29 يوليو، 2024

بغداد/المسلة: تشهد الأسواق العراقية في الفترة الأخيرة أزمة حادة في توفير الدولار، مما أثر بشكل كبير على حياة المواطن العراقي العادي، وأدى إلى تفاقم الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها يومياً. تأتي هذه الأزمة نتيجة لعدة عوامل معقدة تشمل الفساد، الاحتكار، والسياسات النقدية غير الفعالة.

وقال المحلل الاقتصادي منار العبيدي: “إحدى المصارف التي كانت تعتبر من أكبر حيتان شراء العملة الأجنبية عبر نافذة البنك المركزي اشترت على مدار خمس سنوات (2018-2022) ما يعادل 14.

7 مليار دولار، وحققت إيراداً قيمته 84 مليار دينار.”

ويضيف العبيدي: “إحدى المصارف الأهلية اشترت في 2023 فقط عبر منصة التحويلات المالية 10.8 مليار دولار، وحققت إيرادات بلغت 343 مليار دينار عراقي.”

الفساد والاحتكار

تعتبر هذه الأرقام دليلاً واضحاً على الاحتكار والتلاعب في السوق. تعتمد هذه البنوك على نفوذها وعلاقاتها للحصول على الدولار بأسعار منخفضة من البنك المركزي، ثم تبيعه بأسعار أعلى في السوق السوداء. هذا التلاعب يزيد من صعوبة حصول المواطن العادي على الدولار، ويرفع من تكاليف السلع المستوردة، مما يثقل كاهل الأسر العراقية.

ومنذ عام 2003، وبعد سقوط نظام صدام حسين، واجه الاقتصاد العراقي تحديات جسيمة في بناء نظام مالي مستقر. رغم الجهود المبذولة لإعادة الإعمار وإصلاح النظام الاقتصادي، إلا أن العراق لا يزال يعاني من اضطرابات سياسية وأمنية مستمرة تعيق التنمية الاقتصادية. يعد الدولار الأمريكي عملة حيوية في السوق العراقية، حيث يعتمد عليها المواطنون والتجار في التعاملات اليومية والاستيراد.

الفساد والاحتكار

أحد أبرز أسباب الأزمة الحالية هو الفساد المستشري في مؤسسات الدولة المالية، حيث تتورط شبكات من المسؤولين والتجار في عمليات احتكار الدولار. تُستغل العلاقات والنفوذ للحصول على الدولار بأسعار منخفضة من البنك المركزي، ثم يُباع بأسعار أعلى في السوق السوداء، مما يفاقم أزمة المواطن العادي.

السياسات النقدية

السياسات النقدية غير الفعالة والمتذبذبة ساهمت أيضًا في خلق هذه الأزمة. ويتعرض البنك المركزي لضغوط سياسية تجعل من الصعب اتخاذ قرارات فعالة ومستدامة. بالإضافة إلى ذلك، نقص التنسيق بين الجهات المعنية، مثل وزارة المالية والبنك المركزي، يؤدي إلى تضارب في السياسات وإجراءات غير مجدية.

والوضع الأمني غير المستقر في العراق يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد. الأعمال الإرهابية والنزاعات الداخلية تجعل من الصعب جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، مما يؤدي إلى شح الدولار في السوق.

معاناة المواطن العراقي

المواطن العراقي هو الضحية الأولى لهذه الأزمة. مع ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، ترتفع أسعار السلع الأساسية والمستوردة، مما يزيد من تكلفة المعيشة. يعاني المواطن من تآكل قدرته الشرائية، ويجد نفسه عاجزاً عن تأمين الاحتياجات الأساسية لعائلته.

يقول علي، موظف حكومي في بغداد: “أصبح الحصول على الدولار كابوساً يومياً، نضطر للوقوف في طوابير طويلة أمام مكاتب الصرافة، وأحياناً نعود خالي الوفاض.”

وتضيف فاطمة، صاحبة متجر صغير: “أسعار البضائع المستوردة تضاعفت، ولم نعد نستطيع توفير كل شيء للزبائن، نحن نفقد عملاءنا يومياً بسبب ارتفاع الأسعار.”

ولا يقتصر تأثير أزمة الدولار على الاقتصاد فحسب، بل يمتد ليشمل الجانب الاجتماعي أيضاً. تزايد معدلات البطالة والفقر نتيجة لارتفاع الأسعار وضعف القوة الشرائية، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي. الشباب العراقي، الذي يشكل نسبة كبيرة من السكان، يجد نفسه أمام مستقبل مظلم مع قلة فرص العمل وانعدام الأمل في تحسن الأوضاع.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: البنک المرکزی على الدولار فی السوق

إقرأ أيضاً:

المركزي يطالب مصرف الواحة بإلغاء قرار تعيين مدير عام

أصدر مصرف ليبيا المركزي مراسلة رسمية يطالب فيها مصرف الواحة بإلغاء قرار مجلس إدارته رقم (18) لسنة 2025، بشأن تكليف السيد محمد إبراهيم قشاش بمهام مدير عام المصرف.

وأشار المركزي في خطابه، الموقّع من قبل عبد المجيد محمد الماقوري، مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد، إلى ضرورة تسوية أوضاع المصرف وتكليف مدير عام دائم مع الالتزام بالاشتراطات والمتطلبات المحددة لشغل هذا المنصب.

ويأتي هذا الإجراء عقب مراجعة محضر الاجتماع الخامس لمجلس إدارة مصرف الواحة المنعقد بتاريخ 15 يوليو 2025، والقرارات الصادرة عنه، والتي تم إحالتها إلى المركزي بتاريخ 23 يوليو الجاري.

وقد تم تعميم نسخة من الخطاب إلى الجهات ذات العلاقة داخل مصرف ليبيا المركزي، من بينها إدارة الشؤون القانونية، وإدارات الرقابة في كل من طرابلس وبنغازي، لمتابعة تنفيذ التوجيهات.

آخر تحديث: 28 يوليو 2025 - 14:05

مقالات مشابهة

  • 11.9 مليار ريال تسوق أسبوع
  • ربط الديون بالذهب خطة ستيف فوربس لكبح سلطة المركزي الأميركي
  • المارديني لـ سانا: تُقدّر قيمة سوق الإعلانات في المطارات العالمية بنحو 4.24 مليارات دولار في عام 2024، وتسعى فليك إلى إدماج مطارات سوريا في هذا السوق، من خلال تقديم حلول إعلانية حديثة تواكب المعايير الدولية
  • المركزي العراقي: انخفاض الإنفاق العام واستقرار الدين الداخلي
  • مديونية الأفراد ترتفع إلى 14 مليار دينار بنهاية 2024
  • ارتفاع طفيف بأسعار الدولار في بغداد واربيل
  • حرائق الغابات والعواصف والزلازل تكبد العالم أضرارا بقيمة 131 مليار دولار خلال نصف 2025
  • أسواق الأسهم المحلية تستقطب 2.16 مليار درهم سيولة
  • «المركزي» يسحب 154 مليار جنيه فائض سيولة من البنوك في مصر
  • المركزي يطالب مصرف الواحة بإلغاء قرار تعيين مدير عام