رأس المال البشري.. حجر الزاوية في كل بناء تنموي
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
◄ أي عملية تنموية هي في جوهرها مشروع إنساني شامل يضع الفرد في صميم عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي
◄ نتيجة أفكار خاطئة.. تشكلت نظرة قاصرة لدى البعض ترى في العمالة الوطنية عبئاً على الشركات بدلاً من كونها مُحركاً للنمو والابتكار
◄ هناك ضرورة ملحة لتلمس احتياجات المورد البشري الوطني والاستثمار في مهاراته ورفع جاهزيته فعُمان لن تبنى إلا بسواعد أبنائها
د.
عند استعراض موارد سلطنة عُمان ومكامن قوتها، يتصدر المشهد موقعها الجغرافي الاستراتيجي وقطاعاتها الحيوية كالسياحة والنفط والغاز والتعدين، إضافة إلى ثرواتها الزراعية والسمكية. غير أن هذا المشهد قد يحجب عن الأنظار الثروة الأكثر أهمية وهو رأس المال البشري العُماني، الذي ينبغي ربطه بشكل مباشر كممكِّن وعنصر مهم لتنافسية السلطنة. وهنا نسلط الضوء على ضرورة تبني نموذج تنموي جديد وفلسفة إدارية حديثة تعيد صياغة هذا الفهم وتحسن توظيف هذا المورد المهم وتعالج الاختلالات الهيكلية في القوى العاملة بالسلطنة وارتباطها الوثيق بمسار التنمية المستدامة.
فالاعتماد المفرط على العمالة الآسيوية منخفضة المهارة والأجر، والتي تشكل ما يربو على 75% من إجمالي القوى العاملة، أدى إلى خلل جوهري في سوق العمل والاقتصاد الوطني ككل. هذا النموذج، رغم توفيره مزايا قصيرة الأجل للشركات من حيث خفض تكاليف العمالة، إلا أنه قد قوض الأسس الاقتصادية المستدامة للسلطنة، متغافلا عن أهمية بناء اقتصاد يعتمد على العمالة الماهرة وعالية الأجر. نتيجة لذلك، تشكلت نظرة قاصرة لدى البعض ترى في العمالة الوطنية عبئاً على الشركات بدلاً من كونها محركاً للنمو والابتكار. ولذلك لا بد من ضرورة تنفيذ سياسات فعالة وإدارة التغيير لدعم التحولات الاقتصادية السريعة؛ فالإنسان هو العنصر الأول الذي يجب أن يقتنع أولا بحتمية وضرورة التغيير ويبدأ بتغيير نفسه لينطلق لتغيير كل شيء حوله.
وتكمُن أهمية بناء رأس المال البشري في كونه العنصر الأساسي والمحرك الرئيسي للتنمية الشاملة والمستدامة. فهو يمثل مجموع المعارف والمهارات والقدرات والخبرات التي يمتلكها الأفراد في المجتمع، والتي تشكل أساس إنتاجية الاقتصاد وقدرته على الابتكار والتنافس عالميًّا.
فالتنمية، في جوهرها، هي مشروع إنساني شامل يضع الفرد في صميم عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي، حيث تشير الأدبيات الاقتصادية الحديثة إلى أن رأس المال البشري يشكل ما بين 60% إلى 80% من إجمالي الثروات الوطنية، مما يجعله العامل الأكثر تأثيراً في نهضة الأمم. وفقاً لدراسة حديثة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فإن زيادة في التحصيل العلمي بنسبة 10% تؤدي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4%، مؤكدة على الارتباط الوثيق بين الاستثمار في التعليم والنمو الاقتصادي.
إنَّ العلاقة بين الإنسان والتنمية تبادلية؛ فالإنسان هو صانع التنمية ومحركها الأساسي، بينما تستهدف التنمية تحسين حالة الرفاه وتعزيز قدراته. إنَّ نجاح أي أمة يرتكز على إنجازات عنصرها البشري، وكلما نجحت الدولة في تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها وتوفير البيئة المحفزة لتطورهم، زادت قدرتها على تحقيق خططها التنموية الطموحة. هذه العلاقة الديناميكية تخلق علاقة تأثير متبادل بين السكان والتنمية، حيث يؤدي الاستثمار في التعليم والصحة وتنمية المهارات إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز الابتكار، مما يدفع عجلة النمو الاقتصادي، الذي بدوره يوفر الموارد لمزيد من الاستثمار في التنمية البشرية، مشكلاً دورة إيجابية من التقدم المستمر والتنمية المستدامة.
وفي السياق المحلى، ركزت جميع رؤى وخطط التنمية في السلطنة على بناء الانسان انطلاقا من كونه هو غاية التنمية ووسيلتها. وقد حققت قفزات ملحوظ في مؤشر التنمية البشرية. وفي هذا الشأن هناك العديد من الكلمات المضيئة نختار منها لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه: "لقد أكدنا دائما اهتمامنا المستمر بتنمية الموارد البشرية وذكرنا أنها تحظى بالأولوية القصوى في خططنا وبرامجنا؛ فالإنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي وهو قطب الرحى الذي تدور حوله كل أنواع التنمية؛ إذ إن غايتها جميعا هي إسعاده وتوفير أسباب العيش الكريم له وضمان أمنه وسلامته". ومن الكلمات المضيئة للسلطان هيثم بن طارق -حفظه الله: "إن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب، وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمُّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحقها". وقد ركزت رؤية عمان 2040 في جميع محاورها وأولوياتها على تطوير مقدرات ومهارات الإنسان والاعتماد على الشباب للمرحلة القادمة إيمانًا بأن شباب عُمان هم قاطرة المستقبل ويجب إعدادهم كمنتج لديه مهارات متكاملة وقادر على التعامل مع التغيرات المتسارعة والظروف من خلال برنامج وطني تنفيذي واضح المعالم والأدوات يضع العنصر البشري كأساس لأي سياسة واستراتيجية وخطة.
الجميع على يقين بأنَّ الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض الطيبة هو أهم ركيزة وصانع للمُستقبل، وإن احتوائه وإكسابه ثقافات إيجابية ورفع مستوى مهاراته باستمرار سيكون له الأثر الأكبر في زيادة إنتاجيته، وإحداث التقدم المنشود. ولكي تنجح السلطنة في المستقبل في ظل عالم يتسم بالتغير والديناميكية من حيث طرق إنتاج المعرفة وإدارتها بوتيرة متسارعة، فإنِّه يتعين علينا مراجعة واقعنا والعمل على تكييف أنظمتنا التعليمية وهيكلة اقتصادنا وإكساب أفراد المجتمع مهارات جديدة تتفق مع متطلبات المُستقبل.
فهناك حاجة ماسة لغرس وتعزيز العديد من القيم والثقافات التي من شأنها تمكين تحول السلطنة إلى نموذج اقتصادي جديد من النمو مبني على الإنتاج وإطلاق قاطرات النمو في القطاعات المختلفة وتعظيم الاستفادة من درجة الجاهزية التي تنعم بها السلطنة وقدرات الشباب العماني على مختلف الأصعدة. فالأمم الناجحة لها صفات وقيم معينة تتميز بها، وتقوم على قيم سلوكية موجهة كتلك المرتبطة بقيم ريادة الأعمال والعمل بالقطاع الخاص والإنتاج والاستثمار والادخار والترشيد والمسؤولية وغيرها، والتي تختلف عن تلك القيم والسلوكيات الريعية التي كرستها الثروة النفطية كالاتكالية والاعتماد على الغير. وهناك ضروره لحشد همم أفراد المجتمع للتعامل مع المتغيرات المتسارعة وتحصين جدار الثقة الأمر الذي يتطلب دورًا إرشاديًّا وتثقيفيًّا كبيرًا من خلال مشاركتهم والتواصل معهم.
ويعدُّ مؤشر رأس المال البشري، الصادر عن البنك الدولي، أداة قياس مُهمة لتقييم مدى نجاح الدول في تنمية مواردها البشرية. ووفقاً لأحدث البيانات المتاحة حول المؤشر لعام 2020، فقد أظهرت السلطنة تقدما ملموسا، محرزة قيمة 0.61، متجاوزة بذلك المتوسط العالمي البالغ 0.58. هذا الإنجاز يجسد ثمار الاستثمارات الاستراتيجية للسلطنة في قطاعات الصحة والتعليم. وعلى الصعيد الإقليمي، تبوأت عمان المرتبة الرابعة بين دول مجلس التعاون الخليجي، مما يشير إلى موقعها التنافسي الجيد في المنطقة. ومع ذلك، فإنَّ هذا الترتيب يبرز أيضًا الفرص المتاحة لمزيد من التحسين والتطوير. ولتعزيز هذا التقدم، قد نحتاج إلى تكثيف الاستثمارات في برامج التدريب المهني، ومواكبة المناهج التعليمية لمتطلبات سوق العمل المتغيرة، وتكثيف التواصل وتعزيز البنية التحتية الصحية، خاصة في المحافظات والولايات. وكذلك العمل على تغيير هيكلة وتركيبة الاقتصاد لخلق فرص عمل عالية المهارة.
وبالنظر إلى الهيكلية الديموغرافية للسلطنة، فتشير الساعة السكانية إلى أن تعداد السكان بلغ حوالي 5.2 مليون نسمة، بتوزيع نسبي يشكل فيه العُمانيون 56.8% والوافدون 43.2%. كما يكشف تحليل التركيبة العمرية عن "نافذة ديموغرافية" واعدة، حيث تشكل الفئة في سن العمل حوالي 56% من إجمالي السكان. هذه النسبة تمثل فرصة ذهبية لتحقيق ما يعرف بـ "العائد الديموغرافي"، شريطة تبني سياسات اقتصادية وتعليمية مبتكرة تستهدف رفع الإنتاجية والقدرة التنافسية للاقتصاد. في المقابل، تمثل نسبة الأطفال دون سن الرابعة حوالي (9%) والطلاب في مقاعد الدراسة ما يقارب (30%) وهذا التوزيع يمثل تحديًا وفرصة في آن واحد. فهي تستدعي استثمارا كثيفا في رأس المال البشري، مع التركيز على جودة التعليم وملاءمته لمتطلبات سوق العمل المستقبلية. كما أن نسبة كبار السن (5%) تشير إلى ضرورة التخطيط المبكر لتطوير أنظمة الرعاية الصحية والاجتماعية المستدامة. هذا التنوع السكاني يمثل رصيدًا استراتيجيًا يمكن استثماره لتحقيق التنمية الشاملة، إذا ما أُحسن توظيفه ضمن رؤية تنموية متكاملة. ولتحويل هذه التركيبة السكانية إلى محرك للنمو الاقتصادي المستدام، يتعين على صناع القرار في السلطنة تبني استراتيجية متعددة المحاور تستهدف تطوير منظومة تعليمية مرنة تركز على المهارات المستقبلية، وتعزيز برامج ريادة الأعمال والابتكار لخلق فرص عمل نوعية للشباب العُماني، وتبني سياسات اقتصادية تحفز القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وتخلق فرص عمل مناسبة.
وبلا شك، أن المواطن العماني هو الركيزة الأساسية لنهضة عمان وتحقيق طموحاتها على مختلف الأصعدة فه ومحور التنمية وقائد التغيير، ومنه تنطلق الإنجازات وتتحقق التطلعات. وهناك ضرورة ملحة لتلمس احتياجاته والاستثمار في مهاراته ورفع جاهزيته في وظائف لمستقبل (الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة وعلوم البيانات) ونقول ان عمان لن تبنى الا بسواعد ابنائها وجميع الحلول متوفرة مانحتاجه هو تغيير بعض القناعات الراسخة في المرحلة السابقة، بقناعات جديدة تتناسب مع المرحلة القادمة وتحدياتها، وعمان تمتلك كل الحلول والإمكانيات والمقومات وأن النموذج الحالي أدى دوره بنجاح، ولكن طبيعة المرحلة والتحديات تحتم علينا الانتقال لنموذج جديد يقوده الانسان وليس النفط. ونؤكد على أن هناك دورا مهما لمؤسسات المجتمع المدني في تحقيق التنمية وهي المصدر الذي يتولد منه رأس المال الاجتماعي، وهي شريك فاعل مع الحكومة والقطاع الخاص في تعزيز التنمية البشرية المستدامة لأي مجتمع. وفي نفس السياق، الاهتمام بالفرد والأسرة وحفظ حقوقهم وتوفير الحياة الكريمة لهم وكسابهم المهارات الضرورية؛ فهم أساس التغيير، وهذا ما أكد عليه قوله تعالى في سورة الرعد (الآية:11): "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"؛ فالنتيجة المختلفة تحتاج إلى سلوك مختلف، كما يحتاج التغيير إلى جهد ومثابرة.
ونكرر ما نقول: نحن دولة شابة بها من الشباب ما يفوق نصف عدد السكان وهذه قوة حقيقية يجب البناء عليها وتنميتها واستثمارها للعبور للمستقبل. نعم يجب أن نفخر بشبابنا، ونمكن لهم في وطنهم، حيث إن الدول لا تقاس بما تملكه من ثروات طبيعية وماليه فقط، بل بمدى جوده مواردها البشرية ومؤسساتها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان.. علاقات دبلوماسية متوازنة وثقة صلبة من الجميع
محمد المعتصم **
في منطقة تمتلئ بالتوترات والتحالفات التي تتبدل بحسب توافقات ومصالح، برزت سلطنة عُمان كاستثناء لافت؛ بعد أن اختارت منذ عقود سياسة الحياد الإيجابي، مع مزيج من الدبلوماسية المتوازنة والوساطة الصامتة. هذا المسار جعل من العاصمة مسقط مركزًا دبلوماسيًا يُمكن أن «يُهمس فيه» مع الجميع ويستمع إليه الجميع، وهم يدركون أنهم يتحدثون مع دولة أمينة في الطرح وفي التدخل، الولايات المتحدة، إيران، الدول الخليجية، وحتى القوى الدولية الكبرى يدركون أهمية هذا الدور الذي جعل السلطنة تحظى باحترام واسع، وثقة متجددة، وقدرة على لعب دور محوري عندما تشتد الأزمات.
تعود جذور سياسة الحياد العُماني إلى فهم واقعي لطبيعة المنطقة، عُمان رأت في عدم الانحياز إلى أحد الأطراف مخرجًا للحفاظ على استقرارها الداخلي وعلى مصالحها الاقتصادية أولًا.
الحياد العُماني ليس مجرد موقف مرحلي؛ بل هو جزء من هوية دبلوماسية: «الحياد الإيجابي» كما تصفه الدوائر الرسمية. نهج يعتمد على احترام سيادة الدول، عدم التدخل في الشؤون الداخلية لها، الالتزام بالقانون الدولي، والعمل الدبلوماسي الهادئ بعيدًا عن التصعيد.
هذا التوجه ساعد عُمان على تجنب الانخراط في النزاعات الإقليمية، وفتح لها باب الوساطة حين تتصاعد الأزمات.
وقد حافظت السلطنة على الحياد عبر أدواتها الدبلوماسية المتوازنة، مكنتها من بناء علاقات خارجية متعددة الأبعاد، حيث حافظت السلطنة على علاقات مفتوحة مع طيف واسع من الدول: من دول الخليج، إلى إيران، إلى الغرب (أوروبا، الولايات المتحدة)، بل وحتى الدول الناشئة. هذا «التوازن» يمنحها موضع ثقة من الأطراف المتناقضة.
أضف إلى ذلك هو اعتمادها على الوساطة خلف الكواليس، فبدلًا من التصريحات النارية والإدانات العلنية، تختار مسقط «القناة المغلقة» للحوار. في كثير من القضايا - من النووي الإيراني إلى أوضاع اليمن - وغيرها من القضايا التي تتحرك فيها بصمت بعيدًا عن الضجيج وبعيدًا عن المزايدات، حيث تعتمد على السرية والحيطة؛ فالدخول في التفاصيل علانية قد يُفسد الوساطة.
مبدأ «الحياد الصامت» منح عُمان مصداقية لدى الجميع... عُمان لا تدخل في نزاع عسكري أو تحالف مسلح. اقتصادها ما يزال يعتمد بنحو 70% على النفط والغاز، لكنها منذ سنوات بدأت خطوات فاعلة ومؤثرة لتنويع الاقتصاد. وهذا النهج العُماني الأصيل منحها مساحةً للمناورة الدبلوماسية بعيدًا عن التحزبات والتحالفات العسكرية.
الوساطة في الملف النووي الإيراني من أبرز الملفات التي أدرك فيها العالم حجم الدبلوماسية العُمانية، مارست عُمان دورًا محوريًا في وساطة سرية بين إيران والغرب. وفي 2025، أعلنت عُمان أنها عرضت عناصر من مقترح أمريكي على الجانب الإيراني خلال زيارات دبلوماسية قصيرة، في إطار جهود لإنهاء الجمود حول الملف النووي.
هذا الدور يعكس ثقة الطرفين بمسقط، الولايات المتحدة، لإيصال رسائلها إلى طهران. طهران، لكونها ترى في مسقط قناة آمنة وموثوقة تفتح لها أفق تفاهم بديل عن المواجهة.
ثاني الأزمات التي تدخلت فيها السلطنة كانت أثناء الأزمة اليمنية وتصاعد التوتر في البحر الأحمر وباب المندب، تدخلت عُمان كوسيط لطرح هدنة وقبول التفاوض بين الأطراف، وفي مايو 2025، أعلنت سلطنة عُمان أنها نجحت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وجماعة أنصار الله في اليمن، وهو تحرك يُظهر قدرتها على التعامل باحترافية شديدة مع جبهات التوتر بلباقة.
إنَّ السياسة العُمانية لم تكن وليدة اللحظة؛ فخلال الحرب العراقية - الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، حافظت مسقط على حيادها، ولم تساند أي طرف. كذلك، أثناء احتلال الكويت ثم تحريرها، اتخذت موقفًا متوازنًا، أكّد على احترام السيادة، دون الانزلاق في محاذير الانحياز.
وعندما قاطعت الدول العربية مصر بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل رفضت سلطنة عُمان المقاطعة، وبقيت على علاقات مع مصر، وهو الموقف الذي ما تزال مصر تذكره إلى الآن، واستمر صداه بدايةً من حكم الرئيس محمد أنور السادات والرئيس محمد حسني مبارك؛ وصولًا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يحمل تقديرًا خاصًا لسلطنة عُمان.
باختصارٍ.. سجل سلطنة عُمان في التعامل الهادئ مع القضايا الكبرى، جعلها أقرب لأن تكون «سويسرا الخليج»، أو كما وصفها بعض الباحثين بأنها: «دولة مؤثرة للغاية عبر ذكائها الدبلوماسي».
** كاتب صحفي مصري