تتواصل مشاكل فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي لكرة القدم مع الإصابات حيث اضطر الثنائي ماركوس راشفورد وأنتوني للخروج من المباراة الودية التي فاز بها الفريق على ريال بيتيس الإسباني 3 / 2.

وخسر إيريك تن هاج، المدير الفني لمانشستر يونايتد، بالفعل ليني يورو وراسموس هويلوند بسبب مشاكل بدنية خلال جولة الفريق في الولايات المتحدة استعدادا للموسم الجديد.

وذكرت وكالة الأنباء البريطاني، أن التقارير الإعلامية أفادت أن مانشستر يونايتد سيفقد جهود يورو لمدة ثلاثة أشهر بسبب إصابة في القدم، فيما سيغيب هويلوند حتى سبتمبر المقبل بسبب شد في أوتار الركبة.

وسجل راشفورد هدفا من ركلة جزاء في المباراة التي فاز بها مانشستر يونايتد على بيتيس، ولكنه خرج وهو يشعر بألم بعد مرور ساعة من اللعب بعد تعرضه لضربة في الكاحل الأيمن.

وكان أنتوني واحدا من بين ثمانية لاعبين شاركوا كبدلاء في المباراة، ولكنه لم يستطع إكمال المباراة.

وغادر اللاعب البرازيلي الملعب في الدقيقة 86 وظهر وهو حزين حيث توجه مباشرة للنفق المؤدي لغرف خلع الملابس.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدوري الإنجليزي مانشستر يونايتد مانشستر يونايتد اليوم صفقات مانشستر يونايتد فريق مانشستر يونايتد إصابات مانشستر يونايتد مانشستر یونایتد

إقرأ أيضاً:

في التقييم.. جبهة المقاومة منذ طوفان الأقصى

بينما أجول في ذاكرة الأحداث وتواصلها إلى الحرب المستعرة بين الجمهورية الإسلامية في إيران والكيان الصهيوني والغرب، تبادر إلى ذهني سؤال: هل أنّ المقاربة التي اعتمدتها جبهة المقاومة من غزّة إلى طهران كانت الأصح والأفضل وهل كانت إبداعا تاريخيا أم سيرا خاطئا أم..؟!! ويلعب الإعلام وكثير من المحللين دورا تشكيكيا في مدى صوابية المسار.

فأين تقف جبهة المقاومة؟ وماذا عن صوابية سلسلة قراراتها منذ طوفان الأقصى؟ وهل أوقعت نفسها في الفّخ القاتل أم صنعت الفرصة التاريخية ونضجتها؟!!

إنّ الإجابة على هذا السؤال تحتاج بالفعل إلى دراسات واستقراءات، كما قد يشق بحثه في خضّم الحرب الدائرة التي تحمل إمكانية، أو مخاطر حرب عالمية ثالثة. أنت تحتاج لمعالم إضافية لتستبين الأمر، لا نقصد بالمعالم نتيجة الحرب الجارية، كلا، لأنّه لا يمكن تحديد الإبداع الحضاري وصوابية الفعل بالنتيجة العسكرية، فهذا ربما يكون الجانب الأدنى والأقل من الصورة الكلية، بمعزل عن لمن ستكون النتيجة النهائية للحرب في نهاية المطاف.

إن تقييم الإبداع يحتاج لترسيم خيط واضح وفارق تمييزي بين العسكري-المادي من جهة وغيرهما من أبعاد كانت قد أسّست لها جبهة المقاومة في المنطقة منذ فجرها. فلا يمكن التقييم والحكم من خلال مؤشر الاختراقات الأمنية والاغتيالات التي نجح فيها العدو، إذ تبقى نجاحا موضعيا لا يكتمل دون إنجاز بقية العناصر وتحقيقها.

وهنا يهمنا أن ننوه لا من باب التبرير وتجاوز الأخطاء وضرورات النقد البناء، يهمنا الإشارة إلى أن استقراء التاريخ يفيد أن أهّم نقطة قوّة عند جبهة الباطل كانت هي الأداتية والابتكار في الوسائل والأدوات. فمنذ فجر التاريخ تجاوزت قوى الهيمنة خصومها بأدوات ووسائل القوة المادية والتضليل، حيث دوما ما كانوا أقدر على القتل وإنتاج أدوات الضغط لتطويع وإرغام وإخضاع خصومهم، ومع ذلك فلم يؤد هذا المنهج إلى نجاح حتمّي، أحيانا نجحوا وفشلوا أحايين. ولولا هذه الحقيقة الدامغة لما استمرت جبهة الحق والمقاومة على طول التاريخ الإنساني، ولكانت قوى الهيمنة قد أطبقت على العالم بأسره وأقعدته على رؤيتها للأشياء.

ولا يبدو أنّ هذه الهوّة في القدرة الأداتية ستُجسر بالمدى القريب، كيف ونحن نتحدث عن الحضارة الغربية التي قامت على استنفاد العقل الأداتي في مواجهة الطبيعة وفي مواجهة الآخر والرهاب منه، وفي استحواذ الثروة والقوّة لحماية الذات وباعتبار أن البقاء للأقوى. (طبعا لا يُفهم من حديثنا أنّه لا يجب أن تقصر القوى المستضعفة في مساعيها الدؤوبة لامتلاك كل مقومات القوة ومن بينها المادية والتقنية.. الخ، وهي تقوم بذلك اليوم وبما أمكن وقد أثبتت اختراقات مهمة في جوانب عديدة؛ انظر المعرفة النووية والتطور العلمي والصناعي والحضور في الفضاء والتقدم النوعي العسكري في مجالات محددة والتخطيط الاجتماعي.. وتسارع إنتاج البحث العلمي.. الخ).

إنه لفهم ما حدث ويحدث منذ طوفان الأقصى وإبداء الرأي في المسار العام، لا تكفينا مؤشرات أمنية أو إنجازات عسكرية، إنما نحتاج للاستعانة بالتاريخ واستقرائه لفهم مآلات أحداث مفصلية كهذه ونهاياتها، وبدونه لن يكون بمقدورنا الاستشراف بل أقصى ما يمكننا هو التفسير وتقديم تصورات غير مترابطة وجزئية.

إنّ تميّز جبهات التحرر لا سيّما جبهة المقاومة القائمة في عالمنا اليوم والتي تعتبر "غزّة طهران بيروت صنعاء بغداد" نواتها الصلبة ولبها، معطوفة عليها جموع عربية وإسلامية وأحزاب وقوى وشعوب على امتداد العالم. إن عنوان تميزه يكمن ليس في "الإبداع" التقني ولا الأداتي رغم أهميتهما ولزومهما، إنما الإبداع في الحركة العامة والشاملة وصناعة المعيار أي الإبداع الحضاري الذي يترك أثره على الصالح العام للبشرية وحركة صعودها التاريخي، فالتقانة تبقى أداة ولا يمكن أن تكون مقاربة حضارية وحلا للمشكلة الاجتماعية.

تميزت جبهة المقاومة منذ طوفان الأقصى:

أولا: التقاط اللحظة التاريخية وتشخيص واقعي للحاجة البشرية والمبادرة والتحرك بعقلانية.

إن الحاجة البشرية اليوم ليست أولا للاختراعات التقنية فهناك فائض تقانة نسبة للحاجة (طبعا لا يعني التوقف)، لكن الحاج اليوم هو لتوزيعها العادل والمتناسب بل لشيوعها، وليست في مشكلة معلومة فهناك فائض معلوماتي يعوز توزيعا عادلا وتحويله إلى معرفة، ولا للسلع فكلّها متوافرة لكن يقابلها خلل في توزيعها وتصنيفها بالأولوية، ولا للمال والنقد لكن لسوء إدارته وتحديد جائر لقيمته الفعلية، ولا للرغبة في المشاركة وإرادة ذلك عند غالبية سكان الأرض بل لمنعهم منها وعدم توفير طريق اعتراف لهم بها، ولا في حرية التعبير -رغم توجيهها المبطّن- فالتقنية توفر تكثر أدوات ووسائل التعبير لكنّ البشرية بحاجة اليوم إلى تحرير الإرادات والآمال ممن يريد أن يقعدها ويقيدها، ولا مشكلتها في مسار التطور بل في تحديد مضمونه والتوافق على معاييره، ولا في التعايش السلبي بل الحوار والاعتراف بالآخر أي التعايش الإيجابي وتحديد محتواه، ولا في العقل الأدائي بل في العقل التأملي الذي يتراجع بشكل حاد وكذلك المنطقي، ولا الاقتصاد أولا بل السياسة والثقافة، ولا تعاني البشرية من محدودية توافر الأنسب بل تعيش تحدي تحقيق الأفضل لا الأنسب، ولا في نقص الثروة بل في تمركزها، ولا في سوء المعايير فحسب بل أيضا في ازدواجيتها واستنسابيتها، ولا في مزيد من التعطش الجسدي والغريزي بل في التعطش الروحي والفكري، ولا في نقص توافر الأمور الكمالية بل في القلق على المستقبل رغم توافرها، ولا في ندرة الموارد إنّما في الشره والاستئثار والاستئساد لاستحواذها، ولا لتجزئة مفردات وأبعاد الحياة بل لتشبيكها وصهرها..

باختصار، المشكلة العالمية التي تحتاج من يستجيب لها هي مشكلة "عدالة" و"اعتراف بالآخر" وتحديد سلطة المعيار المناسب، فكل إنجاز تقاني لا يصب في هذه الحاجة لا يحل المشكلة الاجتماعية بل قد يفاقمها.

إنّ مسار عدم الاعتراف الذي يقتفيه الغرب منذ قرون ولّد سخطا وحقدا دفينا ومتوارثا، وستبقى دوامة إلى أن يستطيع الغرب الذي يقود منظومة الهيمنة والتسلط العالمي أن يغير مضمون حضارته، وهذا يستحيل دون ثورة ثقافية شاملة!! الغرب اليوم غير قادر على الاستجابة لمشكلات وحاجات العالم الجديدة، فهو يفتقر لفهم ما تقصده البشرية من حنق الانتقام لكرامتها التي يحرمها الغرب منه بالاحتواء تارة واللجوء إلى القوة تارة أخرى، ما ولد سخطا تاريخيا كان طوفان الأقصى وما تلاه تعبيرا عن هذا النهر المنضغط من السخط وانفجر من بوابة غزة.

لذلك فإن حدث طوفان الاقصى هو حدث تاريخي وليس استراتيجيا فحسب، ومن حينه أمكن القول إننا دخلنا ليس في صدام عسكري بل تاريخي. لذلك قد نكون أمام فهمين بحيث تكون الحسابات مختلفة، وكذلك المعايير بين من يقارب ما جرى بمنظور عسكري أولا وبين من يقاربه بمنظور تاريخي أولا فكل من المقاربتين لها حينئذ منطقها، وبالتالي طريقة أداء وتعامل. اليوم يصطدم الغرب بعالم مختلف وتبدو عملية الاصطدام هذه هي الأعقد والأخطر منذ قرون.

من هنا يمكن اعتبار أنّ إبداع مشروع المقاومة يكمن في تحديد الخطاب الأفضل للاستجابة الواقعية للحاجة ربطا باللحظة، هو خطاب يستجيب بل ويعمّق ويرسّخ معنى وموقعية الكرامة كهوية إنسانية عابرة، والروح كحاجة وأصل، والعدالة كمقوّم للحياة وللاستقرار العام.. لذلك عندما يسأل الغرب لماذا يجد خطاب المقاومة مقبولية ويجذب عقولا وقلوبا إليه دون توقف رغم قلّة الإمكانات المادية، يفترض به أنّه متنبّه إلى أنّ خطاب المقاومة يحاكي هذه الحقائق العميقة في النفس الإنسانية والبشرية لا سيّما في بيئات لديها فخار وغنى في تراثها الثقافي؛ وهذا أيضا قد يساعده على تفسير لماذا يكرهوننا!!

فخطاب المقاومة ينشغل في صناعة المشروعية والمعيار الضروري للتقييم، وقد شّق طريقه لذلك من بوابة مواجهة الهيمنة والاعتداء على الأرض والكرامة والحقوق الأولى للإنسان وجَعَل قضية فلسطين كعبة موضوعاته باعتبارها القضية الأكثر انطباقا وتعبيرا عن طبيعة الصراع الحضاري والأخلاقي الجاري في الزمن الحديث، وباعتبارها القضية الجامعة التي يمكن أن تنصهر فيها الطاقات بدل أن تتنابذ وتتصادم أو تتنافس بشكل سالب. ومن هنا نعرف تميّز حركة المقاومة وكيفية إعادة انطلاقتها في ذروة الهجمة الغربية نهاية القرن الماضي، ونلحظ كيف نجحت في شق طريق آخر بعيدا عن نهجي القطبين وقت ذاك.

إذا، لو لاحظنا سنرى أن جبهة المقاومة راكمت المشروعية وصناعة معيارها المستقل، بينما بددت الجهة المقابلة ما تبقى لديها وصولا للإطاحة بالمشروعية القانونية المؤسسية التي هم بنوها -النظام الدولي بعد الحربين العالميتين- بينما وسّعت المقاومة وجبهتها مشروعية خطابها ليس باعتباره قضية حقّة فحسب، بل بالمشروعية الشعبية وبناء المجتمع الأخلاقي وظهرت جبهة المقاومة مُنافسة في إعادة إنتاج وإحياء ثقافة الاقتدار والثقة بالنفس والارتكاز على مبان لا يستطيع الطرف الآخر إسقاطها أو إزالتها إلا بالقتل الفيزيائي لأعدائه، وهذا متعّذر عمليا، فلم يقدر أن يمحي مليونين في غزّة فقد قاتل أهل غزّة بالروح قوّة المادة وجعلوا الحرب بين تخوم الكرامة والقوّة العسكرية. لذلك بات الغرب وامتداده الصهيوني يشعر أنّه في لحظة تتراجع فيها مشروعيته، ناهيك عن أنّ الغرب يبدو قد خرج نتيجة عدة تحولات اجتماعية مؤخرا من عقلانيته التي كانت تربط بين المقدمات والنتائج والكلفة ربطا حسابيا ومحددا، وإذ به اليوم ينخرط في أفعال وأحيانا حروب لا تتلاقى فيها المقدمات مع النتائج ولا تتناسب، فالكلفة أصبحت باهظة عليه مقابل محدودية النتائج كما يظهر منذ طوفان الأقصى وما سبقه في العقدين الأخيرين.

إذا نخلص للقول إن فهم جبهة المقاومة لما جرى منذ طوفان الأقصى هو فهم حضاريا، فهي لذلك قامت بمقاربة هادئة راكمت وعززت بل وصنعت مشروعية في مقابل تهافت المشروعية المقابلة واضمحلالها، وهذا ما تطلب عدم تعجل وأناة وتدرج وعدم انفعال حال دون تمكين الطرف الآخر من بلوغ مراميه حتى اللحظة، بل تراها بدأت بالانقلاب.

ثانيا: التوقيت التاريخي والاستدراك قبل الانزلاق إلى الأسوأ وتحسّن فرص الطرف المقابل

وهي لحظة طوفان الأقصى بالمباشر حيث كنّا على مقربة صفر من توقيع اتفاقيات تطبيع مع دول عربية- إسلامية في الخليج، وانعكاسات ذلك على الاصطفافات والهندسات السياسية للمنطقة بقيادة أمريكا والغرب. ولو حصل ذلك لمكّن قوى الغرب بزعامة أمريكا من تحقيق أكبر إنجاز يمّهد الطريق في مواجهة الصين لاحقا، وينهي أي أمل بصعود للقوى المتوسّطة المناوئة لها أو امكانية استعادة العرب والمسلمين زخما وحضورا، وكان سيعني ذلك أننّا كنّا اليوم أمام حرب "غربية-عربية" ضد جبهة المقاومة. ومن هنا يمكن القول إنّ طوفان الأقصى في بعض أبعاده هو فعل التاريخ بأيدي المقاومين في غزّة، حتّى لو أنّهم لم يكونوا يدركوا كل نتائجه وآثاره، فجاء الحدث في لحظة "مربكة" للغرب المشّتت بين روسيا والصين وإيران، وفي لحظة ينقسم فيها الغرب على نفسه (ارتخاء الناتو والاستقطاب الداخلي) وبعد خروجه من مسار حروب فاشلة في العراق وأفغانستان، فلأي منها الأولوية وكيف يمكن التعاطي مع هذه الحافات الصراعية الثلاث؟!!

إذا شكّل طوفان الأقصى لحظة تعرية تاريخية للغرب ودوله وحكوماته وأقحمهم في طريق فضلوا فيه أيديولوجيا الهيمنة على كل القيم والمعايير المدّعاة في كتبهم وخطابهم، وشكّل لحظة استجماع تدريجي للأمّة ونقاط القوة فيها وتقريب بينها عن قناعة أو عن حرج أو عن خشية أو.. لكن النتيجة أنّ طوفان الأقصى ساعد في تقريب الأطراف العربية وجعلهم في مكان ما حذرين من الانخراط في المشروع الإسرائيلي والأمريكي بشكل مباشر، فتأجّل التطبيع.. الخ.

وشقّت كل هذه المعطيات طريقها في عالمنا الكبير لنبدأ مرحلة تشكل اصطفافات عالمية جديدة من بوابة فلسطين.

إنّ من افترض التعجّل في عملية الرد والصراع لم يقرأ إلا البعد المادي والعسكري ولعبة الحروب، لكنّه لم يقرأ البعد الحضاري وكيف كان الوقت ضروريا لمراكمة المشروعيات لإحداث تحولات كبيرة في المزاج العالمي ثم الرأي العالمي، وتفتق التناقضات لا سيما عند الشعوب الغربية لأنظمتها فضلا عن مواقف بعض الأنظمة عندهم كما مواقف بعض الولايات داخل بعض الدول الغربية فضلا عن المؤسسات الدولية والمحلية في غير دولة من العالم.. كما أنّ الموقف "ذا الطبيعة الدفاعية" التي اعتمدته جبهة المقاومة قد استنفد استخدام سلاح العدو (الغربي- الصهيوني) وهدفه، لأن الأداة العسكرية مهما بلغت قوتها تحتاج دوما إلى سياق ثقافي اجتماعي افتقده الغرب وبسرعة هائلة منذ طوفان الأقصى. وعليه، فإنّ استراتيجية الصمود والتدّرج جعلت جبهة المقاومة تتقدّم بقوّة الثقافة والقيم في مقابل فائض قوّة السلاح والمادة عند العدو. لذلك يمكن الادعاء والتقييم بأنّ سياسة الصمود والعمل باستراتيجية دفاعية أضرّت بنا عسكريا (موضعيا) لكنّها أفادت جبهة المقاومة حضاريا وهذا الأهم، وأنتجت سياقا لصباحنا وزخما بينما أفرغت سلاح الطرف الآخر من الزخم والسياق الداعم!

ثالثا: حيوية ثقافة وقيم مجتمع المقاومة (لن أقول مجتمعات رغم تنوّع الدول والخصوصيات) مقابل التبّدد الهوياتي لمجتمعات دول الهيمنة

لقد برز مجتمع المقاومة في كل الساحات وتحت راية الجهاد دعما لفلسطين والذود عن أطرافه والسيادة والقانون الدولي بشكل لا نظير له، وتبيّن أنّ المجتمع هو عين المقاومة كما أنّ المقاومة حصنه وعينه. تبيّن أنّ الجهد التبييني الذي باشرته قوى المقاومة لمخاطبة بيئتها والأجيال كان علامة فارقة، إذ ولّد كتلة صلبة لا نظير لها في تاريخنا الإسلامي والعربي لجهة المعرفة والوعي وفهم اللحظة وتحمل المسؤولية والقناعة الراسخة بالقضية، وإشاحة النظر عن الخارج والاعتماد على الذات.

ظهر أنّ مجتمع المقاوم ممن لا ينساق غرائزيا أو طائفيا ومذهبيا كما حاول أن يروّج الخصوم، وليس مغررا به ولا حالما ومتوهما بل ظهر أنّه مجتمع واقعي عقائدي يحمل قضية العدالة والتحرر بقناعة وأمل، مجتمع عارف بزمانه تميّز عن تجارب أخرى إسلامية وغير إسلامية ممن امتلكت القدرة على التضحية لأهدافها، لكنّها لم تمتلك الوعي فبذلت في غير المكان والزمان الصحيحين، بينما كان المجتمع وأبناؤه المجاهدون نموذجا، كأنّه صيغ وصُنع صناعة خاصة للقيام بهذا الدور الأخلاقي التاريخي. فأبدع المجاهدون في خطط الحرب العملياتية وقاتلوا بنظرية الفرد المشتبك وليس فقط المجموعة، أي قتال الفرد الاستشهادي وعوّضوا الاختلال الأمني والتقني بالبسالة والإبداع العسكري واحتشد من خلفهم المجتمع دون حدود؛ من غزة فلبنان فاليمن فإيران. فالبناء الأخلاقي والعقيدة الجهادية أعادا نوعا من التوازن إلى المعركة. أمّا المجتمع فتحدى إرادة العدّو وهدفه رغم شدّة المحنة، وازداد ارتباطا وتماهيا بخطه المقاوم وصار يبدع ويبادر بما يحمي التجربة المقاوِمة ويدافع عنها بإبداعات شتى.

فما مر على مجتمع المقاومة في المنطقة منذ طوفان الأقصى من حوادث يفوق قدرة العقول أن تحويه، ومع ذلك كان المجتمع استثنائيا وغير مسبوق في مواكبته وقدرته على التكيف والاستمرار واستجماع عناصر قوته والنهوض السريع والإبداع، فكان منه أن بادر ونظم وأدار وعرك بجنبه دمعته وتجاوز التحديات وحبس غضبه وانفعاله، فأعطى لقضيته ودولته رغم الحيف، وصار في خضم هذه الحرب الشاملة أكثر شعورا وثقة بذاته وبالحاجة للتكامل والتقارب بين أركانه والاطمئنان لبعضه البعض والثقة والافتخار بالهوية والإيمان بالغاية، بينما يقابله التشّظي والانفصام الذي يعيشه الغرب اليوم بكل اتجاه وتفاقم أزمة الهويّات عندهم والفوالق والاستقطابات.

رابعا: القيادة

إذ علينا أن نلفت إلى أن المقاومات أثبتت أنها منهج وليست تجمعات انفعالية أو استعراضية أو إدارية فسرعان ما أعادت تنظيم نفسها، وتبين خصوصا اليوم في الحرب الجارية في مواجهة الجمهورية الإسلامية أننا أمام نموذج متين راسخ يمتلك ذكاء صناعة الحدث بما يلائمه، ويمتلك أداء عسكريا وفنونا وقدرات وإبداعات عسكرية وتقنية جعلت الإسرائيلي يستنجد مسرعا بأمريكا بعد يومين فقط، لخوض الحرب مباشرة، واكتشف عجزه عن بلوغ دعاوى النصر المطلق وتحويل المنطقة على المقاس الإسرائيلي، وليتبين أنه "قصير" جدا أمام إيران، ناهيك عن أن حروبه المفتوحة لا أفق لها في مواجهة المقاومات بدءا من غزة.

لذلك ندّعي أنّ المنهج الذي اعتمدته قوى المقاومة كانت أولويته أخلاقية وكان إبداعيا في تسلسله، ظاهره دفاعي لكن باطنه كان صناعة الفرصة التاريخية وتحضير مستلزماتها.

إنّ هذا المنهج أراه ينسجم انسجاما تاما مع نموذج حركة المقاومة ونهجها من كون ليس نموذجا سلطويا ولا باحثا عن موقع ولا مكانة في الأمة، بل هو نموذج استنهاضي يسهر لتحفيز حضاري وإنساني أولا، من هنا فهو رغم إخفاقاته الأمنية بدأ الحرب، ورغم الخسائر المؤلمة والكلفة لا سيما في غزة، سرعان ما عاد واستوى على سوقه، ورغم انتقادات (حتى محبين) ومطالبتهم له سابقا بالانخراط الشامل والفوري وملامتهم له، لكن اليوم أظنهم يعيدون التقييم ويرون كيف استطاعت جبهة المقاومة بالصبر والأناة والشجاعة الحكيمة أن ترسم مشهدا مختلفا وتوازنا شاملا وكليا في مواجهة أمريكا وإسرائيل وبعض الغرب، ويتبيّن أنّها جرّت العدو إلى حيث المَكمَن الذي هندسته له وساعد هو في سلوكه التوحشي في الوقوع فيه.

فالفرق كبير بين الإبداع الأداتي والإبداع المنهجي والشامل الذي هو حاجة البشرية الأولى اليوم والأهم، ولا يعني ذلك أن تتوقف جبهة المقاومة عن مسار الإبداع الأداتي بل تزداد ربطا بمنظومتها الأخلاقية، وبتأكيد غيرية لازمة عن الغرب!

مقالات مشابهة

  • في التقييم.. جبهة المقاومة منذ طوفان الأقصى
  • مانشستر سيتي يضرب العين بسداسية ويتأهل إلى دور الـ16
  • مجموعة الهلال.. ريال مدريد يضرب باتشوكا بثلاثية في مونديال الأندية
  • أونانا يوضح مستقبله مع مانشستر يونايتد
  • قرار عاجل من برشلونة تجاه تشيزني قبل بداية الموسم الجديد
  • 5 صفقات نارية لدعم صفوف الاتحاد قبل انطلاق الموسم الجديد
  • جوارديولا يقر بضرورة تقليص قائمة مانشستر سيتي
  • ضمك يعاني من نقص كبير في عدد اللاعبين قبل الموسم الجديد
  • فيرتز نجم ليفربول الجديد يتصدر أغلى التعاقدات في تاريخ البريميرليغ
  • إلغاء مراسم تسليم درع البطولة لمولودية الجزائر بسبب إصابات وسط الأنصار