تعتبر الزراعة العضوية البديل المناسب لتوفير الغذاء الصحي واستدامة التربة، إذ يعزز استخدام ممارساتها خصوبة التربة ومكافحة الآفات والأمراض بشكل طبيعي، وفي هذا الحوار نتطرق إلى أهمية الزراعة العضوية وفوائدها للحفاظ على الأمن الغذائي واستدامة التربة في ظل سوء استخدام الكثير من المزارعين للأسمدة والمبيدات الكيميائية لزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية، ومكافحة الآفات في الزراعة التقليدية، إلى جانب تزايد المخاوف من الآثار المدمرة لمتبقياتها على المستهلك.

وبينت المهندسة نوال بنت مال الله الوهيبية، رئيسة قسم الزراعة العضوية بالندب في وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه أن الزراعة العضوية تختلف عن التقليدية في ممارساتها الأساسية، إذ تعتمد الزراعة العضوية على استخدام المواد العضوية لتزويد التربة بالعناصر الغذائية، ومكافحة الآفات بطرق طبيعية، بالإضافة إلى تحسين بنية التربة من خلال ممارسات تُعزز النشاط البيولوجي، وذلك جراء الاعتماد على مدخلات طبيعية مثل السماد العضوي والمكافحة الحيوية للآفات الزراعية، بينما تعتمد الزراعة التقليدية على الأسمدة والمبيدات الكيميائية المصنعة.

فوائد

وعن فوائد الزراعة العضوية: أوضحت الوهيبية أن الزراعة العضوية تسهم في تقليل التلوث الكيميائي وتعزيز التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى تحسين صحة التربة والمياه، لذا تعتبر من أهم أنواع الزراعة للاستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية.

أما من ناحية صحة الإنسان، فالزراعة العضوية تسهم في التقليل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وتُحسّن صحة الجهاز الهضمي بفضل غنى المنتجات الزراعية العضوية بالعناصر الغذائية وقلة تعرّضها للمواد الكيميائية الضارة.

وأشارت إلى أن الزراعة العضوية تساهم بشكل إيجابي في تعزيز الأمن الغذائي، حيث إن استخدام الممارسات العضوية كالسماد الطبيعي وتغيير نوع المحصول المزروع في نفس التربة على مدى السنوات المتتالية يدعم تحسين بنيتها، مما يجعلها أكثر قدرة على تخزين المياه والعناصر الغذائية الضرورية للمحاصيل، كما يؤدي إلى زيادة إنتاجية الغذاء بشكل مستدام على المدى الطويل مما يعزز تحقيق الأمن الغذائي.

وقالت: إن الزراعة العضوية تسهم في تعزيز التنوع البيولوجي داخل المزارع، موضحة أن التنوع يشمل الحشرات النافعة التي تساعد على مكافحة الآفات بشكل طبيعي، مما يقلل الاعتماد على المبيدات الحشرية الضارة، ثم تحافظ على التوازن البيئي من خلال وجود بيئة صحية لنمو المحاصيل، الذي بدوره يدعو إلى إنتاج غذاء أكثر أمانا وخالٍ من المخلفات الكيميائية.

التحديات

وعن التحديات التي تواجه الزراعة العضوية وسبل تذليلها، أوضحت الوهيبية أن هناك جملة من التحديات تحد من انتشارها على نطاق أوسع، منها تكاليف الإنتاج المرتفعة جراء ارتفاع تكاليف المدخلات (البذور والتقاوي العضوية، الأسمدة العضوية، مبيدات الآفات العضوية. الخ)، إلى جانب حاجتها على قوى عاملة مكثفة لمكافحة الآفات والأمراض بطرق طبيعية عوضا عن المبيدات والمواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة التقليدية، بالإضافة إلى صعوبة التسويق عن منتجات الزراعة العضوية جراء قلة الطلب من المستهلكين ومستوى وعيهم بفوائدها مع محدودية قدرتهم للوصول للمتاجر المخصصة للمنتجات العضوية، فضلا عن تحديات التغيرات المناخية التي تؤثر على الإنتاجية وجودة المحاصيل، إذ أن الزراعة تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية، مشيرة إلى أن تذليل التحديات يأتي من تضافر الجهود العلمية، واستخدام تقنيات الثورة الزراعية الرابعة.

أما عن جهود الوزارة في النهوض بالزراعة العضوية في سلطنة عمان، فأوضحت أن الوزارة تقوم بدعم توجه الشركات الزراعية في تعزيز الأمن الغذائي، وحماية البيئة، وتعزيز التنمية الزراعية المستدامة من خلال تبني نهج الزراعة العضوية وإنتاج محاصيل زراعية تسهم في الأمن الغذائي، مشيرة إلى أن الوزارة قامت باستحداث قسم للزراعة العضوية يعنى بوضع الخطط والبرامج الاستراتيجية لتنمية قطاع الزراعة العضوية في سلطنة عمان من خلال رسم خارطة طريق للزراعة العضوية يشمل الجوانب التشريعية والتنموية والتسويقية للزراعة العضوية، وعمل مبادرات إرشادية لتدريب المزارعين والفنيين حول تقنيات الزراعة العضوية وتسويق المنتجات، وتنظيم فعاليات توعوية، مؤكدة أن قطاع الزراعة العضوية في سلطنة عمان سيشهد نموا ملحوظا خلال السنوات القادمة مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية منها الدعم الحكومي المتزايد لتنمية القطاع الزراعي عامة ومشاريع الأمن الغذائي من خلال تخصيص أراضي زراعية بحق الانتفاع لإقامة المشاريع الاستثمارية وتسهيل إجراءات تنفيذها، بالإضافة إلى زيادة وعي المستهلكين عن فوائد المنتجات العضوية، مما يسهم في زيادة الطلب عليها في السوق المحلي.

معرفة المنتجات العضوية والتقليدية

وعن آلية التعرف على المنتجات العضوية والمنتجات التقليدية، أشارت إلى أن المستهلك يبحث عن علامات الاعتماد العضوي الصادرة من جهات حكومية أو منظمات مستقلة على العبوة، التي عادةً ما تحتوي هذه على شارة أو شعار خاص يوضح أن المنتج عضوي، بالإضافة إلى قراءة الملصقات الغذائية بعناية، حيث إن المنتجات العضوية يجب أن تكون خالية من عبارات مثل «معدل وراثيا» أو «مصنوعة بمكونات معدلة وراثيا» أو «مع مبيدات حشرية» أو «مع أسمدة صناعية»؛ لذا عند الاعتماد على هذه الأساليب يستطيع المستهلك اتخاذ قرارات واعية حول شراء المنتجات العضوية ومقارنتها بالمنتجات التقليدية، بناءً على احتياجاته ورغبته في دعم الزراعة العضوية والمحافظة على الصحة والبيئة.

وترى الوهيبية أن التحول إلى الزراعة العضوية هو مسؤولية مشتركة، حيث إنه لا بد من تضافر الجهود بدءا من المزارعين الذين يمارسون آلية زراعية صديقة للبيئة، مرورًا بالمستهلكين الذين يُشجّعون على شراء المنتجات العضوية، وصولًا إلى السياساتٍ الداعمة من الحكومة للزراعة العضوية.

نمو ملحوظ

وتشير إحصائيات إلى أن مساحة الأراضي الزراعية العضوية حتى نهاية عام 2021 م على مستوى العالم بلغت 76.4 مليون هكتار بعد أن كانت في أوائل السببعينيات 1.15 مليون هكتار، إذ تتصدر أستراليا مساحة الأراضي الزراعية العضوية عالميا بمساحة 35.69 مليون هكتار، في حين تأتي الأرجنتين في المرتبة الثانية بمساحة مقدرة بحوالي 4.07 مليون هكتار، أما على مستوى الوطن العربي فتتصدر تونس المرتبة الأولى من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية العضوية بمساحة 279 ألف هكتار، وتأتي جمهورية مصر في المرتبة الثانية بـإجمالي مساحة 116 ألف هكتار أي ما يعادل 25٪ من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية العضوية في الوطن العربي. لذا، فأن التسارع في التحول نحو الزراعة العضوية على مستوى العالم يجعل من الزراعة العضوية بوابة نحو مستقبل واعد للمساهم في تعزيز منظومة الأمن الغذائي مدفوعا أيضا بسعي الحكومات والمزارعين لتعزيز تنافسية منتجاتهم، وتحفيز الإنتاج، وجذب الاستثمارات، وتحقيق الاستقلالية الاقتصادية من خلال تقليل الاعتماد على المدخلات الزراعية الخارجية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المنتجات العضویة للزراعة العضویة الزراعة العضویة الأمن الغذائی الاعتماد على بالإضافة إلى ملیون هکتار العضویة فی أن الزراعة فی تعزیز من خلال تسهم فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

النعيمي: التسويق الزراعي ركيزة أساسية لدعم برامج الجمعيات التعاونية الزراعية

الثورة نت/سبأ اعتبر عضو المجلس السياسي الأعلى محمد النعيمي، الجمعيات التعاونية الزراعية، الروح النابض للزراعة والحاضنة لأي نشاط مجتمعي يساعد على النهوض بواقع ومستقبل الوطن وأمنه الغذائي. جاء ذلك في كلمة ألقاها النعيمي خلال ورشة عمل خاصة بإنشاء وحدات التسويق وتوقيع عقود الزراعة التعاقدية مع الجمعيات التعاونية الزراعية بمحافظة صنعاء، نظمتها وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية بالتنسيق مع الاتحاد التعاوني الزراعي ومؤسسة بنيان التنموية. وأشار إلى أهمية التسويق الزراعي باعتباره الركيزة الأساسية للجمعيات ودوره في إعداد الخطط اللازمة لتسويق المنتجات الزراعية ومساندة جهود الجمعيات وبرامجها في إنتاج محاصيل ذات جودة عالية. ولفت إلى أن العمل التعاوني، أثبت جدارة في إيجاد نقلة ملموسة في الإنتاج الزراعي من خلال ما تقدمه الجمعيات التعاونية الزراعية من خدمات للمزارعين ومتابعة توفير متطلباتهم في المستلزمات والأسمدة وخدمات وقاية النباتات والإرشاد الزراعي ودعم تنمية الثروة الحيوانية وغيرها. وشددّ عضو السياسي الأعلى على ضرورة تشجيع العمل التعاوني وتأطير المزارعين في إطار الجمعيات التعاونية بما يمكنهم من الحصول على خدمات زراعية ودعم عبر تلك الجمعيات. وأكد أهمية تعزيز دور الجمعيات التعاونية الزراعية في الإنتاج المحلي وتحقيق الأمن الغذائي، حاثًا على استغلال المقومات الزراعية المتاحة وإنشاء معامل إنتاج وتسويق للمحاصيل. بدوره، أكد وكيل أول محافظة صنعاء حميد عاصم، حرص السلطة المحلية بالمحافظة على تقديم التسهيلات اللازمة للجمعيات والمزارعين بما يسهم في إنجاح مشاريع الزراعة التعاقدية. وأعرب عن الأمل في الاستفادة من الميزة النسبية والمقومات الزراعية التي تنفرد بها محافظة صنعاء ما يؤهلها لرفد المحافظات الأخرى بالعديد من المنتجات الزراعية خاصة المحاصيل النقدية من اللوز والبن وغيرها، حاثًا على تشكيل مجاميع إنتاجية، وتحديد مراكز لتجميع المحاصيل، وتأهيل المزارعين لضمان نجاح خطوات برنامج الزراعة التعاقدية. فيما أشار وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية لقطاع التسويق محسن عاطف، إلى أهمية التركيز على استمرار برنامج الزراعة التعاقدية وتوقيع عدد من العقود مع الجمعيات لإنتاج عدد من المحاصيل الزراعية خاصة المحاصيل النقدية. ونوه بدور الجمعيات في تنفيذ العديد من الأنشطة الزراعية، مؤكدًا حرص الوزارة على تقديم الدعم والمساندة لبرامج الجمعيات بما يسهم في تعزيز دورها في الاستدامة وتحقيق الاكتفاء الذات عبر تعزيز الزراعة التعاقدية وتخفيض فاتورة الاستيراد. وخلال الورشة التي حضرها وكيل وزارة الزراعة لقطاع الثروة الحيوانية الدكتور عبدالرؤوف الشوكاني ومستشار الوزارة المهندس سمير الحناني، استعرض مسؤول القطاع الزراعي بمحافظة صنعاء المهندس علي القيري ورئيس دائرة التسويق في الاتحاد التعاوني الزراعي بكيل طاهر، أنشطة الجمعيات التعاونية الزراعية، والتدخلات في مجال تمويل المبادرات والمشاريع الهادفة إلى تعزيز الإنتاج. واعتبرا الزراعة التعاقدية أحد أهم آليات تحقيق التنمية الزراعية وتنفيذها على أرض الواقع، وأحد أهم الحلول المناسبة لتطوير نظم التسويق الزراعي. وأوضح القيري وطاهر، أن الزراعة التعاقدية تسهم في إنتاجية ونوعية المحاصيل وخفض تكاليف التسويق وتقليل الفاقد أثناء عملية تسويق المحاصيل والمنتجات الزراعية إلى جانب الإسهام في زيادة معدلات التصنيع وتعزيز الصادرات الزراعية وتعزيز قدرتها التنافسية. وفي ختام الورشة، تم توقيع عقود زراعة تعاقدية لإنتاج عدد من المحاصيل مع الجمعيات التعاونية الزراعية بالمحافظة خلال الموسم المقبل.

مقالات مشابهة

  • إشادة برلمانية بارتفاع الصادرات الزراعية لـ8.8 مليون طن: يؤكد نجاح خطوات القيادة السياسية
  • تعزيز الأمن الغذائي المستدام
  • النعيمي: التسويق الزراعي ركيزة أساسية لدعم برامج الجمعيات التعاونية الزراعية
  • الدورة السابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة تعتمد إعلانا وزاريا يعزز حلول الاستدامة البيئية
  • الزراعة: إطلاق مبادرة نوعية لدعم صغار المزارعين وتعزيز الميكنة الزراعية
  • صادرات مصر الزراعية تسجل 8.8 مليون طن في 2025
  • الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية حققت 8.8 مليون طن حتى الآن بزيادة 750 ألف طن
  • «استشارية البحوث الزراعية الدولية» تناقش تحديات النظام الغذائي
  • أندر المنتجات الزراعية.. انطلاق موسم البيريغرينا في "خيرات العلا"
  • طلاب كلية الزراعة بجامعة صنعاء يطلعون على المقومات الزراعية في الجوف