جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-14@09:34:56 GMT

بخٍ بخٍ يا يوسف

تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT

بخٍ بخٍ يا يوسف

 

 

د. خالد الغيلاني

في ليلة هادئة من ليالي مسقط العامرة، ودوام يوسف الندابي تتقارب ساعاته، وتدنو دقائقه، ارتدى بزته العسكرية، وتمنطق حزامه، وتوج رأسه بقبعة العزة والكرامة، وهي تحمل شعار حراس المبادئ، وحماة الأمن، وانتظم في مشهد تتضح فيه هيبة الفارس، وعنفوان الرجل، وسمت الأنفة، والشموخ على الحق والحقيقة.

انطلق من مقر سكنه، يحدوه أمل عظيم، ورغبة صادقة في أداء مهامه، وبذل جهده، والقيام بواجبه في سلك مُنتظم من العمل الشرطي الرفيع. استلم عمله من زملائه، فقد انتهت للتو ساعات عملهم، وبدأت ساعات عمل يوسف ورفاقه الأشاوس.

انطلقوا في شوارع مسقط البهية بنور جمالها، الزكية بطيب أهلها، الفتية بعزم أبنائها، الراسخة بحضور تاريخها، الندية ببهاء أريجها، الثابتة بثبات الجلالي، الحصينة بارتفاع الميراني، الشامخة بقلعة مطرح الشماء. انطلق يجوب شوارعها لتطمئن نفوسنا، وتسعد أرواحنا، ونعيش حياتنا بهناء واستقرار، وأمن وأمان للجميع على أرضنا الحرة الأبية.

فكلما رأينا سيارة مهيبة مكتسية سواد الدفاع والبذل، وبياض الكرامة والمحبة والسلام، سرت بين الجوانح راحة وسرور، وشعور بأننا بين أيدٍ أمينة، حريصة على سلامتنا، وأمننا.

ويوسف يجول وزملاؤه، فكأني بالعمليات تنادي نداءً ما تعودناه، ولا عرفناه، هلموا أيُّها الرجال، هبوا يا من تسمعون النداء والبلاغ، إطلاق نارٍ على مقربة من "دوريتكم"، يوسف ورفاقه تلقينا النداء ونتحرك فورا إلى مكان الحدث، إلى الوادي الكبير الوادع في أمن وأمان، القابع بين حنايا الجبل ومجرى الوادي، المعروف بصناعيته، المسلك اليومي للكثيرين نحو مجلس عُمان وقصر البستان، وغيرها من مؤسسات الدولة.

وصل الرجال المخلصون وهبت نجدات الشرطة الأبية الحامية الحارسة، من كل زاوية، فالواقع وكثافة النار تدل على أن الخطب جلل، والحادث فظيع، والصرخات تتعالى، والرصاص يتعاظم، تتداخل الأصوات بين مهلل ومكبر، ومحتفٍ بذكرى عاشوراء، وأطفال فزعوا للتو من نومهم، وأم تنزل بهم تحت سرير نومها خوفاً من طيش الرصاص وانحرافه، وأب يسرع فيُغلق نوافذ بيته أو شقته، وذاك يجري دون هدي منه ووعي طلبًا للنجاة، وبين مستتر بجدار، ومحتمٍ بسيارة، الكل يطلب النجدة، ويرجو السلامة لنفسه وأهله.

إلا يوسف البطل المقدام ورفاقه ممن حضروا هذا المشهد ولبى نداء الواجب، فعقيدتهم وقناعاتهم أنهم حماة الحق، حراس المبادئ، جند الوطن، والمدافعون عن أمنه، يدفعهم إلى البذل والتضحية قسم واجب الأداء، ووطن يستحق الفداء، وسلطان له الولاء، ومجتمع له الحماية والصيانة على حقيقتها الثابتة الراسخة، ومنابت فضل وعزة وكرامة تربوا فيها على مكارم الأخلاق، والثبات عند اللقاء، وصدق المُواجهة لكل خطب وبلاء، ومن خلفهم أباء كرام وأمهات أصيلات، وأسر لا تقبل الضيم، ولا ترضى المهانة، هذا داعي الحق، والثبات على العهد، هنا موطن الصدق، هنا موطن المسؤولية.

وفجأة تحدِّث النفس يوسفها أحجم ولا تقبل، ففي العمر مُتسع، وللشباب رونقه، فالأولاد يسألون، والأهل ينتظرون، والصحب لرحلة أو جولة أو سياحة يخططون، تمهل واحفظ نفسك يا يوسف. لا أيتها النفس، فوالله إنِّه لقسم، وإنها أمانة، وإنها عظيمة، فلا إحجام، ولا تخاذل، ولا إدبار، ولا تولي، فلست الفار عند اللقاء، فأنا الحر ابن الحر، أنا الندابي المُقبل، والبائع لنفسه يوم يطلب الوطن بيعها. لمثل هذا أُعددنا، ولهذا اليوم دُربنا، وبهذا نستحق عُمانيتنا.

مضى الفتى يوسف ونعم الفتى يوسف، وصحبه الرجال المقبلون، مضى مزمجرا، مشمرا، مكبرا، رافضًا لفعل يختل له الأمن، ويرهب منه الناس، وما هي إلا جولة وجولة، حتى ارتقى الفذ الهمام، والأسد الضرغام، والباذل المقدام شهيدا فتّحت له السماء أبوابها. واكتست الأرض لونها الأحمر، وزكت رائحة المكان مسكا مضوخا، وارتوت أرض الوادي الكبير دما شريفا كريما، سيبقى خالدا أبد الأبد.

وانتشرت الأخبار، وفرح الأهل فيوسف شهيد رفع رأس أهله، وسما ببلده، يوسف حي يرزق عند ربه، يوسف باق ما بقي الوطن العزيز، يوسف مفخرة شرطة عُمان السلطانية بكل القادة والأفراد، يوسف ملحمة عز وفخار، ويوسف ترتج باسمه جبال الشرق والغرب العماني، وتلهج بذكره جبال القرا.

وإلى شباب عُمان في كل مكان منها؛ ففي هذا الوطن وفي كل شبر منه يوسف ويوسف ويوسف لا يساوم ولا يداهن ولا يبالي كيف يكون مصرعه، دفاعا عن الوطن، وحماية له، وذودا عن حياضه.

رحم الله تعالى يوسف وأسكنه فسيح جناته، ومنَّ على رفاقه بالشفاء العاجل، وحفظ الوطن وسلطانه وأهله إنِّه سميع قريب مجيب الدعوات.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

شمس البارودي تفتح قلبها: هكذا كان حسن يوسف.. الزاهد العابد الذي لم يرد سائلًا يومًا

كشفت الفنانة المعتزلة شمس البارودي عن مشاعرها الصادقة تجاه زوجها الراحل الفنان حسن يوسف، وذلك من خلال رد مطول ومؤثر نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، تفاعلًا مع سؤال من أحد المتابعين حول مشاركة زوجها في مسلسل "زهرة وأزواجها الخمسة".

 

 

 

 

و جاء حديثها نابضًا بالحب والتقدير، ومفعمًا بذكريات رجل عاش حياته ملتزمًا بالخلق والدين، رافضًا كل أشكال الرياء أو الادعاء.

    رد مؤثر على سؤال عن "زهرة وأزواجها الخمسة"
 

تفاعل أحد متابعي شمس البارودي على فيسبوك بسؤال حول رأيها في مشاركة حسن يوسف في المسلسل الشهير "زهرة وأزواجها الخمسة" الذي عُرض عام 2010. فجاء ردها حاسمًا وواضحًا، حيث قالت: "لن أذكر لحبيبي إلا كل خير، فهو كتلة من الخير".

    حسن يوسف كما وصفته زوجته: لا يعرف إلا الخير

واصلت شمس البارودي حديثها عن زوجها الراحل بكلمات يملؤها الحب والفخر، مؤكدة أن حسن يوسف كان نموذجًا للرجل الملتزم سلوكًا وخلقًا، لا ينطق إلا بكلمة طيبة، ولا يصف أحدًا بسوء حتى إن عابه الناس جميعًا. 

 

 

 

وأضافت: "كان يتحرى حسن الظن، ويبحث عن الأعذار لمن لم يجاهر بالمعصية، متمسكًا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، متأسيًا بالصحابة الكرام في كل تصرفاته".

 

 

 

صفات نادرة لرجل عاش بحب وعطاء وتواضع
 

تحدثت شمس عن صفات زوجها التي كانت تراه بها: محب، كريم، عطوف، حنون، متواضع إلى درجة أنها كانت تعاتبه أحيانًا على هذا التواضع الزائد، وصفته بالرجل الذي لم يرد يومًا سائلًا، حتى وإن كان العطاء صعبًا عليه، بل كان يعطي بصدر رحب، دون أن ينتظر سؤالًا من أهل الخير.

   أختيارات فنية لها هدف ورسالة دينية

أوضحت شمس البارودي أن حسن يوسف اختار ترك أعمال فنية كانت تدر عليه الملايين، ليتفرغ لتقديم مسلسلات دينية تهدف إلى تعريف الناس بحقيقة الدين وأخلاقه وسلوكه. 

 

 

 

وأشارت إلى أنه بدأ هذا الطريق بأعمال تناولت سير كبار العلماء، مثل الإمام الشعراوي، والإمام المراغي، وعبد الحليم محمود، الذي وصفه الشعراوي بأنه "أستاذي".

   مسلسلات رمضانية باللهجة الفصحى لنشر الإسلام الحقيقي


ذكرت الفنانة المعتزلة بعض الأعمال الرمضانية التي قدمها زوجها باللهجة الفصحى، مثل "الإمام النسائي" و"الإمام ابن ماجه"، مؤكدة أن تلك المسلسلات كانت على مدار 30 حلقة، وتهدف إلى إيصال الصورة الحقيقية للإسلام من حيث السلوك والخلق. وأقسمت أن أجور تلك الأعمال كانت زهيدة للغاية، لدرجة أن زوجها أنتج بعض المسلسلات من ماله الخاص، مثل "الشعراوي" و"عبد الحليم محمود".

 

 

 

و اختتمت شمس البارودي حديثها بالدعاء لزوجها الراحل، واصفة إياه بالزاهد التقي النقي، الذي عاش حياته مستعدًا للقاء ربه، وعزفت كلماته على أوتار الوفاء والحب الخالص: "ألف رحمة ونور عليك يا حسن، وأسكنك الله فسيح جناته، أنت وعبد الله، حبيبي وروحي... زوجي وابني".

مقالات مشابهة

  • بريطانيا: دعوى قضائية ضد حكومة ستارمر بسبب بيعها مكونات طائرة أف 35 إلى إسرائيل
  • «الحق من بدري».. مواعيد حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2025
  • يوسف خميس: أجانب النصر يتعلمون كرة القدم من جديد.. فيديو
  • المؤبد لقاتل شقيقه داخل مزرعة مواشي بالدقهلية بعد تنازل الأب عن الحق المدني
  • قومي حقوق الإنسان يشارك بأعمال الأمم المتحدة حول الحق في التنمية بجنيف
  • القومي لحقوق الإنسان يشارك في أعمال الأمم المتحدة حول الحق في التنمية
  • شمس البارودي تفتح قلبها: هكذا كان حسن يوسف.. الزاهد العابد الذي لم يرد سائلًا يومًا
  • صرخة الحق الغاضبة تدوي في وجه الخسة.. المستشار الشامي أيقونة صمود
  • حرية التعبير بين الحق والاختبار المجتمعي
  • أزمة دبلوماسية صامتة.. القاهرة تلوح بورقة السيادة في وجه تل أبيب!