كونى أحد المشتغلين بالقانون وممارسًا له عمليًا وقضائيًا وتشريعيًا، بات من واجبى ويتحتم علىَّ ضميريًا وإنسانيًا ان أتعرض بالنظر فى بعض الأمور التى تمثل انتهاكًا للحرية وتحتاج إلى تدخل فورى لابد منه، ويأتى على رأس هذه الأمور «الحبس الاحتياطي»، بداية أرى أن الحبس الاحتياطى هو أبغض الحلال عند القضاء، وعند كافة المشتغلين بالقانون بل وعند كافة الشرائع السماوية، كونه يتعارض مع الناموس الطبيعى للبشر التى خلقها المولى عز وجل أحرارًا، ولتعارضه الشديد مع المبدأ الدستورى العظيم والمستقر عليه فقها وقانونا أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته».
ولما كانت فلسفة القانون فى هذا الشأن وما ينطوى عليه الحبس الاحتياطى من سلب للحرية وإن كان له فى بعض القضايا مبرراته والتى على رأسها خشية هروب المتهم أو التأثير على الأدلة وسير التحقيقات وغيرها من المبررات المقبولة فى بعض الجرائم لكن لا يمكن بأى حال من الأحوال أن نتخذ هذه المبررات ذريعه للتعميم أو أنها قاعدة الأصل فيها الحبس والاستثناء هو إخلاء السبيل.
ولمن لا يعرف فإن الحبس الاحتياطى ليس بعقوبة ولكن تدبير احترازى أقره القانون لظروف معينه، وغل فيها يد السلطة القائمة على تطبيقة «نيابة كانت أم قضاء عن الإسهاب فيه حماية لحرية الأفراد أيا كانوا، لأن الأصل فى الإنسان الحرية، وتقييد الحرية هى لظرف استثنائى طارئ».
سأقولها بكل صراحة إن فتح مدد الحبس الاحتياطى وعدم وضع حد أقصى للحبس الاحتياطى فى الجرائم التى تتطلب العقوبة الإعدام أو المؤبد فى 2013، كان لظرف استثنائى تمر بة البلاد، من حرب على الإرهاب واضطرابات أمنية وغيرها من الأمور، والآن وقد استقرت الأمور، بات من الضرورى تعديل هذا القانون، الذى تغول على الحرية وأصبحنا نرى متهمين يقضون عددا كبيرا من السنين دون محاكمه أو إخلاء السبيل، لقد سبق وأن تفهمنا ظروف إصدار القانون، والآن وجب إعادة الشىء لأصله بعد أن انتفى مبرره تصحيحًا للأوضاع وحماية للحريات.
ثم إن سلب حرية المتهم المدة الزمنية اللازمة التى تطلبها مقتضيات التحقيق وفق الشروط والضوابط القانونية، وإن كان هدفه الحفاظ على سير التحقيقات لكن لا يمكن القبول بأى حال من الأحوال أن يصير عقوبة، فهذا لا تقبله ضمائرنا ولا ديننا ولا أخلاقياتنا.
طالعت تحركات وجلسات الحوار الوطنى بقيادة المحترم ضياء رشوان، والمستشار محمود فوزي، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، ووزير الشئون النيابية وأدركت أن هناك جدية لتصحيح الأوضاع بعقد جلستين الثلاثاء الماضى، واستمع ممثلو مجلس أمناء الحوار الوطنى والمقررين والحاضرون إلى كل وجهات النظر والوضع القانونى القائم حاليًا ومقترحات التطوير المختلفة واستعراض تجارب الدول الأخرى، والنظر فى البدائل الاحترازية الأخرى والتى منها على سبيل المثال الأسورة الإلكترونية التى أصبحت سائدة فى الغالبية العظمى من دول العالم ودون مصادرة لرأى أو حجر على فكرة.
ويتلقى مجلس الأمناء أوراق العمل والمقترحات المقدمة من المعنيين من القوى السياسية، وسيقوم بإجراء ما يلزم من مشاورات قبل صياغة ورفع تقرير التوصيات فى صورته النهائية إلى السيد رئيس الجمهورية.
وحسنا فعلت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب وما قرره رئيس البرلمان فى آخر جلسة، بضرورة اجتماع اللجنة خلال الإجازة البرلمانية لمناقشة تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وما تضمنه من تعديلات للحبس الاحتياطى، وتضمن مشروع القانون الذى أعدته اللجنة تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، ووضع حد أقصى لها، وتنظيم حالات التعويض عنه، تحقيقا للغاية من كونه تدبيرا احترازيا وليس عقوبة، فضلا عن إقرار بدائل للحبس الاحتياطى.
تحركات تعديل قانون الحبس الاحتياطى نأمل ان تنفذ على أرض الواقع قريبا فهناك العشرات المتضررين من قانون، أخذوا بمبدأ السيئة تعم، ولأن إقرار العدل من سنن الله فى الأرض فلا بد أن نتحرك جميعًا فالمسئولية على الجميع بدون استثناء، فى رفع الظلم وإقرار العدل.
ثم وزارة الداخلية وإن كانت قد أنجزت وقامت خلال الفترة الماضية، بعدد من منشآت ومراكز الإصلاح والتأهيل على أحدث المواصفات العالمية، إلا أن السجون المركزية فى الأقسام والتى يقبع فيها الأشخاص على ذمة الحبس الاحتياطى تكتظ بالبشر الذين يحتاجون إلى نظرة، لأن وجود كل هذه الأعداد الكبيرة داخل غرف صغيرة تعرض هؤلاء المواطنين للخطر الداهم ولأمراض معدية خطيرة، كيف يعقل أو يتصور غرفة مساحتها ٢٠ يوضع بها أكثر من خمسين مسحونًا وفى ظل هذه الظروف المناخية الصعبة، بالإضافة لما يمثله من عبء كبير على الداخلية، وهى تقوم بدور وطنى كبير، ولكن فى ظل إمكانات محدودة فى بعض الأقسام الصغيرة.
كلمة من واقع المسئولية الوطنية والإنسانية، أقولها لعلها تجد آذان صاغية، لا أحد يزايد على وطنية أحد، جميعًا فى مركب واحد هدفنا الوصول بالوطن إلى بر الأمان، ولن تصل إلا بإقرار العدالة، ليسود العدل، كما أراده الله على أرضه.
وللحديث بقية ما دام فى العمر بقية
المحامى بالنقض
عضو مجلس الشيوخ
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عضو مجلس الشيوخ كلمة حق طارق عبدالعزيز الحبس الاحتیاطى فى بعض
إقرأ أيضاً:
مها الصغير تواجه الحبس والغرامة في هذه الحالة
جاء تصدر اسم الفنانة التشكيلية ليز لاش نيلسون، من دولة الدنمارك، مواقع التواصل الاجتماعي، بعد اتهامها لـ الإعلامية مها الصغير بنسب إحدى اللوحات التي تمتلكها لنفسها، وعرضها ببرنامج «معكم»”، تقديم الإعلامية منى الشاذلي، ليثير التساؤل حول العقوبة القانونية في حالة إقامة الفنانة دعوى قضائية ضد الإعلامية مها الصغير.
وطبقا لقانون حماية الملكية الفكرية، فإن نشرها مصنف «لوحة» محمي طبقًا لأحكام هذا القانون عبر أجهزة الحاسب الآلي أو شبكات الإنترنت أو شبكات المعلومات أو شبكات الاتصالات أو غيرها من الوسائل بدون إذن كتابي مسبق من المؤلف أو صاحب الحق المجاور، وكذلك الاعتداء على أي حق أدبى أو مالي من حقوق المؤلف أو من الحقوق المجاورة المنصوص عليها في هذا القانون، يعاقب عليه بالحبس والغرامة طبقا للمادة 181 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تجاوز 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وكتبت ليزا لاش نيلسون، عبر حسابها الرسمي على «انستجرام»: «إنه لأمر رائع أن ترى عملك على الشاشة الكبيرة في برنامج تلفزيوني في مصر- بلد يبلغ عدد سكانها 140 مليون نسمة- وسيكون أكثر تأثيرًا إذا ذكر اسمك بالفعل، لكن مها الصغير المذيعة والمصممة المشهورة نسيت تذكره، وبدلًا من ذلك تدعي أنها رسمت اللوحة.. صنع لنفسي بعض الأجنحة «التي رسمهتا أنا في عام 2019- بما في ذلك أعمال 3 فنانين آخرين في برنامج منى الشاذلي الحواري، نسخ أعمال الآخرين هو شيء واحد، ولكن التقطت صورة للوحة الفعلية، التي صنعها شخص آخر، وأخذ الملكية العامة لها.. هذا جديد بالنسبة لي».
وأضافت: «مع ذلك اخترت أن أعتبرها مجاملة كبيرة أن مها الصغير تحب عملي جدًا، لدرجة أنها تريد فعلًا ارتكاب جريمة وفقًا للقانون المصري والدولي واتفاقية برن باستخدامها في الترويج لنفسها، لكن بما أن مها والأشخاص في القناة التلفزيونية يرفضون الرد على محاولاتي للاتصال بهم، حتى أتمكن من إبداء تقديري لهم، فسأغتنم هذه الفرصة لإعادة نشر اللوحة التي رأيتها عدة مرات على وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم كـ رمز الكفاح من أجل الحرية في جميع أنحاء العالم ..أنا فخور به حقا».
واختتمت: «دعونا نقول بصوت عال: ليس من الجيد أن تأخذ العمل، وأن الآخرين عملوا بجد لإنشائه، واستخدامه للترويج أو كسب المال لنفسك دون دفع أو حتى تسجيل الفضل للمالك الأصلي، إنه ليس فقط انتهاكا للقانون ولكن أيضًا الشخص الذي وضع روحه ووقته في العمل، في نفس الوقت أود أن أذكر أنني أعطيت بوبي سبارو الإذن لاستخدام الصورة كغطاء لكتابها ببساطة لأن بوبي شخص جميل وطلبت مني بلطف».