لماذا لا توافق المقاومة الفلسطينية على وقف الحرب في غزة؟
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
لا يوجد سؤال تبدو إجابته أكثر بداهة من عنوان هذا المقال: "لماذا لا توافق المقاومة الفلسطينية على وقف الحرب في غزة؟"، ومع ذلك فإنه يطرح كل يوم مئات المرات في الإعلام العربي، ووسائل التواصل الاجتماعي.
لو كان هذا السؤال مجرد جزء من حملات دعائية لإعلام عربي ينطق عمليا باسم جيش الاحتلال، لما استدعى محاولة التفكيك، ولكنه يطرح أحيانا كثيرة من قبل كتاب ونشطاء يقفون على أرضية الحقوق الفلسطينية، ومن بينها حق الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال، ولهذا فإنه يحتاج لبعض النقاش.
إن الإجابة المباشرة على هذا السؤال هي بنفي مشروعية طرحه أصلا، من الناحية العلمية، لأن من يرفض إيقاف الحرب هو الاحتلال، بل إن النقاش السياسي داخل الكيان المحتل يؤكد أن من بيده وقف الحرب ولا يريد ذلك، هو بنيامين نتنياهو شخصيا. لقد طالبت حماس وفصائل المقاومة المختلفة بوقف العدوان على غزة منذ اليوم الأول، ولكنها قوبلت دائما بالرفض والتعنت "الإسرائيلي"، وبالتالي يصبح السؤال عن رفض المقاومة لإيقاف الحرب غير ذي صلة بالواقع.
ليس هناك ما يضمن بالطبع أن الاحتلال سيلتزم باتفاقاته، وهو لم يلتزم أبدا طوال تاريخه، ولم يراع القانون الدولي والرأي العالمي بشكل حقيقي يؤثر على خياراته، ولكن نقض اتفاق لوقف إطلاق النار بعد كل هذه الشهور من الجرائم والعدوان والقتل، سيجعل موقفه حرجا حتى أمام حلفائه.وللدلالة أكثر على بداهة الإجابة عن سؤال "رفض" المقاومة لوقف الحرب وعدم صحة طرحه من الأساس، فلا بد من العودة للسبب الرئيسي الذي عطّل كل عروض صفقات التهدئة، وهو إصرار المقاومة الفلسطينية على أن ينص الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، فيما يصر نتنياهو على أن أي صفقة يجب أن تضمن "حق" الاحتلال بشن هجمات في غزة، بما يعني أنه يريد استمرار الحرب في الوقت والطريقة التي تناسب "إسرائيل"، بغض النظر عن ما تتوصل له مفاوضات التهدئة.
إن هذا "الشرط" الذي وضعته المقاومة الفلسطينية لعقد اتفاق لوقف إطلاق النار هو بالضبط ما يؤكد أن الاحتلال هو المسؤول عن استمرار العدوان، إذ كيف يمكن اتهام الطرف الذي يشترط "وقف الحرب بشكل دائم" لتوقيع اتفاق التهدئة بأنه المسؤول عن استمرار العدوان؟
ثمة آراء تقول: إن التمسك بهذا الشرط غير واقعي، لأن الاحتلال قادر على شن الحرب في أي وقت، حتى لو وقع اتفاقا لوقف دائم لإطلاق النار، وبالتالي فإن استمرار رفض "التهدئة" لا يفعل شيئا سوى أنه يطيل الحرب بدون معنى. صحيح أن الاحتلال يستطيع شن عدوان في أي وقت يريده بسبب الفرق الهائل في موازين القوى وامتلاك سلاح الطيران الحربي، ولكن تنفيذ مثل هذا العدوان بعد اتفاقية وقف إطلاق دائم للنار سيكون أكثر صعوبة ـ وإن لم يكن مستحيلا ـ لعدة أسباب:
أولها أنه سيزيد انكشاف جرائم الاحتلال أمام العالم والقانون الدولي، وثانيها أنه سيعمق انقسامات المستويين السياسي والعسكري في منظومة الاحتلال، وثالثهما أن اتفاقا دائما لوقف إطلاق النار سيتضمن حتما انسحاب الجيش "الإسرائيلي" من قطاع غزة، وبالتالي سيجعل خيارات الاحتلال في حربه محدودة بالغارات الجوية.
إن استمرار العدوان على قطاع غزة له عدة أسباب ليس من بينها موقف المقاومة الفلسطينية، وهذه الأسباب هي: أن الاحتلال يريد استمرار جرائمه في القطاع، وفرض سيطرته على حياة الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة، وأن نتنياهو يرى في استمرار الحرب سبيله الوحيد للنجاة من المحاكمات بعد خسارته للحكم، وأن كل هذا الصلف والإجرام الإسرائيلي لا يجد ردا عربيا أو عالميا يوقفه.ليس هناك ما يضمن بالطبع أن الاحتلال سيلتزم باتفاقاته، وهو لم يلتزم أبدا طوال تاريخه، ولم يراع القانون الدولي والرأي العالمي بشكل حقيقي يؤثر على خياراته، ولكن نقض اتفاق لوقف إطلاق النار بعد كل هذه الشهور من الجرائم والعدوان والقتل، سيجعل موقفه حرجا حتى أمام حلفائه.
يطرح أيضا سبب آخر لتأخر وقف الحرب وهو "عدم موافقة حماس على التخلي عن حكم غزة". والحقيقة أن هذا الطرح أيضا يخالف الوقائع المعلنة من جميع الأطراف، فقد أكدت فصائل المقاومة الرئيسية المشاركة في الحرب (حماس والجهد الإسلامي) أنهما توافقان على أي ترتيب لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء العدوان بشرط أن يكون الترتيب فلسطينيا وليس مفروضا من قبل الاحتلال. أما السلطة الفلسطينية فقد وافقت هي الأخرى على لعب دور في حكم غزة بشرط أن يشمل هذا استعادة الوحدة السياسية مع الضفة الغربية، فيما يظل الاحتلال هو الطرف الوحيد الذي رفض كل طروحات "اليوم التالي"، بل لم يحدد خطته الواضحة لذلك أصلا، حيث يرفض وجود حماس، والسلطة الفلسطينية، ويرفض أن تشمل ترتيبات ما بعد الحرب أي حل سياسي يضمن للفلسطينيين جزءا من حقوقهم الوطنية.
إن استمرار العدوان على قطاع غزة له عدة أسباب ليس من بينها موقف المقاومة الفلسطينية، وهذه الأسباب هي: أن الاحتلال يريد استمرار جرائمه في القطاع، وفرض سيطرته على حياة الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة، وأن نتنياهو يرى في استمرار الحرب سبيله الوحيد للنجاة من المحاكمات بعد خسارته للحكم، وأن كل هذا الصلف والإجرام الإسرائيلي لا يجد ردا عربيا أو عالميا يوقفه.
باختصار، إن لوم الفلسطيني على استمرار قتله من قبل الاحتلال، هو لوم للضحية، حتى وإن كان مغلفا بخطاب "الواقعية السياسية"!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية غزة الاحتلال التهدئة احتلال فلسطين غزة رأي تهدئة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة لوقف إطلاق النار استمرار العدوان أن الاحتلال وقف الحرب قطاع غزة الحرب فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
غزة بعد الحرب.. وضع إنساني مزري وإعاقة في توصيل المساعدات
يواجه قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة وضعًا إنسانيًا بالغ الصعوبة، وصفه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنه "مزري"، خاصة في ظل القيود المفروضة على إدخال المساعدات وصعوبة توزيعها داخل المناطق الأكثر تضررًا.
وتعكس هذه القيود استمرار الأزمة الإنسانية وتعقيد مهام الجهات الإنسانية في تقديم الدعم العاجل للسكان المتضررين.
أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن حجم المساعدات الإنسانية الداخلة إلى غزة لا يوازي الاحتياجات الفعلية للسكان، وهو ما يفاقم الأزمة في مختلف المجالات، بدءًا من الغذاء والمياه وصولاً إلى الرعاية الصحية.
ولفت المكتب إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تسمح خلال الفترة بين 13 أكتوبر و4 ديسمبر 2025 لـ 295 متعاقدًا، و28 موظفًا من الأمم المتحدة، و21 من العاملين في المجال الصحي بالمشاركة في بعثات الأمم المتحدة داخل القطاع، ما قلص قدرة المنظمات الدولية على الاستجابة الإنسانية العاجلة.
دمار واسع يعوق التعافيتشهد البنية التحتية في غزة تدميرًا واسعًا طال آلاف المنازل وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، إضافة إلى الطرق الرئيسة والمرافق الخدمية، ما يزيد من تعقيد أي جهود لإعادة الإعمار أو تقديم المساعدات.
ويعيش مئات الآلاف من السكان الآن في خيام أو مراكز إيواء مكتظة، أو في مساكن غير صالحة للسكن، في ظل ظروف مناخية صعبة، بما في ذلك غرق الكثير من المساكن جراء الأمطار المتساقطة، ما يجعل الحاجة العاجلة لدعم إنساني مستمر أكبر من أي وقت مضى.
تحديات مستقبلية واستمرار الأزمةيبقى استمرار القيود على المساعدات وعدم قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول الكامل إلى جميع المناطق أبرز التحديات التي تواجه غزة، إضافة إلى حجم الدمار الكبير الذي طال القطاع على كافة المستويات.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى تفاقم المعاناة الإنسانية، ويجعل جهود التعافي طويلة ومعقدة، ما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لتوفير المساعدات وتسهيل إدخال المواد الأساسية وإعادة تأهيل البنية التحتية بشكل عاجل.
ومن جانبه، أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن السلطة الفلسطينية تظل الخيار الوحيد المتاح حالياً لإدارة المشهد الفلسطيني، رغم الحاجة الماسة للإصلاح واستعادة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
وشدد على أن البحث عن بدائل للسلطة يُعد أمراً صفرياً وخطراً على المشروع الوطني الفلسطيني.
وأشار الرقب في تصريحات لـ"صدى البلد" إلى أن غياب حركة فتح عن الاجتماعات الأخيرة أمر "معيب" تجاه صناع القرار الفلسطيني، موضحاً أن هذه الاجتماعات كانت فرصة سانحة لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وتشكيل حكومة تكنوقراط بتوافق جميع الفصائل الوطنية.
كما أشاد الرقب بالموقف المصري الذي رفض أي تقسيم للقطاع، مؤكداً دعم مصر للثوابت الفلسطينية وحماية وحدة غزة.
وحذر الرقب من خطورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ظل غياب موقف فلسطيني موحد، مشيراً إلى أن البند 17 من الخطة ينص على سيطرة الاحتلال على ملف إعادة إعمار غزة وتقسيم القطاع شرقاً وغرباً.
واستعاد تجربة عام 2014 حين تم تشكيل وفد فلسطيني موحد للتفاوض، محذراً من أن استمرار الانقسام يمنح الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية فرصة لفرض وصايتهم على القرار الفلسطيني.