يشكل اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بلا شك، انعطافة في الحرب التي تشنها دولة الاحتلال ضد شعبنا، وهي انعطافة تشكل المساس بقادة التنظيمات الفلسطينية حتى في دول يمكن لوقوع الجريمة على أرضها أن يقود إلى نزاع مسلح.
لننتبه إلى تركيز الإعلام الإسرائيلي بعد عملية الاغتيال على عملية التفاوض من أجل وقف إطلاق النار.
بالطبع، هنية لم يكن أول من يتم اغتياله من قيادة حركة حماس في الخارج إذ سبقه اغتيال صالح العاروري نائب رئيس الحركة والوجه الأبرز في قياداتها الجديدة بعد صفقة شاليط مع السنوار، لكن مرة أخرى، ما تم، لم يكن مجرد عملية اغتيال ولا هو توسيع لنطاق الحرب بل يعكس فهماً مختلفاً لمستقبل الحرب ولإدارة هذا الصراع المسلح. ومع ذلك، فإن النظر لاغتيال هنية بوصفه مجرد عملية اغتيال أخرى ليس إلا سوء تقدير لطبيعة المرحلة القادمة حيث ثمة أهداف متعددة تروم إسرائيل تحقيقها من وراء عملية الاغتيال تلك، وهي، أي تلك الأهداف، لا تقتصر على الصراع مع الفلسطينيين بل يحضر الملف الإيراني للطاولة بلا تردد.
ومع أننا يجب أن نكون حذرين عند الحديث عن الرد الإيراني إلا أن أي تصعيد مع إيران إذا قامت بما يمكن اعتباره رد ماء الوجه سيتم توجيهه في الخطاب الغربي أنه صراع لردع طهران من تطوير قدرات نووية ستهدد ليس المنطقة بل ربما العالم الغربي الذي لا يروقه نظام طهران بالطبع ولا توجهاتها ومساعيها لما يعرف بتصدير الثورة ودعم تنظيمات محددة في منطقة واسعة من الشرق الأوسط بدءا من العراق وسورية ولبنان وفلسطين وصولاً لليمن.
المؤكد أن إسرائيل إذا ما قامت طهران بتوجيه ضربة بصرف النظر عن طبيعتها وخرجت هذه الضربة عن السيطرة فإن ردها سيكون بمثابة إعلان حرب على البرنامج النووي الإيراني وبالتالي فإن الغرب الذي لا يريد لهذا البرنامج أن يتطور سيجد نفسه طرفاً في دعم إسرائيل حتى لو لم يكن هذا الدعم بطريقة مباشرة. إن الصورة غير واضحة المعالم ويصعب التكهن بالنهايات المتوقعة لحادثة الاغتيال هذه لكن ثمة تطورات ستجلب معها انحرافاً في مسار الأحداث وسيكون لها تأثير على الحرب على غزة.
لم يتحدث أحد عن الرد من غزة وإمكانية حدوثه ومعنى عدم وقوعه، فعدم رد "حماس" من غزة سيكون بالنسبة لإسرائيل فحصاً لقدرات "حماس" الصاروخية بعد أكثر من ثلاثمائة يوم من الحرب وبالتالي فهو مؤشر مفيد في تقييم ما وصلت إليه الحرب من نتائج. لا أحد يعرف إذا ما ستكون غزة جزءاً من الرد لأن ما يجري على الأرض في غزة، حماها الله، هو حرب إبادة يتعرض لها شعبنا دون توقف ولا انقطاع، ولكن أيضاً في مقاييس الحرب فإن ثمة من يتوقع أن غزة يجب أن تعبر عن غضبها مما جرى وأن ترد. الحديث يدور عن قدرات صاروخية تصل إلى تل أبيب وحيفا وهي قدرات يصعب الحكم إذا ما كانت متوفرة في غزة لكن النظر إلى إمكانية ذلك سيعني قياس قدرات "حماس" التي جعلها نتنياهو ضمن أهداف الحرب.
الرسالة الوحيدة التي أوصلها نتنياهو هي أنه لا يأبه لمصير الصفقة ولا يهمه كثيراً كيف يمكن أن يؤثر هذا عليها، بل ربما يرى لذلك تأثيراً إيجابياً من باب الضغط على "حماس" خاصة أن الاغتيال جاء بعد ثلاثة أسابيع من عملية الاغتيال في خان يونس التي تزعم فيها تل أبيب اغتيال قادة بارزين في الجناح العسكري لـ"حماس" بمن في ذلك الضيف، وربما ليس بالصدفة أن يتم استحضار اغتيال عضوين بارزين في المكتب السياسي للحركة بعد اغتيال هنية وهما مشتهى والسراج رغم أن اغتيالهما قد تم في بدايات الحرب، لكن هناك من يريد أن يؤكد تواصل الضغط على بنية "حماس" العسكرية وهيكلها السياسي.
كاتب هذا المقال من الذين قالوا مبكراً، إن غاية الحرب بالنسبة لنتنياهو وللجيش سواء هي الحرب ذاتها، قد يطيب للبعض التمييز بين مواقف مختلفة للمؤسسة العسكرية وبين أخرى للحكومة وهو تمييز يخدم "أخلاق" الجيش المزعومة، علينا أن ننتبه منه، لكن الحقيقة أن هدف الحرب الوحيد الذي يمكن لكل ما يجري أن يقود إليه هو الحرب. ثمة أسباب كثيرة يمكن استخدامها وهناك الكثير من الدوافع يمكن استحضارها كما هناك الكثير من التحولات التي يصار للدفع باتجاهها من أجل ضمان استمرار الحرب وضمان عدم توقفها حتى أصبح، وهذا كتبناه هنا، التفاوض من أجل وقف إطلاق النار هو جزء من استراتيجية الحرب نفسها.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية غزة فلسطين غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل
إقرأ أيضاً:
مصر تتجه لتدريب الشرطة الفلسطينية لدعم الأمن في غزة بعد الحرب
قال ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إن مصر حاليًا تلعب دورًا محوريًا في القضايا الفلسطينية، حيث أكّد وزير الخارجية المصري في تصريحات له، أن مصر خلال الـ24 ساعة الأخيرة قد بدأت في تدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية التابعة للسلطة الفلسطينية، بهدف تعزيز الأمن في القطاع، استعدادًا للمرحلة القادمة.
وأضاف فرغلي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن مصر ليست فقط بصدد تقديم مساعدات إنسانية، بل تقوم أيضًا بتجهيز خطط لإعادة الإعمار في غزة بمجرد انتهاء الصراع الحالي، وذلك في إطار تنسيق مع دول أخرى.
وأشار فرغلي إلى أن حركة حماس، التي تسيطر حاليًا على قطاع غزة، لا توافق على هذا الدور المصري، خصوصًا أن مصر تفضل أن تتحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية في إدارة القطاع بدلاً من حماس.
وأوضح أن حماس تدرك جيدًا أن مصر تسعى إلى تفعيل دور السلطة الفلسطينية، وهو ما يتناقض مع مصالح الحركة، وبالتالي تواصل مهاجمة مصر عبر البيانات الإعلامية.
كما ذكر فرغلي أن هناك ادعاءات من قبل حماس بشأن المساعدات التي تدخل إلى غزة، حيث تطالب بتوضيح عن عدد الشاحنات التي تم إدخالها، في محاولة منها للتشكيك في قدرة مصر على تقديم المساعدات.
وكشف فرغلي عن أن 70% من المساعدات التي وصلت إلى غزة كانت مساعدات مصرية، موضحًا أن الشعب المصري هو من يقوم بتوفير تلك المساعدات بشكل أساسي.
كما أشار إلى أن مصر قد أنفقت مبالغ ضخمة لتوفير المياه لأهل غزة بعد أن قامت إسرائيل بإغلاق إمدادات المياه عنهم، وهو دليل آخر على دور مصر الفعّال في دعم غزة.
وفي ختام حديثه، أكد فرغلي أن مصر مستمرة في لعب دورها الدبلوماسي الكبير رغم محاولات البعض من الأطراف المختلفة تشويه هذا الدور.
وأضاف أن هناك من يحاول تصفية القضية الفلسطينية من خلال تحقيق أجندات خاصة قد تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين أو استبعاد مصر من المشهد السياسي في غزة، رغم أن الشعب الفلسطيني نفسه لا يقبل ذلك.