سويسرا ضوء جديد نحو نهج متكامل لوقف الحرب أولاً ثم إنهائها ثانياً
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
قرار الجيش مع الشعب ام الفلول؟
ياسر عرمان
تقول الحكمة الصينية (على الرجل الغاضب ان لا يشعل الحرب فان غضبه سيزول لكن الضحايا لا يعودون) ومعظم حروب العالم أعلنها الرجال وفي الغالب ان الحرب رجل والسلام إمرأة فطوبى للنساء ضحايا الحروب الأوائل.
منذ بداية حرب ١٥ أبريل ومن واقع تجربتنا الطويلة درجت على الكتابة في محاولة للوصول لفهم مشترك بين القوى الديمقراطية المنادى الأصيل لوقف الحرب وصاحبة المصلحة الحقيقية في السلام وبغرض إجلاء المفاهيم وتكوين المواقف المشتركة، فهنالك مرحلتين مترابطين في اطار عملية واحدة شاملة ونهج متكامل، الأولى هي وقف الحرب بالتزام اطرافها على مخاطبة الكارثة الانسانية ووقف الانتهاكات وحماية المدنيين برقابة على الأرض، والثانية هي انهاء الحرب بمخاطبة جذورها وتأسيس الدولة واكمال مهام الثورة، والمرحلتين مترابطتين كحزمة واحدة فالحرب فضاء مغلق ووقف الحرب يوفر فضاء مفتوح وصحي للعملية السياسية.
١/ يجب التأكيد ان سويسرا هي حصرياً منبر انساني وهو ما ورد بوضوح في بيان وزير الخارجية الامريكي الذي دعا لمرحلة جديدة للتفاوض في ١٤ أغسطس، وأطراف المنبر الانساني ليس من مهامهم رسم وتشكيل المنبر السياسي الذي يحدد مستقبل السودان، وان اردنا حلولاً مستدامة فعلينا ان نستمع لصوت الشعب وثورته التي طالبت بتأسيس الدولة وبناء جيش مهني ودولة ديمقراطية قائمة على المواطنة والحرية والسلام والعدالة وعدم مكافأة الفول على حربهم.
٢/ أهمية ما يحدث في سويسرا انه مدعوم من مجلس الامن في اتفاق نادر ومهم بين اعضائه والآن وجد دعم قوي من الولايات المتحدة الأمريكية ويمثل ذلك أهمية بالغة لقضية الحرب المنسية في السودان كما ان جيران السودان والاقليم ومنظماته تبدو اهتماماً متعاظماً بوقف الحرب.
٣/ الدعم السريع ابدا موافقته واستعداده وهو امر جيد ويستحق الترحيب.
٤/ الأوضاع الجيوسياسية في البحر الاحمر وما خلفه تشهد تطورات متسارعة والقوى الاقليمية والدولية تعلم ان السودان يربط بين (البحر والساحل والقرن) البحر الأحمر والساحل الأفريقي والقرن الافريقي وهذا دافع مهم للاهتمام بحرب السودان.
٥/ اجتماع جيبوتي هذا الأسبوع الذي يضم قوى اقليمية ودولية يزيد من الزخم غير المسبوق لمخاطبة الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين ووقف الحرب.
٦/ سويسرا هي جزء من اوربا مع ذلك فان تمثيل الاتحاد الأوربي كمراقب وبلدانه على مرمى حجر من حرب السودان والساحل والقرن الأفريقي مطلوب.
٧/ الجيش وقيادته تتعامل مع قضية استراتيجية والدعوة المقدمة لها لهذا الاجتماع تصب في دائرة حيوية وتحتاج لاعمال صوت العقل والحكمة وعدم الاستماع للفلول وأكاذيبهم سيما ان المؤتمر الوطني قد اعلن بلسانه تأييده لوقف الحرب على الرغم من انه لا يمتلك لسان يمسك به.
واخيراً فان الدعوة في حقيقتها تخدم الشعب واطراف النزاع وان استمرار الحرب سيمزق السودان ويزيد من تشريد اهله ويؤدي لانهيار الدولة، ومن اراد الحرب فانه يمكن ان يرجع اليها اما السلام فهو عملة نادرة ولنرجع البصر كرتين في الحروب التي من حولنا، ان شعبنا يستحق السلام ووقف الحرب حتى يعود النازحين لقراهم ومدنهم وتبدأ عملية سياسية ذات مصداقية لبناء نظام ودولة جديدة في فضاء مفتوح.
التطورات الجديدة والمتسارعة لتاخذ زخمها الحقيقي فان قضية وقف الحرب مجمع عليها بين قوى الثورة والراغبين في الحكم المدني الديمقراطي ويجب ان تكون اساس وحدتهم حتى يمكن الوصول إلى كتلة حرجة ذات رؤية شاملة وتأسس لنهج متكامل في إدارة عمليتي وقف وانهاء الحرب ولا مكافأة للفلول أو العودة لشراكة بائسة بل تأسيس الدولة واكمال الثورة وسلام مستدام.
والثورة ابقى من الحرب.
٢٤ يوليو ٢٠٢٤
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
واستعرض برنامج "سيناريوهات" التطورات الميدانية الأخيرة التي شهدت إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة بابنوسة الإستراتيجية وحقل هجليج النفطي، أهم وأكبر حقل نفطي في السودان.
بدوره، أعلن الجيش عن "انسحاب تكتيكي" بهدف حماية المنشآت النفطية الحيوية، في تطور يدخل الحرب مسارا تصعيديا ينذر بمرحلة أصعب.
وطرح البرنامج على ضيوفه تساؤلات جوهرية حول مستقبل السودان، ورأوا أن مستقبل السودان تحدده 3 سيناريوهات رئيسية:
استمرار حرب الاستنزاف لفترة طويلة على عدة جبهات رغم التكلفة البشرية والاقتصادية الباهظة. ترسيخ مناطق نفوذ يسيطر فيها كل طرف على مساحات شاسعة، مما يزيد احتمال تفكك البلاد. الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة وتفاقم الكارثة الإنسانية قد تجبر الأطراف على العودة إلى مفاوضات جادة والقبول بهدنة إنسانية على الأقل.وقد أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل نحو 150 ألف شخص، وفق تقارير الأمم المتحدة، بينما تجاوز عدد النازحين في الداخل والخارج 12 مليون سوداني.
وتفشت المجاعة في مناطق واسعة، خاصة في إقليم دارفور، مع وضع إنساني متدهور إلى مستويات غير مسبوقة.
وأشار الخبير الإستراتيجي والسياسي الدكتور أسامة عيدروس إلى أن الحدث الأكبر في التطورات الجارية هو سقوط مدينة الفاشر وما تلاها من مجازر وتصفيات عرقية.
ورأى عيدروس أن جغرافيا الحرب تظل كما هي دون تغيير كبير، مشيرا إلى أن الجيش يحتفظ بقوته النوعية من 25 فرقة، فقد منها 6 فرق كانت محاصرة، لكنه استطاع سحب قواته منها وإعادتها إلى الشمال.
السيطرة الجغرافية
وعلى صعيد توزيع السيطرة الجغرافية، أوضح رئيس تحرير صحيفة الوسط الدكتور فتحي أبو عمار من ميلانو أن 90% من كردفان -باستثناء عاصمة الإقليم الأبيض والدلنج وكادقلي- تحت سيطرة الدعم السريع، إضافة إلى الصحراء غرب دنقلا والدبة والمثلث والعوينات.
ومن جهة أخرى، شدد المتحدث باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة -المعروف باسم صمود- الدكتور بكري الجاك من كمبالا على عدم وجود صيغة معروفة للحسم العسكري.
وأكد رفض التحالف للحرب مبدئيا وأنه لا يرى فيها وسيلة لتحقيق أي حلول في البلاد، محذرا من أن انخراط القوى المدنية والسياسية في الحرب يجعل تقسيم البلاد أمرا يسيرا وسهلا.
وفي إطار البحث عن الحلول الممكنة، استعرض البرنامج المبادرات الرئيسية لإنهاء الحرب، بدءا من مبادرة جدة التي انطلقت في مايو/أيار 2023 برعاية سعودية وأميركية وأدت إلى توقيع إعلان جدة الإنساني الذي نص على حماية المدنيين والمرافق، لكن الطرفين لم يلتزما به.
ثم تلتها مبادرة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) التي بدأت في يوليو/تموز 2023 بدعم الاتحاد الأفريقي، لكنها واجهت تحديات بسبب رفض الحكومة السودانية رئاسة كينيا للجنة الرباعية متهمة الرئيس الكيني وليام روتو بالانحياز لقوات الدعم السريع.
ثم جاءت المبادرة الرباعية -التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات- كآخر المحاولات لإنهاء الصراع
ودعا بيان المجموعة الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي إلى هدنة إنسانية مدتها 3 أشهر لتوفير المساعدات العاجلة، يليها وقف دائم لإطلاق النار ثم عملية انتقال سلمي للسلطة تمتد لـ9 أشهر تفضي إلى حكومة مدنية مستقلة.
شروط المبادرةولإنجاح هذه المبادرة، شدد مستشار المبعوث الأميركي السابق إلى السودان الدكتور كاميرون هدسون على ضرورة قبولها من الطرفين بدون شروط لوقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي أكد صعوبة تحقيقه.
واتهم هدسون دولا إقليمية بالضلوع في تأجيج الأزمة في السودان، مما يحول دون نجاح المبادرة الرباعية، موضحا أن الدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع من دول إقليمية لا يمكن مقارنته بالدعم المحدود الذي يتلقاه الجيش السوداني من مصر أو السعودية أو قطر أو تركيا.
ويرى الجاك أن السيناريو المرجح ليس تقسيما إداريا منتظما كما حصل في ليبيا، بل تحول البلاد إلى كانتونات عسكرية تحكم بواسطة أمراء حرب يتقاسمون السلع ويسيطرون على بعض الموارد الاقتصادية، محذرا من استخدام عملات مختلفة وتوقف الخدمة المدنية والتعليم في مناطق واسعة.
وخلص عيدروس إلى أن السودان يقف على مفترق طرق خطير، حيث يتطلب إنهاء الحرب تضافر الجهود الدولية والإقليمية مع نهوض السودانيين أنفسهم لمقاومة العدوان ووقف النزيف، مع ضرورة ظهور طبقة سياسية جديدة ونخبة مستنيرة قادرة على تجاوز الصراع الصفري على السلطة وبناء مستقبل مستقر للبلاد.
Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 01:58 (توقيت مكة)آخر تحديث: 01:58 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ