الحرة:
2025-10-14@01:37:29 GMT

العقوبات الأميركية.. سلاح عكسي في حروب المال

تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT

العقوبات الأميركية.. سلاح عكسي في حروب المال

منذ عقود تستخدم الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية كأداة رئيسية للسياسة الخارجية الأميركية، إذ أنها تفرض حاليا عقوبات تعادل ثلاثة أضعاف ما تفرضه أي هيئات دولية، ولكن الإفراط في استخدامها قد لا يأتي بالنتيجة المتوقعة منها.

ووفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، أصبحت هذه العقوبات "سلاحا عكسيا" في "حروب اقتصادية" دائمة، خاصة وأنها أضحت "أداة" للسياسة الخارجية ولا تستطيع الإدارة الأميركية "مقاومة" جاذبيتها في فرض العقوبات على دول وأفراد وشخصيات اعتبارية.

العقوبات الاقتصادية، أو ما وصفتها الصحيفة الأميركية بـ "حرب المال"، عادة ما تهدف إلى عزل دولة أو أفراد عن النظام المالي الغربي، ويمكنها أن تتسبب في "سحق صناعات وطنية، وتمحو الثروات الشخصية، وتخل بتوازن القوى السياسية"، وكل ذلك "من دون تعريض جندي أميركي واحد للخطر".

استمرار الضغط على الدولار مع تواصل العقوبات الدولية على نطاق واسع. أرشيفية

ولكن الإفراط في فرض العقوبات، يزيد المخاوف بشأن تأثيراتها، فقد ظهرت صناعات خاصة باقتصاد العقوبات، إذ تنفق حكومات أجنبية وشركات مبالغ باهظة لتحقيق نوع من التأثير، فيما قامت شركات قانونية وجماعات ضغط بإنشاء مسارات خاصة للاستفادة من خبراتهم.

وفي أماكن أخرى، دفعت العقوبات الأنظمة الاستبدادية إلى تجارة "السوق السوداء" للتحايل على العقوبات المالية، ومثل أي أعمال عسكرية، يمكن لهذه العقوبات أن تسفر عن أضرار جانبية.

ويعرض التقرير أمثلة لمواقف نجحت فيها العقوبات في تحقيق أهدافها، إذ ساعدت في وضع حد لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والإطاحة بالديكتاتور الصربي، سلوبودان ميلوشيفيتش.

كيف أنقذ "اقتصاد الزومبي" نظام الأسد؟ في تقرير موسع، سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الضوء عما أسمته "اقتصاد الزومبي" في سوريا القائم على تصنيع المخدرات برعاية النظام السوري والميليشيات الداعمة له.

ولكن في أمثلة أخرى قد لا تكون العقوبات قادرة على تحقيق أهدافها، إذ أن العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية منذ نحو نصف قرن لم تثنها عن حصولها على أسلحة وصواريخ عابرة للقارات، كما لم تستطع ردع النظام الاستبدادي في نيكاراغوا، لدانييل أورتيغا.

وحتى العقوبات التي فرضت على إيران لم توقف برامجها للتسلح النووي، ناهيك عن فرض عقوبات على روسيا منذ عامين، لكنها لم تردعها في حربها ضد أوكرانيا، وشهدنا ظهور ما يعرف بـ "الأسطول الشبح" أو "الأسطول المظلم" وهي ناقلات نفط تعمل بعيدا عن أعين الرصد الدولي وتتداول النفط من الدول المفروض عليها عقوبات وتنقله للمشترين.

وأخبر مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية، الرئيس جو بايدن أن "الإفراط في استخدام العقوبات يخاطر بجعل قيمة الأداة أقل قيمة"، بحسب الصحيفة.

ووفقا لتحليل نشرته واشنطن بوست، تفرض الولايات المتحدة عقوبات بوتيرة قياسية، إذ تخضع الآن أكثر من 60 في المئة من الدول منخفضة الدخل لشكل من أشكال العقوبات المالية.

العالم باستخدام الدولار يستخدم "لغة مشتركة". أرشيفية - تعبيرية

وتشير الصحيفة إلى أن العقوبات كأداة قوية للحرب الاقتصادية، يمكن أن يكون لها عواقب تلحق الضرر بالسكان المدنيين، وتقوض مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

ويهيمن الدولار "على النظام المالي العالمي والتجارة العالمية"، فيما يرجح استمرار احتفاظه بـ "الهيمنة كعملة للاحتياطي" الأجنبي في الدول المختلفة حول العالم، بحسب بيانات نشرتها دراسة لصندوق النقد الدولي.

وأشارت دراسة سابقة أعدها مركز الأبحاث التابع للكونغرس الأميركي إلى وجود تحديات لاستمرار هيمنة الدولار.

ومن أبرز هذه التحديات "العقوبات المالية الأميركية" والتي تستفيد الولايات المتحدة منها على الصعيد السياسي، ولكن الخزانة الأميركية حذرت في أوقات مختلفة من أن الاستخدام المكثف للعقوبات المالية قد يهدد الدور المركزي للدولار والنظام المالي الأميركي، إذ أنه يدفع بعض الدول للبحث عن أنظمة أخرى لتقليل اعتمادها على الدولار.

كيف يتحكم الدولار الأميركي بالنظام المالي العالمي؟ هل خطر ببالك أن تسأل ماذا تعني كلمة "دولار"؟ العملة الأشهر في العالم، حتى أن دراسة وصفتها بـ "اللغة المشتركة" في اقصاد العالم. 

مايكل هارتنت، محلل اقتصادي في "بنك أوف أميركا" قال في تحليل، في مارس من عام 2022، إن "استخدام الدولار كسلاح في حقبة جديدة من العقوبات ستؤدي إلى انخفاض الدولار الأميركي".

وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قالت، في أبريل من عام 2023، إن العقوبات الاقتصادية على روسيا خصوصا، تشكل "خطرا" على هيمنة الدولار، لكنها اعتبرت أنه من الصعب على الدول المعنية إيجاد بديل للعملة الأميركية.

خلال مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، قالت يلين ردا على سؤال بشأن استعمال الدولار سلاحا: "هناك مخاطرة مرتبطة بدور الدولار عند استخدامنا العقوبات المالية ... بأن تقوض على المدى الطويل هيمنة الدولار"، بحسب فرانس برس.

وأضافت "بالطبع، يخلق ذلك إرادة لدى الصين وروسيا وإيران لإيجاد بديل. لكن أسباب استخدام الدولار عملة عالمية تجعل من الصعب على الدول الأخرى إيجاد بديل بنفس الخصائص".

وتابعت وزيرة الخزانة الأميركية "لدينا أسواق رأسمالية وسيادة قانون قوية للغاية، وهما أمران أساسيان لعملة تستخدم عالميا في المعاملات. ولم نر أي دولة أخرى لديها... بنية تحتية مؤسسية تسمح لعملتها لتؤدي هذا الدور العالمي".

كما شددت  يلين على أن العقوبات الاقتصادية "أداة بالغة الأهمية" تستخدمها دول حليفة أيضا ضد روسيا ضمن "تحالف شركاء يعملون معا".

ورغم وجود نحو 180 عملة حول العالم، فإن عددا محدودا منها يتم استخدامه على نطاق واسع في التعاملات الدولية، التي يتربع على عرشها الدولار الأميركي، وبدرجة أقل عملات أخرى مثل اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني، وفق بيانات دولية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: العقوبات الاقتصادیة العقوبات المالیة النظام المالی على الدول

إقرأ أيضاً:

الصين تتحدى.. سلاح المعادن النادرة في مواجهة هيمنة الدولار

تتصاعد المواجهة التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم بوتيرة غير مسبوقة منذ عقد، إذ تبدو كل خطوة من واشنطن تقابلها بكين بخطوة مماثلة، في مشهد باتت ملامحه أشبه بمباراة شطرنج على مستوى الاقتصاد العالمي.

فمع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على جميع الواردات الصينية ابتداء من 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ردت الصين بإجراء مفاجئ شمل تشديد القيود على تصدير المعادن النادرة والمواد التي تحتوي حتى على "آثار ضئيلة" منها، في خطوة وصفتها وكالة بلومبيرغ بأنها "تحول إستراتيجي يعكس استعداد بكين لمجاراة واشنطن بأسلحتها التجارية نفسها".

مشهد متوتر ومترابط

ووفقا لتقرير وكالة بلومبيرغ، جاء هذا التصعيد بعد أسابيع من سلسلة قرارات أميركية هدفت إلى توسيع قيود تصدير الرقائق والبرمجيات العالية التقنية إلى الصين.

وردت بكين بتدابير تشمل منع الشركات في دول ثالثة من شحن أي منتجات تحتوي على عناصر أرضية نادرة مصدرها الصين من دون ترخيص مسبق.

الصادرات الصينية تحقق قفزة تاريخية رغم تصاعد الرسوم الأميركية (غيتي)

وترى بلومبيرغ أن هذه الخطوات "تعكس نهاية مرحلة ضبط النفس الصيني، وبداية انتهاج سياسة رد بالمثل على الطراز الأميركي".

في المقابل، أكدت مصادر من مورغان ستانلي ونومورا بنك للوكالة نفسها أن هذا التصعيد "لن يمنع على الأرجح انعقاد اللقاء المرتقب بين الرئيسين في كوريا الجنوبية" خلال قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (آبيك)، والمتوقع عقدها قبل انتهاء الهدنة الجمركية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني.

صادرات الصين تتحدى الرسوم الأميركية

ورغم التهديدات الأميركية، نشرت بلومبيرغ إيكونوميكس بيانات تُظهر أن الصادرات الصينية ارتفعت في سبتمبر/أيلول بنسبة 8.3% مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 328.6 مليار دولار -وهي أعلى قيمة شهرية منذ مطلع 2025- متجاوزة توقعات المحللين البالغة 6.6%.

إعلان

لكن الأهم هو التحول في هيكل التجارة الصينية، فبينما تراجعت الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 27%، قفزت الصادرات إلى الأسواق الأخرى بنسبة 14.8%، وهو ما وصفته بلومبيرغ بأنه "أسرع معدل نمو منذ مارس/آذار 2023".

وقالت ميشيل لام، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في سوسيتيه جنرال، إن "صادرات الصين ظلت متماسكة رغم الرسوم الأميركية بفضل تنويع الأسواق وقوة التنافسية الصناعية"، مضيفة أن "الحدود المحدودة لتأثير الرسوم حتى الآن شجعت بكين على اعتماد موقف أكثر تشددا في التفاوض".

خريطة جديدة للأسواق

وكشفت بيانات الجمارك الصينية أن الصادرات إلى أفريقيا ارتفعت بنسبة 56% في سبتمبر/أيلول، وهي الأعلى منذ فبراير/شباط 2021، في حين زادت الصادرات إلى أميركا اللاتينية بنسبة 15% بعد فترة تراجع، وارتفعت إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 14%، وهي الأكبر منذ أكثر من 3 سنوات.

الأرقام التجارية الأخيرة تمنح بكين موقعا تفاوضيا أقوى أمام واشنطن (غيتي)

كذلك قفزت الصادرات إلى فيتنام بنحو 25%، وذلك يجعلها -بحسب تحليل كابيتال إيكونوميكس الذي نقلته بلومبيرغ- "المحور الأبرز لإعادة توجيه البضائع الصينية نحو السوق الأميركية عبر دول وسيطة".

هذا الاتجاه -الذي تصفه بلومبيرغ بأنه "تكيف هيكلي في سلاسل التوريد"- يعكس انتقال الصين من الاعتماد على سوق واحدة إلى شبكة توزيع متعددة تتيح لها امتصاص آثار الرسوم والعقوبات.

المعادن النادرة ورقة ضغط مركزية

وفي قلب هذا الصراع، تبرز ورقة المعادن النادرة التي تسيطر الصين على 70% من إنتاجها العالمي وفقا لتقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية التي أوردتها بلومبيرغ.

وتُستخدم هذه المعادن في تصنيع الرقائق الدقيقة، والمغناطيسات العالية الأداء، والسيارات الكهربائية، والأنظمة العسكرية، مما يجعلها عنصرا إستراتيجيا في الاقتصاد الحديث.

وقالت بلومبيرغ إن الإجراءات الصينية الأخيرة "تعكس رغبة بكين في كسر احتكار واشنطن لمفهوم الهيمنة التكنولوجية، وتحويل المعادن النادرة إلى أداة نفوذ تعادل قوة الدولار الأميركي في السياسة الاقتصادية".

بكين ترغب في كسر احتكار واشنطن لمفهوم الهيمنة التكنولوجية، وتحويل المعادن النادرة إلى أداة نفوذ تعادل قوة الدولار الأميركي في السياسة الاقتصادية

واشنطن في مأزق داخلي

على الجانب الآخر، يواجه ترامب ضغوطا اقتصادية داخلية متزايدة مع اقتراب موسم التسوق الأميركي، إذ حذرت تقارير من احتمال "فراغ رفوف المتاجر خلال عطلة عيد الميلاد" بسبب اضطراب الإمدادات الصينية.

كما أشار خبراء إلى أن توقف الصين عن شراء فول الصويا الأميركي سيعمق الخسائر في الولايات الزراعية التي تشكل قاعدة انتخابية أساسية لترامب.

اعتماد واشنطن على واردات المعادن الحساسة يحد من قدرتها على التصعيد (رويترز)

وفي الوقت نفسه، قد يخسر الرئيس الأميركي ورقة الاتصال المباشر مع الشباب إذا فشلت صفقة تيك توك الجديدة التي سبق الاتفاق عليها لإبقاء التطبيق داخل السوق الأميركية.

ومع ذلك، نقلت بلومبيرغ عن مصادر في وزارة الخزانة أن الوزير سكوت بيسنت لا يزال "منفتحا على اتفاق تجاري مع الصين قبل نهاية الهدنة"، وأن جولة مفاوضات جديدة "قد تُعقد في فرانكفورت قبل 10 نوفمبر/تشرين الثاني".

من الحرب إلى إدارة التوازن

وبحسب بلومبيرغ إيكونوميكس، فإن الأداء القوي لصادرات الصين "يمنحها قدرة تفاوضية أعلى"، خاصة في ظل التباطؤ الداخلي وركود سوق العقارات، وهو ما قد يساعدها في بلوغ هدف النمو السنوي البالغ نحو 5%.

إعلان

ويرى لين سونغ، كبير الاقتصاديين في بنك آي إن جي، أن "الصين لا تسعى لحرب تجارية لكنها باتت مستعدة للرد حين تقتضي الضرورة"، مؤكدا أن "المرونة التي أظهرتها صادراتها خلال 2025 تدعم ثقتها في مواصلة النهج الحالي".

وفي خلاصة المشهد كما تصفها بلومبيرغ، فإن العالم يشهد أكبر اختبار لتوازن القوى الاقتصادية منذ الثمانينيات؛ ترامب يتحدث عن "الورقة الرابحة"، وشي جين بينغ يرد بلغة الأرقام والإنتاج.

وبينما تحاول واشنطن فرض ضغوط عبر الرسوم والتقييد، تعتمد بكين على سلاح الأسواق البديلة والمعادن الإستراتيجية. وفي كلتا الحالتين، تشير بلومبيرغ إلى أن "منسوب التصعيد بلغ مرحلة يصعب فيها العودة إلى الوضع الطبيعي"، وأن التجارة العالمية تتجه نحو نظام مزدوج الأقطاب، حيث لم يعد التفوق الأميركي مضمونا كما في السابق.

مقالات مشابهة

  • الصين تتحدى.. سلاح المعادن النادرة في مواجهة هيمنة الدولار
  • ترامب: أقول الآن اخمدنا 8 حروب بعد عودة المحتجزين الإسرائيليين
  • العقوبات الأميركية تهدد بخفض إنتاج الصين من النفط
  • قراءة في تأثيرات العقوبات الأميركية.. الاقتصاد العراقي ليس المتضرر الوحيد
  • التحذير من تداعيات العقوبات الأميركية على شركات عراقية
  • الحرب الاقتصادية الأميركية الصينية: من التعرفة الجمركية إلى معركة المعادن النادرة وانعكاساتها على الإقليم واليمن
  • العراق يعرب عن أسفه للعقوبات الأميركية على جهات مرتبطة بالحشد الشعبي ويشكّل لجنة لمراجعتها
  • بغداد تأسف للعقوبات الأميركية على شركة وأفراد عراقيين
  • كتائب حزب الله ترد على العقوبات الأميركية وتتوعد الاطار التنسيقي بـكشف المستور
  • وزير المالية: الإصلاحات الاقتصادية أصبحت محل اهتمام المستثمرين والمؤسسات الدولية