قال الدكتور رضوان السيد، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة محمد بن زايد بالإمارات، خلال كلمته في الجلسة العلمية الثانية بالمؤتمر العالمي التاسع للإفتاء، عن المعايير الحاكمة لتفعيل الأخلاقيات الإسلامية في الفتوى والإفتاء"،إن هناك عدة استنتاجات مهمة تتعلق بهذا الموضوع. 

رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر الإفتاء يُعقد في أجواء عالمية مشحونة بالتوتر انطلاق فعاليات مؤتمر الإفتاء العالمي التاسع "الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع"

وقال إن الفقهاء اليوم يجب أن يتبنوا مصطلح الكلي الفلسفي للتعبير عن اليقيني أو الضروري، مشيرًا إلى أن القرآن والفقهاء قد حولوا مصطلح المقاصدي إلى الأخلاقي، مما يوجب التعامل معه بوصفه تكليفًا.


وأضاف الدكتور رضوان السيد أن الضروري التأسيسي قد لا يوجد في الواقع، بل توجد مقتضياته ولواحقه التي يعمل عليها الفقيه. وأشار إلى أن المعايير الحاكمة المترتبة على الضروري المقاصدي تعمل في اللواحق وفي الحاجي والتحسيني. 

كما أكد أن المتغيرات الكبيرة تفرض على الفقيه والمفتي تبنِّي كليين جديدين: كلي الزمان، وكلي الأخلاقيات الجديدة في الموازنة بين الفضائل والمصالح، مما يستلزم التجدد والاستعداد الدائم للتأهيل.
وفي حديثه عن كيفية دراسة الشيخ العلامة أبو زهرة والشيخ محمد عبد الله دراز لمادة أصول الفقه في الأزهر عام 1967، أشار الدكتور السيد إلى أن العلامة الشيخ محمد أبو زهرة كان يدرس مادة أصول الفقه في كلية أصول الدين بالأزهر، وكان ما يزال مترددًا بشأن مقاصد الشريعة وكلياتها الخمس وهل هي بمثابة فلسفة للشريعة أم قسم من أصول الفقه وذات وظيفة تشريعية.


وتابع أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة محمد بن زايد قائلًا: "في معرض حديثه عن النشرة الأولى بتونس لكتاب الموافقات للشاطبي عام 1884، قال العلامة أبو زهرة إن الإمام محمد عبده حمل تلك النشرة من تونس وعهد بها لاحقًا لتلميذه الشيخ عبد الله دراز الذي بحث عن أصول مخطوطة للكتاب بمصر وأعاد نشره عام 1911 بعد وفاة الإمام عام 1905."


واختتم الدكتور رضوان السيد كلمته بالإجابة على سؤال هام حول تأخر الدارسين المسلمين الحديثين في رؤية الأبعاد الأخلاقية للقرآن والسنة، قائلًا: "أرى أن ذلك يعود لسببين؛ الأول أنهم أرادوا عدم التشبه بالحداثة العلمانية التي ظهرت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والثاني أنهم فضلوا التركيز على المغزى القانوني للشريعة وليس على المغزى الأخلاقي الاختياري، ولذلك تحدثوا كثيرًا عن تطبيق الشريعة إلزامًا وما اعتبروا الحديث عن أخلاقيات القرآن والإسلام كافيًا."


وأشار إلى أن المعايير الحاكمة للفتوى تتطلب اعتبارات نقدية للسياق والاجتهاد التأويلي، مما يفرض على الفقيه والمفتي أن يكونا دائمًا على استعداد للتجدد والتأهيل، مضيفًا أن الفتوى تُمارَس اليوم في ظلِّ الدولة الوطنية وليس بالتوازي معها أو في مواجهتها، مما يفرض على العلماء التفكير النقدي والتأمل في السياق المعاصر للفتوى.

يشهد المؤتمر على مدار يومَي 29 و30 يوليو العديدَ من الفعاليات المهمة، حيث ستنطلق الفعاليات في التاسعة صباحًا وستشهد الجلسة الافتتاحية عرضًا لفيلم تسجيلي حول الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وأهداف المؤتمر والتحديات التي تواجهها الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع.

كما تشهد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كلمة دولة رئيس الوزراء، والتي سيلقيها معالي الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، فيما سيلقي كلمة الأزهر الشريف فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف.
كما سيلقي كلمـة "القدس" سماحة الشيخ محمد حسين، مفتي القدس، ويلقي كلمة منظمـة التعـاون الإسلامي معالـي الدكتـور قطـب سـانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، ويلقي معالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن الزيد -رئيس المجمع الفقهي ونائب الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي- كلمة عن الرابطة، بينما يتسلَّم الشيخ حسين كافازوفيتش، مفتي البوسنة، جائزة القرافي.

ويعدُّ المؤتمر منصةً هامة لمناقشة دَور الفتوى في تعزيز الأخلاق والقيم الإنسانية في عالم يزداد تسارعًا، حيث يهدُف إلى تعزيز الوعي بأهمية الفتوى الرشيدة في ترسيخ الأخلاق والقيم الإنسانية، ومناقشة دَور الفتوى في مواجهة تحديات العصر الحديث، إضافة إلى تعزيز التعاون بين مؤسسات الفتوى والمنظمات الدولية والإقليمية، ومحاولة الخروج بتوصياتٍ عمليةٍ لتعزيز البناء الأخلاقي في المجتمعات.

ومن المنتظر أن يتمَّ الإعلان عن إطلاق عدد من المشروعات والمبادرات المهمة، من بينها: بلوغ المَعلمة المصرية للعلوم الإفتائية 102 مجلد، وإصدار الميثاق العالمي للقيادات الإفتائية والدينية في صُنع السلام ومكافحة خطاب الكراهية وحل النزاعات، والإعلان عن أدلة إرشادية باللغات المختلفة في مجالات عدة، والموسوعة العلمية للتدين الصحيح والتدين المغشوش، وأهم الدراسات التي قام بها المؤشر العالمي للفتوى، ومركز سلام لدراسات التطرف ومواجهة الإسلاموفوبيا وأهم مخرجاته، وإصدارات مجلات "جسور" و"دعم" ومجلة الأمانة، وغيرها من المشروعات المهمة.
كما ستعقد جلسة في ختام المؤتمر تُستعرَض فيها رسالة المؤتمر وأهدافه وما تم خلال فترته من جلسات وورش عمل، وعرض توصيات المؤتمر التي يكون المجلس التنفيذي للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم قد ناقشها وأقرَّها في اجتماعه بأول يوم من أيام المؤتمر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مركز سلام لدراسات التطرف اللغات المختلفة لخر المشروعات والمبادرات كلي ا عالمي ا مركز سلام لمجتمع المؤتمر العالمي التاسع المؤتمر العالمي التاسع للإفتا تحدث الفتوى والبناء الأخلاقي في عالم متسارع إلى أن

إقرأ أيضاً:

"منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (3-4)

 د. سالم بن محمد عمر العجيلي **

استكمالًا لما ذكرناه في الحلقة الماضية من هذا المقال، نؤكد أن لكل مؤسسة عملاء، وهُم: العملاء الداخليين الذين ينتمون للمؤسسة، من الموظفين العاملين والمساهمين بها، والعملاء الخارجيين من خارج المؤسسة، ليس لهم صلة بها سوى أنهم يتعاملون معها، فكثيرًا ما نجد من يهتم بالعميل الخارجي فقط، وينسى العميل الداخلي الذي يعتبر أهم منه، فالعميل الداخلي هو الذي يؤتمن ويتكل عليه لتحقيق النجاحات للمؤسسة، ويقوم للتسويق لها كالخارجي تمامًا، بل أنه يتعدى بولائه لمؤسسته عن العميل الخارجي.

وكل ما قيل يدخل في علم الجودة؛ فالجودة تعمل في الخلفية كالجاذبية، تجذبك نحو بعض المنتجات والخدمات دون إدراك السبب، وتشدك لتجربة الأفضل دون أن تراها مباشرة، وعندما تكون الجودة حقيقية لا تحتاج إلى إعلان العملاء بها فهم الذين يسوقون لها.

والدين الإسلامي الحنيف هو دين النظام بكل تفاصيله، فبدأ من قدرة الله عزوجل جلت قدرته في خلق الكون، خلق سبع سماوات طباقا طبقة فوق طبقة، فوق بعضهن البعض وسبع أرضين مثلهن، وصولًا للصلاة التي جعلها الله عزوجل جل جلاله منظمة في كل شيء، ومنها تنظيم الصفوف في الصلاة التي يجب أن تكون مرتبه، الأول فالأول تباعًا نبدأ بالصف الأول فالذي يليه، فديننا وجد منظمًا زاهيًا وسيبقى خالدًا بأذن الله إلى يوم الدين.

ومع التغير السريع في بيئة الأعمال، الذي أصبح هاجسًا لدى قادة المؤسسات، وفي ظل التحديات المتزايدة في بيئة الأعمال الحديثة، والثروة العلمية والمعرفية الهائلة التي يمتلكها العالم المتقدم، التي مكنته من تحقيق التقدم والرفاه الاجتماعي والرقي الحضاري، كانت سلطنة عمان دائمًا وأبدًا سباقه وبتوازن في كافة الميادين والمجالات، مصممة على النهوض والتطور في نهضه مستمرة، مسايرة للمنافسة العالمية المتقدمة، ولهذا فقد وضع وأسس السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بنظرته الثاقبة خارطة الطريق للرؤية المستقبلية للسلطنة قبل وفاته، التي قام بالشروع بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والبدء بتنفيذها في هذا العهد المتجدد، وما بين الرؤية والتنفيذ كان من بين تلك المؤسسات المختصة، التي وضعت وزارة العمل خططها توافقًا مع الرؤية الشاملة "عُمان 2040"، والتي كان من ضمن خطط تطويرها تطبيق برنامج "منظومة إجادة"، الذي تسارعت الخطى للبدء بها، وبالتأكيد إن لكل تجربة عمل جديد من إيجابيات وسلبيات، وعملية تقييم الأداء تمثل أحد هذه العمليات الجوهرية، التي تتبعها إدارة الموارد البشرية في المنظمات بمختلف مستوياتها، وتساهم في تحديد نقاط القوة والضعف للموظفين في عملها، وتهدف لتحسين أدائهم وزيادة رضاهم فهم شرايين المؤسسة المحورية، لأنهم يمثلون قوة العمل التي تحقق الأهداف المشتركة، والوصول لأهداف المنظمة لتساعد على تقييم التقدم والتأخر، في تحقيق الأهداف صعودًا وهبوطًا للمؤشر كالمد والجزر.

وبتصاعد تجربة وتيرة هذا العمل لفت نظرنا تساؤلات الموظفين، في مختلف المؤسسات بأن المنظومة تخلق جوًا من الجلبة وخيبة الأمل، فهل تمت دراسته على المجتمع والموظفين بدقه، ومن الذي أدرجها فيها وما الهدف منها، وهذا التقييم يثير العديد من الأسئلة وبحاجه لإجابات واضحة، نقوم بتحليلها ودراستها وتقييمها بشكل جيد، ومن الجودة ضرورة الضبط والمراجعة والتحسين لعمليات المنظمة، لا أن تكون عشوائية فالنجاح كما نعلم له خطوات. وبضبط عملية الجودة يمكن مراقبة الأعمال وتحقيق أهدافها المنشودة، ومع هذا وذاك ولما ننظر لأي عمل يجب أن نرى مدى تقدمه وندرسه باستفاضة، ولا نستعجل ونجامل فيه خصوصًا إن كان طور البناء والتجربة، ما سيؤدي لفشل وعدم نجاح أي عمل أو مشروع كان.

إن هناك تحديات تواجه الموظفين رغم مضي زمن عليها لتطبيق المنظومة، منها: عدم وضوح الخطط والرؤية والأهداف لبعض المؤسسات، التي ربما تعدتها بوضع أهدافها عبر الإدارة العليا لكل إدارة ومؤسسة، وصياغة الأهداف ووضع نتائجها بشكل صحيح مبنية على اجتهاد الموظفين، والتخوف من وضع الأهداف وصعوبة تحقيقها، وافتقارها لمؤشرات قياس واقعية لتقييم الأهداف وآلية اعتمادها، نستطيع من خلالها قياس أداء كل موظف بثقة ودون كسب رضا أو ميل لمسؤول، والابتعاد والتخوف والاستياء والسلبيات حول المنظومة، وتقسيم الموظفين في مواقع لا تناسب خبراتهم ومهاراتهم ومؤهلاتهم العلمية والعملية، وعدم فهم النظام من قبل الموظفين والمسؤولين، وفقدان المنهجية العملية لتقييم الأداء للمسؤولين، للتكيف مع التحولات الحديثة للمؤسسات، وعدم تقبل التغيير والعوامل السلبية بين الموظفين، وتداول الأفكار غير الدقيقة عن النظام، والشعور بالملل والجمود في تطور المؤسسات، لافتقادها للقيادات المبادرة المميزة التي تعمل على تعزيز قدراتها والابتكار.

ولو نظرنا لأسباب القلق والتذمر والانتقادات والمعارضة للموظفين، من التطبيق الفعلي "لمنظومة إجادة"، لحصرناه في: عدم الثقة بين الموظفين والمسؤولين، للميول للمصالح الشخصية والابتعاد عن أهداف المؤسسة، وربط الترقيات والمخصصات المالية والمكافآت بمستويات أداء الموظفين، وعدم الأخذ في الاعتبار توافق الأداء الفعلي مع الجهد المبذول لهم في مؤسساتهم، وعدم وجود معايير عملية للعدالة والنزاهة وعدم التحيز، تساعد المسؤولين للتقييم ومن يستحق التقدير والتكريم منهم، والعبء عليهم والجهات المكلفة بالترشيح والتقييم للفئات المستحقة للتفوق دون غيرهم، وافتقادها منذ البداية لآلية التظلم والضبابية وعدم الدقة والكشف والنشر في المؤسسات للجميع، لمراحل التخطيط لعملية التطبيق من التجربة إلى التنفيذ، ومواعيد التقييم ونوعية التكريم ومستحقيها، فطريقة التقييم تساعد على انخفاض المعنويات وعدم الرضا، وتؤثر على قدرات وطاقات الموظفين لأنها لا تعكس حقيقة واقع إنجازاتهم.

** خبير الجودة والتميز المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي

 

مقالات مشابهة

  • "منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (3-4)
  • مفتي الجمهورية ينعى الدكتور محمد عبد الحليم الباحث بمرصد الأزهر
  • الشارقة تستضيف "الكونغرس العالمي للاحتواء الشامل" لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
  • إصدار علمي جديد للأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة
  • مات غدرا.. مرصد الأزهر ينعى الدكتور محمد عبد الحليم الباحث بوحدة الدراسات
  • وفاة الدكتور عبد الحميد الشيخ عضو مجلس النواب السابق بالمنوفية
  • صوفان: هذه الإجراءات ليست بديلاً عن العدالة الانتقالية والتي بدأت بالفعل، وهذه مهمة اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية التي شكلت بمرسوم رئاسي
  • عضو لجنة السلم الأهلي السيد حسن صوفان خلال المؤتمر الصحفي المنعقد في وزارة الإعلام بدمشق: الضباط الذين تم إطلاق سراحهم “ضباط عاملون” منذ عام 2021 وسلّموا أنفسهم طوعاً على الحدود العراقية ومنطقة السخنة ضمن ما يعرف بحالة “الاستئمان”
  • بدء المؤتمر الصحفي لعضو اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي السيد حسن صوفان، للحديث عن التطورات الأخيرة المتعلقة بعمل اللجنة
  • لن أتمرد أبدا.. محمد السيد يحتفل بأول ألقابه مع الزمالك