قوارب ذكية ذاتية القيادة، لها أشكال وأحجام مختلفة، وتستخدم في عدة مهام مثل المراقبة البيئية، كما تستخدم لأغراض عسكرية.

صورت عدة قوارب مسيرة إبان الحرب الروسية على أوكرانيا، منها واحد قيل إن المياه جرفته إلى شواطئ شبه جزيرة القرم، التي تسيطر عليها روسيا، ومنذ ذلك الوقت بدأ الاهتمام بها يتزايد، واعتُبرت "أداة حيوية" لأوكرانيا في حربها مع روسيا.

زوارق حديثة

والزوارق المسيرة هي نوع حديث من السفن البحرية، يعمل على سطح الماء أو تحته، وهي شبه مستقلة عن القيادة الفعلية من البشر، وتعمل بأجهزة استشعار وأنظمة حاسوب متقدمة يمكن برمجتها للتنقل لمسافات شاسعة، وتجنب العقبات في البحار.

ويعرف هذا النوع من السفن الحديثة بعدة أسماء منها الزوارق المسيرة، ويعرف كذلك بـ"القوارب بدون قائد"، أو "السفن السطحية غير المأهولة".

وتستخدم لأغراض مدنية تجارية، وأغراض عسكرية مثل إزالة الألغام والمراقبة، وتنفيذ تفجيرات قرب أهداف العدو.

ومنذ ظهورها، مثلت الزوارق المسيرة حقبة جديدة للحرب البحرية، خاصة بين روسيا وأوكرانيا، كونها منخفضة التكلفة، وشكلت خطرا متزايدا على روسيا.

ويصعب اكتشاف الزوارق المسيرة عبر الرادارات مقارنة بالسفن البحرية، لحركتها القريبة وارتفاعها المنخفض، وضوضائها القليلة.

وتقول أستاذة المعهد النرويجي للدراسات الدفاعية كاتارزينا زيسك: "في حين أن أوكرانيا ليست لديها قوة بحرية كبيرة، إلا أن زوارقها البحرية المسيرة منعت روسيا من السيطرة الكاملة على البحر الأسود".

ونال هذا النوع من الزوارق اهتماما كبيرا في الولايات المتحدة الأميركية، كونها أحدث أجندة إستراتيجية للبحرية الأميركية.

وفي عام 2022، تلقى السرب التابع للبحرية الأميركية نماذج أولية للزوارق المسيرة، وفي تلك الأثناء كانت تختبر سفن صغيرة تبدو كالزوارق المسيرة أيضا في الخليج العربي.

ميزات الصنع وآلية العمل

يبلغ طول الزوارق المسيرة المصنوعة في أوكرانيا نحو ٥ أمتار، ووزنها ألف كلغ، وحمولتها من المتفجرات تبلغ 300 كلغ، وقد تبحر إلى مدى يصل 800 كلم.

وتبلغ سرعتها القصوى 80 كيلومترا في الساعة، وتتجاوز كل المركبات البحرية في البحر الأسود، ويمكن لهذه الزوارق الهجوم وتنفيذ عمليات أخرى مثل المراقبة والاستطلاع.

ومن ميزات الزوارق المسيرة عملها في حمل المتفجرات المدمجة، واحتواؤها على كاميرات يمكن التحكم بها عن بعد، وقدرتها على تنفيذ الأدوار الهجومية والدفاعية.

وعادة ما تعمل الزوارق المسيرة عن بعد، وتكون مبرمجة ومحددة الهدف قبل إطلاقها، وعرضت كواحدة من أحدث الإضافات للصناعات الحربية في معرض للصناعات العسكرية في إسطنبول.

ويمكن للزوارق المسيرة مشاركة البيانات وبث فيديوهات لاستشعار بعضها البعض، وتستطيع المساعدة في استهداف مواقع الأسلحة الساحلية، عبر البيانات التي تقدمها، كما يمكن استخدامها في نطاقات واسعة، ونقلها بسهولة من منطقة إلى أخرى.

وتحتوي هذه الزوارق على هوائيات مرئية، ما يشير إلى عدم استغنائها الكلي عن التحكم البشري، عبر الاتصالات عالية التردد أو الأقمار الصناعية، وتوفر لها الاتصالات المشفرة الحماية.

ولعدم اعتمادها في المسح وتوفير البيانات على عنصر بشري على متنها، توفر الزوارق المسيرة فرصة الفحص في المناطق الخطرة، كما يقلل ذلك التكاليف.

عيوب الزوارق المسيرة

للزوارق المسيرة بعض العيوب، منها ضيق مجال رؤية أجهزة الاستشعار الموضوعة عليها، ما يصعب معه تتبع الأهداف المتحركة لعدم دقة بيانات الموقع، بالإضافة إلى اكتشاف السفن المموهة.

ومن عيوبها كذلك الحاجة إلى الاتصال المتواصل عبر الكاميرات مع وحدات التحكم لتوجيهها إلى الهدف، وقد يعرض أي عطل في الفيديو المهمة للخطر.

وتعد الزوارق المسيرة عرضة للاختراق والاستغلال السيبراني، عبر سلاسل الأجهزة والبرامج، وهو ما حاولت روسيا القيام به تجاه الزوارق المسيرة الأوكرانية.

ولأنظمة التشفير التي توفر الحماية للاتصال والتحكم بالزوارق المسيرة عيوبها أيضا، أبرزها تعرضها لفشل في تحميل مفاتيح التشفير، ما يعطل عملية الاتصال.

تركيا بدأت في تطوير سرب زوارق مسيرة من المتوقع وصولها إلى سرعة 74 كلم في الساعة (أسوشيتد برس)

وفي حال الاستيلاء على الزورق المسير، بإمكان الطرف الاخر الوصول إلى الأقمار الصناعية، واختراق المفاتيح والأنظمة.

وبعض عيوب السفن السطحية غير المأهولة تتعلق بالظروف حولها، فالرياح والأمواج قد تؤدي إلى تدهور سريع وشديد في أنظمتها الهندسية، وهذا خطير مع عدم وجود أشخاص على متنها لإجراء الإصلاحات.

وتقول البروفيسورة زيسك إن الزوارق المسيرة ليست ثورة حتى الآن، وما تزال في المرحلة التجريبية.

ورغم هذه العيوب، إلا أن الحرب في أوكرانيا منحت الزوارق المسيرة اهتماما دوليا، ودفعت بالقوات البحرية الأخرى إلى تطوير هذا النوع من الأنظمة، ولفتت النظر لما ينفذه من عمليات، حسب ما قالت زيسك.

إضافة إلى إشارة بعض الأبحاث الأكاديمية إلى أن "الدعاية للثورات في الشؤون العسكرية عادة ما تكون مبالغا فيها"، خاصة عندما تكون من مصنعي الأسلحة، ما يجعلها مثارا للشكوك، رغم محاولة عدة جهات إقناع الجيوش والكونغرس الأميركي بأنها هي المستقبل.

دول بدأت في تطوير زوارق مسيرة قتالية

من الدول التي بدأت مؤخرا في تطوير زوارق قتالية مسيرة؛ إسرائيل وتركيا وروسيا، وتستخدم إسرائيل بالفعل هذه الزوارق في مراقبة البحار.

وفي تركيا، أعلن رئيس الصناعات الدفاعية إسماعيل دمير عن بدء مشروع جديد، عبارة عن سرب "SİDA" (المقاتلات البحرية غير المأهولة). وأكد دمير أن بلاده تطور بسرعة هذا المشروع، الذي نجح زورقان منه بمقياسين مختلفين في الاختبار الميداني.

وأوكل تنفيذ المشروع إلى شركة "أسيلسان"، ومقاولين من شركات أخرى متوسطة وصغيرة.

ومن المتوقع أن يتمكن سرب المركبات البحرية المسيرة التركي، المكون من طرازي "ألباتروس-إس" (ALBATROS-S) و"مير" (MİR)، من الوصول إلى سرعات تزيد عن 74 كلم في الساعة، كما أنه مصمم للعمل عدة أيام دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود.

وفي نهاية عام 2020، تمكنت شركتا "ميتيكسان" للصناعات الدفاعية، وحوض بناء السفن "آريس" التركيتان، من صناعة نموذج أولي لزورق مسلح غير مأهول مسير يحمل اسم "ULAQ" (أولاك).

وأنتج الزورق من مواد مبتكرة ومركَّبة متطورة ومجهزة برشاشات من عيار 12.7 ملم، وقادر على حراسة ومراقبة مياه "الوطن الأزرق" التركي بأجهزته وأنظمته المتطورة، فضلا عن أنظمة الاتصالات المشفرة محلية الصنع، وقدرته على المراقبة الليلية والنهارية.

الزوارق المسيرة في الحرب

استخدمت أوكرانيا الزوارق المسيرة لصد الهجمات الروسية البحرية، ومراقبة تحركات الجيش الروسي في البحر الأسود، ومهاجمة السفن الروسية.

وكشفت أوكرانيا مؤخرا عن نموذج أولي لقوارب مسيرة تحت البحر تسمى "تولوكا تي أل كي 150" (Toloka TLK-150)، بالإضافة للقوارب المسيرة التي تعمل على سطح البحر.

ودعا الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي إلى تطوير أسطول من الزوارق المسيرة، بمساعدة حملات التمويل الجماعي من منصة حكومية لجمع التبرعات، وعادة تصنع هذه الزوارق من معدات جاهزة للاستخدام التجاري، وليس العسكري.

وقال نائب الأدميرال أوليسكي نيزبابا قائد البحرية الأوكرانية، إن تلك الزوارق بإمكانها المشاركة في الاستطلاع بعيد المدى، ومراقبة النشاط الساحلي، ومرافقة ودعم الأسطول التقليدي وقوافل السفن التجارية.

وبإمكان الزوارق المسيرة كذلك تعديل الضربات الصاروخية والمدفعية، وحماية القواعد العسكرية الأوكرانية، ومواجهة العمليات البرمائية التي بدأت روسيا بالفعل في شنها.

وقالت وسائل إعلام روسية وبعض المدونين الروس، إن روسيا استخدمت هي الأخرى هذا النوع من القوارب في هجوم على جسر في مدينة أوديسا الساحلية.

ونفذت الزوارق المسيرة الأوكرانية إبان الحرب الروسية على أوكرانيا ما لا يقل عن 12 هجوما، استهدفت بها السفن العسكرية وميناء نوفروسيسك.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إمدادها أوكرانيا بسفن سطحية غير مأهولة، وهي مصممة لمساعدة القوات الأوكرانية في تلبية احتياجاتها الدفاعية على السواحل، ورفض المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي الحديث عن قدرة هذه الزوارق بالتحديد.

وفي مايو/أيار 2023، ظهرت لقطات لزوارق مسيرة تقترب من سفينة الاستخبارات الروسية إيفان خورس، ولم يتضح في تلك اللقطات إن كانت السفينة تضررت أم لا.

وتقول المصادر الروسية إن الحادث وقع على بعد 90 ميلا شمال مضيق البسفور، أي على بعد حوالي 120 ميلا من الساحل الأوكراني، ما يؤكد إمكانية قطع هذه الزوارق لمسافات طويلة.

كما شاركت الزوارق المسيرة الأوكرانية خلال يوليو/تموز 2023 في استهداف جسر مضيق كيرتش، الذي يعد شريان الإمداد للقوات الروسية، ما أدى إلى تدمير جزء منه.

وهاجمت 7 سفن غير مأهولة أوكرانية ميناء سيفاستبول، الواقع في شبه جزيرة القرم في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، ليكون بذلك أول هجوم معروف يستخدم السفن السطحية غير المأهولة.

وتضررت في ذلك الهجوم ثلاث سفن روسية على الأقل، ما جعل روسيا تعزز دفاعها بشكل كبير، وخلف صدى تلك اللقطات المنشورة على الإنترنت "تمجيدا للثورة البحرية الأوكرانية"، ودعا ناشطون ومهتمون لحملة تمويل جماعي لبناء أسطول مستقل لأوكرانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذا النوع من

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تسعى لإنهاء الحرب في 2025 وتواصل تبادل الأسرى مع روسيا

قال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيجا اليوم الخميس، إن أوكرانيا تهدف إلى إنهاء الحرب مع روسيا خلال عام 2025، مشددًا على أن "دبلوماسية التهدئة لا تنجح مع موسكو"، وداعيًا إلى زيادة الضغط الدولي على روسيا.
وأضاف سيبيجا، خلال كلمته في منتدى أمني في العاصمة الإيطالية روما، أن الوقت قد حان لاعتماد "دبلوماسية الضغط" بدلاً من التهدئة، من أجل إنهاء النزاع الذي دخل عامه الرابع.تبادل جديد لأسرى الحربفي تطور ميداني، أعلنت روسيا وأوكرانيا، الخميس، تبادل دفعة جديدة من أسرى الحرب، في ثالث عملية تبادل خلال أسبوع واحد، بموجب اتفاق أُبرم في أثناء محادثات السلام التي استضافتها مدينة إسطنبول التركية.
أخبار متعلقة سيحكم بينهما.. ترامب يتعهد بجمع الهند وباكستان على طاولة المفاوضاتبعد كارثة الهند.. مختص لـ"اليوم": 3 أسباب وراء تحطم الطائراتوينص الاتفاق على إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير من الطرفين، جميعهم من الجرحى أو من الجنود دون سن الخامسة والعشرين، إلى جانب إعادة جثامين مقاتلين قضوا خلال المعارك.
وأعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عبر حسابه على "تليجرام"، عن امتنانه لكل من ساعد في تنفيذ هذه العملية، مؤكدًا أن "جنودًا من القوات المسلحة والحرس الوطني وحرس الحدود الأوكراني عادوا إلى ديارهم اليوم".
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } روسيا وأوكرانيا تواصلان عملية تبادل الأسرى - SBS News
وأوضح أن جميع العائدين بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة نتيجة إصابات بالغة أو أمراض خطيرة.
وقال الجيش الروسي إن مجموعة من العسكريين الروس أُعيدت من أوكرانيا، وهم الآن في بيلاروس، الحليفة الأقرب لموسكو.مشاهد الجنود العائدينقال أمين المظالم الأوكراني دميترو لوبينتس إن الجندي الأوكراني الأكبر سنًا المُفرج عنه يبلغ من العمر 59 عامًا، في حين أن الأصغر سنًا يبلغ 22 عامًا، وشمل التبادل أيضًا جنودًا كانوا في السابق يُعدون مفقودين في أثناء أداء المهام.
في المقابل، بثت وسائل الإعلام الروسية الرسمية مشاهد للجنود العائدين وهم يهتفون "روسيا، روسيا"، وهم يرتدون الزي العسكري.
ورغم نجاح عمليات تبادل الأسرى، فإن محادثات السلام في إسطنبول لم تُفضِ إلى أي تقدم سياسي ملموس، فقد رفضت روسيا الدعوات إلى وقف إطلاق النار دون شروط، وطالبت أوكرانيا بالتخلي عن أجزاء من أراضيها والتراجع عن مساعي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وكانت روسيا قد أعادت، الأربعاء، جثامين 1212 جنديًا أوكرانيًا قُتلوا خلال المعارك، في إطار جهود إنسانية مرافقة للمحادثات المتعثرة.

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تسعى لإنهاء الحرب في 2025 وتواصل تبادل الأسرى مع روسيا
  • تعاون بين «موانئ أبوظبي» و«أسري» لتطوير قطاع الخدمات البحرية في البحرين
  • موسكو تتهم الغرب بالوقوف وراء هجمات أوكرانيا على المطارات العسكرية |فيديو
  • روسيا تتسلم 27 جثة لجنودها من أوكرانيا
  • أوكرانيا تستعيد 1212 من جثامين جنودها القتلى في روسيا
  • روسيا تصعّد تهديداتها: السيطرة على مزيد من الأراضي الأوكرانية واردة وتلويح بالتصعيد النووي
  • قتيلان و60 جريحا في ضربات روسية جديدة على خاركيف الأوكرانية
  • وسط توتر بشأن تبادل الأسرى في الحرب الأوكرانية.. أوروبا تصعد العقوبات على روسيا
  • روسيا أنجزت تبادل الدفعة الثانية من أسرى الحرب مع أوكرانيا
  • الخارجية الأوكرانية: من المبكر الحديث عن جولة مفاوضات ثالثة مع روسيا