماس”  في تلميح واضح إلى تجاوز المسار التفاوضي نحو خيار التصعيد الشامل. وكأن الإدارة الأمريكية  من خلال مستشاريها، تتعمد تجاهل مبادرة حسن النية التي قامت بها حماس حين أفرجت عن رهينة يحمل الجنسية الأمريكية إلى جانب الإسرائيلية  في خطوة أرادت بها إيصال رسالة إيجابية إلى الجانب الأميركي. ومع ذلك  لم تُقرأ هذه المبادرة كما ينبغي  ولم تُحسب في ميزان السياسة الأميركية التي تبدو منشغلة بمنطق القوة أكثر من منطق التفاهم.

كل هذا يعيدنا إلى حقيقة ترامب كما عرفناه: لا يؤمن بالوسطاء  ولا بالحلول  بل بالتهديد المباشر… حتى لو كان الثمن إشعال الشرق الأوسط بأكمله.
الولايات المتحدة: راعٍ للصراع لا للسلام
بعيدًا عن كوميديا ترامب السوداء  ما تكشفه هذه التصريحات هو انقلاب حقيقي في سلوك واشنطن  من دور “الوسيط” إلى دور الشريك المباشر في الحرب.
وإذا كانت الولايات المتحدة تدّعي دومًا أنها تلعب دورًا إنسانيًا في حماية المدنيين  فإن ما يحدث في غزة – من إبادة بطيئة وصمت عالمي مدوٍّ – لا يمكن فهمه إلا بوصفه تواطؤًا صريحًا ومباشرًا.
بل إن الحديث المتكرر عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” أصبح غطاءً أميركيًا جاهزًا لإلغاء وجود الشعب الفلسطيني من على الخارطة. وهذا يجعل واشنطن تتحمّل مسؤولية سياسية  وأخلاقية  وتاريخية في هذه المجازر.
اعترافات بلا مخالب: هل يعنينا أن تعترف فرنسا؟
بعدما أعلنت دول مثل إيرلندا وإسبانيا والنرويج اعترافها بدولة فلسطين  تساءل كثيرون: هل بدأ الغرب يُعيد النظر في مواقفه؟
لكن الحقيقة أن هذه الاعترافات  رغم رمزيتها  لا تملك أي قوة تنفيذية ما دامت غير مرتبطة بإجراءات عملية تُلزم إسرائيل بوقف الاحتلال والتوسع.
وما دام البيت الأبيض لم يُعلن موقفًا داعمًا لهذا التوجّه  فإن هذه الاعترافات تبقى أقرب إلى بطاقات تهنئة حزينة توزّع في جنازة جماعية… لا تغيّر شيئًا من حقيقة الموت تحت الركام.
ماكرون وترامب… خطبة اعتراف ومجزرة موازية
حين أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نية بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية  تحرك ترامب فورًا للرد، مؤكدًا أن هذا الكلام “خارج السياق”، وملوّحًا بتهديد مباشر لحماس  وكأن الاعتراف الفرنسي جريمة تستوجب العقوبة الجماعية!
وهنا يتجلّى التناقض الفاضح في الأداء الغربي: اعتراف لفظي بحق الفلسطينيين يقابله دعم مادي وسياسي كامل لإسرائيل.
ماكرون يلقي خطبة رومانسية عن “السلام”، ثم يصمت حين تُقصف مدارس الأونروا!
وواشنطن تصرخ “الموت لحماس”  ولا ترفّ لها جفن أمام آلاف الأطفال المشوّهين.
أسئلة بلا إجابة… أم إجابات بلا أمل؟
وسط كل هذا الركام  تبرز تساؤلات تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تقرر مصير غزة برمّتها:
هل ما زال مشروع “الهدنة لستين يومًا” الذي تحدّثت عنه بعض الوساطات قابلاً للتطبيق؟
وهل إعلان حماس استعدادها للتخلي عن السلطة مجرّد مناورة إعلامية أم واقع جديد يُفرض على الأرض؟
وأخيرًا  هل بات تسليم سلاح حماس للسلطة الفلسطينية خيارًا مطروحًا… أم مستحيلًا يُراد فرضه بالقوة؟
زاوية حادة تسئل
في هذه السلسلة الدرامية  حيث يُوزّع الموت بالمجان  وتُدفن العدالة تحت الأنقاض  نقف أمام سؤال لا يطرحه السياسيون في مؤتمراتهم  ولا الإعلاميون في نشراتهم:
من يطعم أطفال غزة؟
من يكفكف دموعهم؟
ومن يمنع عنهم الموت القادم من السماء… ومن الجدار… ومن الصمت العربي؟

مقالات مشابهة

  • كارثة وشيكة.. خطر الموت يواجه الرضع في غزة
  • القانون الدولي ودروس التاريخ
  • الإعدام لكويتي وزوجته ضربا خادمتهما حتى الموت
  • الأوقات التي تُكرَه فيها الصلاة؟.. الإفتاء توضح
  • أشواق الأرض
  • بعد رحلة مريرة مع السرطان،.. الموت يغيب المطرب أحمد الحجار
  •  الموت لحماس؟ أم الحياة لغزة؟
  • طوال العامين الماضيين ظللت أعتذر عن دعوات الزواج التي قدمت لي من الأهل والمعارف
  • لماذا تكره القبائل التي تشكل الحاضنة العسكرية والسياسية للجنجويد دولة 56؟
  • التشاؤم في شهر صفر.. ولماذا حذر النبي من أربعة أمور؟