تراجع الدين الخارجي لمصر بنحو 14.17 مليار دولار، بعد رحلة طويلة من الصعود خلال العقد الماضي، سجل خلالها مستويات قياسية مرتفعة عاما تلو الآخر حسب ما تظهر بيانات البنك المركزي، كان أخرها في نهاية العام 2023 حين بلغ 168 مليار دولار.

وأعلن مصدر رفيع المستوى بالبنك المركزي، الاثنين، عن تراجع الدين الخارجي لمصر ليسجل 153.

86 مليار دولار في نهاية مايو الماضي، مشيرا إلى أن هذا الانخفاض خلال فترة الـ5 أشهر محل المقارنة يُعد "الأكبر حجما في تاريخ المديونية الخارجية على الإطلاق".

وحتى "التراجع الكبير" الذي أعلنه البنك المركزي هذا الأسبوع، شهد الدين الخارجي لمصر زيادات كبيرة خلال الـ14 عاما الماضية، مع اتجاه البلاد إلى الاقتراض الخارجي خلال الاضطرابات الاقتصادية التي كانت تعيشها، مع انخفاض احتياطي النقد الأجنبي وتراجع قيمة العملة المحلية، إذ كانت هناك حاجة إلى سيولة لدعم المشروعات الإنشائية الكبرى التي شرعت في بنائها، وواجهت انتقادات وفق تقرير سابق لوكالة رويترز، بسبب ما اعتبره معارضون "استنزافا لموازنة الدولة، ومضاعفة للديون".

وتظهر بيانات البنك المركزي، أن الدين الخارجي للبلاد بنهاية يونيو من العام 2010، بلغ نحو 33.7 مليار دولار، بزيادة 5.9 مليار دولار فقط منذ عام 2000، وهو الأمر الذي جاء متناسقا مع سياسات حكومة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، الذي أطاحت به الثورة الشعبية في العام 2011، حيث كان يرفض التوسع بـ"الاستدانة" الخارجية، ولم تستكمل بلاده خلال تسعينيات القرن الماضي 3 برامج تمويلية مع صندوق النقد الدولي.

ومنذ عام 2010، وحتى يونيو 2014، ارتفع الدين الخارجي لمصر بحوالي 12.4 مليار دولار، ليسجل نحو 46.06 مليار دولار، مدفوعا وفق بيانات البنك المركزي بزيادة ودائع العملات الأجنبية طويلة الأجل إلى نحو 9 مليارات دولار من مستوى صفر قبل 3 أعوام، من بينها ودائع قطرية بـ6.5 مليار دولار، ووديعة ليبية بملياري دولار.

الاقتراض الخارجي لمصر.. ضرورة ملحة أم عبء ثقيل على الأجيال؟ يرتفع الاقتراض الخارجي لمصر باستمرار منذ سنوات، في إطار برامج من صندوق النقد والبنك الدوليين، وهو ما يطرح تساؤلات عن جدوى هذه الأموال، فيما إذا كانت "ضرورة ملحة" للاقتصاد المصري،  أم أنها "عبء ثقيل" على الأجيال المقبلة؟

وفي أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي من السلطة في يونيو 2013، وانتخاب وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي رئيسا للبلاد في عام 2014، بدأت تتدفق على مصر تمويلات من دول الخليج، كما سرعت مصر وتيرة اقتراضها في سنوات لاحقة لدعم مشروعات إنشائية واسعة النطاق.

وحسب وكالة رويترز، تعهدت السعودية والإمارات والكويت بتقديم مساعدات قدرها نحو 12 مليار دولار في شكل منح وودائع بالبنك المركزي المصري ومساعدات بترولية منذ عام 2013، حين استقر الدين الخارجي بالبلاد دون مستوى 50 مليار دولار على مدار عامي 2014 و2015، قبل أن يتسارع إلى 55.76 مليار دولار في يونيو 2016، بزيادة قدرها 10 مليارات دولار.

لكن، منذ مارس من عام 2016، بدأت تطفو في مصر أزمة اقتصادية إذ عانت البلاد من نقص شديد في العملات الأجنبية دفعت الحكومة لتخفيض قيمة الجنيه ليصل الدولار الواحد إلى 8.94 جنيه من مستوى 7.83 جنيه، وذلك قبل أن يتم الإعلان عن تحرير كامل لسعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر من ذات العام بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاح اقتصادي لمدة 3 سنوات يتضمن اقتراض 12 مليار دولار.

وقال صندوق النقد في بيان حينها إن مصر شرعت في برنامج إصلاح طموح يهدف إلى وضع الاقتصاد على مسار مستدام وتحقيق نمو غني بفرص العمل.

وخلال أقل من عام واحد بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، واتجاه البلاد إلى توسيع الاقتراض من خلال الاتفاق مع مؤسسات دولية أخرى على قروض طويلة الأجل من بينها البنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، فضلا عن طرح سندات بالدولار واليورو في الأسواق الخارجية، قفز الدين الخارجي لمصر في نهاية يونيو 2017، إلى 79 مليار دولار، بزيادة قدرها نحو 23.24 مليار دولار.

وجاء اعتماد مصر على الاقتراض الخارجي في السنوات التي تلت عام 2016، وحتى الانتهاء من برنامج صندوق النقد الدولي في عام 2019، ليدفع الدين الخارجي إلى مستوى جديد عند 108 مليارات دولار في يونيو 2019.

ورغم إشادة صندوق النقد وتفاؤل الحكومة بعد ختام برنامج الإصلاح مع المؤسسة الدولية بـ"نجاح" لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي، ظهرت خلال العامين اللاحقين، جائحة كورونا، التي يحملها المسؤولون المصريون إلى جانب الحرب في أوكرانيا عام 2022 والصراع في غزة عام 2023، مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي اشتدت حدتها منذ أكثر من عامين.

أعوام عديدة مقبلة لمصر مع صندوق النقد.. هل يتحمل المواطن "ثمن الإصلاحات"؟ في السادس من مارس الماضي، سمح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 60 بالمئة، لتنفيذ إصلاح اقتصادي لطالما طالب به صندوق النقد الدولي القاهرة، منذ الاتفاق على برنامج تمويلي قبل عام ونصف العام تقريبا.

ودفعت الأزمة الدين الخارجي إلى الارتفاع بوتيرة كبيرة ليسجل 137.8 مليار دولار في نهاية يونيو 2021، إذ عادت البلاد إلى صندوق النقد الدولي مجددا في ذات العام لتتفق على قرض بقيمة 5.2 مليار دولار، لمساعدته في مواجهة فيروس كورونا.

وفي نهاية يونيو 2022 سجل الدين الخارجي لمصر نحو 155.7 مليار دولار، بارتفاع قدره 17.9 مليار دولار، وواصل الارتفاع في عام 2023 إلى 168 مليار دولار وهو المستوى الأعلى على الاطلاق.

ورافق الارتفاع الكبير بالدين الخارجي للبلاد خلال السنوات الثلاثة الماضية، انخفاض احتياطي النقد الأجنبي من المستوى التاريخي المسجل عند 40.99 مليار دولار في فبراير 2022، وهو ما دفع السلطات إلى خفضت قيمة الجنيه بشكل تدريجي من مستوى 15.57 جنيه للدولار الواحد في مارس 2022 إلى 30.9 جنيه للدولار حتى مارس 2023.

وفي ديسمبر 2022، اتفقت القاهرة مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويلي جديد، يتضمن اقتراض 3 مليار دولار، وهو البرنامج الذي تعثر لأكثر من عام بعد صرف شريحة واحدة، بسبب رفض السلطات تنفيذ بعض الإصلاحات المتفق عليها ومن بينها تحرير سعر صرف الجنيه، وزيادة أسعار الكهرباء والمحروقات.

لكن منذ فبراير الماضي، بدأت إنفراجة تلوح في الأفق، إذ اتفقت مصر مع شركة القابضة (إيه.دي.كيو) -وهي صندوق سيادي تابع لحكومة أبوظبي- على ضخ نحو 35 مليار دولار، لتنمية منطقة "رأس الحكمة" على البحر المتوسط، وشمل الاتفاق أيضا تنازل دولة الإمارات عن ودائع بنحو 11 مليار دولار، وتحويلها بالجنيه المصري.

مليارات الدولارات إلى خزينة مصر.. أين تذهب كل هذه الأموال؟ بعد تأمين تمويلات قدرتها وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية بنحو 60 مليار دولار، تبحث مصر عن جذب المزيد من دول الخليج، حيث من المقرر وفق تصريحات مسؤولين أن يقوم الصندوق السيادي المصري، الذي يمتلك حصصا في شركات حكومية، بجولة ترويجية لاستعراض الفرص الاستثمارية خلال الأسابيع المقبلة.

وفي السادس من مارس الماضي، سمح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 60 بالمئة، ليصل إلى مستوى 50 جنيها للدولار الواحد قبل أن يرتفع بشكل طفيف إلى 48.4 جنيه، وهي الخطوة التي رافقت الإعلان عن استئناف البرنامج المعلق مع صندوق النقد الدولي منذ أكثر من عام وزيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار.

ومنذ ذلك الحين، تتدفق التمويلات الأجنبية على مصر، إذ أعلن البنك الدولي عن تمويل بقيمة 6 مليارات دولار ضمن برنامج مدته 3 سنوات. بينما تعهد الاتحاد الأوروبي بتمويلات بقيمة 7.4 مليار يورو (8 مليارات دولار) على مدار 4 سنوات، تشمل قروضا ومساعدات واستثمارات في قطاعات مختلفة.

وعلى خليفة كل ذلك، أعلن البنك المركزي، هذا الأسبوع، عن تراجع الدين الخارجي لمصر إلى مستوى 153.86 مليار دولار، وصعود احتياطي العملات الأجنبية في البلاد إلى 46.38 مليار دولار، الذي يغطي نحو 7.9 أشهر من قيمة الواردات السلعية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: مع صندوق النقد الدولی الدین الخارجی لمصر الاقتراض الخارجی ملیار دولار فی ملیارات دولار البنک المرکزی نهایة یونیو قیمة الجنیه البلاد إلى فی نهایة من عام

إقرأ أيضاً:

رئيس جمعية مسافرون للسياحة يضع مقترح بخطة عمل لاستثمار المتحف الكبير في تنشيط السياحة لمصر

 


قال الدكتور عاطف عبد اللطيف رئيس جمعية مسافرون للسياحة و السفر و نائب رئيس جمعية مستثمري مرسى علم عضو جمعية السياحة بجنوب سيناء انه بعد النجاح المبهر لافتتاح المتحف المصري الكبير بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي و مشاركة عدد من رؤساء الدول و الشخصيات العالمية ومتابعة العالم كله لأجواء الاحتفاء بافتتاح المتحف الكبير داخل القاعة الرئيسية بمنظمة اليونسكو في باريس لابد من استثمار هذا الحدث الهام و الاحتفالات الكبيرة للترويج بشكل أكبر ووضع خطط و رؤى تدعم جذب مزيد من السياحة لمصر .

ودعا د. عاطف عبد اللطيف إلى ضرورة وضع رؤية كاملة وشاملة لعام ٢٠٢٦ من الان يتم فيها استثمار الزخم الذي أحدثه افتتاح المتحف الكبير و احتفاء اليونسكو بهذا الحدث العظيم .

وحدد د . عاطف عبد اللطيف عددا من المحاور يجب التركيز عليها خلال الفترة المقبلة لاستثمار هذا الحدث المتميز وذلك من خلال إعداد افلام وثائقية عن مراحل ان شاء المتحف الكبير وكيف كان وماذا اصبح حاليا و اعداد مادة إعلامية و إعلانية عن فعاليات افتتاح المتحف الكبير و استخدامها في الحملات التسويقية بالبلاد المستهدف جلب سياحة منها وكذلك استخدامها في الترويج للمقصد السياحي المصري من خلال المشاركة المصرية في البورصات السياحية العالمية .

و اضاف انه يجب دعوة منظمي الرحلات السياحية العالمين لزيارة المتحف المصري الكبير ومنطقة الاهرامات و اطلاعهم على مقتنيات المتحف و برنامج الزيارة و التنسيق معهم في اعداد برامج سياحية تناسب السائح الأجنبي .

و اكد انه حتى يتم استثمار افتتاح المتحف المصري الكبير لابد من اعداد برامج سياحية مناسبة لكل الفئات السياحية و يمكن تعديل برامج السياحية الترفيهية لتشمل زيارة المتحف الكبير وقضاء ليلة بالقاهرة بسعر مخفض مع برنامج السياحة الشاطئية سواء إلى شرم الشيخ او الغردقة او مرسى علم وغيرها .

ونوه عاطف عبد اللطيف إلى ضرورة التنسيق بين وزارات السياحة والآثار و الطيران في زيادة عدد رحلات الطيران إلى الأسواق المستهدف جذب سياحة منها .
واضاف انه يجب العمل بشكل مستمر على تحسين تجربة السائح لمصر من خلال توفير عمالة مدربة و موهلة للتعامل مع السائح و التوسع في انشاء المطاعم السياحية التي تقدم مختلف الاكلات العالمية التي تتميز بها الدول ومنح تسهيلات في التراخيص و الاجراءات و الرسوم لهذه المطاعم بالمناطق السياحية .

وشدد على أهمية التوسع في انشاء الغرف الفندقية خاصة في منطقة غرب القاهرة و الجيزة و منطقة وسط البلد و القاهرة التاريخية لاستيعاب السياحة المرتقبة .

ودعا إلى رفع كفاءة أسطول النقل السياحي و اعادة تأهيله ومنح تمويلات من القطاع المصرفي بفائدة ميسرة لتطوير أسطول النقل السياحي وشركات النقل لتكون ملائمة للسائح .

واقترح اعداد تصور لإنتاج فيلم سينمائي يعبر عن حاضرة مصر وتاريخها في إطار فني و يتم تصويره داخل بعض المعالم السياحية كما يحدث في الهند و الصين و تركيا و غيرها من السينمات العالمية .

1000423831

مقالات مشابهة

  • أخبار التوك شو| رئيس الوزراء: نستهدف خفض الدين الخارجي من 1 إلى 2 مليار دولار كل عام.. أحمد موسى ينفعل بسبب بيان إثيوبيا: يعبر عن ميليشيات ولازم نرد عليه
  • البنك المركزي يكشف قيمة أقساط الدين الخارجي المتوسط وطويل الأجل خلال 2026
  • مدبولي: الدين الخارجي انخفض 4 مليارات دولار
  • مدبولي: خطة واضحة لخفض الاقتراض وتقليل الدين الخارجي
  • مدبولي: الدين الخارجي ارتفع بسبب حركة العملات الأجنبية أمام الدولار
  • رئيس الوزراء: نستهدف خفض الدين الخارجي من 1 إلى 2 مليار دولار
  • مدبولي: بعثة صندوق النقد في مصر لإجراء المراجعة الخامسة والسادسة
  • هل يطلب صندوق النقد الدولي تحريك أسعار الطاقة مجددا؟ خبير اقتصادي يجيب
  • رئيس جمعية مسافرون للسياحة يضع مقترح بخطة عمل لاستثمار المتحف الكبير في تنشيط السياحة لمصر
  • الشاهد: إصلاحات منظومة الإفراج الجمركي وفرت لمصر 2.1 مليار دولار